فاتحي: الشغيلة المغربية أصابها اليأس من هذه الحكومة، ولا ننتظر منها الكثير

في حوار مع الكاتب العام الأخ عبد الحميد فاتحي حول فاتح ماي 2016 بجريدة الاتحاد الاشتراكي:
                                     
سؤال 1: اختارت الفيدرالية الديمقراطية للشغل الاحتفال بفاتح ماي تحت شعار: (جبهة اجتماعية لمواجهة السياسة الحكومية اللاشعبية)، ما مغزى هذا الشعار؟

جواب: فاتح ماي لهذه السنة مناسبة للتأكد من مصداقية ما قلناه طيلة السنوات السابقة من عمر هذه الحكومة، والمتمثل في كون السياسة المعادية لحقوق الطبقة العاملة شكلت ثابتا في قرارات الحكومة بدءاً بتجميد الحوار الاجتماعي والتنكر للاتفاقات السابقة ورفض التفاوض المؤسس والمسؤول والإجهاز على صندوق المقاصة وإطلاق العنان لمنطق السوق الذي ألهب الأسعار وصولا إلى الإجهاز على مكتسب التقاعد.

في نفس الآن، اعتمدت الحكومة طيلة ولايتها خطابا سياسيا يمتح من مرجعيات غريبة على المجتمع السياسي والاجتماعي والثقافي المغربي، في سعي حثيث إلى تبخيس كل الحاملين لمواقف خلافية معها من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني، من خلال تسويق معادلة خاطئة بين المصلحين والمفسدين، بين الخير الذي يمثلونه والشر الذي يمثله الآخرون. كما درج هذا الخطاب الحكومي الغير المعهود على التوجه نحو إرباك التطورات السياسية الديمقراطية المؤسسة على دستور 2011، في الدعوة إلى الخلط بين أدوار المؤسسات وتعطيل الامتدادات القانونية التنظيمية للدستور الموكول إليها تكريس منطوق الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011، ومضامين دستور 2011.

لكل ذلك كان للجبهة النقابية رد فعل منذ المسيرة الوطنية ل ماي 2012 بين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، هذا التنسيق الذي سيتوسع ليشمل الاتحاد المغربي للشغل وأخيرا الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لمواجهة الاستهداف البين من طرف الحكومة لحقوق ومكتسبات المأجورين، وفي هذا السياق كانت إضرابات قطاعية وإضرابات عامة ومسيرات احتجاجية لوقف هذا التوجه المعادي للديمقراطيين المغاربة ولمختلف شرائح الطبقة العاملة.
لذا اخترنا قياسية الاحتفال الاحتجاج بالعيد الأممي فاتح ماي لهذه السنة تحت شعار: " جبهة اجتماعية لمواجهة السياسة الحكومية اللاشعبية " لمواصلة التنسيق النقابي وتوسيع هذا التنسيق إلى كل المكونات الوطنية الاجتماعية والمدنية لمواجهة الآثار الوخيمة لسياسة الحكومة.

سؤال 2: أين وصل الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف؟
جواب : منذ مجيء الحكومة الحالية، تعاملت بمقاربة جديدة مع موضوع الحوار الاجتماعي، فخلافا لمنطق الاستمرارية والوفاء بالالتزامات السابقة التي تفرضها المسؤولية الحكومية والإدارية والسياسية المتعارف عليه لدى الدول الديمقراطية، اختارت حكومة عبد الإله بنكيران ضرب كل التراكمات التي تحققت في مسألة المفاوضة الجماعية والحوار الاجتماعي، في تجاهل متعمد للاتفاقات الاجتماعية البانية لتلك التراكمات، انطلاقا من اتفاق فاتح غشت 1996 واتفاق فاتح محرم في عهد حكومة التناوب واتفاق 30 أبريل 2003 في عهد حكومة جطو واتفاق 26 أبريل 2011 في عهد حكومة عباس الفاسي، هذا الاتفاق الذي أسس لتقاليد في الحوار الاجتماعي من خلال دورتين في السنة شهري أبريل وشتنبر.
اللقاءات التي عقدتها هذه الحكومة مع المركزيات النقابية، تمت خارج سياقات المأسسة وخارج الأجندات المألوفة، وتركت الحكومة لنفسها حرية اختيار الزمن الذي تعقد فيه هذه الاجتماعات التي تحولت إلى جلسات استماع لا غير، ولم تنتج طيلة أربع سنوات أي إجراء يذكر لصالح الطبقة العاملة، لذلك لا ننتظر شيئاً من الجولة الحالية للحوار الاجتماعي، رغم أن المحكومة في سبيل تمرير تعديلاتها المقياسية المتعلقة بالصندوق المغربي للتقاعد، تسعى إلى إغراء المركزيات بفئات التعويضات العائلية، وهو لأمر في تحقير للفعل النقابي أكثر مما هو تجاوب مع مطالب الطبقة العاملة

سؤال 3: يبدو أن بوادر فشل الحوار الاجتماعي ستخيم على احتفالات فاتح ماي لهذه السنة، ما أنتم فاعلون في مواجهة التعنت الحكومي ؟
جواب: أعتقد أن الشغيلة المغربية أصابها اليأس من هذه الحكومة ولا ننتظر منها الكثير ، فالسنوات الأربع الماضية كفيلة للتدليل على أن أولويات الحكومة هي تمرير كل الملفات التي تحسن صورتها لدى المؤسسات المانحة وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وليس من أولوياتها التوازنات الاجتماعية وقضايا الطبقة العاملة المغربية، هذه الطبقة التي عبرت أول مرة في مرة في تاريخها بالاحتجاج على السياسة الحكومية بمقاطعة فاتح ماي 2015، خلافا لكل أجراء العالم.
وعينا بهذا الواقع سيجعلنا نواصل نضالنا المشترك في إطار التنسيق النقابي بالانفتاح على كل القوى الديمقراطية والاجتماعية والمدنية لوقف هذا الهجوم الحكومي الممنهج على حقوق ومكتسبات الشغيلة المغربية وجماهير الشعب المغربي.
وإذا كنا في السابق اكتفينا بصيغ نضالية من مسيرات وإضرابات محدودة ومسؤولة مراعاة لأوضاع بلادنا وحفاظا على تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة خصوم وحدتنا الترابية، فإن الحكومة لا تدرك أن الاستجابة لمطالب الشغيلة المغربية هو تقوية لهذه الجبهة الداخلية وتعزيز لموقف بلادنا في مواجهة الخصوم.

سؤال 4: الفيدرالية ليست حاضرة في الجولة الحالية للحوار الاجتماعي، ماذا أعددتم لكيلا يتكرر إقصاؤكم مستقبلا؟
الجواب : نحن في الفيدرالية ندرك موقعنا، وكما تعلمون عشنا خلال السنتين الماضيتين صراعا قويا على عدة واجهات، الواجهة الحكومية من أجل الدفاع عن شرعية نتائج المؤتمر الوطني الرابع، الواجهة النقابية، لأن هناك إحدى المركزيات النقابية وفي خلط غير مستساغ بين الحزبي والنقابي تصفية لحسابات قديمة تحشرنا في نطاق لسنا فيه، الواجهة الداخلية لبناء مركزية قادرة تنظيميا وخطابا واقتراحا على أن تكون رقما فاعلا في المشهد النقابي الوطني.
في الجولة الحالية، نظمنا وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 12 أبريل 2016 أمام ملحقة رئاسة الحكومة احتجاجا على إقصائنا ودفاعا عن الشرعية، وفعلا التقينا السيد رئيس الحكومة الذي حسم أمر الشرعية باعتبارنا الممثلين الشرعيين للفيدرالية، ووعدنا بأنه سيستدعينا للحوار الاجتماعي، إلا أنه لحد الساعة لم نتوصل بأية دعوة في هذا الاتجاه.
لكن عدم حضور جلسات الحوار الاجتماعي لا يعني أننا سنبقى مكتوفي الأيدي، فالنقابة المقربة من حزب السيد رئيس الحكومة، كانت في نفس وضعنا الحالي وكانت تحضر جلسات الحوار حتى في عهد الحكومات السابقة، لذلك نتساءل عن منطق الكيل بمكيالين لدى السيد رئيس الحكومة، وسنبقى مصرين على أن نشرك في الحوار لأننا النقابة الثالثة في القطاع العام والثانية في الوظيفة العمومية.

والحوار الاجتماعي لا يصنع النقابات الجادة، بل النضال المسؤول والوفاء لقضايا الطبقة العاملة هو الذي يخلق النقابات الوطنية الديمقراطية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-