الباحث السوسيولوجي عياد ابلال لـ“24 ساعة” : وزارة التربية الوطنية ارتكبت خطا فادحا بزيارة وفد لبيت أسرة التلميذة بخريبكة

 الصورة من موقع تربية بريس - tarbiapress.net
بغض النظر عن مسؤولية استاذ خريبكة في العنف الممارس على التلميذة، والتي لا تقتضي ولا تحتمل اي تبرير، ولا تسقط في حقه المتابعة، والتي بموجبها لا يجب للمدرسة المغربية ان تضم مثله في صفوفها، فان زيارة مصالح وزارة الترلية الوطنية مركزيا واقليميا وجهويا (المدير الاقليمي، المدير الجهوي، المفتش العام…)لبيت اسرتها دون تحميل المسؤولية في الشغب والاستفزاز للتلميذة واسرتها خطا فادح. ان هذه الزيارات لبيت التلميذة المشاغبة وتركيز الاعلام عليها، وان كان الهدف اعلان التضامن وتبرءة المدرسة ورجال التعليم من العنف، فانه سيؤدي وظيفة عكسية تتجلى في تشجيع التلاميذ على مزيد من الشغب والاستفزاز وتكريس الانحراف والكسل والبلطجة. ما كان يجب فعله هو استدعاء التلميذة واسرتها للمؤسسة.وليس زيارتها في بيت اسرتها التي ترفض تحمل اية مسؤولية في شغب ابنتها.

في سياق المحاكمة العادلة وجب ايضا متابعة التلميدة بما نسب اليها باعتراف تلاميذ قسمها وكافة اطر الادارة التربوية من رشق الاستاذ بالطباشير. واصدار اصوات مزعجة، وفتح موسيقى في هاتفها…وكلها مخالفات للقانون الداخلي للمؤسسة، باحالتها على المجلس التاديبي لاتخاد المتعين فعله حتى تكون عبرة، مع ضرورة العمل على اعادة ادماجها تربويا وبيداغوجيا في الصف الدراسي. طالما ان دور المدرسة تربوي بالدرجة الاولى، مع تنبيه الاسرة الى دورها الخطير في المراقبة والتتبع تربويا، وجدانيا وقيميا. وهو الدور المؤسس على قاعدة دستورية وقانونية في البلدان الديموقراطية، والتي توجب متابعات قانونية وجناءية في حق احد الابوين او كلاهما عند كل تقصير.

في هذا السياق وجب التفكير تشريعيا في ربط مسؤولية الاسر التربوية بالمحاسبة، حتى لا تتحول الاسرة من اللبنة الاساس لبناء المجتمعات والنظام والديموقراطية الى مجرد خلية للتناسل، وهو ما يساءل الدولة في المغرب التي لا تفكر الا في الاجهاز على كل المكتسبات الحقوقية خاصة في شقها السوسيو اقتصادي، كما تضع اعلامنا امام مسؤوليته التاريخية، والتي لا يمكن لبرامج كيف كنت كيف وليتي، وجزيرة الكنز ، ورشيد شو، وسوخليفة….الخ ، الا ان تنتج جيل الضباع حسب رؤية الراحل جسوس.

تاويليا، وبرد الظواهر الى اصولها المنطقية. فان التلميذة المشاغبة والاستاذ ليسا سوى ضحية سياسة الدولة في التعليم بعد ان افرغت المدرسة المغربية من كل قدرة على التربية والتعليم وجعلتها مجرد سجون تعيد انتاج شراءع واعراف المجتمع وقيمه الرثة من عنف، انحراف وانوميا، وهي سلوكات تشجعها المدرسة والوزارة والدولة بشكل ضمني، ففي الوقت الذي ترسل فيه الوزارة لجنة موسعة اقليمية، وجهوية ومركزية لبيت تلميذة مشاغبة ضحية عنف استاذ غير مبرر، لا تلتفت للتلاميذ المتفوقين ولا للاساتذة المبدعين والذي بصموا المدرسة المغربية طيلة عقود باكملها. ولا الاحتفاء بالقدوة والنموذج في صفوفهما، حتى انها لم تكلف نفسها عناء زيارة اسرة الاستاذ المتعاقد بالدار البيضاءالذي لفظ انفاسه بسبب مشادات مع تلاميذته منذ اسبوع، ولا تقديم واجب العزاء بما يليق بشرف المهنة وقدسيتها. ولا فتح تحقيق نزيه في اسباب وفاته التي ترجح ان شغب بعض التلاميذ وبلطجيتهم كانت احد اسباب توتره العصبي الذي ادى به لسكتة قلبية، ولا حتى اصدار تعزية تعمم على الاكاديميات.

تحصيلا لما تقدم وتلخيصا لادبيات العنف في العلوم الاجتماعية يمكن القول ان العنف الممارس في مؤسسات التربية والتكوين بشقيه المادي والرمزي ليس سوى تجل لعنف الدولة بالنهاية. وهو العنف الذي يرتكز على تفكيك منظومة الحق والواجب وفصلها عن العدالة الاجتماعية، حيث هناك ما فوق وما تحت القانون، افلا نجدد الاستغراب كيف يكون الاستاذ رهن الاعتقال وقايد طنجة الذي احدث عاهة مستديمة لتلميذ حر طليق. من هنا ينشا عنف الدولة وقهرها ولا شرعيتها. ومن هنا تضيع باقي مؤسسات الدولة، وتصبح المواطنة حلما بعيد المنال.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-