بيان القطاع النقابي بمناسبة فاتح ماي: لنتحد من أجل حقوق الشغيلة وكرامة المواطن

بسم الله الرحمن الرحيم جماعة العدل والإحسان
القطاع النقابي
المكتب القطري

بيان فاتح ماي 2018

لنتحد من أجل حقوق الشغيلة وكرامة المواطن


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، القائل: “أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه”.

أختي العاملة، أخي العامل،

يشكل الاحتفال باليوم العالمي للشغل مناسبة للاحتفاء بالطبقة العاملة، واستحضار تضحياتها ونضالاتها من أجل تنمية الأوطان وتعزيز الحقوق والمكتسبات، بيد أنه في وطننا العزيز، أمسى يوما تحييه الشغيلة بطعم المرارة والألم، لما حل بها من نكبات اجتماعية وانتهاكات صارخة لحقوق ومكتسبات حققتها بفضل تضحياتها خلال عقود من الزمن.

يحل علينا اليوم الأممي للشغل هذه السنة، والوطن يعيش على صفيح ملتهب؛ حيث بلغ الفقر والهشاشة مستويات لا تطاق، وأخرجت البطالة و”الحكرة ” الناس في احتجاجات شعبية لا تنفك تتسع مجاليا وقطاعيا، والإحساس بالظلم والإقصاء يغذيه فشل السياسات العمومية في بلورة نموذج تنموي ديموقراطي عادل، وينميه إبداع السلطة في نهج المقاربة القمعية تجاه الحراك المطلبي، ونهج سياسة الأذن الصماء تجاه المطالب العادلة والمشروعة.

أختي العاملة، أخي العامل

إن السنة الاجتماعية التي نودعها شهدت ردة غير مسبوقة على مستوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمهنية والنقابية، وترسخت فيها أزمة متعددة الأوجه ليس أقلها: إضعاف التنافسية، واغتيال روح المبادرة، وضعف الحكامة، وتبديد الموارد، وهدر الفرص، وتغول المنطق الجبائي، وتفاقم المديونية، واستهداف القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة والفقيرة… سنة اجتماعية اتسمت بمزيد من الإصرار على الإجهاز على ما تبقى من مكتسبات الشعب المغربي، ومنعه من حقه المشروع في تعليم عمومي مجاني وجيد، وتطبيب جيد، وشغل كريم، واستقرار مهني، وسكن لائق… نتيجة تنصل الدولة من مسؤوليتها الاجتماعية بتوفير هذه الخدمات الاجتماعية الحيوية للطبقات الفقيرة والمتوسطة.

للأسف، كانت الحصيلة الحوارية هذه السنة التي نحن بصدد توديعها صفرا، يضاف إلى أصفار السنوات الماضية، حينما قررت الحكومة إغلاق أبواب الحوار الاجتماعي في وجه ممثلي الأجراء، واتخذت قرارات جائرة، بدء من التغول في خوصصة القطاعات الحيوية، واعتماد التوظيف بموجب عقود، وتخريب أنظمة التقاعد، وتجميد الأجور، وانتهاك الحقوق المهنية، ومصادرة الحريات النقابية، عبر الانفراد بطرح مشروع قانون الإضراب دون استشارة النقابات، واستهداف القيادات النقابية مما يفضح سلوك الدولة الوفي لنهج الضبط والتحكم.
أختي العاملة، أخي العامل

لقد أبانت الحكومات المتتالية عن نجابة منقطعة النظير في الارتهان لتعليمات المؤسسات المالية الدولية، على حساب التوازنات الاجتماعية، ولاشك أن سياسة إضعاف العمل النقابي وتشتيته، وقمعه واحتوائه شكلت عناصر ثابتة من عناصر سياسة السلطة تجاهه، ودفع الإصرار على هذا النهج إلى تصاعد وتيرة الحركات الاحتجاجية السلمية والنضالات الشعبية المجالية للمطالبة برفع التهميش والحكرة والحق في العيش الكريم بالريف وجرادة وزاكورة، وتنسيقات المدن والأحياء قوبلت جميعها بسياسة القمع والاعتقال والمناورة والالتفاف. وبالموازاة، شهدت الساحة النقابية معارك نضالية فئوية لضحايا التوجهات الحكومية وقراراتها الإدارية كحركة الأطباء من أجل العدالة الأجرية، وحركة الممرضين من أجل المعادلة، وحركة المتصرفين والتقنيين، وتنسيقيات الأطر خريجي مسالك الإدارة التربوية، والموظفين حملة الشواهد غير المدمجين، والأساتذة المرسبين، وضحايا النظامين، ونضالات عمال شركة لاسمير، وعمال شركات الضحى بأكادير، وشركة سيكوم بمكناس، واللجنة الوطنية لمساندة المتضررين من الإعفاءات التعسفية، والجبهة الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، والجبهة الوطنية للدفاع عن المدرسة العمومية، وغيرها…

ولقد كان لقطاعنا النقابي، إلى جانب قوى مناضلة أخرى، إسهاما في تحمل مسؤولية النضال والتوعية والتأطير من جهة، وحظا وافرا من قرارات التعسف المخزني ضريبة للثبات على المبدأ والوقوف إلى جانب المظلوم من جهة ثانية.

أخي العامل، أختي العاملة

إننا نعيش مرحلة دقيقة أضحت تفرض علينا جميعا، هيئات نقابية وحركات اجتماعية وفعاليات نضالية، أن نتحمل جميعا المسؤولية التاريخية، ونضطلع بأمانتنا النضالية من أجل التصدي لهذا النزيف الاجتماعي والوقوف صفا متراصا أمام هذا الاستهداف الممنهج للحقوق الوطنية والمكتسبات التاريخية، بما يفرض ذلك من واجب التعالي على الحسابات الضيقة، وتجاوز واقع التشتت والتمزق، الذي نهجته آلة الاستبداد عقودا لكسر شوكة الحركة العمالية، والتنادي إلى توحيد الجهود، وتنسيق المبادرات لخوض معارك نضالية موحدة وقوية تستجيب لتطلعات الطبقة العاملة من أجل تحقيق مطالبها العادلة.

إننا في القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان نمد أيدينا بصدق لكافة شرفاء وأحرار هذا البلد الحبيب للعمل المشترك في إطار جبهة نقابية موحدة تجمع الجهود وتوحد الصفوف، إسهاما في رفع الظلم واسترداد الحقوق المسلوبة، وفي هذا السياق نعلن ما يلي:

– تضامننا مع نضالات كل الفئات الشعبية المتضررة في مختلف القطاعات والجهات، ومع ضحايا سياسات التهميش والإقصاء من طلبة ومعطلين، وعمال، وفلاحين، ومع كل حركات الاحتجاج الشعبي المطلبي، وفي مقدمتها احتجاجات سكان الريف وجرادة، ومطالبتنا بالاستجابة الفورية لمطالبهم العادلة والحرية العاجلة للمعتقلين والمتابعين؛

– تحميلنا المسؤولين عن القرار كامل المسؤولية في وأد الحوار الاجتماعي، وتغييب منطق الإشراك الحقيقي من خلال الاستفراد بالقرارات المصيرية، وتمرير الملفات الحارقة، والإجهاز على الحقوق والمكتسبات؛

– تأكيدنا على أن إقرار التنمية الشاملة والمتجددة رهين بترسيخ قواعد الديموقراطية المبنية على الفصل بين الثروة والسلطة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والتناوب على السلطة؛

– إدانتنا الشديدة لسياسة القمع المنتهج ضد المناضلين والمعارضين السياسيين والفاعلين الاجتماعيين لتكميم الأفواه ومصادرة الحق في التعبير وممارسة النضال السلمي؛

– مطالبتنا الجهات المسؤولة بإنصاف الأساتذة المتدربين المرسبين ظلما وجورا، والأطر المعفيين بسبب انتماءاتهم السياسية والنقابية، والطي النهائي لهذه الملفات؛

– استنكارنا اعتقال الأخ الكاتب العام الدكتور محمد بن مسعود من مقر عمله أثناء حصة تكوينية للأساتذة المتدربين بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، ومحاكمته على نشاطه النقابي والسياسي، والتعبير عن آرائه، ومطالبتنا بوقف محاكمته السياسية المخجلة،

– تضامننا اللامشروط مع الشعوب المضطهدة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الصامد في وجه آلة الاحتلال الصهيوني، وباقي شعوب المنطقة ضحايا صراعات قوى الاستكبار العالمي.

ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون.

الجمعة 27 أبريل 2018 القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-