الريسوني يصف وزير التعليم حصاد بـ''وزير العنف''

وصف الريسوني في مقال له تحت عنوان "ما لكم كيف تحكمون؟!" وزير التعليم محمد حصاد، القادم من الداخلية إلى وزارة التربية الوطنية، بوزير العنف، وهاجمه على إقدامه على تغيير مقررات التربية الإسلامية، وقال: “أما وزير الداخلية المكلف بوزارة التعليم، فلم يكد يفهم حرفا واحدا من ملف التربية والتعليم، حتى أعلن – في أول قرار شجاع له – عزمه على تغيير مقررات التربية الإسلامية، ووصَفَها بالعنف ضد الفلسفة، مع أن هذه المادة بالذات لم يجفَّ بعدُ مداد كتابتها. وقد خضعت للتفتيش الدقيق والمراجعة الشاملة بأوامر وتوجيهات ملكية. لكن الوزير المتخصص في مادة العنف لم يراع لا واجب التحفظ، ولا واجب التريث، ولا واجب الحياد، ولا الجهل وعدم الاختصاص”.


وفي ما يلي نص المقال كاملا للدكتورأحمد الريسوني:

قال الله تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ}. هذه الآيات من سورة القلم لم أسُقْها لتفسيرها ولا للاستشهاد بها، وإنما سقتها فقط للاستظلال بظلالها، في هذه الأجواء المغربية الحارة، التي بدأ لهيبها يلفح الوجوه، سياسيا وطبيعيا…

فغضبُ أهل الريف يتواصل وبتصاعد، ولم تنفع معهم لا العصا ولا الجزرة، فبدأت المناداة بالتخوين والدفع نحو الحسم العسكري… نسأل الله السلامة والعافية.

وأنا أنصح وزير الداخلية نصيحةً عاجلة، لكنها غير مخلصة، وهي أن ينقل مهرجان موازين على جناح السرعة، من الرباط إلى مدينة الحسيمة ونواحيها، فلعل وعسى…

وعلى كل حال فغضب أهل الريف في الحقيقة مجرد نموذج لما يعتمل في مختلف المدن والقرى المغربية الأخرى. فالأسباب واحدة، والمشاعر واحدة، والمطالب واحدة، وإنْ تفاوتت التعبيرات واختلفت المواقيت.

ومؤخرا مرت بنا الذكرى 14 للعمل الإجرامي الإرهابي ليوم 16ماي، فأعادت إلى أذهاننا تلك الحملات العشوائية التي حصدت الأخضر واليابس، وزجت بالآلاف في السجون، وأكثرهم من الأبرياء الغافلين. وما زال كثير منهم ومن أُسَرهم يتجرعون مرارة الظلم والتعسف.

وفي تلك الأيام الحالكة من صيف 2003 كان قد كثر الحديث عمن يقفون وراء جريمة 16 ماي، وها هي الدولة بكل إمكاناتها وأجهزتها – إلى اليوم – لم تكشف ولم توضح لنا ولا للتاريخ من كان وراء تلك “الجريمة المنظمة”، ومن كان وراء أولئك الشباب المغرر بهم؟!

وأما “قوانين جورج بوش” التي اعتمدت بالمغرب آنذاك، على عجل وتحت الضغط، فما زالت سارية المفعول بأسوأ تأويلاتها وأقسى تطبيقاتها، وبسياطها يُعتقل اليوم ويحاكم ويجلد شباب مغاربة مسالمون، علَّقوا بجملة أو جملتين على واقعة بعيدة عنا، بيننا وبينها آلاف الكيلومترات، ولم يكن لذلك التعليق من قصد سوى إدانة الإرهاب الأكبر الذي يتعرض له الشعب السوري الشقيق جهارا نهارا.

وفي خطوة تعسفية استفزازية أخرى، قامت وزارة التعليم ومَن وراءَها بتنحية عدد كبير من الأطر التربوية وغير التربوية من مناصبهم التي تولوها بكل جدارة واستحقاق، لا لشيء إلا لكونهم ربما ينتمون، أو كانوا ينتمون، إلى جماعة العدل والإحسان.

وعلى هذا المنوال وهذا النهج حاولت وزارة الداخلية أن تجر المجتمع المغربي إلى معركة غريبة مفتعلة خاوية، اسمها “منع النقاب”…!

وتتواصل سياسة الإهانة واستفزاز المواطنين من لدن وزارة الأوقاف، وذلك بالعزل المتواصل للخطباء بدون شرع ولا قانون، ولا تفسير ولا تبرير، {فمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟

وأما وزير الداخلية المكلف بوزارة التعليم، فلم يكد يفهم حرفا واحدا من ملف التربية والتعليم، حتى أعلن – في أول قرار شجاع له – عزمه على تغيير مقررات التربية الإسلامية، ووصَفَها بالعنف ضد الفلسفة، مع أن هذه المادة بالذات لم يجفَّ بعدُ مداد كتابتها. وقد خضعت للتفتيش الدقيق والمراجعة الشاملة بأوامر وتوجيهات ملكية. لكن الوزير المتخصص في مادة العنف لم يراع لا واجب التحفظ، ولا واجب التريث، ولا واجب الحياد، ولا الجهل وعدم الاختصاص.

فهل أراد وزير العنف أن يثبت جدارته بالتسلط على التربية والتعليم، ويُظهر أنه قادر على أن “يربي” التربية الإسلامية وأهلها؟

مؤخرا حاولت وزارة الداخلية الاستعانة بالأحزاب “الحاكمة” في دعم معالجتها لما تشهده منطقة الريف من احتقان وتوتر، فلم تجد شيئا يعول عليه. والسبب معروف؛ وهو سياسة الدولة في إضعاف الأحزاب الحقيقية وترويضها، مقابل خلق أحزاب سلطوية والنفخ فيها. وبهذا لا تبقى أحزاب ذاتُ مصداقية، ولا منتخبون ذوو مصداقية.

وهذه السياسة هي نفسها السياسة المتبعة مع العلماء والخطباء، حيث يتم القضاء على مكانتهم ومصداقيتهم، فإذا دعوا يوما إلى محاربة التطرف والإرهاب والانحراف، أو معالجة مشكل ما في المجتمع، لم يكن لهم قبول ولا تأثير.

لا شك أن الشعب بكل أبنائه يتطلع إلى سياسات إصلاحية تصالحية حقيقية، ليس فيها إقصاء ولا استثناء، وليس فيها التواء ولا التفاف، ولا كر وفر. وأما الأساليب السلطوية التحكمية المعهودة، فقد تآكلت صلاحيتها وتلاشى مفعولها، ولا يصح إلا الصحيح.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-