مؤسسات تعليمية بمراكش .. البنيات مهترئة والوزارة تعد بالإصلاح

"إن مؤشرات وتقارير عالمية تجعلنا نفهم ونعترف كم نحن فاشلون"، هكذا علق رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، على مستوى التعليم بالمغرب، مما يعكس الواقع المتردي للوضع التعليمي بالمملكة.

وضع كهذا دفع أعلى سلطة بالبلاد إلى دق ناقوس الخطر، وتنصيب المجلس الأعلى للتعليم لإبداء الرأي في كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي والإسهام في تقييم السياسات والبرامج العمومية ذات الصلة بهذه الميادين، من أجل إصلاح قطاع معقد ومتشعب يندرج في مدى زمني ممتد.

الإصلاح المنشود، بحسب كمال أوحود، فاعل نقابي، يحتاج إلى إرادة سياسية قوية بحجم الوضعية الكارثية التي توجد عليها البنية التحتية لمعظم المؤسسات، والتي "تعاني من مرافق صحية، ونوافذ وأبواب غير كافية، والموجود منها يحتاج إلى الصيانة والمتابعة".

وأضاف المتحدث، ضمن تصريح لهسبريس، أن هناك مؤسسات تفتقر إلى قنوات الصرف الصحي؛ كثانوية الموحدين، وأخرى تعاني من عشوائية هاته المرافق، ناهيك عن التخريب الذي أصبح عنوانا للفضاء التربوي؛ بحيث تتعرض الطاولات للإتلاف دون تعويضها. والأمر ذاته بخصوص الملحقين التربويين والحراس الليليين، مشيرا إلى وجود مدارس تسير نحو الاندثار؛ كأبي فراس.

واسترسل أحود مقدما نموذجا آخر يعكس الوضع غير السليم لمؤسسات التعليم بالمدينة الحمراء، يتمثل في السبورات ومكاتب الأساتذة المهترئة والجذران المتآكلة، واستمرار البناء المفكك في جل المؤسسات الحضرية، خاصة بكل من مقاطعة المنارة وسيدي يوسف بن علي والمدينة القديمة؛ حيث تتحول الأقسام إلى أفران ساخنة صيفا، وتغرق في الأوحال شتاء.

المصدر ذاته أشار إلى أن إعدادية محمد الخامس برياض العروس وثانوية الموحدين بباب الخميس تعانيان من تواجد ملاعب التربية البدنية أمام الأقسام الدراسية، مما يعيق العملية التعليمية التعلمية، ناهيك عن محاصرتهما بمدرسة ابتدائية وأخرى إعدادية.

وأكد الإطار النقابي ذاته أن المؤسسات التعليمية تفتقر إلى الولوجيات، وتحتاج إلى تجديد الصباغات وربطها بالهاتف والشبكة العنكبوتية من أجل تأسيس فضاء تعليمي ذكي، إلى جانب الاهتمام بالمجال الأخضر واستثمار المساحات الشاسعة التي تتوفر عليها معظم المؤسسات، لكن الجهات الوصية، يستدرك كمال أوحود، رفعت يدها عن تدبير هذا القطاع، مما حول المدارس إلى مجال منفر، مطالبا بالعمل على جعلها فضاء جذابا يمكن من تحقيق الجودة.

أحمد، تلميذ في وضعية صعبة بالتعليم الثانوي، رفض الكشف عن هويته، أوضح لهسبريس أن مدير مؤسسته عدل جداول الحصص ليخصه بجدول زمني يمكنه من الدراسة بالقاعات التي توجد في الطابق السفلي، ورغم ذلك "فأنا في حاجة دائما إلى زملاء يحملون قطعة خشب تتحول إلى قنطرة تساعدني لولوج القسم"، مضيفا: "وإذا كنت قد تغلبت على هذا الأمر، فإن المشاركة في الدرس عبر تحليل تمرين بالسبورة تصبح من سابع المستحيلات بالنسبة لي".

لتجاوز هذا الوضع المتردي، وضع المجلس الأعلى للتعليم "خارطة طريق" أولية ترمي، أساسا، إلى إجراء تشريح للوضعية التي يعيشها التعليم بالمغرب، عبر "تشخيص موضوعي واعتماد مقاربة تشاركية وتشاورية"، يقول عبد الرحيم الشميد، رئيس رابطة جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بمراكش.

لكن عقليات متكلسة لدى بعض المنتمين للإدارة التربوية والسلطة المحلية تقف عائقا أمام مساهمة الشريك الأساسي للمؤسسات التعليمية في تجديد البنيات التحتية لاستقبال التلاميذ؛ كالأقسام والملاعب الرياضية والحدائق والأسوار والمراحيض والطاولات، يقول الفاعل الجمعوي ذاته، مضيفا: "ما زلنا نشكو من البناء المفكك الذي يحاصر عمليات تحسين الفضاءات، لأن هذه البناء يصعب ترميمه وإصلاحه وصيانته".

واسترسل المتحدث نفسه مقدما مثالا بمدرسة اليوسي الابتدائية بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، والتي غرقت أقسامها خلال الفيضانات الأخيرة، مما دفع بجمعية الآباء إلى التدخل لمعالجة الأمر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مؤكدا أن "الجمعيات تقدم خدمات جليلة، ولها رغبة قوية في الإصلاح كشريك، لكن العقليات المتحجرة تنظر إليها كإطار للتمويل فقط ولا تعترف بمجهوداتها".

"إننا كشريك مستعدون للنهوض بالبنيات التحتية للمؤسسات التعليمية لكن شريطة فسح المجال لنا وعدم مضايقتنا"، يضيف عبد الرحيم الشميد مستدلا على قوله بتحويل إعدادية حمان الفطواكي "من فضاء يفتقر لحظة بدايته إلى الربط بشبكة الماء والكهرباء، إلى مؤسسة يضرب بها المثال"، وفرعية إيعيش بالأفاق بجماعة سعادة، التي "كانت عبارة عن مؤسسة في الهواء الطلق، فتحولت بفضل تدخل المجتمع المدني إلى مؤسسة تسر الناظرين".

عبد الواحد المزكلدي، مدير المديرية الإقليمية للتربية والتكوين، قال إن البناء المفكك خاضع لبرمجة للقضاء عليه؛ حيث يتم سنويا إزالة عدد معين من الأقسام المركبة، مشيرا إلى مدرسة المسيرة بأزلي التي أزيل بناؤها المفكك كليا.

وأورد المسؤول الأول عن الشأن التربوي بمراكش أن "الولوجيات حاضرة ضمن تصاميم المؤسسات التي سيتم إحداثها، بينما تخضع القديمة منها لبرنامج التأهيل أو لمبادرات ذاتيه"، مضيفا أن "الطاولات تخضع لنوعين من الصفقات؛ الأولى خاصة بالاحداثات، والثانية تهم تعويض المتلاشي الذي يتم بناء على الحاجيات المعبر عنها والتي لا يستجاب لها أحيانا".

واسترسل التحدث ذاته موضحا أن تواجد الملاعب قرب الأقسام يخص مؤسسات قديمة ورثها المغرب عن الفترة الاستعمارية ويستحيل تغيير تصميمها، مرجعا تأخر توصل المكلفين بالنظافة وحراس الأمن بمستحقاتهم المالية إلى إحداث مديريات جهوية جديدة نص عليها التنظيم الجهوي الأخير، شاكرا جمعيات الآباء على مجهوداتها لتأمين هذا الجانب.

أما ما يخص عرقلة بعض المديرين لمهمة جمعيات الآباء والأمهات كشريك في النهوض بجودة التعليم، فطالب المدير الإقليمي المذكور رؤساء هذه الهيئات بتوجيه شكاياتهم بهذا الخصوص حتى يتمكن من البت فيها وفق ما تنص عليه القانونين الجاري بها العمل.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-