عجلة الحوار الاجتماعي تدور .. هل تهدئ الحكومة نقابات العمال؟

كان لافتاً أن تعود عجلة الحوار الاجتماعي إلى الدوران من جديد، في ظل الولاية الحكومية الحالية التي يقودها سعد الدين العثماني، بعدما كانت توقفت لأكثر من مناسبة، خلال محطة "بنكيران"، إذ لأول مرة يتم الاتفاق على الجدولة الزمنية التي تمتد إلى سنة 2020؛ وهو ما دفع النقابات المركزية إلى التفاعل إيجاباً مع مقترحات حكومة العثماني، لإخراج الحوار الاجتماعي من عنق الزجاجة.

وبالرغم من مرور سنة على تنصيب حكومة سعد الدين العثماني، التي خصصت عدة لقاءات مع ممثلي المركزيات النقابية لإيجاد صيغة توافقية؛ فإن الطبقة الشغيلة ما زالت تنتظر مقترحات فعالة في إطار جولات الحوار الاجتماعي، الذي يدخل مراحله الحاسمة خلال الأسبوع المقبل، خاصة في الجانب المتعلق بالزيادة في الأجور وإصلاح أنظمة التقاعد.

مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال إنه "من السابق لأوانه الحديث عن الحصيلة الحكومية بشأن العرض الاجتماعي للنقابات"، قبل أن يؤكد أن "الحكومة اتخذت عددا من الإجراءات ذات الطابع الاجتماعي، وكلها تصب في اتجاه التفاعل الإيجابي التي تبديه حيال مطالب الشغيلة".

وعدّد الخلفي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، هذه الإجراءات الحكومية بالقول: "حصيلتنا تؤكدها مجموعة من الإنجازات، بالنظر إلى عدد من المؤشرات والمعطيات"، حيث إن "الحكومة تشتغل بنية ثابتة للوصول إلى صيغة توافقية لإنصاف الشغيلة المغربية، إذ عبَّرت عن استعدادها طوال جلسات الحوار الاجتماعي لرفع الحد الأدنى من الأجور".
 
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة إن "هناك مؤشرات إيجابية، وفي الوقت نفسه هناك تحديات مطروحة وفوارق اجتماعية صارخة بين مناطق المملكة ستعمل الحكومة على معالجتها".

وأضاف المسؤول الحكومي أن "هناك قضايا مطروحة في الحوار الاجتماعي مثل التغطية الصحية للوالدين والتعويضات العائلية، وبعدد من الإجراءات التي سيتم الاشتغال على الوفاء بمقتضياتها في إطار ما يهم الحوار الاجتماعي"، مبرزا أن "الحكومة عملت على تفادي 1150 إضرابا خلال سنة 2016 وخلال سنة 2017 كنا أمام 1300 إضراب تم تفاديها".

كما أشار الوزير، في التصريح ذاته، إلى أن "قانون إصلاح التقاعد، الذي تعارضه النقابات، مرّ معه قانون ثان للزيادة التدريجية في الحد الأدنى من التقاعد، حيث إنه خلال هذه السنة وقعت زيادة وصلت إلى 1500 درهم وهذه الزيادة، استفاد منها 74 ألف متقاعد"، حسب الوزير الذي لفت إلى أن "عدد المستفيدين من نظام التعويض عن فقدان الشغل بلغ أزيد من 22 ألفا، استفادوا مما مجموعه 220,2 مليون درهم، بعد سنتين من إطلاقه".

حصيلة الحكومة في المجال الاجتماعي يرفضها علال بلعربي، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وقال إن "تجربة حكومة العثماني ليست إلا امتداد لتجربة حكومة "بنكيران"، إذ إن الخيط الناظم بين التجربتين هو انعدام أجواء الحوار الاجتماعي "المفقود"، قبل أن يشير إلى أن "حصيلة الحكومة الحالية تبقى سلبية، إذ إنها تتهرب من تنزيل مقتضيات اتفاق 26 أبريل ولا تريد الرفع من أجور الموظفين".

"الأمر لا يقف عند حدود انعدام الحوار بل هناك هجوم "خطير" على مكتسبات الأجراء" يقول بلعربي، الذي زاد: "الحكومة تواصل مخططها في ضرب صندوق التقاعد الذي ما زلنا نطالب بمراجعته لإنصاف الموظفين. كما أنه لمسنا، طوال هذه السنة، هجوما غير مسبوقا على الحريات النقابية، حيث إنه هناك توجها لتفكيك التنظيمات النقابية وهذا قد يؤدي إلى حالة من الانسداد لأن أسوأ لحظة يمكن أن تعيشها الدولة هي سيادة منطق الفراغ".

وفي الاتجاه نفسه، سار نور الدين سليك، نائب الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الذي عاد في حديثه إلى سياق تشكيل حكومة "العثماني" التي جاءت بعد مخاض "عسير"؛ وهو ما أسهم سلباً في أجواء الحوار الاجتماعي، الذي يُظهر أن الحكومة عاجزة في إيجاد صيغة توافقية لإنجاحه، وقال: "اقتراحات الحكومة فيما يخص تحسين الدخل لا تعبر عن تطلعات الطبقة العاملة، التي تريد تحقيق ملفها الاجتماعي دون التنازل عن أي نقطة فيه".

وأوضح سليك أن "النقابات دخلت الحوار الاجتماعي بنية صادقة في سبيل تحقيق ملفها المطلبي؛ غير أن الحكومة لا تريد إيجاد الحلول، لأنها يبدو كأنها خاضعة لإملاءات "الباطرونا"، خاصة في نقطة الزيادات في الأجور، التي تبقى هزيلة وشعوبية".

وأكمل نائب الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل: "الحكومة الحالية لم تعر أي اهتمام للموارد البشرية من خلال تحفيز الأجراء والاستثمار في الرأسمال البشري، نحن أمام وضع مقلق".

عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-