بلمختار يستنجد بأتراك لترجمة مقررات للإنجليزية

تواصل أطر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني معالجة تداعيات الخطأ البيداغوجي الجسيم الذي تسبب فيه محمد الوفا، الوزير السابق، قبل مغادرته الوزارة في 2012، حين تسرع بمنح ترخيص استثنائي بفتح مؤسسة تعليمية تركية بالبيضاء لتدريس البرنامج المغربي باللغة الانجليزية، دون دراسة جميع تفاصيل المشروع وتوفير الشروط التربوية والبيداغوجية والبشرية لإنجاحه، وأساسا تقدير انعكاساته على مصير التلاميذ المغاربة الملتحقين به.

وعلمت «الصباح» إن وزارة التربية الوطنية لم تكن تتوفر، وقت منح الترخيص، على مقررات مدرسية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية توافق النموذج المغربي، لذلك استنجدت بمديرياتها المعنية بأطر المؤسسة التركية من أجل ترجمة وتأليف مقررات ومؤلفات من هذا النوع، يجري اعتمادها للتدريس بهذه المدرسة وغيرها من المدارس ذات التوجه نفسه مستقبلا.

واستنادا إلى مصدر مسؤول بوزارة التربية الوطنية، فإن مسؤولي المؤسسة سالفة الذكر وضعوا ما أسماه المصدر ذاته «نماذج من الكتب المدرسية المؤلفة باللغة الانجليزية انطلاقا من المنهاج المغربي في الرياضيات والعلوم الفيزيائية وعلوم الحياة والأرض ومواد أخرى»، وأكد المسؤول ذاته لـ «الصباح» أن «مسؤولي المؤسسة المرخص لها التدريس باللغة الانجليزية اشتغلوا على المقررات المغربية رفقة فريق عملهم، ووضعوها رهن اشارة مديرية المناهج التي راقبتها وقدمت بخصوصها ملاحظات جرى إصلاحها».

وسلك مسؤولو وزارة التربية الوطنية طريقا «سهلا» للهروب من المسؤولية التي جعلت مصير عشرات التلاميذ مجهولا نتيجة منح ترخيص بشكل «عشوائي» و»مبهم»، إذ كشف مسؤول بالأكاديمية لـ»الصباح» عن إيفاد «لجنة من المفتشين التربويين للوقوف على ما يدرس بالمؤسسة»، الغاية منه حسب المسؤول ذاته « تصحيح وضع التمدرس بالمؤسسة»، مؤكدا في السياق ذاته على «إلزامية اجتياز الامتحان الإشهادي وفق البرامج التعليمية المغربية»، ما يجعل حماية حق المتمدرسين أمرا ضروريا، وتبقى مسؤولية الوزارة الوصية على قطاع التربية والتكوين قائمة لتوفير امتحانات إشهادية لتلاميذ المؤسسة باللغة الانجليزية.

وحسب مصادر، فإن مسؤولي المؤسسة تقمصوا دور مفتشي وأطر وزارة التربية الوطنية وقاموا بمجهودات إستثنائية من أجل توحيد المعايير البيداغوجية وتوفير عدة من الكتب باللغة الإنجليزية تلائم النموذج المغربي، وأنجزوا عملهم كما ينبغي، دون أن يحصلوا، في المقابل، على تعامل يوازي هذه المجهودات من قبل الوزارة والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة البيضاء سطات، على الأقل توفير الأطر التربوية والبيداغوجية لمواكبة ترخيص استثنائي وقعه وزير القطاع على خلاف باقي التراخيص الممنوحة لمؤسسات التعليم الخصوصي والموقعة من قبل مديري الأكاديميات الجهوية.

واتهم مسؤولو المؤسسة ومعهم آباء عشرات التلاميذ المسجلين بها الوزارة بالتنصل من مسؤوليتها، وعدم مواكبة تجربة هذه المؤسسة النموذجية بتوفير مفتشين للغة الانجليزية لمستوى الابتدائي والثانوي الاعدادي، سيما بمواد الرياضيات والعلوم واللغة الانجليزية، كما لم يزر مفتشو الوزارة المؤسسة منذ بداية التدريس فيها قبل ثلاث سنوات من أجل مراقبتها، ما اعتبرته مصادر ملمة بالشأن التعليمي «مخالفة كبرى لمحتوى المذكرة الوزارية 141، وتستوجب مساءلة ادارية وقانونية للأقسام التربوية بالمديرية الاقليمية والأكاديمية الجهوية»، وقد تثير احتقانا اجتماعيا يقوده المتضررون من التدبير «العشوائي» للوزارة الوصية على القطاع.

وقال المصادر نفسها إن هذه الأخطاء تلقي بسلبياتها على مصير عشرات التلاميذ لم تستطع المديرية الاقليمية بالحي الحسني والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين توفير ظروف إجراء امتحان إشهادي باللغة الانجليزية لهم، خصوصا الامتحان المحلي المقرر في يناير المقبل.

ويذكر أن المغرب يتوفر على تجربة ناجحة بالجهة الشرقية، إذ حرصت أكاديميتها على وضع جميع الشروط البيداغوجية والتربوية رهن إشارة مؤسسة تدرس أبناء المغاربة بالناظور البرنامج المغربي باللغة الإسبانية وتمتحن التلاميذ باللغة ذاتها.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-