الغش في تصاريح مداخيل الأسر يحرم آلاف الطلبة من المنحة

اعتكفت عتيقة الفرتوتي، الطالبة الجامعية التي تتابع دراستها بالسنة الأولى بكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في البيت منذ يوم الخميس الماضي، بعدما تم إقصاؤها من الاستفادة من منحة التعليم العالي من طرف لجنة عمالة الحي الحسني، واستسلمت للبكاء بعدما أحست أن حلمها بتخفيف ثقل مصاريفها على والدها قد تبخر.

وبالرغم من محاولة مصطفى الفرتوتي، والد الطالبة الجامعية، الذي تقوم زوجته نادية بمساعدته عبر العمل في تنظيف الزرابي لضمان مدخول مادي إضافي لأسرتها الصغيرة، التخفيف من الصدمة على ابنته وطمأنتها بأنه لن يتخلى عنها، إلا أنها تعلم أن أجرته الشهرية البالغة 3300 درهم، والتي لا يتبقى منها سوى 2300 درهم، لا تكفي حتى لسد الحاجيات الأساسية لأسرتها المتكونة من أربعة إخوة، إلى جانب الأب والأم.

مصطفى الفرتوتي، الذي يشتغل في مصلحة الاستقبال بفندق بكورنيش الدار البيضاء منذ 25 سنة، قال لهسبريس إنه توجه الخميس الماضي إلى مصالح السلطة المحلية للاستفسار عن السبب الذي جعل اللجنة لا تعطي حق الاستفادة من منحة التعليم العالي لابنته عتيقة، فأخبره مسؤول من عمالة الحي الحسني بأن العائلات التي يتوفر أولياء أمورها على مداخيل تزيد عن 42 ألف درهم في العمالة قد تم حرمانهم من هذا الحق.

والد الطالبة الجامعية، الذي لا يتجاوز مدخوله السنوي الحقيقي 27600 درهم من أصل 39600 درهم فقط بسبب اقتطاعات سلفة منحه إياها مشغله، بخفي حنين إلى بيته وهو يجر خيبة الأمل، حتى إنه لم يسأل المسؤول بالعمالة عن سبب هذا الإقصاء بالرغم من أن السقف الذي حددته العمالة يفوق كثيرا مستوى أجرته الشهرية الهزيلة.

وازدادت خيبة أمل الأب وابنته بعدما علما أن هناك مجموعة من الطلبة، الذين تتمتع أسرهم بوضعية مالية جد مريحة ويحوزون أملاكا وعقارات في البادية والمدينة على حد سواء، قد استفادوا من المنحة، في الوقت الذي حرمت منها ابنته التي كان تحلم بشراء هاتف ذكي وحاسوب لتوظيفهما في دراستها الجامعية وفي الأبحاث الدورية التي يكلف بها الأساتذة طلبتهم، بعدما ضحى والدها وقام بالاشتراك في الأنترنيت ذي الصبيب العالي وإدخاله لبيتهم البسيط في شارع ملوية بالحي الحسني.

وزير التعليم العالي والبحث العلمي لحسن الداودي اعترف، في تصريح لهسبريس، بأن هناك مجموعة من حالات الغش في التصاريح بالمداخيل الحقيقية لأولياء الأمور طمعا في حصول أبنائهم على منح مالية لا يستحقونها وفق القانون.

وأضاف المسؤول الحكومي عن التعليم العالي: "بالفعل هناك مشكل على مستوى اللجان المحلية للعمالات؛ إذ هناك شكايات كثيرة من طرف أسر فقيرة لم يستفد أبناؤها من منح التعليم العالي، في الوقت الذي استفادت منها أسر أخرى تتوفر على مستوى مالي أفضل".

وقال الداودي: "لقد سجلنا حالات الغش في تصاريح بعض الأسر التي كانت تطمع في توصل أبنائها بالمنح، والذي يحرم آلاف الطلبة الفقراء منها؛ إذ هناك تجار وفلاحون يتوفرون على ممتلكات، وهذا أمر غير مقبول" يقول وزير التعليم العالي المنتهية ولايته.

وأضاف: "لقد تبين لنا أن المنح لا يتوصل بها المستحقون بسبب الغش في التصريح بالمداخيل الحقيقية، لكن المشكل سيتم حله عن طريق برنامج معلوماتي وستتم معالجة البيانات من طرف المؤسسات التعليمية الثانوية، والذي سيتيح لنا التأكد من صحة المعلومات في هذه المؤسسات لأننا سنفتح باب التعرض أمام جميع التلاميذ وأوليائهم الذين يعرف بعضهم البعض، وهذا من شأنه حل الإشكال بشكل كبير، مما سيدفع أصحاب الغش إلى التراجع للوراء"، يورد الداودي.

عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-