دينامية الجماعات

الحسين وبا

 عودتنا إلى هذا الموضوع بالذات ، اقتضته مجموعة من الشروط البيداغوجية و المهنية التي أملاها علينا واقع العملية التعليمية المرتبك داخل حجرات مدارسنا التعليمية . هذا الارتباك و البرود اللذان يتجليان في غياب العمل الجماعي رغم ديناميتة ونجا عته التربوية .
فما الذي يجعل طرائق تعليمنا إلي يومنا هذا لا تستجيب للعمل الجماعي وديناميته ؟
هل هي أزمة البرامج و المناهج ؟ أم هي أزمة تدبير الزمان  وبنية الاستقبالات أم شيء من هذا و ذاك؟
يقول ج.فيلو : " تتأسس كل جماعات عمل لتخلق شيئا لا يستطيع المرء إنتاجه بمفرده إلا جماعة القسم، فهي فريدة من حيث الهدف الذي تسعى إليه، إذ هي تتأسس لتخلق تحولات لدى أعضاء الجماعات أنفسهم". ويقول الدكتور خليل ميخائيل معوض "أن الجماعات وحدة اجتماعية تتكون من ثلاثة أشخاص فأكثرهم يتم بينهم تفاعل اجتماعي وعلاقات اجتماعية وتأثير انفعالي ونشاط متبادل على أساسه تتحدد الأدوار والمكانة الاجتماعية لأفراد الجماعة وفق المعايير وقيم الجماعة وإشباعا لحاجات أفرادها ورغباتها وسعيا لتحقيق أهداف الجماعة ذاتها".
من خلال التعريفين السابقين نستنتج أن مفهوم الجماعات ، لم يعد ينظر لها كتجمع كمي لعدد من الأفراد فقط ، وإنما أصبح ينظر إليها ككيان له خصوصيته وطبيعته الخاصة ، إذ أكدت العلوم الانسانية، أن هناك أبعادا تواصلية ووظيفية ونفسية واجتماعية تتحكم في تركيب الجماعة وتوجهها ،و بالتالي تخلق توازنها دون شعور ووعي مسبقين من أفرادها في غالب الأحيان .... هذا فضلا عن  أن الدراسات السيكوسيولوجية أثبتت أن للجماعات طبيعتها وقوانينها التي تتحكم فيها بغض النظر عن لأشخاص المكونين لها .وتجاوزا لكل التسميات والتعاريف للجماعات كالفريق والطاقم والمجموعة والخلية والخطابة والزمرة، فان هذا التعدد الاصطلاحي يأتي حسب طبيعة المهام المنوطة بهذه الجماعة أو تلك ولتنوعها الكمي أو الكيفي ، لأن الجماعة في الاول و الاخير لا تعني ركاما من الأشخاص فقط ، وإنما تعني مجموعة أو كتلة من الأعضاء المترابطين والمتفاعلين -عن وعي و بإرادة- في حقل معين من خلال معتقداتهم وقيمهم ووسائلهم وأهدافهم .
و نظرا لفعالية عمل الجماعات سواء في التواصل أوالفهم السريع و البلوغ الى بناء النتائج المثمرة نقول:  أن دينامية الجماعات كانت إحدى الخلاصات العلمية الميدانية، التي جاءت نتيجة التطور الذي عرفته العلوم الإنسانية في بداية القرن العشرين. وفي هذا المجال يمكن الاستشهاد بالجهود الجماعات الصغيرة بالإضافة الى الطريقة الكوزينية (كوزيني) التي هدف صاحبها إلى قلب الصورة النمطية المتحكمة للتعليم الكلاسيكي شكلا ومضمونا ،على اعتبار أن العملية التعليمية ليست في النهاية تحليلا للمعرفة بل تجاوزا لتلك المعرفة. ويتمثل هذا التجاوز في اعتبار التحصيل  المعرفي مجرد أولى الخطوات لتكوين تعلمات وافكار وعادات واتجاهات  و مواقف تيسر عملية توافق الطفل مع العالم ، وهذه العملية هي التي يجب أن تسعى إلى تحقيقها كل تربية تدعي لنفسها الحداثة والفعالية في خدمة النشء وتطويره.
-    فإلى أي حد تسمح البرامج المتبعة في مؤسساتنا التعليمية بممارسة العمل الجماعي على نحو الطريقة الكوزينية؟
-    ثم لماذا يختزل بعض رجال التعليم القيمة البيداغوجية للعمل الجماعي في بعض المواد دون غيرها؟

-الحسين وبا
مهتم بشؤون الطفولة
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-