العبادة و رمضان

قوة الموضوع في قرب إهلال الشهر المبارك رمضان...في تقديم مباركة حضورالشهر الكريم لكل المسلمين في بقاع العالم وللشعب المغربي بالتخصيص. وبعد هذا ، لنحدد بعض المفاهيم الأولية التي لا يجب القفز عليها ولا تحتمل المزايدة، فالرب المعبود عز وجل لافي رمضان هو ذاته الملزم بالعبادة في الشهور الأخرى.
 إن طغيان مظلة سلطة العبادة في شهر رمضان يمكن اعتبارها صحوة دينية موسمية، وعرف تربينا على رؤيته وممارسته منذ أن وعينا الصيام، لا أعمم القول في هذه الباحة من التفكير، بل إن واقع الحال يحيلنا لزوما إلى ذلك، فالمحارم والكبائر يتم اجتنابها بفارق التوصيف، كما يتم إعمار المساجد طيلة الشهر المبارك ....
أعتقد أن الأمر يستوجب منا أكثر من وقفة مساءلة حول ظاهرة العبادة في شهر رمضان ونكوصها في غيره من شهور السنة،  قد لا نختلف أساسا في قيمة العبادة في هذا الشهر المبارك ومكانته الدينية التفضيلية، ولكن ننكر الأمر بوقوف العبادة عند بعضنا بعد انقضاء الشهر في حده العددي، أو بمتم قيام ليلة القدر .
قبل الحديث عن ليلة الصيام لا بد من الحديث عن اليوم الرمضاني، قد نختلف في الوصف لأثر الصيام على عموم الصائمين وذلك من حيث أننا فئات اجتماعية متنوعة و مختلفة، فمنا من يصبح يومه هو ليله ونهاره هو ليله ولا يجمعه مع الصيام إلا اسم ( راه صايم المسكين) ومنا من ترى فيه يطبق تعريف الصوم بحده الأدنى من حيث هو الكف.... لكنه يمارس السب والنصب والاحتيال بكل أنواعه المحرمة، ومنا من هو بالمنزلة بين المنزلتين وحكمه صائم إلى حين بيان صدق سريرته. وبكل هذا التنوع لا محيد لنا من الوقوف على شريحة اجتماعية نقية النية وصيامها يستوفي الأركان والشروط، و مقصد عبادتها يغطي شهور السنة بدون مد ولا جزر .
مرة ثانية للتأكيد قد لا نختلف في أفضلية العبادة في شهر الصيام، قد لا نختلف في الأثر الموفور لأفضلية العشر الأواخر من رمضان الكريم ،لكن يمكن النظر إلى الأمور من زاوية متسعة باتساع شعاعها ونقول، إنها سنة النفعية البشرية التي يمكن اعتبارها أنانية في استهداف العبادة بكثرة في شهر رمضان لنيل فيض غني من الحسنات الربانية، فعند تمييز شهر رمضان دينيا بالإيجاب، فليس مرده إلى أنه نال حكم قيمة موضعية وإنما الأمر يتأسس على مرجعية دينية تستهدف بناء وتعديل السلوكيات الاجتماعية، فضلا عن ممارسة العبادة والتقرب إلى الإله.
فإذا كانت السلوكيات الاجتماعية ترنو بالذات البشرية عموديا إلى الإحساس بقوة الرب والخضوع لأوامره والإفاضة في عبادته ،فإن الإحساس الأفقي يتموضع من حيث سواسية المساواة وتجريب وضعيات من لا استطاعة له بالعيش الكريم في أيام السنة بمتمها. وعلى العموم فالكتب الفقهية تحتوي على ثلة من المقاصد العميقة لشهر رمضان، فيما يهم الغايات الاجتماعية/ الإنسانية والدينية والحضارية.
أما ممارسة العبادة بكثرة فهي تلك الطفرة الكمية بالتراكم بحلول الشهر الكريم ، لكن الأمر ( لا أعمم القول) تحول إلى عبادة رمضان في حد نهايته، في حين أن العبادات والمعاملات في الدين الإسلامي وحدة متكاملة لا تجزيء فيها (أخذ الدين كوحدة كلية بلا انتقاء) إنها الحقيقة التي لا يمكن أن نتستر عليها، فكم من مسجد ضاقت رحابه بالمصلين بينما يشكو الكفاف في مريدي العبادة طيلة السنة.
وليكن ختم الجزء الأول من باحة التفكير حول رمضان،  بألا نطبق المثل المكناسي (صلاة القياد الجمعة والأعياد ) وإنما نبتغي ترسيم شعائر الدين التعبدية والمعاملاتية في ممارستها كوحدة تامة لا تستوجب التقسيم ولا التفاضل إلا ما ورد فيها  من نصوص قطعية...
الشهر الكريم، والعشر الأواخر وليلة القدر، عبادات لا توازيها أيام أخرى ... لكن لنجعل من رمضان شهر الانطلاقة الفعلية للممارسة الدينية /العبادة، فضلا عن الممارسات السلوكية كمعاملات إسلامية حصينة بالأثر الأخلاقي... لكن  قد نصطدم بمجموعة من الأسئلة التي تتطلب أجوبة مباشرة وضابطة :
1- ما حكم من يفيض العبادة في شهر رمضان ويتوانى عليها في دونه؟
2-ما الهدف الديني من توسيع إمداد المصلي بالثواب والحسنات المضاعفة في شهر رمضان؟
3-كيف يمكن ضبط إيقاع المصلين بالمساجد كمثل شهر رمضان؟.

ذ محسن الأكرمين.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-