التقويم وفق نظرية الذكاءات المتعددة

الصورة من موقع تربية بريس - tarbiapress.net
لايمكن أن نتصور نجاعة وجودة أي منظومة تربوية ،اذا لم تولي أهمية قصوى للتقويم باعتباره أحد المقومات الأساسية للعملية التعليمة لكونه يسمح بالتشخيص والتتبع والحكم واتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب،وقد بدأ مفهوم التقويم يتبلور عن مقاربات حديثة تعتمد التعلم الذاتي وتصحيح المتعلم لأخطائه بنفسه بعيدا عن لغة العقاب والإقصاء.

إلا أن مفهوم التقويم سيتبلور أكثر في عصرنا الحالي مع بروز مشاكل وصعوبات مرتبطة بالفشل الدراسي وما ينتج عنه من هدر مدرسي وتسرب كثير من المتعلمين من المدرسة مما يفقد المجتمع قوته وتماسكه باعتبار أن الرأسمال البشري لايقل أهمية عن الثروات الطبيعية والمقومات الاقتصادية .


وقد تعددت تعريفات مفهوم التقويم بتعدد المشارب  والمقاربات التربوية،لكنها تتفق على اعتباره كل الاجراءت والعمليات التي تروم الكشف عن تعثر المتعلمين،أي الكشف عن الفارق بين النتائج المرتقبة والنتائج المحققة من أجل تحقيق خطوات لتصحيح التعثرات واتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بتخطيط المستقبل الدراسي للمتعلم،ورغم الأهمية القصوى التي حظي بها التقويم في الوثائق التربوية الرسمية كالميثاق الوطني للتربية والتكوين نموذجا ...فإن واقع المدرسة المغربية  المتسم بالهشاشة يستدعي إعادة النظر في آليات التقويم وتنويع أساليبه تماشيا مع المستجدات التي تعرفها المنظومة العالمية للتربية عامة والنماذج المضيئة خاصة ،حيث نجد أن المدرسة المغربية تحصر ولو بشكل مضمر التفوق الدراسي في التحكم في اللغات والرياضيات مع إغفال شبه تام لباقي الملكات ،خصوصا مع أبحاث البروفيسور هوارد غاردتر    من جامعة هارفارد البريطانية واضع أسس نظرية الذكاءات  المتعددة والذي  قسم الذكاء الى سبعة أنواع منها الذكاء اللغوي ،الذكاء المنطقي،الذكاء الحسحركي،الذكاء الموسيقى الذكاء الطبيعي....


انطلاقا من هذه النظرية يؤكد الدكتور صلاح عبد المحسن عجاج أن كل متعلم يمكن تقويم تعلمه بسبع طرق مختلفة على الأقل مما يزود المتعلم بخبرات مشوقة نشيطة حية ومثيرة ،ويوفر مصادر عديدة للتقويم تقدم نظرة أكثر موضوعية وعدالة عن تقدم المتعلم والأهم من ذلك خلق بيئة يتاح فيها للمتعلم فرص النجاح .


يتطلب التقويم وفق  نظرية الذكاءت المتعددة توثيق انتاجات المتعلمين ونشاطاتهم المختلفة على امتداد الموسم الدراسي بأدوات وأساليب متنوعة كالصور وشرائط التسجيل مقابلات ، دفتر التتبع اليومي للمتعلم....

ان اعادة النظر في أساليب التقويم سيجعل المدرسة المغربية تحتفظ بعدد هائل من المتعلمين الذين يغادرون المدرسة في وقت مبكر بسبب إيلاء الذكاء اللغوي والذكاء المنطقي-الرياضي أهمية بالغة مقارنة مع باقي الذكاءات الاخرى .

بقلم صالح أبادو
أستاذ التعليم الابتدائي
تاروانت
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-