السحيمي: مكالمة أمزازي المسربة تضمنت تكفيرا وكلاما خطيرا يهدد سلامة أستاذة



خلف تسريب مكالمة هاتفية، جرت بين شخص ادعى أنه أستاذ ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، حو موضوع الأساتذة “المتعاقدين” سجالا واسعا بين نساء ورجال التعليم خاصة والمغاربة عامة.

المكاملة المشار أليها يسمع من خلالها شخص يعرض خدماته على أمزازي للمساعدة في ثني الأساتذة عن الاحتجاجات، حيث قال إن اسمه طارق، وأنه صاحب عدة صفحات بالفيسبوك، وأنه يحاول إقناع الأساتذة “المتعاقدين” بالعدول عن الاحتجاجات لكونها ليست في صالح التلاميذ.
أمزازي قال في تصريح حصري لـ”آشكاين” تعليقا على هذه المكالمة المسربة، “اتصل بي شخص لا اعرفه، و كما هو معهود بي، أجبته بكل تواضع و أكدت له على قناعتي بالنسبة لهذا الملف مع منحه امكانية حوار غير مباشر مع الأساتذة من أجل تجويد عرض الوزارة”.
وأضاف أمزازي “تسريب المكالمة من طرف هذا الشخص لا يزعجني، ما قلته هو ما كنت أتداوله منذ البداية، هذه قناعتي”، مردفا “يتبين أن الشخص المتصل كانت نيته سيئة لأنه سرب المكالمة بدون موافقتي”.
فهل تم تسريب هذه المكالمة باتفاق مسبق مع الوزير أم أن المتصل كان يريد الإيقاع بأمزازي والأخير فطن له وتفادى السقوط في الفخ الذي نصب له؟
وكيف ستوثر هذه المكالمة على الملفات المطلبية لنساء ورجال التعليم المطروحة على طاولة الوزير أمزازي؟
وهل سيخدش تصرف الأستاذ المدعو طارق صورة نساء ورجال التعليم في المجتمع؟
للإجابة عن هذه الأسئلة استضافت “آشكاين” في فقرة “ضيف السبت”، الفاعل التربوي البارز، وعضو المجلس الوطني لـ”التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات “، عبد الوهاب السحيمي.
نص الحوار كاملا:

1/ماهي قراءتك للمكالمة الهاتفية المسربة، التي جمعت وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي بأستاذ حول ملف الأساتذة المتعاقدين؟

من خلال المكالمة الهاتفية المسربة، يبدو أن الأمر مدبر. يعني أن المكالمة كانت “مخدومة”. فعند بحثنا عن المدعو طارق في مواقع التواصل الاجتماعي، تأكد أن له علاقة قوية مع الوزير أمزازي، وهناك صور تؤكد ذلك، كما أنه ينحدر من مسقط رأس الوزير (مدينة صفرو). زد على ذلك طريقة حديث الطرفين، تبين بالملموس أن المكالمة غير بريئة وبأن هناك ترتيبا مسبق لها.

فعندما يطلب الوزير أمزازي من شخص قدم نفسه بأنه يهاتفه لأول أو ثاني مرة ويعرض عليه تقديم خدمات في مواقع التواصل الاجتماعي غيرة على مصلحة التلاميذ، ويكلفه الوزير بالقيام بحوار غير مباشر مع الأساتذة المحتجين ويقول له أخبرهم بأنني بدوري أتضامن معهم، فهنا يساورنا الشك بأن الأمر لم يكن تلقائيا وإنما تم حبكُ المكالمة. فكيف لشخص مجهول يهاتف وزيرا لأول مرة ويكلفه بدور الوساطة غير المباشرة مع تنسيقية صدى نضالاتها وصل مختلف بقاع المعمور؟
كيف لوزير أن يكلف شخصا مجهولا بعقد حوار غير مباشر مع فئة نضالاتها تهدد مسار السنة الدراسية؟
وما الذي يمنع الوزير من الجلوس مع المعنيين مباشرة إلى جانب النقابات بدل اللجوء إلى وسيط مجهول؟
وكيف لقطاع يعرف احتقانا غير مسبوق بسبب تعطيل الحوار القطاعي والتنصل من الالتزامات، أن يدبر بهذا الأسلوب عبر تفويض شخص مجهول سلطة القيام بالوساطة غير المباشرة مع الأساتذة المعنيين في حين نجدُ عدة مؤسسات دستورية وطنية مستعدة للقيام بهذا الدور؟
أجزم أن المكالمة كانت مرتبة قبلا، والذي يؤكد ذلك أن الوزارة الوصية لم تصدر أي بلاغ بخصوصها ولم تعلن عن متابعة من سرّبها رغم أن في طياتها إساءة للوزير المسؤول عن القطاع لا سيما أنها حملت اتهامات للأساتذة بالإلحاد…

2/هل أساء الأستاذ لجسم نساء ورجال التعليم؟

طبعا، المدعو طارق وكذلك الوزير، أساءَا لعموم نساء ورجال التعليم، وما قاله الشخص الأول، في المكالمة الهاتفية يستوجب المتابعة القضائية.
ما صرح به المدعو طارق خطير جدا، وإذا لم تتدخل النيابة العامة وتفتح تحقيقا في الموضوع يُفضي إلى متابعة قضائية في حق المدعو طارق وكذلك في حق من سرّب الفيديو، سيكون للأمر، تبعات سلبية على صورة وسمعة عموم الأساتذة والأستاذات.

فعندما يقول هذا الشخص، بأنه لا يشرفه بأن تدرس ابنته عند أستاذة تنشر الإلحاد وبأنها تتبنى فكرا يراه هو دخيلا على المجتمع المغربي ويضر بالمتعلمين والمتعلمات، ويستمع الملايين من المغاربة هذا الحوار الذي كان أحد طرفيه الوزير، فهذا يعتبر “تكفيرا” وكلاما خطيرا يهدد سلامة الأستاذة المعنية بكلامه كما أنه يسيء لصورة عموم نساء ورجال التعليم.

والأخطر، في هذا الحوار، هو مجاراة الوزير للشخص في كلامه ولم يتدخل لمنعه وتصحيح مغالطاته، وضمنيا يبدو أنه متفق معه بشأنها.

3/هل ستكون لهذه المكالمة تبعات على الملفات المطروحة على طاولة أمزازي؟

ما يقوم به أمزازي اليوم، يؤكد -في تقديري- أنه يرقص رقصة الديك المذبوح. فالمناورات التي كان يستعملها لتنويم الفئات التعليمية المتضررة، انفضحت وانكشفت للعيان، والقنبلة الموقوتة التي كنا نحذر منها بسبب تغييب الحوار والتنصل من الالتزامات السابقة وعلى رأسها اتفاق 21 يناير 2020، انفجرت اليوم في وجه الوزير.
فبعد أن استعمل أمزازي كل الحِيَل والمؤامرات للاستمرار في الإجهاز على اامكتسبات التاريخية للفئات المتضررة، وبعد أن تأكدت لديه بأنها لم تعد تجدي نفعا، خاصة بعد خروج المعنيين للاحتجاج والتصعيد، لجأ اليوم إلى هذه الممارسات المفضوحة المتمثلة في فبركة مكالمة هاتفية وتسريبها بهدف الاستمرار في التغليط والتضليل وكسب الوقت للوصول إلى محطة الانتخابات.

فاليوم، وللأول مرة في تاريخ المنظومة التعليمية، جميع الفئات التربوية تحتج بشكل غير مسبوق. فإن كان من انجاز يمكن أن يحسب للوزير أمزازي بعد أربع سنوات من ترأسه للقطاع، فهو أنه استطاع توحيد جميع الفئات التعليمية ضد تدبيره الأخرق.

فحاملو الشهادات بوزارة التربية الوطنية، أطر الإدارة التربوية، الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، أطر التوجيه والتخطيط، الدكاترة العاملين بوزارة التربية الوطنية، أساتذة الزنزانة 10، الأساتذة المدمجون (العرضيون سابقا)… كلها فئات في إضرابات ونضالات تصعيدية غير مسبوقة. والسبب الرئيس في لجوئها للإضراب وخروجها للاحتجاج هو تعطيل الحوار لمدة تزيد عن سنتين والتملص من اتفاقات نهائية سابقة مُبرمة بناء على مقترحات تقدمت بها الوزارة نفسها.

مهما قام الوزير بمناورات ودسائس، لابد أن يعود لطاولة الحوار. فالوضع صعب جدا، والأزمة وصلت مستويات قياسية، والحل يكمن في الحوار الجدي والمسؤول والذي يفضي إلى نتائج تعرف طريقها للأجرأة والتنزيل في مراسيم، وليس في أي مكان آخر.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-