جمال بوليفة
اطار اداري
يعتبر السلوك المدني منظومة قيمية-أخلاقية متكاملة تزاوج بين التشبع بقيم المواطنة والتمتع بالحقوق الأساسية و الالتزام بالواجبات ، وبين التصدي الحازم لكل السلوكات اللامدنية فالسلوك والمدنية ، يحيلان في نفس الوقت إلى الأخلاق و إلايستيطيقيا، والى التمدن كحالة مجتمعية ترادف التقدم و التحضر ، لذلك يستدعي في الآن ذاته مفاهيم أخرى محورية مثل :الديمقراطية ،والمواطنة و الروح الوطنية ،و احترام حقوق الإنسان بمفهومها الكوني ، والتربية المدنية ، أو التربية على قيم المواطنة أو التربية عل حقوق الإنسان.
نود مقاربة إشكالية القيم داخل المنظومة التربوية ودورها في ترسيخ السلوك المدني، بتهيئ المتعلم لكي يكون عنصرا فاعلا و ايجابيا، قادرا على المساهمة في تحقيق نهضة وطنية، اقتصادية،علمية، تقنية، تستجيب لحاجيات المجتمع و تطلعاته في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
و اعتبارا للدور الذي تقوم به منظومة التربية و التكوين في مجال التربية على المواطنة و حقوق الإنسان، كرافد أساسي و قوي لترسيخ و نشر قيم الكرامة و المساواة لدى الناشئة، و تعزيز ممارستها للمواطنة الكاملة و السلوك المدني، و تحصينها ضد كل ما ينافي ثقافة حقوق الإنسان، و انطلاقا مما أنجزته الوزارة، و ما راكمته في هذا المجال، و ما تم التأكيد عليه في الميثاق الوطني للتربية و التكوين، باعتباره منطلقا لتفعيل ثقافة الارتقاء بالممارسات الحياتية في المدرسة و الجامعة، و جعلها مثالا حيا للسلوك المواطن و تهيئ المتعلم ليكون عنصرا فاعلا و ايجابيا، قادرا على المساهمة في نهضة البلاد، و نظرا لما تحتله التربية و التكوين من مكانة كوسيلة لاستيعاب منظومة حقوق الإنسان، لبناء المشروع الديمقراطي الحداثي و تكريس ثقافة حقوق الإنسان لدى الناشئة،و تربيتهم على قيم المواطنة ، حيث لا يمكن الحديث اليوم عن المقاربة التحليلية و الموضوعية لواقع الإصلاح التربوي، المتجلية في التدابير ذات الأولوية للتعلمات الأساسية بالنسبة للمستويات الأربع من التعليم الابتدائي، و الرؤية الإستراتيجية ( 2030-2015 ) التي تبناها المجلس الأعلى للتربية و التكوين، دونما التأكيد على عمق الروابط التي بين المدرسة و الأسرة كمؤسستين اجتماعيتين تقليديتين تضطلعان بمهام التنشئة الاجتماعية، و يرومان من خلال أدوارهما الحيوية المتقاسمة بناء الإنسان و بالتالي ترصيص بنى المجتمع، وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، و التصميم الاستباقي لملامح المستقبل، مع ضمان توارث و تناقل الخصوصيات الحضارية و الإنسانية. تنافس المدرسة و الأسرة في ذلك باقي المؤسسات الاجتماعية المدنية، و النوادي، و المنابر الفكرية و الفنية و الرياضية،و التي أضحت تحتل مكانة مهمة كمؤسسات أقطاب للإنتاج و الإشعاع و التأطير الاجتماعي في الوقت الحالي، بفعل توسيع مبدأ الحداثة و التجديد و الانفتاح و التطور التفاعل الفكري و الثقافي و الوطني و الكوني و اكتساب العولمة.
و على هذا الأساس سنتطرق بنوع من التبسيط، لعدد من القضايا و المفاهيم المتعلقة بإشكالية كبرى تتمثل في التربية على القيم وسبل ترسيخ السلوك المدني في المجتمع بصفة عامة .
أولا :مسؤولية الأسرة و المدرسة و المجتمع .في ترسيخ السلوك المدني
تتداخل الوظيفة التربوية للأسرة و المدرسة في تحقيق مقاصد و القواسم المشتركة ، و في طليعتهما تحصين المكتسبات الاجتماعية المتراكمة ، عن طريق بناء فكر و ثقافة تربوية مدنية مسؤولة يتم ترجمتها في الواقع الحياتي سلوكيا في شكل روابط و علاقات و مبادرات و قرارات و ممارسات ناضجة و معقلنة ، اتجاه الأفراد و الجماعات و المؤسسات . وهي مهام جسيمة تشكل مجتمعة المرآة العاكسة لمنظومة الأخلاق و القيم الشائعة في المجتمع و الدالة على صلابته و مناعته و توازناته.
+ الحياة الاسرية ، وعلاقتها بتنمية السلوك المدني
تتميز الأسرة بكونها الخلية الأولى المسؤولة على بناء المجتمع و تحصين تقاليده و أعرافه عن طريق توظيفها للسلطة التربوية الأبوية الطبيعية و البديهية و التي تكون موازية لأدوار الاحتضان العاطفي للأبناء و ضمان نموهم السليم و المتوازن معنويا و ماديا، خصوصا دور الأم و إشعاعها العميق في نحث الصور التربوية الانطباعية العميقة الأولى عند النشء.
العوامل الداخلية: تتحكم عوامل داخلية شتى كدرجة التماسك و الوعي و النضج الثقافي ـ الأسري ـ السائد فيها و مدى تشبعها بسلوكات التعايش و التفتح و الاحترام المتبادل بين أطرافها..
العومل الخارجية: مرتبطة بالبعد المادي و النظام الحياتي العام للأسر داخل محيطها المحلي المباشر و ما تفرزه من مؤشرات سوسيوثقافية قوية.
و يشكل هذان العاملان ـ الداخلي و الخارجي ـ في تحديد مستوى النضج في العلاقات الأسرية تربويا، و طبيعة طرقها و نوعية أساليبها التربوية و درجة ضبط الآباء لمهام تأطير التنشئة الاجتماعية لأبنائهم قصد تحقيق التوازنات الاجتماعية المتوخاة.
+ المدرسة و دورها في تشكيل نظام القيم.
كان اختراع المدرسة عملا ذكيا بامتياز، فالمجتمع الإنساني حين قرر أن يبتكر مؤسساته التي يضمن بها استمراره و تطوره لم يجد خيرا من المدرسة فأحدثها و قرر أنظمتها و حدد وظيفتها و أوكل إليها النشء لتتعهده بالتربية و التعليم.
لكن المجتمع الذي يراهن على المدرسة فقد على نقل المعرفة بشكل فاتر عبر الأجيال، لا يلبي حاجاته إلى التطور و التقدم. فمن أبرز عيوبه ( العمل المدرسي) أنه لا يولي كبير عناية ( العمل المدرسي) أنه لا يولي كبير عناية لعناصر الشخصية.
و المدرسة تميزها أدواتها ووسائلها و هي المعرف والقيم و أهدافها المواطن من حيث هو إنسان عارف و عامل لقيم و مبادئ لذلك ابد من رسم غايات العمل التربوي الهادف و سمات الشخصية الفردية التي ينبغي أن تكون نتاج هذه التربية.
إن دور المدرسة في بناء قيم المصالحة لتشييد صرح البناء الاجتماعي السليم و المتطور، و قدرة المدرسة على إشاعة القيم النبيلة في الجسد الاجتماعي يعتمدان حتما على بناء و تشكيل نظام القيم في الناشئة و صيانة القيم الاجتماعية الإنسانية الخاصة لمجتمعنا العربي، فلا ينبغي الركون إلى قدرة آلية تعاقب الأجيال على نقل هذه القيم، فهذه القدرة ضعيفة و غير محصنة لأنها تخضع لتأثير العوامل الاقتصادية و الإكراهات التاريخية التي لا تقوى الأجيال على التغلب عليها، مما يؤثر حتما في نوعية القيم المنقولة.
و المدرسة قادرة بما أوتيت من وسائل على أن تؤدي وظيفتها على أكمل وجه لهذا يؤكد المربون منذ عقود أن تحقيق الديمقراطية و إرساء القيم الأساسية للمشروع المجتمعي الديمقراطي مرهونان بتحقيق الديمقراطية في المؤسسة التعليمية التربوية. و يبيئون في الوقت نفسه أن التربية على قيم المواطنة لا يمكن أن يتحقق من خلال دروس الشأن العام وحدها، بل يحتاج تحققها إل عمل مكثف و مجهود و متواصل لإرساء القيم التي تكتسي أهمية خاصة توازي بل تفوق أهمية المعرفة المعرفة المدرسية، لان جميع المعارفالمدرسية يجب أن تخضع للقيم و تتضمنها، كما يجب تضمين القيم في كل الأنشطة التربوية المدرسية اليومية الأخرى و كل النظام التربوية المدرسي برمته حتى يتحقق الأمر المنشود.
وعلم النفس التربوي يضع أهدافه تشكيل نظام القيم يسهل انتقال مفاهيم القيم في المجتمع و الأهل إلى الأطفال مع الحرص على حماية قدرة الكفل على الإبداع و تطوير المفاهيم.
إن المدرسة مدعوة للعناية بالطفل، و يشكل نظام القيم حلقة من حلقات هذه الرعاية، فنظام القيم حلقة من حلقات هذه الرعاية، فنظام القيم المرتبط بالمعايير الاجتماعية يشكل الإطار المرجعي للسلوك و التنشئة. و بقدر رعايتنا و اهتمامنا بالطفولة يرتفع مستوى تشكيل و بناء جهاز القيم، مما ينعكس إيجابيا على الهدف الأسمى، هدف النهوض بالمجتمع.
ثانيا : بعض الانشطة المرتبطة بالتربية على قيم المواطنة و حقوق الانسان
تدل التربية على حقوق الإنسان و المواطنة على الأنشطة و التدخلات المتمحورة حول التعلم، وا لمرتبطة بالمدرسة كفضاء للتمتع بحقوقه الأساسية كإنسان و متعلم صاحب حق مع الحرص على جعل الطفل اليافع فردا مساهما في استيعاب مفاهيم المواطنة الكاملة و ترسيخها و ممارستها و تجلياتها في سلوكات حقوقية و مدنية، و ترنو التربية على الثقافة حقوق الإنسان إلى منح الفرد منظومة معارف تخص ثقافة حقوق الإنسان و المواطنة، الكرامة، الحريات، الواجبات، الديمقراطية، المساءلة، ويتم ذلك من خلال تطوير و تقوية كفايات و قدرات المواطنة المؤهلة للقيام بالواجب و المطالبة بالحق، و التفاعل الإيجابي مع قضايا الوطن و الإنسان و التحلي بروح المسؤولية تجاه الذات و تجاه الآخرين.
إن الأنشطة التي يمكن للمدرسة أن تقررها و تضمنها القيم السالفة ذكرها و تحقق الغايات التي تم إحصاؤها و التنويه متعددة و متنوعة، و لن تعدم المدرسة فرصة تقريرها و تنظيمها، و من هذه الأنشطة نذكر ما يلي:
• تشجيع التلاميذ على الانخراط في الجمعيات التربوية التي تعمل و تنشط في كنف المؤسسة المدرسية/أمثال: جمعيات التعاون المدرسي، و الأندية الرياضية و الثقافية المدرسية، و إشراكهم في تسيير و تدبير شأنها.
• إشراك التلاميذ في الاجتماعات المدرسية التعليمية و التربوية و التأديبية، و إسناد أدوار و مهام ضمن الاجتماعات لتحسيسه بأهمية رأيه و تحميله حصته من مسؤولية في تسيير شأن مؤسسته.
• تنظيم النشاطات الكبرى من حفلات و مهرجانات و معارض و استعراضات و جعل التلاميذ محور كل هذه النشاطات التي تقام في المدرسة.
• تنظيم المحاضرات و الندوات و حلقات التدريس الجزئي باستغلال مناسبات الأعياد و الأيام الوطنية و الدولية.
• إحداث قنوات اتصال ووسائل إعلام و تثقيف رخيصة و ميسورة مثل المطبوعات و النشرات الإعلامية الموجزة و الملصقات و المطويات التي ينبغي إعدادها بعناية و إتقان و بإشراك لتلاميذ.
فالجمعيات التربوية و الأندية تتيح الفرص الذهبية للتلاميذ لتبادل الزيارات و التعارف و الاشتراك في الحفلات و حلقات النقاش و التفاعل و الاحتكاك بالآخر، و تدفعه إلى عمليات جديدة من الاكتساب مما يساعده على بلورة شخصيته و على اتخاذ المواقف التي تصقل هذه الشخصية و توضح توجهاتها، حتى تتعزز قدرتها على التأثير و التفاعل بتعزز الانتماء للمجتمع، و تتعزز القناعة بأن الانعزال و الهامشية و التعصب خطر على المجتمع، حتى تترسخ قيم التضامن التي يرتهن بها تأهيل الموارد البشرية.
اطار اداري
يعتبر السلوك المدني منظومة قيمية-أخلاقية متكاملة تزاوج بين التشبع بقيم المواطنة والتمتع بالحقوق الأساسية و الالتزام بالواجبات ، وبين التصدي الحازم لكل السلوكات اللامدنية فالسلوك والمدنية ، يحيلان في نفس الوقت إلى الأخلاق و إلايستيطيقيا، والى التمدن كحالة مجتمعية ترادف التقدم و التحضر ، لذلك يستدعي في الآن ذاته مفاهيم أخرى محورية مثل :الديمقراطية ،والمواطنة و الروح الوطنية ،و احترام حقوق الإنسان بمفهومها الكوني ، والتربية المدنية ، أو التربية على قيم المواطنة أو التربية عل حقوق الإنسان.
نود مقاربة إشكالية القيم داخل المنظومة التربوية ودورها في ترسيخ السلوك المدني، بتهيئ المتعلم لكي يكون عنصرا فاعلا و ايجابيا، قادرا على المساهمة في تحقيق نهضة وطنية، اقتصادية،علمية، تقنية، تستجيب لحاجيات المجتمع و تطلعاته في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
و اعتبارا للدور الذي تقوم به منظومة التربية و التكوين في مجال التربية على المواطنة و حقوق الإنسان، كرافد أساسي و قوي لترسيخ و نشر قيم الكرامة و المساواة لدى الناشئة، و تعزيز ممارستها للمواطنة الكاملة و السلوك المدني، و تحصينها ضد كل ما ينافي ثقافة حقوق الإنسان، و انطلاقا مما أنجزته الوزارة، و ما راكمته في هذا المجال، و ما تم التأكيد عليه في الميثاق الوطني للتربية و التكوين، باعتباره منطلقا لتفعيل ثقافة الارتقاء بالممارسات الحياتية في المدرسة و الجامعة، و جعلها مثالا حيا للسلوك المواطن و تهيئ المتعلم ليكون عنصرا فاعلا و ايجابيا، قادرا على المساهمة في نهضة البلاد، و نظرا لما تحتله التربية و التكوين من مكانة كوسيلة لاستيعاب منظومة حقوق الإنسان، لبناء المشروع الديمقراطي الحداثي و تكريس ثقافة حقوق الإنسان لدى الناشئة،و تربيتهم على قيم المواطنة ، حيث لا يمكن الحديث اليوم عن المقاربة التحليلية و الموضوعية لواقع الإصلاح التربوي، المتجلية في التدابير ذات الأولوية للتعلمات الأساسية بالنسبة للمستويات الأربع من التعليم الابتدائي، و الرؤية الإستراتيجية ( 2030-2015 ) التي تبناها المجلس الأعلى للتربية و التكوين، دونما التأكيد على عمق الروابط التي بين المدرسة و الأسرة كمؤسستين اجتماعيتين تقليديتين تضطلعان بمهام التنشئة الاجتماعية، و يرومان من خلال أدوارهما الحيوية المتقاسمة بناء الإنسان و بالتالي ترصيص بنى المجتمع، وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، و التصميم الاستباقي لملامح المستقبل، مع ضمان توارث و تناقل الخصوصيات الحضارية و الإنسانية. تنافس المدرسة و الأسرة في ذلك باقي المؤسسات الاجتماعية المدنية، و النوادي، و المنابر الفكرية و الفنية و الرياضية،و التي أضحت تحتل مكانة مهمة كمؤسسات أقطاب للإنتاج و الإشعاع و التأطير الاجتماعي في الوقت الحالي، بفعل توسيع مبدأ الحداثة و التجديد و الانفتاح و التطور التفاعل الفكري و الثقافي و الوطني و الكوني و اكتساب العولمة.
و على هذا الأساس سنتطرق بنوع من التبسيط، لعدد من القضايا و المفاهيم المتعلقة بإشكالية كبرى تتمثل في التربية على القيم وسبل ترسيخ السلوك المدني في المجتمع بصفة عامة .
أولا :مسؤولية الأسرة و المدرسة و المجتمع .في ترسيخ السلوك المدني
تتداخل الوظيفة التربوية للأسرة و المدرسة في تحقيق مقاصد و القواسم المشتركة ، و في طليعتهما تحصين المكتسبات الاجتماعية المتراكمة ، عن طريق بناء فكر و ثقافة تربوية مدنية مسؤولة يتم ترجمتها في الواقع الحياتي سلوكيا في شكل روابط و علاقات و مبادرات و قرارات و ممارسات ناضجة و معقلنة ، اتجاه الأفراد و الجماعات و المؤسسات . وهي مهام جسيمة تشكل مجتمعة المرآة العاكسة لمنظومة الأخلاق و القيم الشائعة في المجتمع و الدالة على صلابته و مناعته و توازناته.
+ الحياة الاسرية ، وعلاقتها بتنمية السلوك المدني
تتميز الأسرة بكونها الخلية الأولى المسؤولة على بناء المجتمع و تحصين تقاليده و أعرافه عن طريق توظيفها للسلطة التربوية الأبوية الطبيعية و البديهية و التي تكون موازية لأدوار الاحتضان العاطفي للأبناء و ضمان نموهم السليم و المتوازن معنويا و ماديا، خصوصا دور الأم و إشعاعها العميق في نحث الصور التربوية الانطباعية العميقة الأولى عند النشء.
العوامل الداخلية: تتحكم عوامل داخلية شتى كدرجة التماسك و الوعي و النضج الثقافي ـ الأسري ـ السائد فيها و مدى تشبعها بسلوكات التعايش و التفتح و الاحترام المتبادل بين أطرافها..
العومل الخارجية: مرتبطة بالبعد المادي و النظام الحياتي العام للأسر داخل محيطها المحلي المباشر و ما تفرزه من مؤشرات سوسيوثقافية قوية.
و يشكل هذان العاملان ـ الداخلي و الخارجي ـ في تحديد مستوى النضج في العلاقات الأسرية تربويا، و طبيعة طرقها و نوعية أساليبها التربوية و درجة ضبط الآباء لمهام تأطير التنشئة الاجتماعية لأبنائهم قصد تحقيق التوازنات الاجتماعية المتوخاة.
+ المدرسة و دورها في تشكيل نظام القيم.
كان اختراع المدرسة عملا ذكيا بامتياز، فالمجتمع الإنساني حين قرر أن يبتكر مؤسساته التي يضمن بها استمراره و تطوره لم يجد خيرا من المدرسة فأحدثها و قرر أنظمتها و حدد وظيفتها و أوكل إليها النشء لتتعهده بالتربية و التعليم.
لكن المجتمع الذي يراهن على المدرسة فقد على نقل المعرفة بشكل فاتر عبر الأجيال، لا يلبي حاجاته إلى التطور و التقدم. فمن أبرز عيوبه ( العمل المدرسي) أنه لا يولي كبير عناية ( العمل المدرسي) أنه لا يولي كبير عناية لعناصر الشخصية.
و المدرسة تميزها أدواتها ووسائلها و هي المعرف والقيم و أهدافها المواطن من حيث هو إنسان عارف و عامل لقيم و مبادئ لذلك ابد من رسم غايات العمل التربوي الهادف و سمات الشخصية الفردية التي ينبغي أن تكون نتاج هذه التربية.
إن دور المدرسة في بناء قيم المصالحة لتشييد صرح البناء الاجتماعي السليم و المتطور، و قدرة المدرسة على إشاعة القيم النبيلة في الجسد الاجتماعي يعتمدان حتما على بناء و تشكيل نظام القيم في الناشئة و صيانة القيم الاجتماعية الإنسانية الخاصة لمجتمعنا العربي، فلا ينبغي الركون إلى قدرة آلية تعاقب الأجيال على نقل هذه القيم، فهذه القدرة ضعيفة و غير محصنة لأنها تخضع لتأثير العوامل الاقتصادية و الإكراهات التاريخية التي لا تقوى الأجيال على التغلب عليها، مما يؤثر حتما في نوعية القيم المنقولة.
و المدرسة قادرة بما أوتيت من وسائل على أن تؤدي وظيفتها على أكمل وجه لهذا يؤكد المربون منذ عقود أن تحقيق الديمقراطية و إرساء القيم الأساسية للمشروع المجتمعي الديمقراطي مرهونان بتحقيق الديمقراطية في المؤسسة التعليمية التربوية. و يبيئون في الوقت نفسه أن التربية على قيم المواطنة لا يمكن أن يتحقق من خلال دروس الشأن العام وحدها، بل يحتاج تحققها إل عمل مكثف و مجهود و متواصل لإرساء القيم التي تكتسي أهمية خاصة توازي بل تفوق أهمية المعرفة المعرفة المدرسية، لان جميع المعارفالمدرسية يجب أن تخضع للقيم و تتضمنها، كما يجب تضمين القيم في كل الأنشطة التربوية المدرسية اليومية الأخرى و كل النظام التربوية المدرسي برمته حتى يتحقق الأمر المنشود.
وعلم النفس التربوي يضع أهدافه تشكيل نظام القيم يسهل انتقال مفاهيم القيم في المجتمع و الأهل إلى الأطفال مع الحرص على حماية قدرة الكفل على الإبداع و تطوير المفاهيم.
إن المدرسة مدعوة للعناية بالطفل، و يشكل نظام القيم حلقة من حلقات هذه الرعاية، فنظام القيم حلقة من حلقات هذه الرعاية، فنظام القيم المرتبط بالمعايير الاجتماعية يشكل الإطار المرجعي للسلوك و التنشئة. و بقدر رعايتنا و اهتمامنا بالطفولة يرتفع مستوى تشكيل و بناء جهاز القيم، مما ينعكس إيجابيا على الهدف الأسمى، هدف النهوض بالمجتمع.
ثانيا : بعض الانشطة المرتبطة بالتربية على قيم المواطنة و حقوق الانسان
تدل التربية على حقوق الإنسان و المواطنة على الأنشطة و التدخلات المتمحورة حول التعلم، وا لمرتبطة بالمدرسة كفضاء للتمتع بحقوقه الأساسية كإنسان و متعلم صاحب حق مع الحرص على جعل الطفل اليافع فردا مساهما في استيعاب مفاهيم المواطنة الكاملة و ترسيخها و ممارستها و تجلياتها في سلوكات حقوقية و مدنية، و ترنو التربية على الثقافة حقوق الإنسان إلى منح الفرد منظومة معارف تخص ثقافة حقوق الإنسان و المواطنة، الكرامة، الحريات، الواجبات، الديمقراطية، المساءلة، ويتم ذلك من خلال تطوير و تقوية كفايات و قدرات المواطنة المؤهلة للقيام بالواجب و المطالبة بالحق، و التفاعل الإيجابي مع قضايا الوطن و الإنسان و التحلي بروح المسؤولية تجاه الذات و تجاه الآخرين.
إن الأنشطة التي يمكن للمدرسة أن تقررها و تضمنها القيم السالفة ذكرها و تحقق الغايات التي تم إحصاؤها و التنويه متعددة و متنوعة، و لن تعدم المدرسة فرصة تقريرها و تنظيمها، و من هذه الأنشطة نذكر ما يلي:
• تشجيع التلاميذ على الانخراط في الجمعيات التربوية التي تعمل و تنشط في كنف المؤسسة المدرسية/أمثال: جمعيات التعاون المدرسي، و الأندية الرياضية و الثقافية المدرسية، و إشراكهم في تسيير و تدبير شأنها.
• إشراك التلاميذ في الاجتماعات المدرسية التعليمية و التربوية و التأديبية، و إسناد أدوار و مهام ضمن الاجتماعات لتحسيسه بأهمية رأيه و تحميله حصته من مسؤولية في تسيير شأن مؤسسته.
• تنظيم النشاطات الكبرى من حفلات و مهرجانات و معارض و استعراضات و جعل التلاميذ محور كل هذه النشاطات التي تقام في المدرسة.
• تنظيم المحاضرات و الندوات و حلقات التدريس الجزئي باستغلال مناسبات الأعياد و الأيام الوطنية و الدولية.
• إحداث قنوات اتصال ووسائل إعلام و تثقيف رخيصة و ميسورة مثل المطبوعات و النشرات الإعلامية الموجزة و الملصقات و المطويات التي ينبغي إعدادها بعناية و إتقان و بإشراك لتلاميذ.
فالجمعيات التربوية و الأندية تتيح الفرص الذهبية للتلاميذ لتبادل الزيارات و التعارف و الاشتراك في الحفلات و حلقات النقاش و التفاعل و الاحتكاك بالآخر، و تدفعه إلى عمليات جديدة من الاكتساب مما يساعده على بلورة شخصيته و على اتخاذ المواقف التي تصقل هذه الشخصية و توضح توجهاتها، حتى تتعزز قدرتها على التأثير و التفاعل بتعزز الانتماء للمجتمع، و تتعزز القناعة بأن الانعزال و الهامشية و التعصب خطر على المجتمع، حتى تترسخ قيم التضامن التي يرتهن بها تأهيل الموارد البشرية.