منذ أشهر طويلة والنقابات التعليمية تطالب الوزارة الوصية بفتح الحوار لتجاوز الاحتقان الذي يعيشه القطاع، في ظل تزايد الاحتجاجات والإضرابات من طرف فئات مختلفة داخل المنظومة التعليمية.
وأكد الوزير سعيد أمزازي، أمس الاثنين بمجلس النواب، أن الوزارة تعتزم الجلوس إلى طاولة الحوار مع النقابات الأكثر تمثيلية، الأسبوع المقبل، ما يطرح التساؤل حول ما إذا كان فتح الحوار سيخفف من حدة الاحتقان داخل القطاع.
احتجاجات وإضرابات
يشهد قطاع التربية الوطنية احتجاجات غير مسبوقة من طرف فئات تعليمية مختلفة، من بينها أساتذة التعاقد، وأساتذة الشهادات، والزنزانة 10، والإدارة التربوية، وضحايا النظامين، وغيرها من الفئات التي تخرج للاحتجاج، من أجل إسماع صوتها، والمطالبة بالاستجابة لمطالبها.
وقد عرف شهر مارس المنصرم، موجة احتجاجات كبيرة، تسببت في تعطيل الدراسة لعدة أيام بالمدارس العمومية، وتسببت في هدر الزمن الدراسي، أمام غياب الحوار، وحضور المنع والقوة في التجاوب مع الاحتجاجات، ما تسبب في مزيد من الاحتقان والتصعيد.
وتستمر الاحتجاجات والإضرابات في القطاع، ومن بينها الإضراب الوطني الذي يعتزم أساتذة التعاقد خوضه لثلاثة أيام، ابتداء من يوم الخميس المقبل، والذي سيختتم بمسيرة الوفاء بآسفي.
كما تستعد فئات تعليمية أخرى لاستئناف احتجاجها هذا الشهر، من بينها أطر الإدارة التربوية التي تخوض إضرابا وطنيا يومي 22 و30 أبريل الجاري، فضلا عن التصعيد الذي توعد به أساتذة الشهادات وغيرهم.
وأمام هذا الوضع الموسوم بالتوتر، يرى وزير التربية الوطنية أن الوضع بالقطاع لا يعرف أي أزمة أو وضعية مقلقة، وكل ما هنالك هو إشكالات تعمل الوزارة على حلها.
ملفات عالقة
تحصي النقابات التعليمية وجود ما لا يقل عن 23 ملفا عالقا بقطاع التربية الوطنية، في حاجة إلى الحوار والرغبة الجادة من طرف الوزارة الوصية، من أجل حلحلتها وإنهاء الاحتقان بشأنها.
إلا أن الوزير أمزازي، أكد أمس الاثنين أن هذا الرقم غير صحيح، وأن عدد الملفات التي كانت مجمدة فوق طاولة الحوار، بلغ 12 ملفا، تم إيجاد حلول لسبعة منها، وملفان في طريق التسوية، في حين لم تتبق سوى ثلاث ملفات في طور الدراسة، وقد تم تقديم مقترحات في شأنها إلى القطاعات الوزارية الأخرى المعنية.
وفي هذا السياق، يرى عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، أن ما قاله أمزازي يعد الرأي الرسمي للحكومة، في حين أن الواقع يعكس وجود عدة ملفات مطروحة وسيتم طرحها مع الوزارة، إذ لا يجب التهرب من مناقشة الملفات.
وأكد الإدريسي في تصريح لموقع “لكم” أن النقابات عند جلوسها لطاولة الحوار لن تفرض أي شيء على الوزارة، لكن الأخيرة مطالبة بالإقناع في الملفات التي تسعى إلى سد باب الحوار حولها، معتبرا ذلك عجزا عن إيجاد الحلول، وعدم القدرة على الإقناع.
وأشار الإدريسي إلى أن عددا من الملفات المطروحة اليوم بالقطاع، لا تتطلب أي إمكانيات مادية، في حين لا تتطلب أخرى سوى إمكانات ضئيلة، والحوار الجاد والمسؤول وعدم التسويف، والوفاء بالالتزامات هو السبيل الوحيد لحلها.
وسجل المتحدث في ذات الصدد، أن هناك بعض الملفات التي سبق الاتفاق بشأنها قبل سنتين، إلا أنها لا تنجز، والوزارة لا تفي بما التزمت به.
ترحيب بالحوار
وأمام تأكيد أمزازي عزم الوزارة استئناف الحوار الأسبوع المقبل مع النقابات الأكثر تمثيلية، سجل الإدريسي أن النقابات مستعدة دائما للحوار، وقد كان هذا مطلبها منذ مدة.
وانتقد الإدريسي إعلان أمزازي استئناف الحوار مع النقابات عن طريق البرلمان، بدل إخبارها بشكل مباشر، وذلك بعدما لا يقل عن سنتين عن آخر لقاء جمع النقابات بالوزير، وسنة عن آخر اجتماع بين النقابات ومصالح وزارة التربية الوطنية، ما جعل المشاكل تتعمق.
وعبر الكاتب العام للنقابة التعليمية عن أسفه من تهريب الحوار القطاعي للبرلمان، حيث شرع الأخير في مناقشة الجزئيات، وظلت الفئات التعليمية المعنية تعيش حالة من القلق، مشددا على أن الحوار القطاعي ومشاكله، من صلاحيات النقابات دستوريا وقانونيا.
ولا يخلو استئناف الحوار القطاعي، من عقبات ومشاكل، ليس فقط على مستوى عدد الملفات العالقة، بل إن استئناف الحوار يأتي في ظل تقلص منسوب الثقة بين الطرفين.
وأكد الإدريسي أن الحوار مع الوزارة يمكن أن ينزع فتيل الاحتقان داخل القطاع، إذا ما استطاعت الوزارة أن تأتي بالحلول للملفات العالقة، في حين أن عدم الإصغاء والاستجابة للمطالب لن يزيد الوضع إلا احتقانا، وستستمر المشاكل في التراكم، وسيظل التعليم العمومي هو المتضرر.
وخلص النقابي إلى التعبير عن أمله في أن يسفر الحوار مع الوزارة عن إيجاد حلول للمشاكل، مؤكدا أن النقابات التي تعيش القلق مع الشغيلة منفتحة، وتتمنى التوصل إلى الحلول، مع وفاء الوزارة بما ستلتزم به.