تعيش الشغيلة التعليمية على صفيخ ساخن، ما يدفعها بين الفينة والأخرى إلى الخروج لشوارع الرباط لمطالبة وزارة التربية والتعليم بالاستجابة إلى مطالبها، وذلك في الوقت الذي تنهج فيه هذه الوزارة سياسة اللامبالاة والأذن الصماء.
ما يزيد الطينة بلة، بحسب شهادات العديد من الأساتذة والمتتبعين لملفات رجال ونساء التعليم، هو التفاعل “المحتشم” للنقابات مع احتجاجاتهم، والذي لا يخرج عن إطار ما يعتبرونه مجرد تنديدات وبلاغات مناسباتية، بحسبهم، ما يطرح سؤال لماذا لا تساند هذه النقابات مطالب الأساتذة بشكل فعلي وبخطط واضحة لمواجهة الوزارة الوصية؟
وفي هذا الإطار، أورد عبد الوهاب السحيمي، عضو المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات بوزارة التربية الوطنية، قائلا “اذا لم تتفاعل النقابات التعليمية مع النضالات التي يخوضها عموم نساء ورجال التعليم بجدية وتكشف عن مخططها لمواجهة هذه اللامبالاة للوزارة الوصية، فأعتقد يجب علينا كشغيلة تعليمية التعامل معها بحزم وبخطوات غير مسبوقة”.
وأضاف السحيمي في تدوينة ذبجها على حسابه “يجب الذهاب بعيدا مع هذه الردود الباردة للنقابات مع كل هذا القمع المسلط على نساء ورجال التعليم ومع التقاعس البائد في تسوية الملفات العالقة”، مضيفا “أقول يجب الذهاب بعيدا ولو بمقاطعة جماعية للانتخابات المهنية المقبلة”.
وتساءل المتحدث “شنو جابت لينا القيادات النقاببة حتى نمشيوا نشدوا الصف ونصوتوا عليهم في الانتخابات المقبلة؟، مستطردا “بأي وجه غادي يقابلوا هم الشغيلة التعليمية أصلا؟ وشنو غادي يقولوا ليهم؟ غادي يقولو سمحوا لينا فاش كانت تشطب بكم الارض كنا نحن في مكاتبنا المكيفة.. هادشي اذا ماكانش في اماكن اخرى لتطويق نضالات الشغيلة”.
وأكد قائلا “نعم، موقف قادة النقابات غير مفهوم، ومن حقنا جميعا أن نشك في مدى صدق خطاباتها. مايمكنش من بعد كل هاد العصا اللي دامت سنوات وأنتم لم تحركوا ساكنا.. سمحوا لية.. هادشي بزاف”.
ومن جهته، أوضح المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، قائلا “كان بالامكان أن تكون النقابات البديل الوحيد لتمثيل المطالب الاجتماعية داخل الإدارة والمعمل والشارع، والمخاطب الوحيد للسلطات العمومية على طاولة الحوار، لكنها للأسف ضيعت الفرصة بعد دستور 2011 حينما اختارت القبول بدفن قانون النقابات والقانون التنظيمي للاضراب”.
للأسف، يضيف الشرقاوي، كانت صفقة سيئة جنبت الحكومة صداع الرأس الذي يمكن أن تسببه الإضرابات، وأطلق يدها بدون موجب قانون بالاقتطاع من أجور المضربين دون إخراج نص ينظم ذلك، وفي المقابل تجنب شيوخ النقابات إخراج قانون ينظم بيتها الداخلي وفق المقاصد الدستورية الجديدة ويلقي الضوء على مالية النقابات ويسائل ديمقراطيتها الداخلية وانتظام مؤتمراتها”.
وزاد الشرقاوي في تدوينتين على حسابه بالفايسبوك “في الحقيقة كنا أمام تواطئ بين الحكومة والنقابات على تعطيل الدستور واستمرار العمل بمنطق دستور 1996، فكان الجواب اتساع رقعة التنسيقات”، مضيفا “علينا أن نستوعب أن معظم الاحتجاجات المقبلة ستقودها التنسيقات الفئوية التي نشأت بشكل أساسي عن تقصير تاريخي للحركة النقابية في الدفاع عن المطالب الاجتماعية والمادية للموظفين والعمال والمستخدمين”.
صحيح أن الدستور يجعل من النقابات المخاطب الرسمي للسلطات العمومية، يبرز المتحدث، لكن الواقع يقول غير ذلك تماما، بل يؤكد القوة الفعلية والانضباط النضالي للتنسيقيات التي تتجه بفعل الأمر الواقع للتحول إلى كيانات اجتماعية منظمة، لكن ليست قانونية، لها نفوذها الجماهيري دون أن يكون لها بناء تنظيمي، لها خطابها المتميز دون أن تكون لها قيادات كارزماتية، لها ديمقراطيتها الحية دون أن تكون لها بيروقراطية تنظيمية”.
وختم الشرقاوي كلامه بالقول “هذا الكلام ليس شرعنة لهاته الكيانات النضالية التي فرضت نفسها على الأرض، بل تنبيه للنقابات التي أصبحت تتجه إلى الموت البطيء في ظل هيمنة الشيوخ وغياب الديمقراطية الداخلية التي تسمح بفرز قيادات نضالية جديدة”.
عن موقع أشكاين