مغاربة يطلقون حملة '' #متقيسش_مجانية_التعليم ''

مازال الجدل مستمرا إثر مصادقة الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين على مشروع الرأي الذي تقدم به رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، خلال ولايته المنتهية، بإلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي والثانوي، إذ خرجت أصوات مدنية وحقوقية تطالب بالتدخل لمنع تفعيل مشروع القانون.

وانطلقت حملة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، تحت وسم "#متقيسش_مجانية_التعليم"، تطالب فئات المثقفين والحقوقيين المغاربة بضرورة التصدي للخطوة الحكومية المرتقبة، بتوجيه نداء: "أجيبوا دعوة الحق في مجانية التعليم..من يكتب معي؟ من يصرخ معي؟".

وانتشرت الحملة التي تفاعل معها عدد من الفاعلين المغاربة في مجالات الفكر والثقافة والفن والسياسة والإعلام، إذ قال كاتب مغربي يدعى محمد ملوك: "إن تم إلغاء مجانية التعليم فيجب إلغاء جميع الضرائب على المواطنين! لماذا سنؤدي الضرائب لدولة لا تؤدي لنا أي خدمة؟!".

الكاتبة والناشطة المدنية أمال جناح قالت إن "الوضع بات مخجلا؛ لأن الدولة تخلت عن مجانية التعليم إثر الاستشارة التي طلبتها الحكومة سابقا في إطار مشروع قانون، وأكدت عليها مؤسسة دستورية من حجم المجلس الأعلى للتربية والتكوين"، مشددة على أن "الحكومة المنتهية ولايتها ضربت شعار العدالة الاجتماعية، ما شكل صدمة للجميع".


وتابعت الكاتبة المغربية ذاتها، في تصريح لهسبريس، بأن "التوجه الرسمي إلى إلغاء مجانية التعليم مرفوض"، وزادت: "رأي المجلس الأعلى لا يرقى إلى مستوى تطلعات المغاربة، إذ إن مؤسسة جاءت بناء على مطلب دستوري تجسد في الوثيقة الدستورية للعام 2011، ومن باب الوفاء للظرفية الحالية كان من المفروض أن تخرج برأي يرد الأمور إلى نصابها".

وترى جناح، التي بادرت إلى إطلاق حملة "متقيسش_مجانية_التعليم"، أن الخطوة "ضرب لحق دستوري في المساواة بين كل المغاربة"، وزادت: "رغم استثناء الفئات الهشة من إلغاء مجانية التعليم إلا أن ذلك لا يعني بتاتا التضامن معها، بل تكريسا للهشاشة وخندقة لها في المجتمع المغربي"، مضيفة: "لا يمكن لحق التعليم في دولة نامية مثل المغرب إلا أن يكون مجانيا؛ علاوة على أن مبدأ المجانية يبقي على اختيارات المواطنين بولوج التعليم العمومي أو الخاص، وليس فرضه أو إلغاءه".

وتعتبر الناشطة المدنية ذاتها أن موضوع التعليم يبقى حيويا ويحتاج في معالجته إلى إثارة إشكاليات عميقة، بعيدا عن إلغاء مجانيته، "خاصة على مستوى الأمية والهشاشة وإجبارية التعليم وإمكانياته المتاحة"، مشددة على ضرورة أن تقدم الدولة حصيلتها للمغاربة في هذه المستويات، "عوضا من الجنوح إلى إلغاء مجانيته التي تعد حقا ومكسبا مترسخا"، على حد قولها.

إلى ذلك، ترى أمال جناح ضرورة أن ينتقل النقاش في الخطوة المثيرة للجدل إلى مستوى التوعية بالمسؤولية الجماعية المشتركة، "لأن الحكومة هي لتصريف الأعمال والبرلمان متوقف"، داعية إلى "خلق دينامية وسط المثقفين والمبدعين والفنانين"، وزادت: "لا يجب أن ننسى أن المدرسة العمومية المجانية أنجبت للمغرب أسماء وازنة، أطرت ومازالت تؤطر أجيالا من المجتمع المغربي".

الناشط الحقوقي محمد زهاري اعتبر أن الخطوة ضرب لحق التعليم باعتباره من الحقوق الاجتماعية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، "التي تعد مدخلا أساسيا لتنمية وتطور الدول والشعوب".

وتابع المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، بأنه "لا يمكن نتحدث عن بناء دولة حديثة وديمقراطية بوجود الجهل والأمية"، مستحضرا تجربة دول ما يسمى النمور الآسيوية "التي حققت التقدم الاقتصادي عبر اتخاذ إجراءات ومبادرات حاسمة، من بينها تعميم التعليم وإلزاميته على قدم المساواة دون ضرب هذا الحق الإنساني".

وأورد زهاري سابق تنبيه الحقوقيين إلى ما وصفه بـ"التراجع على مستوى دستور 2011 في ضمان حق التعليم"، مقارنة مع ما تضمنته الدساتير السابقة، مشيرا إلى أن الأخير "تضمن في الفصل 13 قضية التربية والتشغيل كحق لكل المواطنين على قدم المساواة..في حين تم تعويض الفصل في الدستور الجديد بآخر يحمل رقم 31، لا يلزم الدولة بضمان ذلك الحق والمكتسب، بالحديث عن ضمان مؤسسات الدولة لتيسير الولوج إلى مجموعة من الحقوق الاجتماعية من بينها التعليم".

وزاد المتحدث ذاته، تعليقا على الفصل الجديد في دستور 2011: "سجلنا وقتها تراجع الدولة عن إلزامية ومجانية التعليم، واعتبرناه استهدافا أساسيا للحقوق الاجتماعية للمغاربة، ومن بينها حق التعليم".

عن موقع هسبريس
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات