ملفات حارقة تعوق اصلاح التعليم.. و النقابات مسؤولة

عبد الوهاب السحيمي
 
بعد اللقاء الأولي التواصلي التأطيري الذي عقده وزير التعليم الجديد مع قادات النقابات التعليمية و الذي تم فيه تأكيد الطرفين على العمل سويا من أجل النهوض بالوضعية المزرية التي يعيشها قطاع التربية و التعليم ببلادنا، تعقد هذه الأيام اللجان الموضوعاتية و التقنية المكونة من ممثلي وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني و التعليم العالي و البحث العلمي، مجموعة لقاءات و اجتماعات للانكباب على تنزيل خلاصات اللقاء الأول، و طرح الملفات المطلبية النقابية و البحث عن سبل تنزيل رافعات الرؤية الاسترايجية وفق مقتضيات القانون الإطار للتربية و التعليم.
 
و رغم أن الشغيلة التعليمية فقدت الكثير من الثقة في مثل هذه اللقاءات و لم تعد توليها أي اهتمام لأنها تعتبر أنها لن تأتي بحلول تفرج غمها و ترفع الحيف الذي طالها لسنوات طويلة، و خاصة الظلم الذي طال العديد من الفئات التربوية بعد اصدار النظام الأساسي المعيب لسنة 2003. إلا أن وزارة التربية الوطنية و الوزير الجديد و قادة النقابات التعليمية المجتمعون، مطالبون اليوم، و أكثر من أي وقت مضى بتصحيح أخطاء السابقة الحكومات و الوزارات السابقة و رد الاعتبار للعمل النقابي، و كذلك رد الثقة في مؤسسات الدولة. و يبقى المدخل الوحيد لتحقيق ذلك، هو انصاف جميع الفئات المتضررة بقطاع التربية الوطنية.

فلا يمكن الحديث عن أي اصلاح للمدرسة العمومية و تنزيل مقتضيات الرؤية الاستراتيجية للتربية و التكوين 2030/2015 دون تسوية الملفات العالقة لمن سينزل هذه الرؤية و هذا الاصلاح على أرض الواقع. فملفات موظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات و ضحايا النظامين و أساتذة الزنزانة 9 و الأساتذة المتدربين المرسبين و الأطر الإدارية… كلها ملفات حارقة و لها راهنية كبيرة و تستدعي من الوزير جديد و قادة النقابات التعليمية إيلاءها الأهمية التي تستحقها و إيجاد حلول عاجلة و شاملة لها.

فالكل يعلم بالاحتجاجات التي يقودها حاملو الشهادات منذ سنة و نصف، و التصعيد الذي دخلت فيه التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية حاملي الشهادات خلال الشهور القليلة الماضية، و المسيرة الوطنية التي شارك فيها جل المتضررين من حق الترقية و تغيير الإطار يوم 11 فبراير 2018 بالرباط، حيث سجل حضور أزيد من 2000 متظاهر و متظاهرة في المسيرة، و كذلك الإضراب الوطني المرفوق بوقفات أمام جميع أكاديميات المملكة يوم 1 مارس 2018 بعدد يفوق المشاركين في مسيرة الرباط، و الأيام القادمة تنبئ بمفاجآت و أشكال نضالية تعتزم احداثتها التنسيقية المذكورة خاصة إذا ما استمرت الوزارة الوصية على القطاع في تعنتها و عدم الاستجابة لمطالب هذه الفئة.

كما يتابع عموم المهتمين النضالات القوية التي يخوضها نساء و رجال التعليم ضحايا النظامين 2003/1985 منذ وقت طويل، و لا آذان حكومية تسمع نضالاتهم و تصغي لمطالبهم و تفتح معهم حوارا حقيقيا يفضي إلى تسوية ملفاتهم العادلة، و كل ما يقوم به المسؤولون تجاههم هو مجابهتهم بالصمت و تجاهل نضالاتهم. كما أن ملف الأساتذة المتدربين المرسبين يبقى وصمة عار على جبين الدولة و ليس على وزارة التربية الوطنية فقط، فالمعنيين لهم محضر اتفاق موقع مع الدولة في شخص والي جهة الرباط سلا القنيطرة، و شهد عموم المغاربة على توقيعه، و استمرار الدولة في عدم تصحيح هذا الخطأ و تمكين 158 استاذة و أستاذ مرسب من حقهم في الولوج للوظيفة على غرار زملائهم سيزيد من تعميق أزمة الثقة في مؤسسات الدولة.

و ملفات الزنزانة 9 و الأطر الإدارية لها راهنية كبيرة و تستدعي حلا عاجلا من لدن المسؤول الجديد على وزارة التربية الوطنية، كما أن للنقابات دور كبير في التعجيل بتسوية هذه الملفات. فهذه الأخيرة، مطالبة أولا، بنبذ كل الخلافات الهامشية الضيقة بينهم، فأي صورة تعطيه النقابات للوزارة و للشغيلة التعليمية و للرأي العام عندما تشترط ملاقاة الوزير بشكل منفرد؟ فهل بهذه الطريقة يمكن أن تكون النقابات في موقع قوة و هي تناقش الملفات المطلبية نساء و رجال التعليم؟
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-