كثيرا ما نصادفهم في طريقنا إلى مقرات عملنا، يسوقون سيارات صفراء مكتظة بأطفال من مختلف الأعمار. يُسرعون ليوصلوا هؤلاء التلاميذ إلى مدارسهم الخاصة في الموعد، أو إلى منازل أهلهم. خلف ابتساماتهم يخفون معاناة يومية مزدوجة ليس فقط مع مشغليهم؛ لكن أيضا مع أغلبية الآباء.
هسبريس حاولت نقل معاناة هذه الفئة من المواطنين، من خلال الاستماع إلى عدد من هؤلاء السائقين، وسرد مشاكلهم على القراء، لعلها تصل إلى آذان المسؤولين والمعنيين.
أجور هزيلة
يُجمع أغلب الذين تحدثوا إلى هسبريس الإلكترونية على أن أجور هذه الفئة "تتراوح بين 1500 و2000 درهم"، وأن أغلبهم "غير مسجل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، كما أن المسجلين منهم بهذا الصندوق لا يتم التصريح بعدد أيام الشهر التي يشتغلونها وإنما "في الغالب 16 يوما في الشهر فقط" هو العدد الإجمالي الذي يُصرّح به المشغلون.
كما أن هذه الفئة لا يقتصر عملها لحساب المدارس الخصوصية على السياقة وإيصال التلاميذ من وإلى مقرات سكناهم؛ بل إن أرباب العمل يفرضون على هذا النوع من السائقين "مزاولة أعمال أخرى من قبيل البستنة والصباغة والنجارة والبناء أحيانا، وقد يتجاوز ذلك إلى أعمال السخرة في منازل مالكي المدارس الخصوصية"، حسب تصريحاتهم.
الأجر الهزيل وارتفاع تكاليف العيش في المدن من العوامل التي دفعت العديد من سائقي سيارات النقل المدرسي الخصوصي، حسب المصادر نفسها، إلى "مزاولة أعمال أخرى ليلا وفي العطل الأسبوعية، كسياقة سيارات الأجرة".
قبلة المتقاعدين
يفسر هؤلاء السائقون تدني الأجور التي يتقاضونها إلى "كثرة السائقين الحاصلين على رخصة صنف D المعتمد لسياقة هذا النوع من السيارات"، و"غياب مراقبة من لدن الدولة تخول لهم الاشتغال بالحد الأدنى للأجور"، كما أن المجال يشتغل به "عدد كبير من المتقاعدين، خاصة المتقاعدين من الجيش، والذين يبلغون سن التقاعد"، أو تركوا أعمالهم بعد الأربعينيات أو الخمسينيات من أعمارهم؛ وهو ما يجعلهم يقبلون بأي راتب شهري، مهما كان متواضعا، ما داموا يتقاضون تعويضات أخرى، وهو "ما يؤثر سلبا على الشبان الذين يحترفون السياقة ويعتبرون هذا المجال هو معيلهم الوحيد".
معاناة مع الآباء
لا تقتصر معاناة هذه الفئة حول الأجور التي يحددها المشغلون؛ بل إن "إن أغلب آباء التلاميذ لا يحترمون التوقيت المتفق عليه معهم"، يقول السائق حميد من أكادير، الذي يوضح: "وإذا تأخر كل تلميذ دقيقتين مثلا، سأتأخر عن إيصال التلاميذ لأزيد عن نصف ساعة عن موعد دخولهم، فتحملني الإدارة كل اللوم، وإذا لم أنتظر الطفل يأتي وليه إلى إدارة المؤسسة التي أشتغل بها ليقدم شكايته بي؛ وهو ما يجعلني بين نارين، نار الآباء ونار المشغل".
المصدر نفسه يزيد بأن "بعض الآباء يعاملوننا باحتقار، ويعتبروننا خدما عندهم ما داموا يدفعون شهريا مستحقات النقل، فيصرون على انتظارهم أمام إقاماتهم، وإلا يقدمون وشايات كاذبة أحيانا لدى المشغلين، فتتم التضحية بنا لأن الزبون ملك".
العرض يفوق الطلب
من جهته، يرى عمر. أ، إداري بإحدى المدارس الخصوصية، أن أجور سائقي النقل المدرسي الخاص متفاوتة من مدرسة إلى أخرى، وهزيلة بسبب ما أسماه "وفرة العرض".
وأوضح الإداري ذاته أن "هذه المهنة يمكن أن يزاولها أي شخص، لذلك نتلقى طلبات كثيرة كل يوم"، ثم استطرد بأنها "مهنة لا تحتاج لأي مؤهل علمي أو أكاديمي، عكس أساتذة بعض المواد مثلا كالفرنسية التي تعاني المدارس خصاصا منها؛ وهو ما يضطر مالكي المدارس إلى دفع أجور معقولة لمدرسي هذه المادة لإغرائهم بالعمل في هذه المدرسة أو تلك".
المتحدث نفسه زاد بأن "هناك مدارس تستند في وضع رواتبها على المؤهل العلمي أو الدبلوم، فتضع رواتب مختلفة بناءً على الشهادة الجامعية كالإجازة والماستر، ولا يمكن أن تساوي في الأجر بين حاصل على الإجازة وبين سائق ترك مقاعد الدراسة مبكرا"، بتعبير المصدر نفسه.
العقد شريعة المتعاقدين
وكما يُصر السائقون الذين اسقينا آراءهم على أن تصل رسالتهم إلى المسؤولين يؤكدون على عدم رغبتهم في ذكر أسمائهم، خوفا من طردهم من المؤسسات التي يشتغلون بها، يتحفظ أيضا مالك إحدى المدارس الخصوصية عن ذكر اسمه واسم مؤسسته، أثناء تعليقه على تصريحات بعض السائقين، لافتا إلى "أننا لا نجبر أحدا على الشغل، وأن الأجر يكون باتفاق بين المشغل وبين الأجير منذ اليوم الأول، والأجرة تعطى بحسب الأقدمية والتجربة، وهناك من يتقاضى 3000 درهم".
وأضاف المتحدث ذاته أن "مجموع الساعات التي تشتغلها هذه الفئة لا تتجاوز ساعتين في اليوم، بمعدل نصف ساعة في كل رحلة، وأحيانا أقل من ذلك بالنسبة إلى المدارس التي تعتمد التوقيت المستمر".
وأردف مالك المدرسة الخاصة، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه أو اسم مؤسسته، أن هناك "اعتقادا خاطئا بأننا نجني أموالا طائلة، في حين أننا غارقون في الديون والمصاريف وندفع رواتب أطقم تربوية وعمال وسائقين، حتى في الشهور التي لا يشتغلون فيها لنحتفظ بهم لشهور العمل، بينما يحتج الآباء عند استخلاص الأقساط الشهرية لشهر يونيو مثلا، بل هناك من يرفض أداء قسط شهر شتنبر".
عن موقع هسبريس
هسبريس حاولت نقل معاناة هذه الفئة من المواطنين، من خلال الاستماع إلى عدد من هؤلاء السائقين، وسرد مشاكلهم على القراء، لعلها تصل إلى آذان المسؤولين والمعنيين.
أجور هزيلة
يُجمع أغلب الذين تحدثوا إلى هسبريس الإلكترونية على أن أجور هذه الفئة "تتراوح بين 1500 و2000 درهم"، وأن أغلبهم "غير مسجل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، كما أن المسجلين منهم بهذا الصندوق لا يتم التصريح بعدد أيام الشهر التي يشتغلونها وإنما "في الغالب 16 يوما في الشهر فقط" هو العدد الإجمالي الذي يُصرّح به المشغلون.
كما أن هذه الفئة لا يقتصر عملها لحساب المدارس الخصوصية على السياقة وإيصال التلاميذ من وإلى مقرات سكناهم؛ بل إن أرباب العمل يفرضون على هذا النوع من السائقين "مزاولة أعمال أخرى من قبيل البستنة والصباغة والنجارة والبناء أحيانا، وقد يتجاوز ذلك إلى أعمال السخرة في منازل مالكي المدارس الخصوصية"، حسب تصريحاتهم.
الأجر الهزيل وارتفاع تكاليف العيش في المدن من العوامل التي دفعت العديد من سائقي سيارات النقل المدرسي الخصوصي، حسب المصادر نفسها، إلى "مزاولة أعمال أخرى ليلا وفي العطل الأسبوعية، كسياقة سيارات الأجرة".
قبلة المتقاعدين
يفسر هؤلاء السائقون تدني الأجور التي يتقاضونها إلى "كثرة السائقين الحاصلين على رخصة صنف D المعتمد لسياقة هذا النوع من السيارات"، و"غياب مراقبة من لدن الدولة تخول لهم الاشتغال بالحد الأدنى للأجور"، كما أن المجال يشتغل به "عدد كبير من المتقاعدين، خاصة المتقاعدين من الجيش، والذين يبلغون سن التقاعد"، أو تركوا أعمالهم بعد الأربعينيات أو الخمسينيات من أعمارهم؛ وهو ما يجعلهم يقبلون بأي راتب شهري، مهما كان متواضعا، ما داموا يتقاضون تعويضات أخرى، وهو "ما يؤثر سلبا على الشبان الذين يحترفون السياقة ويعتبرون هذا المجال هو معيلهم الوحيد".
معاناة مع الآباء
لا تقتصر معاناة هذه الفئة حول الأجور التي يحددها المشغلون؛ بل إن "إن أغلب آباء التلاميذ لا يحترمون التوقيت المتفق عليه معهم"، يقول السائق حميد من أكادير، الذي يوضح: "وإذا تأخر كل تلميذ دقيقتين مثلا، سأتأخر عن إيصال التلاميذ لأزيد عن نصف ساعة عن موعد دخولهم، فتحملني الإدارة كل اللوم، وإذا لم أنتظر الطفل يأتي وليه إلى إدارة المؤسسة التي أشتغل بها ليقدم شكايته بي؛ وهو ما يجعلني بين نارين، نار الآباء ونار المشغل".
المصدر نفسه يزيد بأن "بعض الآباء يعاملوننا باحتقار، ويعتبروننا خدما عندهم ما داموا يدفعون شهريا مستحقات النقل، فيصرون على انتظارهم أمام إقاماتهم، وإلا يقدمون وشايات كاذبة أحيانا لدى المشغلين، فتتم التضحية بنا لأن الزبون ملك".
العرض يفوق الطلب
من جهته، يرى عمر. أ، إداري بإحدى المدارس الخصوصية، أن أجور سائقي النقل المدرسي الخاص متفاوتة من مدرسة إلى أخرى، وهزيلة بسبب ما أسماه "وفرة العرض".
وأوضح الإداري ذاته أن "هذه المهنة يمكن أن يزاولها أي شخص، لذلك نتلقى طلبات كثيرة كل يوم"، ثم استطرد بأنها "مهنة لا تحتاج لأي مؤهل علمي أو أكاديمي، عكس أساتذة بعض المواد مثلا كالفرنسية التي تعاني المدارس خصاصا منها؛ وهو ما يضطر مالكي المدارس إلى دفع أجور معقولة لمدرسي هذه المادة لإغرائهم بالعمل في هذه المدرسة أو تلك".
المتحدث نفسه زاد بأن "هناك مدارس تستند في وضع رواتبها على المؤهل العلمي أو الدبلوم، فتضع رواتب مختلفة بناءً على الشهادة الجامعية كالإجازة والماستر، ولا يمكن أن تساوي في الأجر بين حاصل على الإجازة وبين سائق ترك مقاعد الدراسة مبكرا"، بتعبير المصدر نفسه.
العقد شريعة المتعاقدين
وكما يُصر السائقون الذين اسقينا آراءهم على أن تصل رسالتهم إلى المسؤولين يؤكدون على عدم رغبتهم في ذكر أسمائهم، خوفا من طردهم من المؤسسات التي يشتغلون بها، يتحفظ أيضا مالك إحدى المدارس الخصوصية عن ذكر اسمه واسم مؤسسته، أثناء تعليقه على تصريحات بعض السائقين، لافتا إلى "أننا لا نجبر أحدا على الشغل، وأن الأجر يكون باتفاق بين المشغل وبين الأجير منذ اليوم الأول، والأجرة تعطى بحسب الأقدمية والتجربة، وهناك من يتقاضى 3000 درهم".
وأضاف المتحدث ذاته أن "مجموع الساعات التي تشتغلها هذه الفئة لا تتجاوز ساعتين في اليوم، بمعدل نصف ساعة في كل رحلة، وأحيانا أقل من ذلك بالنسبة إلى المدارس التي تعتمد التوقيت المستمر".
وأردف مالك المدرسة الخاصة، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه أو اسم مؤسسته، أن هناك "اعتقادا خاطئا بأننا نجني أموالا طائلة، في حين أننا غارقون في الديون والمصاريف وندفع رواتب أطقم تربوية وعمال وسائقين، حتى في الشهور التي لا يشتغلون فيها لنحتفظ بهم لشهور العمل، بينما يحتج الآباء عند استخلاص الأقساط الشهرية لشهر يونيو مثلا، بل هناك من يرفض أداء قسط شهر شتنبر".
عن موقع هسبريس