أشكاين: هل القانون يسمح لأعوان السلطة بالمشاركة في فض الاحتجاجات بالقوة؟



شهدت مدينة الرباط يوم أمس الثلاثاء 16 مارس الجاري، احتجاجات وُصفت بـ”المكثفة” للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وحاملو الشهادات المطالبين بالترقية، تم تفريقها من طرف عناصر الأمن الوطني باستخدام القوة والعنف، وفق ما عبر عليه عدد من الأساتذة، وما وثقته جريدة “آشكاين” بالفيديو؛ وأثار العنف المستخدم من طرف الأمن الوطني وأعوان السلطة (المقدمية) استنفار المواطنين، وخاصة منهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تداولوا بشكل واسع ما اعتبروها “انتهاكات لحق المواطن المغربي في التظاهر السلمي والتعبير عن رأيه”، مستعملين عدد من الوسوم من قبيل “نعم لحرية التعبير، وماتقيسش أستاذي..”. 

وفي هذا السياق، تداول رواد التواصل الاجتماعي، نسخ من الفصل 19 بشأن التجمعات العمومية الذي بنص أنه “إذا وقع تجمهر مسلح في الطريق العمومية فإن عميد الشرطة أو كل عون آخر يمثل القوة العمومية والسلطة التنفيذية ويحمل شارات وظيفته يتوجه إلى مكان التجمهر ويعلن عن وصوله بواسطة مكبر الصوت. وإذا كان التجمهر مسلحا فان الممثل المذكور يأمر المتجمهرين بالانفضاض والانصراف، وإذا لم يستجب لهذا الإنذار الأول فإن الممثل المذكور يوجه إنذارا ثانيا ضمن نفس الكيفيات وفي حالة رفض الطلب يقع تشتيت المتجمهرين بالقوة”. 

ويزيد الفصل 19 أنه “وإذا كان التجمهر غير مسلح فإن الممثل المذكور يجب المشاركين على الانصراف بعدما يقع الإعلان عن وصوله. وإذا لم ينسحبوا توجه لهم ثلاثة إنذارات متوالية وفي حالة إبداء تصلب يقع حينئذ تشتيت التجمهر بالقوة وتوجه الإنذارات بالعبارات الآتية :امتثلوا للقانون إننا سنستعمل القوة افترقوا”. 

ما مدى مشروعية تدخل أعوان السلطة في فض الاحتجاجات؟ 

وفي هذا السياق، قال محمد المو، محامي بهيئة الرباط، إنه “بعد تداول مشاهد لأفراد بزي مدني يحملون شارة صفراء على مستوى الكتف مكتوب عليها عون سلطة يقومون باستعمال القوة في تفريق مظاهرات احتجاجية لأساتذة متعاقدين، أثير نقاش قانوني حول شرعية ومشروعية هذه الجهة في التدخل في عملية الفض”. 

وأوضح المو، في سياق حديثه مع “آشكاين” أنه “بالرجوع للفصل 19من ظهير شريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية، يتضح أن المشرع حدد بشكل صريح الجهات الرسمية الموكل إليها عملية التدخل لفض المظاهرات وهي، عميد الشرطة أو كل عون آخر يمثل القوة العمومية والسلطة التنفيذية ويحمل شارات وظيفته”. 

وأضاف “يلاحظ من خلال هذه العبارة أن المشرع وإن استعمل لفظ” أو” للدلالة على إمكانية قيام جهة أخرى غير عميد الشرطة بعملية التفريق فإن ذلك متوقف على ضرورة أن يكون العون المذكور يمثل القوة العمومية والسلطة التنفيذي، واستعمال واو العطف يقتضي الجمع بين الصفتين معا” مردفا “ولعل تأكيد المشرع في الفصل 19على ضرورة حمل شارات وظيفية بصيغة الجمع دليل على كون حاملها يجمع بين الصفتين “. 

“انطلاقا من القراءة النصية للفصل 19يتضح أن عون السلطة لا ينتمي للقوة العمومية وإن كان يمثل السلطة التنفيذية” يزيد المو مردفا “مما يجعله غير مؤهل لفظ المظاهرات حسب ظاهر النص القانوني، كما أن حمل شارة وحيدة على مستوى الكتف لا تكفي لقيام الجمهور في رصد ومعرفة هويته الوظيفية بشكل كامل حتى يتسنى لهم أي المواطنين معرفة توفره على الشروط المحددة أعلاه”. 

الرياضي: ما قامت به السلطات جريمة 

ومن جهتها أكدت خديجة الرياضي، رئيسة سابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن “ما قامت به السلطات المغربية، يوم أمس لفض احتجاجات الأساتذة هي جريمة، ولو كنا في دولة ديمقراطية لتم محاكمتهم ومعاقبتهم على الجرائم التي قاموا بارتكابها، من عدوان واعتداء جسدي والضرب والإهانة، وما يدخل في إطار سوء المعاملة، والمعاملة الحاطة بالكرامة المتضمنة في اتفاقية مناهضة التعذيب”. 

وزادت الرياضي، في حديثها مع “آشكاين” بأنه “كانت هناك عناصر لا يخول لها القانون ممارسة العنف ولا القوة، وبالرغم من ذلك تم الكشف على أنهم ممارسين لهذا العنف، وكذلك العنف الذي قامت به السلطة بالزي الرسمي عنفا يعاقب عليه القانون، لأنه كان مفرطا، وهذا ما قامت الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمعاينته”. 

“هؤلاء الناس أتوا مدينة الرباط من أجل التظاهر السلمي”، تردف الرياضي مشيرة “في الوقت الذي سبق للمغرب الظهور في لائحة الدول التي تستغل الجائحة من أجل انتهاك حقوق الإنسان، والتقليص من الحريات، والزيادة في التسلط، واستغلال قانون الطوارئ، الذي تمدد فيه إلى ما لا نهاية من أجل استغلاله في منع أي احتجاج أو أي رأي ينتقد سياسة الدولة، وهو ما يعتبر كذلك انتهاك للحقوق المدنية والسياسية الذي يُفرض على الدول احترام الحق في التظاهر السلمي والحق في التعبير وعدد من الحقوق الأخرى”. 

وأعربت الرياضي عن أسفها مما حصل بالقول “إضافة إلى أنه تم ممارسة تعسفات أخرى في حق هؤلاء الأساتذة، كإخراجهم من الفنادق بشكل غير قانوني، وإخراج النساء للشارع بطريق منتهكة للقوانين ولحقوق الإنسان جميعها، مما يعني أن كل هذه الأمور يجب أن تحاسب عليها السلطة”. 

أما من أجل عمل الدولة على تجاوز هذه الانتهاكات، فزادت الرياضي “لا بد لها من النظر أولا في الأسباب التي جعلت الأساتذة ينزلون للتظاهر في الشوارع، وللسفر بين المدن البعيدة للوصول للرباط من أجل التظاهر السلمي، هؤلاء الناس مضرورة ويشتغلون في ظل وضعي هشاشة وعدم استقرار، ويدافعون عن المدرسة العمومية من التعاقد، وبالتالي فإن نضالات هؤلاء الشباب هي من أجل الشعب المغربي ككل”، مردفة “ثم إنه بغض النظر عن المطالب يجب السماح لهم بالتعبير، سواء كنت موافقا معهم أو معارضا”.

عن موقع أشكاين
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-