تاونات: "التفتح الفني والأدبي دعامة للإرتقاء باللغات" شعار عرس أدبي تلاميذي بتيسة

عبد الله عزوزي

يبدو أن المديرية الإقليمية  لوزارة التربية الوطنية بتاونات استطاعت إرجاع الروح الضائعة للحياة المدرسية، و إعادة الوهج و الإشعاع ليس للمؤسسات التربوية فحسب، و إنما للإقليم ككل، و ذلك من خلال وضع يدها في يد الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة فاس مكناس و إصرارها على إنجاح الدورة الحادية عشر للمسابقة الجهوية الكبرى في الشعر ، لقد كانت في مستوى التكليف و التشريف، رغم أنها لم تستفد من تجارب الدورات العشر السابقة بحكم إلتحاقها الحديث  بالجهة الجديدة بعدما ظلت لعقود تعاني البعد و التضاريس بانتسابها للجهة القديمة، جهة تازة الحسيمة تاونات.
علامات نجاح الدورة، و تعطش  المتعلمين و أسرة التربية و التكوين إقليميا و جهويا لها ، كانت بادية منذ الساعات الأولى ليوم الإثنين 25 أبريل 2016،و بلغت ذروتها في حدود الساعة 15:00، ساعة انطلاق النشاط الفني، حيث كان العدد الهائل جداً للسيارات الخاصة و سيارات المصلحة التي كانت مركونة في محيط ثانوية المنصور الذهبي التأهيلية المحتضنة لما يشبه عرسا أدبيا و فنيا، مؤشراً كافياً على أن الملتقى الفني لضمائر مغرب الغد  ستكون له أصداءً ذائعة الصيت جهويا و وطنيا.
المهرجان الأدبي الذي كان مُوفَّقاً في الإمساك بتلابيب الحياة المدرسية في أسمى تجلياتها، بملامسته للإبداع و تفجير الطاقات و تعليم مهارات التخطيط و القيادة و التنظيم، فضلا عن التعارف و  التشبيك الإجتماعي (Networking)،و الذي تجندت لإنجاحة السلطات الإدارية و التربوية، كلا في مجال اختصاصه، حج إليه جمهور عريض من تلامذة المؤسسات بالجماعة و الجهة، و القيادات التربوية، من نواب و رؤساء الأقسام و المصالح، و مدراء المؤسسات، بكل اختصاصاتها و تخصصاتها المجالية، من الأقاليم التسع المكونة  للجهة (فاس، مكناس، الحاجب، إفران، صفرو، مولاي يعقوب، بولمان، تازة،و تاونات)، يتقدمهم كلاًّ  من المدير الإقليمي للوزارة بتاونات، الأستاذ زهير الشهبي، و مدير الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين، السيد محمد دالي، الذي ألقى كلمة تربوية متميزة شدت أسماع الحضور مباشرة بعد ترديد النشيد الوطني و التبرك بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها أحد تلامذة المؤسسة المستضيفة.
فقرات برنامج الملتقى الشعري التلاميذي تضمنت، علاوةً على ما سبق، قراءات لقصائد التلاميذ و التلميذات  الفائزة في أهم لغات العالم (العربية، الأمازيغية، الأنجليزية، الألمانية، و الفرنسية)،و قصائد أخرى لبعض فطالحة الشعر العربي بالجهة، كالشاعر الدكتور عبد السلام المساوي، و اسماعيل علالي و عادل لطفي و محمد جبار؛ علاوة على قراءة نقدية في إبداعات التلاميذ الشعراء و التي قدمها الدكتور محمد بودويك، و كذا وصلات موسيقية و فولكلورية عرضتها  تلميذات و تلاميذ مؤسستي للامريم الإعدادية و المنصور الذهبي التأهيلية، و التي كان لها  دور الأوركيسترا و المايسترو  في التنسيق بين فقرات المهرجان، و حضيت باهتمام و إنصات عميق للجمهور الكبير  الذي ضاقت به الخيام العريضة التي نصبت على مساحة تفوق المائتي متر طولا، ترجمته التصفيقات الحارة للمتابِعين  .
واختتمت فعاليات المهرجان بتوزيع الجوائز على أبطال— في الواقع بطلات-- الكلمة المعبرة و الإحساس المتفرد، بحكم أن 96  بالمائة من المتوجين كُنَّ/هُنَّ تلميذات ! فمن أصل 11 جائزة، عادت 09 منها للتلميذات، أحدها فازت بها التلميذة ندى حيجي التي تدرس بالأولى باك علوم رياضية بثانوية الوحدة التأهيلية ؛ أكثر من هذا أن معظم المتوجات لهن خلفيةً علميةً و يتابعن دراستهن بمدارس العلوم الحقة، التي  تعتبر فيها ( x و y)، و المتطابقات الهامة و المعادلات الكيميائية، العملة المتداولة و لغة الإشارة بين الأساتذة و المتعلمين.
و في انتظار أن تأخذ الأكاديمية الجهوية بعين الإعتبار التفكير  في تنظيم مسابقات جهوية في كافة المجالات التي تمس حياة التلميذ المغربي و مستقبله، خاصة في ميدان العلوم و الإختراع و المعلوميات، وباقي الأجناس الفنية، لابد،في النهاية، من القول بأن مهرجاناً من الحجم الذي حضرناه و عايناه يوم أمس بتيسة  كلَّف الكثير  من الوقت و  المجهودات الفكرية و البدنية، و يقف وراء إنجاحه العديد من جنود الخفاء الذين قدَّموا إنجازاً يستحق أن يُكتَبَ بمداد من فخر  و يُحتَفَظ  به في ذاكرة  كل من بلدية تسية و أرشيف المديرية الإقليمية  بتاونات و الأكاديمية الجهوية لجهة فاس-مكناس، لأن هذه المؤسسات مجتمعةً  نجحت في تحقيق العديد من الأهداف التربوية، لعل أعلاها إعادة الإعتبار  لقيمة الشعر و قدرته على " تهذيب النفس و السمو بالروح و الرقي بالذوق"، و أوسطها جعل المؤسسات التربوية متدفقة بالحياة و أكثر جاذبية للناشئة، و أدناها الإحتفاء بقيمة التعاون و التواصل و الإبداع.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-