بقلم: نهاري امبارك(*)
مقدمة:
يعتبر التقاعد النسبي حقا من حقوق الموظف، يخول له الحصول على معاش التقاعد المسبق قبل بلوغ حد السن القانونية للإحالة على المعاش، بعد قضائه مدة زمنية معينة في الخدمة الفعلية.
ورغم رفع سنوات العمل إلى ثلاثين سنة، فقد كان عدد الطلبات جد مرتفع، حيث فاق كل التوقعات، وتمت الاستجابة لرغبات ما يفوق خمسة عشر ألف طلب، الأمر الذي أثار اهتمام العديد من المتتبعين. وقد وردت، في الموضوع، عدة ملاحظات وتعليقات، من طرف أشخاص وجهات، تقول " إن المستفيدين من التقاعد النسبي فلتوا بجلدهم وهروبوا من المؤسسات التعليمية"، حيث تم وصف هذا الهروب بالأكبر على الإطلاق في مجال التقاعد النسبي بقطاع التربية والتكوين.
فما هي دواعي طلب التقاعد النسبي والإحالة على المعاش؟ وهل فعلا فلت المستفيدون من التقاعد النسبي بجلدهم؟ ولماذا تم وصفهم بالهاربين من المؤسسات التعليمية ومنظومة التربية والتكوين؟ وما هي آثار وانعكاسات التقاعد النسبي على مكونات منظومة التربية والتكوين؟
سنحاول مناولة هذه الأسئلة المؤطرة لإشكالية إقبال أعداد هائلة من أفراد أسرة التربية والتعليم على التقاعد النسبي للإحالة المسبقة على المعاش، وذلك من خلال الفقرات التالية:
I. أسباب ودواعي طلب التقاعد النسبي:
منذ أن طرح موضوع إصلاح نظام التقاعد للمناقشة، وأخذ يتداول بين مؤسسات ومنابر واجتماعات، تسربت على إثرها إشاعات حول السن القانونية للإحالة على التقاعد التام، فتضاربت الأخبار والتصريحات أجمعت حول تأكيد تجاوز السن القانونية للتقاعد الستين سنة بقليل أو كثير، ما أربك أطر قطاع التربية والتكوين وأثار حفيظتهم، نظرا لخصوصيات مسؤولياتهم ومهامهم، فانتابهم القلق والغضب، خصوصا كبار السن الذين نال منهم الكدح مناله وأصابت النحافة بنيتهم الجسمية، والمصابين ببعض الأمراض المزمنة التي تتطلب علاجا مستمرا وتناول أدوية بشكل منتظم والركون إلى الراحة، فهبوا مسرعين، والشرط الأساسي متوفر فيهم، إلى طلب التقاعد النسبي، آملين في الاستفادة ومغادرة المؤسسات التعليمية للانفلات من تدابير إصلاح التقاعد المرتقب والتخلص من أعباء الفصول الدراسية، ومشاق التدبير التربوي والإداري التي أخذت تتضاعف. والحالة هذه، أن ظواهر اكتظاظ الفصول الدراسية، والعنف المدرسي، والأقسام المشتركة، والانحلال الخلقي، وانحراف الأحداث، والسلوكات الخشنة، تفاحشت ولم تعد مطاقة، نظرا لضعف آليات التأديب التربوي، واستقالة أمهات وآباء وأولياء التلاميذ الذين تخلوا، كرها، عن مسؤولياتهم الأسرية، ولم يعودوا يتعاونون مع المؤسسة التعليمية على الضبط والمراقبة، فأصبح المدرسون محط سخرية واستهزاء، معرضين لشتى أنواع النعوت الحاطة من شخوصهم والماسة بمكانتهم وأدوارهم التربوية والتعليمية، معرضين لمختلف أساليب الإهانة، سرا وعلنا، من خلال السب والقذف، وحتى الضرب والجرح أحيانا، ما يتسبب للبعض في انقباض وتوترات عصبية تفقدهم وعيهم، وتزج بهم في حالات الانطواء والاكتئاب، خصوصا فاقدي الأمل في الانتقال من مناطق نائية هدت قواهم الجسمية والمادية والمعنوية، الأمر أدى بهم إلى السخط على مهن التربية والتكوين، التي لم تعد شريفة كما كانت على امتداد السنوات والأحقاب الزمنية إلى حدود ماض قريب، بل أصبحت مهن المتاعب بامتياز، فاختار أغلب الأساتذة، كرها، الذين يتوفر فيهم الشرط الأساسي، الهروب من المؤسسات التعليمية والانفلات بجلدهم حفاظا على كرامتهم وصحتهم النفسية والجسمية.
II. مبررات الهروب من المؤسسات التعليمية:
والحقيقة، لم تتجل مبررات الأساتذة في هروبهم من المؤسسات التعليمية ومغادرتها في الحفاظ على كرامتهم وصحتهم النفسية والجسمية فقط، بل في معاناتهم الظروف المزرية التي تعيشها أغلب المؤسسات التعليمية، من تداعي البنايات، وانهيار السقوف، والنقص المهول في التجهيزات والوسائل والمعدات التعليمية. كما أن ظروف العمل أصبحت قاسية جدا، والتي قد تتفاقم وتستفحل مستقبلا، في نظرهم، في ظل غياب الترميم والإصلاح وإحداث مؤسسات تعليمية، وبناء حجرات تستوعب الأعداد الهائلة من التلاميذ الذين اكتظت بهم مختلف الفصول الدراسية في جميع المستويات والأسلاك الدراسة. كما أن انتشار ظاهرة الأقسام المشتركة بالسلك الابتدائي أخذت تقض مضجع الأساتذة المسندة إليهم هذه الأقسام، وكذا ارتفاع وتيرة الفصول المكتظة حيث لم تعد تنفع طرق معينة في تدبيرها، في غياب مبادرات التجديد ونقص التأطير، وارتجال الإصلاحات المتوالية التي لم ترق إلى تطلعات أفراد أسرة التعليم، رغم صرف أموال طائلة، ولم تستجب لطموحاتهم، حيث يتم اتخاذ عدة تدابير إصلاحية في منأىً منهم ودون إشراكهم واستشارتهم في مختلف القرارات، ما شكل إحباطا وانتقاصا من كفاءات وخبرات تراكمت عبر السنين.
III. آثار وانعكاسات التقاعد النسبي على مكونات منظومة التربية والتكوين:
ولئن كانت مسألة التقاعد النسبي خيارا شخصيا يروم مصلحة الفرد والتمتع بحقه الذي يخوله القانون إياه، حيث لكل منظوره وزاويته التي يطل منها على مختلف القضايا، خصوصا منها ذات الطابع الشخصي، فإنه يظهر أن المستفيدين من قرار التقاعد النسبي قد تركوا المؤسسات التعليمية، في ظرف ما أحوج أسرة التعليم لهم، نظرا لأقدميتهم في الميدان، وخبراتهم المتراكمة وكفاءاتهم المشهود لهم بها، الممكن استثمارها في تأطير الأطر الملتحقة بقطاع التربية والتكوين، والحديثة العهد بمزاولة مهنة التربية والتعليم، ومواكبة مختلف المشاريع والأوراش الإصلاحية والإشراف على تنفيذها والسير بها نحو تحقيق الأهداف المسطرة لمختلف التدابير الآنية والآتية.
واحتراما للقرارات الشخصية وفي ظل ممارسة حق مشروع، يبدو أن التقاعد النسبي سوف يخلف آثارا ضاغطة على مكونات منظومة التربية والتكوين، فحيث إن مغادري الميدان التربوي والتعليمي يعتبرون نخبة أسرة التعليم لعدة اعتبارات، كما أسلفنا، سوف يتركون فراغا شاسعا ونقصا مهولا في الموارد البشرية خصوصا منها المسندة إليهم الأقسام الدراسية والمشرفين على تدبير العمليات التربوية والتعليمية، ما يزيد حدة الفصول المكتظة وارتفاع الأقسام المشتركة، الأمر الذي قد يشكل عبء إضافيا على الأطر الممارسة والمشتغلة حاليا، وما قد يؤثر سلبا على تدبير الفصول الدراسية والعمليات التربوية والتعليمية والإدارية والتقنية، وبالتالي تبقى المردودية المدرسية حلما والجودة التعليمية ضربا من الأماني. الأمر الذي قد يغرق منظومة التربية والتكوين في أزمة متشعبة وهيكلية ومترامية الأطراف تتطلب طاقات بشرية ومادية هائلة لتجاوز آثارها التي قد يستفحل وقعها على جميع مكونات منظومة التربية والتكوين رغم الإصلاحات التعليمية المتوالية.
خاتمة:
وإذا كانت أعداد هائلة من الأطر التربوية، خصوصا المسندة إليهم الفصول الدراسية، ترى أنه إذا أتيحت لها فرصة الاستفادة من تقاعد مسبق ومغادرة المؤسسات التعليمية، لن تتردد ثانية واحدة، ولن تتوان في اتخاذ القرار، ما ينذر بتفاقم الوضع التربوي والتعليمي، والآتي أفظع وأشد وطأة ووقعا، ما يتوجب على الجهات المسؤولة على قطاع التربية والتكوين، والمشرفة على تنفيذ السياسة التعليمية، الإقبال على وضع وتنفيذ مشاريع إصلاحية حقيقة، واتخاذ مبادرات جريئة نحو الارتقاء الفعلي بالوضع المادي والمعنوي لنساء ورجال التعليم، والتخفيف من معاناتهم اليومية في التنقل ومواجهة مشاكل الضغوط الإدارية، وتيسير الانتقالات بشكل سلس يضمن حقوق الجميع على قدم من المساواة، حتى لا يلازم البعض، سنوات، المناطق النائية.
ومن ناحية أخرى، وحتى لا تنفجر أزمتا الاكتظاظ والأقسام المشركة، وجب الإسراع بالرفع من وتيرة البنايات المدرسية وإعداد قاعات الدروس الكافية وترميم المؤسسات المتهالكة وتوفير جميع المعدات الضرورية. كما وجب الإسراع بتطعيم أسرة التعليم بأطر جديدة، وبالعدد الكافي، لسد الخصاص المهول، وتخفيف معاناة ومتاعب العاملين حاليا، الذين سيواجهون السنوات المقبلة أعدادا هائلة من التلاميذ في جمع المستويات والأسلاك الدراسية.
(*) مهتم بالقضايا التربوية والاجتماعية.
مقدمة:
يعتبر التقاعد النسبي حقا من حقوق الموظف، يخول له الحصول على معاش التقاعد المسبق قبل بلوغ حد السن القانونية للإحالة على المعاش، بعد قضائه مدة زمنية معينة في الخدمة الفعلية.
ورغم رفع سنوات العمل إلى ثلاثين سنة، فقد كان عدد الطلبات جد مرتفع، حيث فاق كل التوقعات، وتمت الاستجابة لرغبات ما يفوق خمسة عشر ألف طلب، الأمر الذي أثار اهتمام العديد من المتتبعين. وقد وردت، في الموضوع، عدة ملاحظات وتعليقات، من طرف أشخاص وجهات، تقول " إن المستفيدين من التقاعد النسبي فلتوا بجلدهم وهروبوا من المؤسسات التعليمية"، حيث تم وصف هذا الهروب بالأكبر على الإطلاق في مجال التقاعد النسبي بقطاع التربية والتكوين.
فما هي دواعي طلب التقاعد النسبي والإحالة على المعاش؟ وهل فعلا فلت المستفيدون من التقاعد النسبي بجلدهم؟ ولماذا تم وصفهم بالهاربين من المؤسسات التعليمية ومنظومة التربية والتكوين؟ وما هي آثار وانعكاسات التقاعد النسبي على مكونات منظومة التربية والتكوين؟
سنحاول مناولة هذه الأسئلة المؤطرة لإشكالية إقبال أعداد هائلة من أفراد أسرة التربية والتعليم على التقاعد النسبي للإحالة المسبقة على المعاش، وذلك من خلال الفقرات التالية:
I. أسباب ودواعي طلب التقاعد النسبي:
منذ أن طرح موضوع إصلاح نظام التقاعد للمناقشة، وأخذ يتداول بين مؤسسات ومنابر واجتماعات، تسربت على إثرها إشاعات حول السن القانونية للإحالة على التقاعد التام، فتضاربت الأخبار والتصريحات أجمعت حول تأكيد تجاوز السن القانونية للتقاعد الستين سنة بقليل أو كثير، ما أربك أطر قطاع التربية والتكوين وأثار حفيظتهم، نظرا لخصوصيات مسؤولياتهم ومهامهم، فانتابهم القلق والغضب، خصوصا كبار السن الذين نال منهم الكدح مناله وأصابت النحافة بنيتهم الجسمية، والمصابين ببعض الأمراض المزمنة التي تتطلب علاجا مستمرا وتناول أدوية بشكل منتظم والركون إلى الراحة، فهبوا مسرعين، والشرط الأساسي متوفر فيهم، إلى طلب التقاعد النسبي، آملين في الاستفادة ومغادرة المؤسسات التعليمية للانفلات من تدابير إصلاح التقاعد المرتقب والتخلص من أعباء الفصول الدراسية، ومشاق التدبير التربوي والإداري التي أخذت تتضاعف. والحالة هذه، أن ظواهر اكتظاظ الفصول الدراسية، والعنف المدرسي، والأقسام المشتركة، والانحلال الخلقي، وانحراف الأحداث، والسلوكات الخشنة، تفاحشت ولم تعد مطاقة، نظرا لضعف آليات التأديب التربوي، واستقالة أمهات وآباء وأولياء التلاميذ الذين تخلوا، كرها، عن مسؤولياتهم الأسرية، ولم يعودوا يتعاونون مع المؤسسة التعليمية على الضبط والمراقبة، فأصبح المدرسون محط سخرية واستهزاء، معرضين لشتى أنواع النعوت الحاطة من شخوصهم والماسة بمكانتهم وأدوارهم التربوية والتعليمية، معرضين لمختلف أساليب الإهانة، سرا وعلنا، من خلال السب والقذف، وحتى الضرب والجرح أحيانا، ما يتسبب للبعض في انقباض وتوترات عصبية تفقدهم وعيهم، وتزج بهم في حالات الانطواء والاكتئاب، خصوصا فاقدي الأمل في الانتقال من مناطق نائية هدت قواهم الجسمية والمادية والمعنوية، الأمر أدى بهم إلى السخط على مهن التربية والتكوين، التي لم تعد شريفة كما كانت على امتداد السنوات والأحقاب الزمنية إلى حدود ماض قريب، بل أصبحت مهن المتاعب بامتياز، فاختار أغلب الأساتذة، كرها، الذين يتوفر فيهم الشرط الأساسي، الهروب من المؤسسات التعليمية والانفلات بجلدهم حفاظا على كرامتهم وصحتهم النفسية والجسمية.
II. مبررات الهروب من المؤسسات التعليمية:
والحقيقة، لم تتجل مبررات الأساتذة في هروبهم من المؤسسات التعليمية ومغادرتها في الحفاظ على كرامتهم وصحتهم النفسية والجسمية فقط، بل في معاناتهم الظروف المزرية التي تعيشها أغلب المؤسسات التعليمية، من تداعي البنايات، وانهيار السقوف، والنقص المهول في التجهيزات والوسائل والمعدات التعليمية. كما أن ظروف العمل أصبحت قاسية جدا، والتي قد تتفاقم وتستفحل مستقبلا، في نظرهم، في ظل غياب الترميم والإصلاح وإحداث مؤسسات تعليمية، وبناء حجرات تستوعب الأعداد الهائلة من التلاميذ الذين اكتظت بهم مختلف الفصول الدراسية في جميع المستويات والأسلاك الدراسة. كما أن انتشار ظاهرة الأقسام المشتركة بالسلك الابتدائي أخذت تقض مضجع الأساتذة المسندة إليهم هذه الأقسام، وكذا ارتفاع وتيرة الفصول المكتظة حيث لم تعد تنفع طرق معينة في تدبيرها، في غياب مبادرات التجديد ونقص التأطير، وارتجال الإصلاحات المتوالية التي لم ترق إلى تطلعات أفراد أسرة التعليم، رغم صرف أموال طائلة، ولم تستجب لطموحاتهم، حيث يتم اتخاذ عدة تدابير إصلاحية في منأىً منهم ودون إشراكهم واستشارتهم في مختلف القرارات، ما شكل إحباطا وانتقاصا من كفاءات وخبرات تراكمت عبر السنين.
III. آثار وانعكاسات التقاعد النسبي على مكونات منظومة التربية والتكوين:
ولئن كانت مسألة التقاعد النسبي خيارا شخصيا يروم مصلحة الفرد والتمتع بحقه الذي يخوله القانون إياه، حيث لكل منظوره وزاويته التي يطل منها على مختلف القضايا، خصوصا منها ذات الطابع الشخصي، فإنه يظهر أن المستفيدين من قرار التقاعد النسبي قد تركوا المؤسسات التعليمية، في ظرف ما أحوج أسرة التعليم لهم، نظرا لأقدميتهم في الميدان، وخبراتهم المتراكمة وكفاءاتهم المشهود لهم بها، الممكن استثمارها في تأطير الأطر الملتحقة بقطاع التربية والتكوين، والحديثة العهد بمزاولة مهنة التربية والتعليم، ومواكبة مختلف المشاريع والأوراش الإصلاحية والإشراف على تنفيذها والسير بها نحو تحقيق الأهداف المسطرة لمختلف التدابير الآنية والآتية.
واحتراما للقرارات الشخصية وفي ظل ممارسة حق مشروع، يبدو أن التقاعد النسبي سوف يخلف آثارا ضاغطة على مكونات منظومة التربية والتكوين، فحيث إن مغادري الميدان التربوي والتعليمي يعتبرون نخبة أسرة التعليم لعدة اعتبارات، كما أسلفنا، سوف يتركون فراغا شاسعا ونقصا مهولا في الموارد البشرية خصوصا منها المسندة إليهم الأقسام الدراسية والمشرفين على تدبير العمليات التربوية والتعليمية، ما يزيد حدة الفصول المكتظة وارتفاع الأقسام المشتركة، الأمر الذي قد يشكل عبء إضافيا على الأطر الممارسة والمشتغلة حاليا، وما قد يؤثر سلبا على تدبير الفصول الدراسية والعمليات التربوية والتعليمية والإدارية والتقنية، وبالتالي تبقى المردودية المدرسية حلما والجودة التعليمية ضربا من الأماني. الأمر الذي قد يغرق منظومة التربية والتكوين في أزمة متشعبة وهيكلية ومترامية الأطراف تتطلب طاقات بشرية ومادية هائلة لتجاوز آثارها التي قد يستفحل وقعها على جميع مكونات منظومة التربية والتكوين رغم الإصلاحات التعليمية المتوالية.
خاتمة:
وإذا كانت أعداد هائلة من الأطر التربوية، خصوصا المسندة إليهم الفصول الدراسية، ترى أنه إذا أتيحت لها فرصة الاستفادة من تقاعد مسبق ومغادرة المؤسسات التعليمية، لن تتردد ثانية واحدة، ولن تتوان في اتخاذ القرار، ما ينذر بتفاقم الوضع التربوي والتعليمي، والآتي أفظع وأشد وطأة ووقعا، ما يتوجب على الجهات المسؤولة على قطاع التربية والتكوين، والمشرفة على تنفيذ السياسة التعليمية، الإقبال على وضع وتنفيذ مشاريع إصلاحية حقيقة، واتخاذ مبادرات جريئة نحو الارتقاء الفعلي بالوضع المادي والمعنوي لنساء ورجال التعليم، والتخفيف من معاناتهم اليومية في التنقل ومواجهة مشاكل الضغوط الإدارية، وتيسير الانتقالات بشكل سلس يضمن حقوق الجميع على قدم من المساواة، حتى لا يلازم البعض، سنوات، المناطق النائية.
ومن ناحية أخرى، وحتى لا تنفجر أزمتا الاكتظاظ والأقسام المشركة، وجب الإسراع بالرفع من وتيرة البنايات المدرسية وإعداد قاعات الدروس الكافية وترميم المؤسسات المتهالكة وتوفير جميع المعدات الضرورية. كما وجب الإسراع بتطعيم أسرة التعليم بأطر جديدة، وبالعدد الكافي، لسد الخصاص المهول، وتخفيف معاناة ومتاعب العاملين حاليا، الذين سيواجهون السنوات المقبلة أعدادا هائلة من التلاميذ في جمع المستويات والأسلاك الدراسية.
(*) مهتم بالقضايا التربوية والاجتماعية.