بنحمزة يقترح برنامجا إصلاحيا للتعليم الديني بالمدرسة المغربية

د.مصطفى بن حمزة*

أولا: برنامج إصلاح التعليم العمومي والخاص

إن بلاغ الديوان الملكي المعبر عن إرادة إمارة المومنين ورؤيتها لإصلاح التعليم الديني قد تضمن محاور يجب أن تعتبر معالم وحدودا يجب أن لايحيد عنها أي إصلاح مقترح، والمتعين هو تحليل تلك المضامين وأجرأتها وتفريغها في مجزوءات تربوية قابلة للتنفيذ، وهاته المضامين التي تمثل معالم ومرتكزات يقوم عليها الإصلاح هي:

1.المرتكز الأول:

إعطاء أهمية أكبر للقيم الإسلامية السمحة، وتنزيلها ضمن عناوين دراسية.

2.المرتكز الثاني:

الاستناد إلى المذهب المالكي في ثلاثة من جوانبه هي: سنيته ووسطيته واعتداله، وإبراز كل الأبواب التي تمثل هذه الجوانب.

3. المرتكز الثالث:

إبراز قيم الإسلام في التسامح والتعايش مع مختلف الحضارات والثقافات الإنسانية.

وتحت كل مرتكز عناوين صغرى تنتمي إليه وتتضافر مجتمعة في تكوين مضمونه العام.

المرتكز الأول: إيلاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة.

إن معالجة هذا المرتكز تقتضي دراسة ثلاثة عناصر:

أ.مفهوم القيم وسمتها في المنظومة التربوية الإسلامية.

ب.استعراض جملة من القيم التي تكتسي أولوية بحكم الواقع المجتمعي.

ج. تشخيص معنى السماحة في الشريعة الإسلامية كما نظر لها علماء الشريعة.

أولا: الحديث عن القيم:

إن حديث بلاغ الديوان الملكي عن ضرورة إيلاء أهمية أكبر للقيم الإسلامية السمحة،هو لفت نظر إلى الفراغ الذي طالما عانت منه المنظومة التربوية لما قصرت في إدماج القيم في كثير من المجزوءات التعليمية في المواد التي تتيح فرصة كبيرة لإبراز القيم التي يسعى الإسلام إلى تركيزها في نفوس الأفراد، وفي واقع المجتمعات.

والقيم التي لفت البلاغ إليها النظر هي روح التربية ولبها وخلاصتها، لأنها قيم مباشرة تتعامل مع ذات الإنسان وهي يقينية ومحايدة بسبب أن مصدرها إلهي، وهي لذلك لا تنتصر لفصيل مجتمعي ضد آخر،والواجب أن تكون المواد الدراسية كلها مداخل مؤدية إليها.

والقيم التي تنسب إلى الإسلام هي القيم التي استمدت من نصوص الكتاب والسنة باعتبارهما مصدري الاستقاء في الإسلام، مثلما استمدت منهما العقيدة والرؤية الوجودية للكون، وباقي أحكام الشريعة.

وإيلاء الأهمية يجب أن يتشخص في إجراءات عملية من أهمها تكثيف الحصص الدراسية، والرفع من معاملاتها، واحتسابها في نجاح التلميذ حتى لا يكون وجودها في المقرر الدراسي شكليا غير مؤثر في نتائج التمدرس.

إن الإسلام يقيم بناءه القيمي على نظرية تضافر القيم وتوازنها، لأن القيمة الواحدة غير قادرة على ضبط حركة المجتمع حتى لا يطغى توجه معين على غيره، فقيمة الحرية مثلا مقترنة بقيمة المسؤولية عموما، وبالمسؤولية عن سلامة المجتمع تحديدا.

ولا تستمد أي قيمة مشروعيتها الدينية إلا إذا أمكن إرجاعها إلى نصوص الكتاب والسنة، لأن ما هو ديني إنما يعبر عن مراد الله من البشر، وليس معبرا عن مراد البشر من البشر.

وبالإمكان تحديد جملة من القيم التي أصبح الواقع الاجتماعي يستدعي مزيد اهتمام بها، وتعريف بتمثلاتها وآثارها الاجتماعية.

من تلك القيم:

-قيمة العبادة التي يجب تصريفها إلى قيم دينية وأخرى دنيوية، ليكون التمسك بها نوعا من التدين المتوازن.

-قيمة الانتماء للوطن، والعمل من أجل رقيه، والدفاع عن مصالحه.

-قيمة الانتماء للأمة الإسلامية في مزاوجة بينها وبين قيمة الانتماء للوطن.

-قيمة الانصهار في الجماعة والانضباط لها وعدم الشذوذ عنها.

-قيمة الفعل التطوعي المعبر عن الانتماء العملي للجماعة في نطاق أداء الواجب الكفائي.

-قيمة تحقيق أمن الجماعة والحفاظ عليه.

-قيمة المسؤولية والالتزام والانضباط في المواقف.

-قيمة الاحترام الطوعي للقوانين الضابطة للسلوك الاجتماعي.

-قيمة المقابلة بين الحق والواجب.

-قيمة المساواة بين الناس وبين الجنسين، مع استحضار أنواع من التميز التشريعي التي أولاها الإسلام المرأة.

-قيمة الجودة والإتقان في العمل وأداء الواجب.

-قيمة الرفق ونبذ العنف في اللفظ وفي السلوك.

-قيمة العدل في التعامل مع الغير.

-قيمة العدل في الحياة الأسرية بين الأزواج ومع الأصول والفروع والحواشي والأقارب.

-قيمة العدل في تقدير الأشياء ووزنها.

-قيمة العدل في المواقف وفي الأقوال، وإذا قلتم فاعدلوا.

-قيمة العدل في العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين، والمشتغلين والمشغلين، وفي المؤسسات التعليمية.

-قيمة العدل والإنصاف مع المخالفين، ﴿ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾[ المائدة 09].

-قيمة احترام الرأي الآخر، والمجادلة بالتي هي أحسن.

-قيمة الصبر على الغير، وتحمل التصرفات غير اللائقة.

-قيمة الوفاء للأهل وللوطن وللأصدقاء وللمبادئ.

-قيمة الصدق في القول وفي الموقف.

-قيمة احترام حقوق الإنسان، انطلاقا من تصنيف المصادر الإسلامية للحقوق إلى حقوق لله، وحقوق للعباد خالصة أو مشتركة.

-قيمة الإحساس بالجمال المادي والمعنوي في الطبيعة وفي الأخلاق والسلوك.

-قيمة احترام البيئة وحماية المجال من خلال استعراض أحكام المياه، ونظرية حريم الأنهار والأشجار والمدن، ومن خلال استعراض أحكام الأهوية والأدخنة، ومن خلال استعراض أحكام البناء، ومنخلال استعراض أحكام الصيد وحماية الحيوان.

-قيمة احترام حقوق الإنسان.

الحقوق الأساسية للإنسان من خلال دراسة الكليات الخمس:

1.حق الإنسان في الحياة، وحماية الإسلام للحق في الحياة.

2.حق الإنسان في الصحة الجيدة.

3.حق الإنسان في التفكير والتأمل، وحماية عقله من كل ما يعطله من المخدرات المادية والمعنوية.

4.حق الإنسان في امتلاك الثروة وتنميتها في نطاق الحلال.

5.حق الإنسان في الكرامة وحفظ العرض.

6.حق الإنسان في تكوين الأسرة والاستمتاع بالنسل.

الحقوق الخاصة.

حقوق الأزواج على بعضهم.

حقوق الأبناء على الآباء،ومنها حقوق الأطفال.

حقوق الآباء على الأبناء ومنها: حقوق العجزة والمسنين.

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.

حقوق العمال والمستخدمين.

حقوق أرباب العمل والمشغلين.

حقوق الجوار بين الأفراد وبين الدول الإسلامية وغيرها.

ثانيا: الحديث عن السماحة:

لقد تحدث البلاغ عن ضرورة تناول مفهوم السماحة ضمن الحديث عن القيم، والمتعين أن تضبط السماحة حتى لا تظل مفهوما فضفاضا قد لا يعني أي شيء.

والسماحة كما يجب أن تعرف هي تلك التي عرضت لها المصادر الإسلامية، ومنها كتب مقاصد الشريعة على الأخص.

والسماحة هي ترك الغلو والتشدد والتنطع في الدين، وهي مستمدة من قول النبي صلى الله عليه وسلم :"هلك المتنطعون قالها ثلاثا"، ومن قوله عليه السلام: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق".

والأبواب التي تتمثل فيها السماحة كما يجب أن تدرس هي:

-باب اليسر ورفع الحرج في الشريعة، من خلال دراسة نظرية التكليف، وعدم التكليف بما لا يطاق.

- مظاهر رفع المشقة والتضييق، وإقرار الرخص في الكتب الأصولية.

- باب ابتناء الشريعة على الفطرة كما هو محرر في كتب المقاصد.

- باب الخروج من الخلاف حرصا على جمع الكلمة.

مبحث تحقيق معنى البدعة كما حررها الإمام الشاطبي.

- باب مشروعية الاختلاف.

- باب التصويب الفقهي، وأن كل مجتهد مصيب.

- باب تغير الأحكام بتغير الأزمان والأحوال

- باب السياسة الشرعية.

- باب حكم الحاكم الذي يرفع الخلاف ويحسم النزاع.

المرتكز الثاني: تقديم المذهب المالكي في سنيته واعتداله.

إن المذهب المالكي هو امتداد لمذهب سني في عقيدته، ومدني في فقهه، تمتد جذوره إلى فتاوى عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وإلى فقهاء المدينة، وقد أخذ به المغاربة بعد أن عرفوا مذهب أبي حنيفة والأوزاعي، وقد وجدوا فيه شقا عقديا يتمثل في رفض البدع العقدية التي أسست للطائفية والنزاع وأضرت بالمسلمين،ووجد المغاربة في المذهب المالكي مرونة كبيرة لأنه يجمع بين الأخذ بالنص وبين تعقله وفهمه، كما وجدوا فيه أنه يقوم على أصول مرنة حققت قدرا غير يسير من التسامح.

ومن أجل استبانة سنية المذهب المالكي ووسطيته واعتداله يمكن تدريس القضايا التالية:

-نبذة عن المنشأ السني للمذهب، وكونه استرسالا وامتدادا لفقه أهل المدينة.

-تمسك مالك بالسنة النبوية وتأدبه مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

-نبذة عن موطأ مالك وعناية المغاربة بروايته وشرحه.

-موقف مالك من البدع العقدية، وحماية المذهب للجهات التي ساد فيها من التمزق والطائفية.

-موقف فقهاء المذهب من الصحابة وما يجب لهم من احترام وتوقير.

من الأصول والقواعد التي تحقق المرونة والتسامح بين المسلمين أصل دفع الضرر وجلب المصلحة وضمنه قواعد كثيرة منها قاعدة:

-المشقة تجلب التيسير.

-قاعدة الأمر إذا ضاق اتسع.

-لا ضرر ولا ضرار.

-الضرر يزال.

-الضرورات تبيح المحظورات.

-الضرر لا يزال بمثله.

-يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام.

-الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف.

-درء المفاسد أولى من جلب المصالح.

-الضرر يدفع بقدر الإمكان.

-الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة أو خاصة.

ومن القواعد المالكية التي أحدثت تسامحا بين المسلمين قول مالك بأن كل مجتهد في الفروع مصيب، على أساس أن الحق واحد لكنه غير معلوم، والكل مثاب سواء أصاب ذلك الحق المعين أو أخطاه.

ومن الأصول المالكية التي أحدثت تسامحا كبيرا.

-أصل مراعاة الخلاف.

-أصل الخروج من الخلاف خير من الوقوع فيه.

المرتكز الثالث: روح التسامح والتعايش مع الثقافات والحضارات الإنسانية.

إن تحقيق هذا المبتغى يتطلب تجلية الموقف الإسلامي الحقيقي من المخالفين، وذلك بدراسة القضايا ذات الصلة:

-موقف القرآن الكريم من قضية الاختلاف، وأن ذلك من مشيئة الله في الناس.﴿ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة﴾[هود: 118].﴿أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مومنين﴾[يونس: 99].

-اعتبار الإسلام اختلاف الناس آية من آيات الخلق.﴿ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم﴾[هود: 118]..

-تقديم موقف الإسلام لصورة مشرقة عن النبوات السابقة.

-دفاع القرآن عن الأنبياء، وتبرئتهم مما لحق بهم.

-نهي القرآن عن الإساءة إلى أي نبي من الأنبياء.﴿ولا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها﴾[الأحزاب: 69].﴿ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة﴾[المائدة: 77].

-إدراج القرآن الإيمان بكل النبوات ضمن مكون الإيمان الحقيقي.﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمومنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله﴾[البقرة: 284].

-تقرير الإسلام لمبدأ العصمة والبراءة من النقص وصفا لجميع الأنبياء.

-رؤية القرآن لأهل الكتاب رؤية منصفة.﴿ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون﴾[آل عمران: 113].﴿ومن أهل الكتاب من إن تامنه بقنطار يؤده إليك﴾[آل عمران: 74].

-دفاع القرآن عن المضطهدين من بني إسرائيل ممن نالهم ظلم فرعون: ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾[القصص: 04].

-تصوير القرآن للظلم الذي لحق بالنصارى لما أحرقوا في نار الأخدود، ﴿قتل أصحاب الاخدود النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمومنين شهود﴾[البروج: 4].

-بشارة القرآن بانتصار النصارى على المجوس مستقبلا.﴿ألم غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين﴾[الروم: 01].

-بناء القرآن للتعامل مع غير المسلمين على قاعدة العدل معهم والبر بهم والإحسان إليهم.﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾[الممتحنة: 08].

-تشريع الإسلام للارتباط الأسري مع الكتابيين بزواج ﴿المحصنات من الذين أوتوا الكتاب﴾[المائدة: 06].

-تقرير الفقه الإسلامي لحقوق المرأة الكتابية التي يتزوجها المسلم، فلا يفرض عليها أحكام دينه من صلاة أو صيام أو غير ذلك.

-تقرير الإسلام لأحكام التعاملات والمعاهدات معهم. وبناؤها على قاعدة الإنصاف.

-تقرير الإسلام للأحكام الاجتماعية مع غير المسلمين، ومنها عيادتهم وتهنئتهم، وتعزيتهم ومواساتهم.

- الإحسان الطوعي إليهم.﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله﴾[الإنسان: 08]. وقد كان الأسير غير مسلم.

- دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإحسان إلى ذوي الحاجة من المخالفين.

-نهي القرآن المسلمين عن عدم الإنفاق على غيرهم بموجب قوله تعالى: ﴿ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون﴾[البقرة: 271].

-إحداث المسلمين لعلم يضبط التعامل مع غيرهم، وهو علم السير، وهو علم يحدد حقوق المخالفين للمسلمين، ومنها:

- حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية.

- صيانة معابدهم وتمكينهم من إحياء أعيادهم ومناسباتهم وعدم مضايقتهم فيها.

- حماية أموالهم وممتلكاتهم.

- احترام إنسانيتهم، وتمكين فقرائهم من الاستفادة من أموال الدولة في إطار المساعدة المقررة للفقراء. - حماية وجودهم والدفاع عنهم ضد عدوهم إذا كانوا مواطنين، أو كان لهم مع المسلمين عهد للدفاع المشترك.

- دراسة نص وثيقة المدينة المنورة.

- دراسة العهدة العمرية مع نصارى الشام، وما تضمنته من حقوق.

- الوضع الديني والاقتصادي والاجتماعي للمخالفين في بلاد المسلمين.

- حماية اليهود في الأندلس.

- لجوء اليهود إلى البلاد الإسلامية فرارا من الاضطهاد.

ثانيا: إصلاح برامج التعليم العتيق.

أولا: أي إصلاح للتعليم العتيق؟.

إن قضية إصلاح برامج التعليم بالمدرسة العتيقة هي قضية مصيرية يتوقف على النجاح فيها سلامة النموذج المغربي في التدين، واستدامته على المديين المتوسط والبعيد، كما تتوقف عليها قدرة المغرب على حماية ذاته من كل المؤثرات التي من شأنها أن تخل بوحدته المذهبية وبسلامته الاجتماعية والسياسية، لأن التوتر قبل أن يكون حدثا عنيفا ومظهرا صاخبا، هو قبل ذلك فكرة خاطئة وتصور منحرف يصير التطرف أحد إفرازاته.

لذا فإن حسن تقدير نوع الإصلاح الذي يتطلبه البرنامج الدراسي بالمدرسة العتيقة يجب أن يتحدد على ضوء رصد قبلي للأهداف والغايات المتوخاة من هذا التعليم، وعلى ضوء ما يؤمله الأفراد والمجتمع منه، وكل هذا يلزم منهجيا بتقديم تمهيد عن الأهداف والمقاصد التي يريدها المجتمع من هذا التعليم.

أهداف يجب أن يضعها برنامج التعليم العتيق في الاعتبار.

إن الأهداف التي يتعين أن يراعيها التعليم العتيق،ويجعلها غاية يسعى إلى بلوغها أهداف متعددة، منها ما هو علمي معرفي، ومنها ما هو اجتماعي، ومنها ما هو وقائي حمائي.

أ.من أول الأهداف والمقاصد التي ترتسم في ذهن كل مغربي،وهو يدفع بولده إلى التعليم العتيق ابتداء من حفظ القرآن الكريم وانتهاء إلى تحصيل المعرفة بالأحكام الشرعية، توقه إلى إبلاغ ولده ذكرا كان أو أنثى إلى أن يتبوأ مصاف أهل العلم، وذلك بسبب ما ترسب في الذهن الجمعي من صورة مشرقة عن العلماء، وهي صورة أسستها إشادات القرآن المتكررة بأهل العلم، ثم رسخها ما للعلماء في نفوس الناس من مكانة وشفوف، مظهرهما النزول عند فتاواهم وأقوالهم. كما رسخ هذه الصورة ما للعلماء في تاريخ المغرب من مكانة عالية خلدتها تراجم أمثال: المتكلم أبي بكر السلالجي (ت564) والمفسر المحدث ابن عبد الجليل القصري (ت615) والمفسر الأصولي أبي عبد الله المزدغي (ت655) والمحدث الراوية ابن رشيد السبتي (ت692) والعالم الصوفي الشيخ أحمد زروق (ت899) والحافظ أحمد بن يوسف الفاسي (ت1021) وغير هؤلاء من العلماء الذين شرفوا تاريخ المغرب.

ب.من الأهداف التي يجب أن يطمح إليها البرنامج الدراسي في التعليم العتيق،ضرورة إيجاد كفاءات علمية قوية قادرة على التعامل العلمي مع التراث الإسلامي، لأن مصادره تختزن علوم الشريعة وهي تتطلب الارتقاء إلى مستواها معرفيا،وذلك بإتقان لغتها واستيعاب حمولات مصطلحاتها، ليتأتى بعد ذلك تحيين تلك المعرفة من أجل مواكبة مستجدات العصر.

وهذا الجهد وإن بدا عسيرا فإنه ليس أشد عسرا مما يقوم به المنتسبون إلى ثقافات وحضارات أخرى من تواصل مع لغات قديمة لم تعد مستعملة إلا في المجال الديني كالآرامية والسريانية وغيرهما.

ج.إحداث حالة من الشعور بالاكتفاء العلمي وعدم الاحتياج إلى استجلاب الفتاوى والأحكام من منابر قد تكون لها خلفيات طائفية تستنبت الخلاف وتحرض على الصراع بين أفراد المجتمع، وهذا ما تضطلع به بعض المطبوعات العابرة للقارات، وما تؤديه بعض القنوات الفضائية التي تشيع فكر الخلاف والصراع وتسعى إلى تمكين أهلها من التمدد عبر العالم.

وكل هذا لا يمكن الحسم فيه إلا بوجود كفاءات علمية عالية يقتنع المواطنون بأهليتها وجدارتها للقول في الدين ليتخذوا منها مرجعا للمعرفة الشرعية.

أهمية إصلاح برامج التعليم العتيق حاليا.

إن الاشتغال على إصلاح برامج التعليم العتيق يكتسي من الأهمية والجدوى بقدر ما يستحضر القائمون عليه كل الأبعاد والغايات الدينية والمعرفية والاجتماعية التي يحققها لفائدة الأمة.

وبالإمكان الإشارة إلى الدواعي التالية:

الداعي الأول:

إن هذا التعليم ظل عبر تاريخ المغرب هو الذي يوفر المادة العلمية الشرعية التي تأسس على ضوئها وعلى هدي وبصيرة منها أنموذج التدين المغربي الذي يحترم ثوابت المغرب.

وحين يقع الحديث عن الثوابت المغربية، فإن ذلك لا يعني أبدا السعي إلى إقامة حدود أو حواجز عقدية أو فقهية عازلة، كما لا يعني أيضا حرصا على إثبات التميز والخصوصية، وإنما يعني شيئا آخر هو أكثر أهمية، هو أن المغرب لم يستقر على اختياراته إلا بعد أن عانى من التفرقة والتشظي مما خلفه صراع المذاهب لمدة اقتربت من ثلاثة قرون.

وميزة هذه الثوابت التي تأصلت في الذهنية المغربية منذ زمن مبكر من تاريخ المغرب، أنها شكلت صمام أمان، وحماية قوية وممانعة ذاتية ضد كل الآراء والأهواء التي كانت تستهدف خلخلة الوحدة الدينية والثقافية للمغرب.

الداعي الثاني:

وأما الداعي الموضوعي الثاني الذي يوجب الاهتمام ببرامج التعليم العتيق ودعمها وتقويتها، فهو داع آني مستوحى من متابعة ما يتم على الساحة الإسلامية من محاولة رسم خريطة تدينية جديدة تسعى إلى فرضها مذاهب عقدية لها تطلع واستشراف للتمدد والتوسع في كل أرجاء العالم الإسلامي، ولا أحد يمكنه أن يفهم كثيرا من الأحداث الدموية التي تقع في العالم الإسلامي دون أن يستحضر معطيات عقدية أدت إلى الاستقطاب الحاد الذي انتهى إلى إيقاد حرب المساجد وتفجيرها وقتل المصلين الآمنين بها، وإلى القتل الذريع على الاسم والهوية.

وأمام هذا الوضع فإن أفضل مقاربة وأهم مشروع حمائي يجب أن يختار هو تثبيت المعرفة الشرعية، وتوسيع نطاقها، وتمكين المواطن مما يحمي به نفسه عقديا، ويرد به غارات الاجتذاب التي تشنها الفضائيات الكثيرة،وتنشرها الكتابات العديدة، وتعمل من أجلها خلايا يقظة وأخرى نائمة.

الداعي الثالث:

وأما ثالث الدواعي التي تسبغ على التعليم العتيق أهمية قصوى إلى جانب كل ما سبق ذكره، فهو ما أصبح يمثله واقعيا من تمكين المغرب من قدرة فائقة على مد جسور التواصل مع شعوب إسلامية تشترك معه في هذا التعليم، وترى أن المغرب بحكم احتضانه لجامعة القرويين يحتل موقع الريادة والأستاذية، ففي إفريقيا وفي الخليج مسلمون كثيرون يأخذون بالفقه المالكي الذي سبق لأجدادهم ولبعض طلاب جامعة القرويين أن استقوه مشافهة من علماء القرويين أو درسوه في مصادره المغربية.

ولعل الزيارات الملكية المتعددة لبعض البلاد الإفريقية، قد كشفت بوضوح وجلاء عن رصيد الاحترام الذي يكنه الأفارقة للمغرب بحكم الصلة العلمية والاشتراك في المذهب والالتزام بإمارة المومنين.

وبالإضافة إلى هذا البعد الإفريقي، فإن التعليم العتيق يؤدي وظائف أخرى كبيرة في فضاءات واسعة للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وقد أصبحت الجالية تجد في خريجي هذا التعليم الملاذ من كل الدعوات إلى مذاهب عقدية أخرى، وأصبح خريج هذا التعليم هو وحده القادر على حماية تدين المغاربة المقيمين بديار المهجر، وعلى إقرار السلم الاجتماعي بين المسلمين، ولعل بعض الدول الإسلامية أن تكون قد استشعرت ما يحققه وجود خريجي التعليم العتيق المغربي المؤسس على المعرفة الشرعية الصحيحة وعلى الوسطية والاعتدال، ولذلك أصبحت بعض دول الخليج العربي تستقدمهم وتستفيد من تكويناتهم.

وبعبارة أخرى فإن هذا التعليم العتيق قد أعطى الكثير، فجلّى الحضارة الإسلامية وحقق الإنجاز المعرفي، فلم يوجد في تاريخ المغرب عالم ولا فيلسوف ولا طبيب ولا قاض ولا شاعر، ولا أي منتسب إلى أي حقل معرفي، إلا وهو خريج هذا التعليم وصنيعته، لأنه لم يكن في المغرب تعليم آخر يوازيه أو ينافسه.

وقد استمر هذا التعليم مناضلا عن الهوية المغربية، ومدافعا عن المغرب في كل الفترات العصيبة، يحمي حدوده المعنوية من هجمات الخارج ومن اختلالات الداخل، فكان لذلك السبب موضع الاستهداف، ففوقت إليه سهام مصمية، وكان لسلطات الحماية إرادة قوية في إنهاء دور هذا التعليم.

لكن العناية الإلهية تداركت هذا التعليم، فوفق الله جلالة الملك الحسن الثاني إلى إنشاء دار الحديث الحسنية في لحظة زمنية فارقة، فاجتمعت بقية من العلماء المغاربة على نقل معارفهم إلى جيل جديد من العلماء، أنجزوا بحوثا علمية عديدة، وقدموا المعرفة الشرعية وهم الآن يقودون حركة علمية وفكرية قوية.

اقتراح مشروع لإصلاح التعليم العتيق

بعد هذا الرصد الذي لم يكن منه بد على سبيل إحداث الوعي الحقيقي بأهمية التعليم العتيق وبجدواه وفائدته، وما يمكن أن يؤديه إلى الوطن، فإن من شأن هذا الوعي أن يغير الرؤية النمطية لهذا التعليم فلا ينظر إليه على أنه مجرد تراث وموروث ثقافي ماضوي يتعامل معه بشيء من الحميمية والنوسطالجيا في أحسن الأحوال، وإنما يجب اعتماده وبقوة أسلوبا للحماية الاجتماعية، وتبيئته ضمن مكونات المنظومة التربوية المغربية، ليستفيد من جميع إمكانات الدولة المادية ومن جميع مواردها البشرية.

وسيرا على نهج الإصلاح والتطوير، فإنه يمكن تسجيل ملاحظات ومقترحات أرى أنه يتعين أخذها بعين الاعتبار، والتأسيس عليها وأجرأتها ضمن برنامج قادم للتعليم العتيق يتحقق به إنصاف هذا التعليم وتمكينه من الارتقاء والتطور، ومساعدته على أن يؤدي أداء جيدا يناسب رسالته وأهميته.

لا بد من الاتفاق على تحديد الأهداف والمقاصد المتوخاة من تكوين الطالب بالتعليم العتيق وضبطها ضبطا جيدا، وعلى ضوئها يتم وضع برنامج للإصلاح، وهي أهداف تتلخص في تكوين شخص ترى فيه الأمة أنه من أهل العلم، وتثق بمعرفته وتأتمنه على تدينها وتسأله عن معضلاتها الحياتية حتى لا تتشوف إلى غيره، وحتى يتفادى بذلك الالتفاف إرباك الحياة التدينية بتداخل المذاهب الفقهية وصراع المذاهب العقدية ذات الارتباطات والغايات السياسية أيضا.

والمؤمل أيضا من هذا التعليم أن يبني قيادات فكرية تنتهج نهج كل العلماء الذين استفاد الوطن من وجودهم بما أحدثوا فيه من إصلاح، وحموا الهوية وحملوا قضايا أمتهم هموما شاغلة يعيشون من أجلها.

والمنتظر من التعليم العتيق أن يهيئ كل الأطر العاملة على مستوى المؤسسات الدينية من مساجد ومجالس علمية ومنتديات دينية، وهذه وظائف لا تقبل التعطيل ولا تحتمل التأجيل وإلا تولاها من يسيء بها إلى الأمة.

والمنتظر أن يكون خريج التعليم العتيق مثقفا قادرا على الإسهام في الحوار الحضاري بين الثقافات، وعلى تقديم الإسلام بوجهه الرائق الذي يبعث إلى الناس رسائل الطمأنة والسلام.

إن وضع هذه الغايات النبيلة أمام الأعين واستحضارها يتطلب وضع برنامج دراسي قوامه:

1.حفظ القرآن الكريم برواية ورش عن نافع، لأن ذلك هو المؤهل الأساس للحضور في الحياة الدينية بتولي مهمات الإمامة خصوصا والتدريس والإفتاء.

مع الإشارة إلى أن حفظ القرآن ليس أمرا زائدا عن حاجة التكوين وإنما هو صلبها وعمادها، لأن القرآن هو موضع الشاهد في الدراسات العقدية والأصولية والفقهية واللغوية، وفي الجوانب القيمية والتربوية.

ولذلك وجب أن يستدل كل من يتحدث في أمر من أمور الدين عن سنده من القرآن أولا.

2.الاهتمام بكل المعارف الشرعية التي يأتي على رأسها بعد القرآن الاشتغال بالحديث النبوي رواية ودراية، وقد كان التقصير في هذا الجانب هو ما سهل على البعض الانسياق مع من يقول إن أهل المغرب هم أهل فروع فقهية وليس لهم علم بالسنة.

3.من مقتضيات هذه الأهداف الكبرى أن يعتمد التعليم العتيق أسلوبا يجعل المتلقي قادرا على التعامل المباشر مع المصادر الفقهية التي لها لغتها ومصطلحاتها ومناهجها في العرض وفي التحليل، وهذا يتطلب قراءة النصوص القديمة على شيوخ العلم، وعدم الاقتصار على الأخذ من الملخصات والمراجع التي كتبت بلغات إن كانت من جهة ميسرة، إلا أنها تفصل الطالب عن لغة التراث العلمي.

4.وصل خريجي التعليم العتيق بالثقافة المعاصرة وبالفكر العالمي الحديث ليتسنى لهم تمثله واستيعابه، وليسهموا في تطويره وترشيده.

5. تقوية حضور المواد الأدبية في البرنامج الدراسي وهي كفيلة بأن تكسب الطالب قدرة على الإبانة والتعبير عن آرائه والدفاع عنها.

6. من المطلوبات تمكين الطالب من استعمال لغة عربية حديثة تجعله قادرا على التواصل مع التيارات الحديثة في المجتمع.

7. تمكين التلميذ من اللغات الأجنبية إلى درجة المحاضرة والتأليف بها، لأن إتقانه لهذه اللغة يفتح أمامه آفاق التعامل مع العالم وإبلاغ رسالة الإسلام إلى الناس.

ومن مستلزمات بلوغ هذه الأهداف.

ضرورة المزاوجة بين مطلبين لا بد من الأخذ بهما معا وهما:

أ.الحفاظ على وحدة المنظومة التربوية المغربية باعتبارها كيانا متجانسا ومتكاملا.

ب.الإقرار أيضا بخصوصيات التعليم العتيق بما ينتظر منه من أجل بلوغ الأهداف التي سبق الحديث عنها. حتى لا يكرر هذا التعليم صورا من التعليم الديني هي موجودة بالفعل على مستويات التعليم الثانوي والجامعي.

ومن أجل ذلك فإنه يتعين:

1. احترام خصوصية هذا التعليم بمزجه بنصاب من مواد التعليم العمومي على أن يكون ذلك بنسبة 50% لما يناط به من تعميق المعرفة بالعلوم الشرعية، وباطلاع التلميذ على العلوم الأخرى المساعدة، لأن كل ضعف في المستوى المعرفي الشرعي يبقي الخريج على الهامش من الحياة التدينية ولا يساعد على تحقيق المقاصد الكبرى التي حددت لهذا التعليم، ومن أهمها: تكوين علماء الشريعة الذين ينتظر منهم التحقق من معرفة الشريعة.

2. تجب العناية بتحفيظ القرآن الكريم كاملا في مستوى الطور الأول، على أن يكون الحفظ متقنا تلاوة ورسما، فلا يتساهل في ذلك بأي ذريعة مهما بدت مقنعة، وذلك تفاديا لأن تستأثر بمهمة خدمة القرآن وتحفيظه جهات أخرى قد تنهض به وتسد الفراغ، وتلبي الحاجة المجتمعية إليه، لكنها قد توجه التلميذ على نحو قد لا يأخذ بثوابت التدين المغربي.

3. إعادة النظر في أطوار التعليم العتيق لتتكون من:

- طور أولي مدته 4 سنوات، يتم فيه التركيز على الاشتغال بالقرآن الكريم حفظا ورسما وأداء ومعرفة بأحكام التجويد، وقد تبين أن حفظ القرآن أصبح عاملا قويا من عوامل رغبة كثير من الشعوب الإسلامية في أهل القرآن، وتمكينهم من فرص العمل في دول كثيرة.

وتلقن خلال هذا الطور وبكيفية تصاعدية مبادئ النحو والفقه والتجويد والحساب مع استهداف جعل التلميذ متقنا لرسم القرآن وعارفا برموزه حتى يستمر ضبط الرسم سمة من سمات أهل القرآن بالمغرب.

- طور ابتدائي مدته 3 سنوات، ينتهي بحصول التلميذ على شهادة الدروس الابتدائية.

ومن خلال الطورين معا يكون التلميذ قد تلقى بعض المعارف الأساسية خصوصا وأن الذي يقع عمليا هو أن بعض التلاميذ قد ينقطعون عن الدراسة ليلوا مهمات الإمامة والأذان والخطابة على مستويات بعض القرى والمداشر.

- طور إعدادي مدته 3 سنوات، وينتهي بنيل شهادة الدروس الإعدادية.

- طور ثانوي مدته 3 سنوات يتوج بالحصول على شهادة البكالوريا في العلوم الشرعية.

- طور نهائي يتكون من مرحلتين:

مرحلة موازية للدراسة الجامعية مدتها 3 سنوات وتنتهي بتحصيل شهادة العالمية.

ومرحلة للتعليم العالي تنتهي بتحصيل شهادة الماستر وبتحضير شهادة الدكتوراه.

ومن شأن التعليم العتيق في مستواه العالي أن يتجاوز مستوى تكوين الأطر المتوسطة إلى تكوين قيادات فكرية من أهل الإفتاء والاجتهاد والنظر في النوازل والمستجدات، والمشاركة في الحوارات الحضارية وتأصيل المعرفة الشرعية.

وبعد إقرار أطوار التعليم يتعين:

1. التحقق من استيعاب التلميذ لمضامين كل مستوى بإجراء الامتحانات المعبرة عن المستوى الحقيقي للتلميذ، والقطع الصارم مع طريقة القفز على المستويات وإحراق المراحل التي تتم بواسطة عقد لجان للتقويم.

2. الحرص على استكمال ما هو مقرر في كل سنة حتى لا تكون في تكوين التلميذ ثغرات ناشئة عن عدم استكمال الدراسة.

3. يجب لا يسجل التلميذ في المستوى الابتدائي خصوصا إلا بعد التأكد من جودة حفظه للقرآن الكريم، وتحصيله لمبادئ العلوم التي تلقاها، ويتم هذا بإجراء اختبار شفوي تحضره لجنة متخصصة.

4. يجب منع تسلل من ليست له مؤهلات حفظ القرآن وإدراك المعارف المقررة في كل مستوى إلى المستوى الأعلى، لأن المستويات تتكامل، ولأن التالي منها يستند إلى المعرفة بالأسبق.

5. يجب ترتيب كل تلميذ ينتقل من الطور الأولي في السنة الأولى من الطور الابتدائي، وهي السنة الخامسة من التعليم العتيق، ولا يسمح لأي تلميذ بالانتقال إلى مستوى أعلى مهما تكن الذرائع، لأن وظيفة هذا التعليم هي المحافظة على المعرفة الشرعية لا إسداء الخدمات الاجتماعية، ولأن خريج التعليم يستشعر شيئا من عدم الجدية إذا سمح له بالقفز على المستويات دون بقية تلاميذ التعليم العمومي بالمغرب. ولأن الخريج يحصل على شهادة العالمية التي يجب أن تكون معبرة عن حصيلته العلمية.

6.التأكد من كون المشرفين التربويين والإداريين على مؤسسات التعليم العتيق مؤهلين لذلك علميا، وذلك باستظهارهم بشهادات تمنحها مؤسسات جامعية، أو تسلمها المجالس العلمية لخريجي بعض المدارس العتيقة في نظامها القديم.

7.تركيز مواد الامتحان وضم المتجانس منها بعضه إلى بعض من أجل اختصار أيام الامتحان.

8.وضع برامج مادية وأدبية لاستقبال بعض الطلبة الوافدين من إفريقيا وأوروبا وأمريكا على المغرب ليواصل التعليم العتيق أداء رسالته التي أداها عبر التاريخ نحو العالم الإسلامي.

9.تمكين الجالية المغربية من استحداث مدارس للتعليم العتيق بوساطة من المجلس الأوروبي للعلماء وبتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على غرار ما تستفيد منه بعض الجاليات الأجنبية من إنشاء مؤسسات لتعليمها الوطني ببلادنا.

10.الاهتمام برفع نسبة اشتراك المرأة في هذا التعليم، ووضع تكوين العالمات ضمن أولوياته، وتمكين المرأة في الأوساط القروية والحضرية من الالتحاق به، وذلك بتزويد المؤسسات من هذا النوع ببنية لاستقبال الفتيات الوافدات من الأوساط القروية والحضرية النائية.

11.تثبيت مجلس وطني خاص بالتعليم العتيق يكون من اختصاصاته اقتراح المواد الدراسية ومعالجة المشاكل المستجدة التي يفرزها العمل اليومي والتطور الاجتماعي.

12.توثيق الصلة القائمة تاريخيا بين مؤسسات التعليم العتيق ومؤسسة المسجد، وذلك بإلقاء بعض الدروس بها، لئلا يستشعر التلميذ أنه منفصل عن الشأن الديني، وحتى لا تترك منابر التدريس والوعظ والخطابة لمن لا يقوم بحقها.

13. الحرص على استدامة علاقات الاحترام والتوقير التي طبعت على الدوام علاقات العلماء بطلاب العلم.

14.اعتبارا للوظائف المتعددة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والتي ليس الإشراف على التعليم العتيق إلا وجها من أوجهها، فإنه يجب دعم المجهود المالي والتأطيري الذي تقوم به الوزارة في إشرافها على التعليم العتيق، وذلك بأن يعتبر توفير الدعم اللوجيستي له واحدا من أولويات الدولة.

15. إشراك المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى في الإشراف العلمي على مؤسسات التعليم العتيق وطنيا وجهويا.

16.إنجاز تقارير سنوية عن مسار التعليم العتيق، ورصد ما يحققه من أهدافه المرصودة التي تبرر الاستثمار القوي فيه.

* أستاذ التعليم العالي رئيس المجلس العلمي لوجدة عضو المجلس العلمي الأعلى


عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-