إلغاء مجانية التعليم يضع المدرسة العمومية على "كف عفريت"

مُوازاة معَ الاعتراف الرسمي بفشل المنظومة التربوية، وفي وقْت يَجري فيه البحث عن حلٍّ لإخراج هذه المنظومة من مأزقها، فوجئ الرأي العامّ المغربي بمصادقة الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على مشروع رأي كانَ قدْ تقدّم به عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعيّن، خلال الولاية الحكومية السابقة، يقضي بإلغاء مجانية التعليم في السِّلْكيْن الثانوي والعالي.

مُصادقةُ الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على مشروع الرأي الذي تقدّمَ به بنكيران قُوبلَت برفض واسع من لدن رُواد مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر كثير منهم أنَّ قرارَ إلغاء مجانية التعليم بمثابة "إعدام للمدرسة العمومية"، فيما أبْدى عدد منهم أنّهم لم يصدّقوا إلى حدّ الآن قرار المصادقة على إلغاء مجانيّة التعليم العمومي في السلكيْن الثانوي والإعدادي.

التهامي زورارة، الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، قالَ إنَّ القرارَ الحكومي بإلغاء مجانية التعليم "يُعتبر هجوما على مُكتسبات الشعب المغربي، وهجوما ممنهجا يستهدف المدرسة العمومية بشكل عام وليس التعليم الثانوي والعالي فحسب"، محذّرا من عواقب هذا القرار.

وبالرُغم من أنَّ الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أوضحتْ، في بلاغ في الموضوع، أنَّ إلغاء مجانية التعليم سيتمّ وفْق شروط تستثني الفئات الهشة والفقيرة، فإنَّ هذا "الاستثناء"، حسب التهامي زورارة لا معنى له؛ "لأنّ المدرسة العمومية أصلا لا يدرس فيها سوى أبناء الفقراء والكادحين والطبقات الهشّة"، يقول المتحدث.

وأضاف الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، في تصريح لهسبريس، "أنَّ أبناء الطبقة الفقيرة هُمُ المستهدفون، بشكل مباشر، من قرار حكومة بنكيران. أما أبناء الأغنياء، فهم يدرسون في المدارس الخصوصية"، مُعتبرا أنَّ إلغاء مجانية التعليم "يندرج في إطار حملة ممنهجة لتفكيك المدرسة العمومية، فبالإضافة إلى الخصاص المهول في الأساتذة، ها هي الحكومة تُجهز على ما تبقّى من روح في التعليم العمومي".

وتأتي مصادقة الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يوما واحدا بعد نشر صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا جاء فيه أنَّ مدارس التعليم الخصوصي بالمغرب في نموّ مُطّرد، مقابل تراجُع مدارس التعليم العمومي، خاصة في المدن الكبرى. وجاء في التقرير أنَّ 200 مدرسة عمومية أُغلقت من سنة 2008 إلى الآن، 135 منها في المدن الكبرى، خاصّة الدار البيضاء والرباط.

قرارُ إلغاء مجانيّة التعليم في السلكين الثانوي والعالي يُرجعه التهامي زورارة إلى خضوع الحكومة لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، قائلا: "رئيس الحكومة يريد، من خلال هذه الإجراءات، أنْ يُبرهن لهذه المؤسسات أنه تلميذ نجيب ينفذ إملاءاتها بالحرف، من خلال تقليص كتلة الأجور، وإغلاق باب الوظيفة العمومية"، مضيفا "المشكل هو أنّه عوض أن يبحث عن حلول للمشاكل القائمة يخلق مشاكلَ جديدة".

واعتبر المتحدّث أنَّ تداعيات إلغاء مجانية التعليم لن تتوقّف فقط عند حدود تضرّر العائلات الفقيرة من هذا الإجراء؛ بلْ ستُفرز مشاكلَ اجتماعية عويصة في المستقبل، موضحا: "هذا القرار يهدف إلى تجهيل الشعب، وستعقبه مصائبُ أخرى، كتفشي الأمية والبطالة، وما تؤدي إليه من إجرامٍ وتداعيات أخرى تهدّد استقرار المجتمع".

عن موقع هسبريس
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات