وقد دفع عدم الاهتمام، في جميع أنحاء العالم، بهذا التكوين المقدم للأطفال قبل سن التمدرس الإلزامي، إلى تسليط منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الضوء، في تقريرها لسنة 2019، على أهمية مرحلة ما قبل التمدرس في تطوير المهارات المعرفية واللغوية، بغض النظر عن الوسط المعيشي للطفل.
وفي المغرب، جعل جلالة الملك محمد السادس مرحلة التعليم الأولي أولوية وطنية سنة 2018، من أجل التعميم الكلي لمرحلة ما قبل الولوج إلى المدرسة في أفق أن تشمل كافة الأطفال في هذا السن بين 2027/2028.
ويتماشى هذا الهدف مع الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 المتعلقة بإصلاح التعليم من أجل مدرسة جديدة، تقوم على أساس الجودة والإنصاف، وتكافؤ الفرص، وتعزيز الفرد وتقدم المجتمع.
وانطلاقا من هذه الرغبة في تعميم التعليم الأولي في المغرب، يواصل النسيج الجمعوي المغربي بذل جهوده من أجل تعزيز التمدرس في البلاد، وخاصة في الوسط القروي.
وفي هذا الصدد، أطلقت مؤسسة زاكورة للتعليم سنة 2015 برنامج العمل الوطني لتربية الطفولة المبكرة بالمناطق القروية “أنير” (ANEER).
ويعد “أنير” النموذج الوطني المخصص لتعليم الأطفال الصغار بالعالم القروي، بمثابة برنامج مجتمعي أطلقته مؤسسة زاكورة للتربية، بهدف تعميم التعليم الأولى في المناطق القروية وبالتالي المساهمة في الحد من الهدر المدرسي بالمغرب. ويتضمن البرنامج اجراء مبتكرا ورائدا، يرتكز على مجموعة من الروافع الكفيلة بتحقيق التكافؤ التربوي.
وكشفت نتائج دراسة الوقع لهذا النموذج 2016- 2021، التي تم تقديمها مؤخرا في الدار البيضاء،عن تحقيق سلسلة من الإنجازات المتمثلة اساسا في إحداث 65 وحدة، وتعبئة 20 مليون درهم من أجل التكافؤ التربوي، وتكوين وتوظيف 163 مربية، وتغطية 10 جهات و23 جماعة قروية، وإنشاء 11 وحدة في السنة مع مربيتين في كل وحدة.
وتتمحور هذه الدراسة المنجزة تحت شعار “تعليم أولي ذو جودة، هذا ممكن” حول أربعة روافع للتنفيذ، وهي تفتح ونماء الأطفال المستفيدين، ودعم التربية الأسرية الإيجابية، والتماسك المجتمعي، وقيادة الوحدات التربوية، وذلك بهدف إغناء النقاش والتبادل حول التزامها بتطوير عرض التربية والتعليم الأولي بالمغرب.
وخلال هذه الفترة مكن “أنير” من تكوين وتأطير 16 ألف طفل من بينهم 8014 طفلة (50 في المائة من المستفيدين)، أي ما يمثل في المتوسط إدماج 2600 طفل في السنة.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن مستوى تملك المكتسبات التعليمية بلغ 70 في المائة، ووصل إلى 74 في المائة فيما يخص تملك المكتسبات السلوكية. وبلغ معدل غياب الأطفال 0.6 في المائة.
ومن جانب آخر، بلغ متوسط أولياء أمور الأطفال المقتنعين بالقيمة المضافة للتعليم الأول الجماعي 95 في المائة. فيما بلغت نسبة تملك أولياء أمور الأطفال للممارسات التربوية الجيدة للتلاميذ 93 في المائة.
وفي هذا الصدد، أكد مدير المؤسسة جمال بلحراش أن النسيج الجمعوي مدعو للعب دور مهم لمواكبة سياسة الحكومة، حيث أن الدولة وحدها لا تستطيع، حسب قوله، أن تفعل كل شيء، مشيرا إلى أن منظمته “انتقلت من خمسين مدرسة إلى 2000 مدرسة اليوم، بهدف بلوغ أزيد من 10 آلاف مدرسة و200 ألف طفل مستفيد بحلول سنة 2028.
وواصل أن منظمته غير الحكومية والمهنية لديها مهمة مواكبة الجمعيات الأخرى حتى “نتمكن في السنوات المقابلة من الحاق كافة الاطفال بالمدرسة في سن مبكر وذلك بنسبة 100 في المائة”.
وحسب اليونيسف، يعتبر تعميم مرحلة التعليم الأولي في المغرب رهانا أساسيا يتطلب تعبئة جميع الفاعلين الحكوميين والقطاع الخاص والنسيج الجمعوي والسكان.
ووفق العديد من المتخصصين فإن التعليم الأولي يسمح للطفل منذ سن مبكرة بتطوير قدراته، على اعتبار أن التعليم الأولي، يشكل حصنا ضد الهدر المدرسي، الذي يتسبب في حرمان العديد من الأطفال من التطلع إلى مستقبل أفضل.
لاماب - الدارالبيضاء