التقاعد النسبي مطية الأساتذة للفرار من "كوارث التعليم العمومي"

تميّزت بداية السنة الدراسة الجارية بتسجيل نقْص كبير على مستوى المدرّسات والمدرّسين، ما دفعَ إلى إعلان فتْح المجال لتوظيف مدرّسين عن طريق التعاقد لسدّ الخصاص الحاصل، الذي يعودُ سببه، فصلا عن ضُعف التوظيف، إلى إحالة آلافٍ من نساء ورجال التعليم على التقاعد.

وإذا كانَ طبيعيا أنْ تنتهيَ مهمّة الأساتذة عندَ بلوغهم سنّ التقاعد، فإنَّ اللافتَ للانتباه هوَ الإقبالُ الكبير لنساء ورجال التعليم على التقاعُد النسبي، الذي كانَ متاحا بالنسبة للذين قضّوا 21 سنة من الخدمة بالنسبة للذكور، و15 سنة بالنسبة للإناث، قبل أن يتمّ رفعه إلى 30 سنة من الخدمة الفعليّة.

أحمد المنصوري، الكاتب العامّ للمنظمة الديمقراطية للتعليم، يفسّر استفادة 8000 أستاذ وأستاذة هذه السنة من التقاعد النسبي بكون "نساء ورجال التعليم قرّروا الفرار بجلُودهم من واقعٍ متأزّم، بعدما انغلقت الآفاق ولم يعودوا يرون سوى الظلام"، على حدّ تعبيره.

وأضاف المتحدّث أنَّ الإقبالَ الكبير على التقاعد النسبي يجدُ تفسيره في الوضع الذي آلت إليه المدرسة المغربية، موضحا: "هذه السنة تجاوَزَ الاكتظاظ في المدارس العمومية كلَّ التوقعات، وبالتالي يستحيل أنْ يقوم رجل التعليم بمهامّه، والّلي فيه النفس يقول أنَا ما غاديش نكون شاهد زور".

وإذا كانَ آلاف الأساتذة قد ارتأوا الاستفادة من التقاعد النسبي، وهجْر المدرسة العمومية، فإنَّ المنصوري يَرى أنَّ الرقمَ المُعلن عنه كانَ سيكون أكبرَ بكثير لوْ أنّ وزارة التربية الوطنية قبلتْ كلَّ ملفّات التقاعد النسبي التي تقدم بها الأساتذة. وذهب المتحدث إلى القول إنَّ هناك عددا من نساء ورجال التعليم ما زالوا يمارسون مهنتهم "ما بقاوش صالْحين للتعليم، بسبب ظروفهم الصحية".

وأضاف أنّه سبق أن تقدم بمقترح إلى وزير التربية الوطنية السابق، محمد الوفا، يقضي بنهج التجربة التونسيّة في هذا المجال؛ إذ يتمّ تخفيض ساعات العمل التي يشتغلها الأساتذة كلما تقدّموا في السن، وتقدّمت سنوات العمل، واصفا رفع السنّ القانونية للاستفادة من التقاعد النسبي إلى 30 سنة بـ"الحيْف في ممارسة القانون".

ويرى المنصوري أنَّ أزمة الموارد البشرية التي تعاني منها المنظومة التربوية المغربية تكشف حقيقة السياسة الحكومية المتّبعة في مجال التعليم العمومي، قائلا: "الحكومة المنتهية ولايتها تدّعي أنّ مشاكل التعليم هي تراكم لسنوات، ونحن لا نقبل مثل هذه التبريرات، لأنّ المفروض في الحكومة أنّ يكون لها مشروع للإجابة عن الإشكاليات المطروحة، وعلى رأسها التعليم".

وعزَا الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للتعليم المشاكل التي تتخبط فيها المدرسة المغربية، والتي تفاقمتْ أكثر هذه السنة بسبب الاكتظاظ، إلى غياب سياسةٍ حكومية استباقية لمعرفة حاجيات القطاع، قائلا: "سبَق أن نبّهنا إلى أنَّ المغرب سيحتاج في سنتي 2019 و2020 إلى 120 ألف إطار تربوي، من أساتذة وإداريين، لكنَّ الحاصل هو أنَّ عدد هذه الأطر في تناقُص مستمر، ولو كانت هناك رؤية استباقية لما وصلنا إلى هذا الوضع الكارثي الذي أصبح التعليم العمومي فيه يمشي على رأسه".

عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-