تغييب مقصود لتمثيلية النقابات الأكثر تمثيلية في المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين

عبد المولى بوالزيت*

 تعتبر اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، فضاءات لتدارس أوضاع الموظفين أكثر منها آلية للتفاوض بشأن عدد من القضايا التي تهم الحياة المهنية والاجتماعية للموظفين، ذلك أن عملها ينحصر حاليا في المشاركة أو المساهمة إلى جانب الإدارة في إصدار قرارات تهم الوضعية الإدارية للموظفين. وهذا ما يكسب مهامها صفة “مهام وظيفية” عكس المنظمات المهنية والنقابية (1) التي تعتبر بدورها هيئات تمثيلية للموظفين والعمال، غير أنها لا توجد في جميع الادارات. لذلك نجد أن المشرع المغربي أقر بإجراء انتخابات لممثلي الموظفين داخل الإدارات العمومية لتشكيل هيئة استشارية تساهم في تدبير شؤون الموظفين(2). مع التذكير هنا أن كل ما يتعلق بالمطالب الجماعية يخرج من دائرة اختصاص ممثلي الموظفين باللجان الإدارية خصوصا بعد تدخل المشرع لترسيم الحدود الفاصلة بين مهام الممثل النقابي وممثل الموظفين من خلال النصوص المنظمة لعمل الهيئتين معا(3)، ليؤكد أن مطالب الموظفين هي من اختصاص الممثل النقابي فيما حصر مهام ممثل الموظفين باللجان الإدارية في تتبع الوضعية الإدارية للموظف. مع العلم أن المشرع المغربي ووفق مقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية(4) خول حرية الانخراط في النقابات بحيث ترك لجميع الموظفين حق الاختيار في الانخراط في أية نقابة من عدمه، باستثناء بعض الموظفين الممنوع عليهم الانتماء النقابي لخصوصية وظائفهم(5).

وبحكم أن المغرب كان خاضعا للاستعمار الفرنسي، فلقد اعتمد نظام تمثيل الموظفين المعتمد بفرنسا كما هو الشأن بالنسبة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية(6)، حيث يظهر التأثير واضحا من خلال مقتضيات المرسوم رقم 2.59.200 الصادر في 5 ماي 1959 المتعلق باللجان الإدارية والذي نص على ضرورة إحداث لجان ثنائية بمختلف الإدارات العمومية(7).ولقد سعى المشرع من خلال إقرار هذا النص إلى تمكين الموظفين من آليات لإشراكهم في بعض القرارات الصادرة عن الإدارة المتعلقة بحياتهم الإدارية والدفاع عن حقوقهم والضمانات المخولة للموظفين، آخذا في نفس الوقت بالحسبان أن مشاركة فاعلة لممثلي الموظفين، تمكن من تسيير فاعل، من خلال تحسين العلاقات داخل العمل وكوسيلة للإعلام والاتصال.

إن تشكيل وإحداث هذه اللجان وفي تلك الفترة (فترة الخمسينات من القرن الماضي) وتفعيل دورها، يعتبر شيئا له أهمية كبيرة، إذ تعتبر مؤسسة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء من أولى المؤسسات الاستشارية على الإطلاق التي تم تفعيلها منذ صدور المرسوم المؤسس لها، عكس العديد من المؤسسات الاستشارية الأخرى التي ظل وجودها مرتبط بذكر اسمها فقط وهذا ما يعطى قيمة مضافة لهذه المؤسسة داخل الإدارة المغربية(8).

ومن بين الأدوار الأساسية التي تم تخويلها لهذه المؤسسة هو اعتبارها طرفا فاعلا بالإدارة منذ ما يزيد عن 50 سنة من عمرها، من خلال مساهمتها في تطوير مفهوم وظيفة الموارد البشرية، وذلك بالإسهام في الانتقال من منطق التسيير القانوني الصرف لشؤون الموظفين إلى منطق التدبير الحديث للموارد البشرية، وإن كنا لم نحقق ذلك الهدف الكبير، والمحدد في تأهيل وتطويرالقدرات التدبيرية للإدارة المغربية وتحقيق “إدارة المرتفق”.

وبالرغم من ذلك، فإنه يجب الاعتراف، بأن هذا التمثيل في حد ذاته يعتبر مظهرا من مظاهر الديمقراطية ولا سيما عند اصداره في سنة 1959 حيث لم يكن بعد يعرف المغرب مؤسسات ديمقراطية ( البرلمان 1963)(9)، وهذا يدفعنا إلى الدعوة لإيلاء هذه المؤسسة التمثيلية الأهمية التي تليق بها، وذلك في سياق منظم ذو طابع مؤسساتي الشيء الذي يتطلب تدعيم ثقافة خاصة للموظفين العموميين عن طريق ممثليهم بتمكينهم من كافة المعلومات والبيانات التي من شأنها المساهمة في تطوير وضعياتهم والحفاظ على حقوقهم وتأهيلهم للرفع من قدراتهم المعرفية لتقديم خدمة عمومية جيدة تستجيب لحاجيات المرتفقين.

لقد عرف المرسوم رقم 2.59.200 السالف الذكر منذ صدوره، ست تعديلات كان آخرها سنة 2003(10)، وتعتبر تغييرات سنة 1997(11) أهم تعديل بحكم المستجدات التي أتت بها ولاسيما فيما يتعلق بتركيب اللجان وطرق ونمط الانتخابات واعتماد “الإطار” عوض “الدرجة” لتحديد عدد الممثلين باللجان دون الأخذ بعين الاعتبار لنسبتهم بكل درجة(12) ، وقد أدى هذا التعديل إلى جعل مجموعة من القواعد التي نص عليها الفصل 21(13) شبه معطلة مما ترتب عنه اللجوء إلى استثناءات الفصل 28، بسبب الصعوبات في عمل هذه اللجان هذا من جهة، ومن جهة أخرى تم تفعيل جهوية اللجان الإدارية ابتداء من سنة 1997 دون أن تتأهل مصالح الموارد البشرية بالإدارات العمومية لهذا الإصلاح، مما أدى في النهاية إلى إفراغ هذا من جوهره الأساسي، ذلك أن غياب إدارة جهوية حقيقية للموارد البشرية، نتج عنه ظهور مشاكل جديدة – كانت إدارتنا في غنى عنها – مما ترتب عنه اختلالات في تسوية وضعيات العديد من الموظفين، انطلاقا من الترقية في الرتبة إلى المجال التأديبي بالخصوص(14).

بالإضافة إلى ذلك، فالحركية الانتقالية للموظفين بين المصالح ولا سيما الخارجية منها، يؤثر بشكل سلبي على سير أعمالها بسبب تعذر ضمان حضور ممثلي الموظفين في أشغال اللجان المعنية(15)، كما تبين أن مشكل التكوين قد طغى كثيرا على أعمال هذه اللجان، ففي ظل غياب تأطير، لا من الإدارة أو الهيئات النقابية أثر بشكل سلبي على دورها، كما أن عدم إلمام كل طرف بالدور المنوط به داخل هذه اللجان (ممثلي الموظفين = ممثلي الإدارة) أثر على القرارات الصادرة عنها وجعل أحيانا الإدارة المركزية للوزارات تبدل مجهودات إضافية لمعالجة المشاكل الناتجة عن هذه الاختلالات كانت بالأمس القريب لا تعرفها إلا نادرا. إضافة إلى ذلك، فإن المصالح الخارجية للوزارات تعاني بشكل كبير من ضعف التأطير(16) بها مما ترتب عنه تعيين ممثلين للإدارة بهذه اللجان، يفتقدون إلى الكفاءة والمعرفة القانونية والإدارية التي تمكنهم من دراسة الملفات المعروضة عليهم بكل فعالية وكفاءة. ومن خلال عمل هذه اللجان، لوحظ عدم إلمامها بالمساطر الإدارية التي تدخل ضمن مجالات اختصاصاتها، لا من طرف ممثلي الإدارة ولا من طرف ممثلي الموظفين بل حتى المكلفين بالموارد البشرية بالمصالح الخارجية، ولا سيما في مجال التأديب.

وبالرغم من أهمية الإصلاحات الأخيرة، والتي سعى المشرع من خلالها إلى تفعيل جهوية في تدبير الموارد البشرية، فإنه قد تم تغييب هذا المعطى من خلال الفصل 2 من مرسوم 1959(17)، حيث تم ربط تكوين لجان جهوية بالاختصاص الترابي للمصالح الاممركزة، وسمح بإمكانية إحداث لجنة مختصة إزاء مجموعة من الأطر دون اشتراط رابط معين بينها (أعوان عموميين ومهندسين (. وهذا راجع بالخصوص إلى أن بعض القطاعات الإدارية، لا تغطي جميع التراب الوطني أو بسبب جميع الأطر وتكوين لجان يمكنها فعلا المساهمة في تدبير شؤون الموظفين.

كما أن هذه الجهوية، أدت إلى تجميد تمثيلية بعض الموظفين ولاسيما في حالة إحداث لجان تتألف من عدة أطر متباينة في سلالمها (السلم 10 والسلم 5 مثلا)، وهذا من نتائج تعديل الفصل 4 من مرسوم اللجان(18) والذي لم ينص على مبدأ المساواة في تمثيلية الدرجات داخل إطار معين، وهذا المعطى لا يعمل به عند تقديم الترشيحات، ذلك أنه قد يحصل أن يتم شل درجات بكاملها ولا نجد لها تمثيلا بهذه اللجان، وأحيانا أعوانا بسلالم دنيا يمثلون أطر عليا. ونفس الشيء بالنسبة للفصل 13 من نفس المرسوم بعد تعديله، طرح عدة إشكاليات وتعقيدات بحيث لم يشترط فيه لصحة لائحة معينة تغطية مجموع الدرجات مكونة لإطار معين وركز فقط على تساوي عدد المرشحين مع عدد الممثلين الرسميين والنواب، فترتب عن هذا الاجراء أن تصبح هذه اللجان في حالات عديدة مشلولة في حركيتها، ولا سيما إذا ترشح فقط أعضاء من درجات دنيا(19).

ولقد امتد هذا الاختلال بدوره إلى تمثيلية الموظفين داخل الهيئات الاستشارية، وهكذا نجد مثلا المجلس الأعلى للوظيفة العمومية يمثل به أعضاء ليست لهم الكفاءة المطلوبة. فالديمقراطية شيء مرغوب فيه، لكن اعتمادها أحيانا بدون قواعد محددة، قد يؤدي إلى غياب آليات لتفعيل الديمقراطية داخل مثل هذه المؤسسات، والتي يتطلب العمل بها التوفر على رصيد مهم من المعرفة القانونية والإدارية. كما أن مقتضيات هذا المرسوم لم تأخذ بعين الاعتبار المعطى المتعلق بأعداد موظفي كل وزارة، عند تحديد ممثلي الموظفين باللجان المركزية فمثلا بقطاع التربية الوطنية التي تشغل أزيد من 300 ألف موظف، فإن عدد ممثلي الموظفين الرسميين باللجان المركزية، التي لها اختصاص البت في الترقية في الدرجة هو 64 ممثلا، مقابل وزارة تحديث القطاعات العامة بأقل من 300 موظف ممثلة ب 16 ممثل باللجان المركزية بحكم أنها ليست لها مصالح خارجية.

أما إذا قمنا بدراسة مقارنة ولا سيما مع مدونة الشغل(20)، فالأمر مختلف تماما ولا مجال للمقارنة، فإذا كان عدد ممثلي الموظفين بالنسبة ل 1000 موظف بلجنة معينة يخول 4 ممثلين رسميين(21) نجد في المقابل بالقطاع الخاص أن كل 1000 مستخدم يخول 9 مندوبين للإجراء، مما يطرح أكثر من علامة استفهام ؟ هل هناك نية لتحييد دور ممثلي المأجورين بقطاع الوظيفة العمومية على مستوى المؤسسات السياسية والإدارية ؟.

بالإضافة إلى هذه الفجوات، هناك إشكاليات جوهرية لابد من التذكير بها ويتعلق الأمر بمشكل صياغة النص في حد ذاته، فهناك مشكل الترجمة من الفرنسية إلى العربية، إذ نجد مفاهيم تختلف كليا كلما قرأناها بإحدى اللغتين، مع العلم أن النص الأصلي تم وضعه بالفرنسية مثل نظيره النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشكل ” تقادم” الفصول المتضمنة بمرسوم 1959، فهناك مفاهيم ومصطلحات قد تم تجاوزها بكثير وأصبحت تؤثر على العملية برمتها. وكذا مشكل عدم انسحاب نصوص هذا المرسوم، الذي يطرح بحدة بسبب عدم تطابق العديد من فصوله، كما هو الحال بالنسبة مثلا للفصلين 11 و 12 ولا سيما ما يتعلق بشرط آجال تعليق اللوائح، وهذا يتطلب حاليا، ضرورة مراجعة التواريخ المتعلقة بمختلف مراحل العملية الانتخابية. بل الأمر يتطلب مراجعة طريقة الانتخاب برمتها ومعالجة مشكل عدد الممثلين، وذلك لأجل تحقيق تماسك أكبر من خلال مكونات اللجان وجعلها فاعلة في حركيتها.

وفي إطار تسهيل مهام ممثلي المستخدمين، نجد أن المشرع(22) قد أقر بوضع رهن إشارة مندوبي العمال بالقطاع الخاص، الأماكن اللازمة ليتمكنوا من أداء مهامهم ولا سيما لعقد اجتماعاتهم، كما مكنهم من عقد اجتماعات داخل أوقات العمل حددها في 15 ساعة في الشهر بالنسبة لكل مندوب، ولهم الحق كذلك أن يعلنوا بواسطة ملصقات البيانات التي تقتضي مهمتهم إبلاغها إلى علم الأجراء وكذا الأماكن المخصصة لذلك داخل المؤسسة، في المقابل هناك انعدام تام لوجود مثل هذه الوسائل لدى ممثلي الموظفين باللجان الإدارية المتساوية الأعضاء(23).

وإذا كان العديد من الفاعلين يدعون إلى مأسسة الحوار الاجتماعي، فإن الأمر يتطلب إرساء قواعد نظامية لهذا الحوار، وكذا الشرعية التي يستند عليها الفاعلون الأساسيون في إدارة وإنجاح هذا الحوار، فإذا كانت مدونة الشغل الصادرة سنة 2003 قد حددت مفهوم النقابة الأكثر تمثيلية بالقطاع الخاص من خلال المادة 435، باستنادها على عدد المقاعد المحصل علها من طرف المناديب خلال العملية الانتخابية، فإن مثل هذه القواعد مغيبة عن قطاع الوظيفة العمومية ، ذلك أن ظهير 16 يوليوز 1957 الخاص بالنقابات(24) لم يتضمن معايير النقابة الأكثر تمثيلية، يمكن تطبيقها بالوظيفة العمومية، وبالتالي ظل هذا المجال متروكا لكل التأويلات، فبعض النقابات تستمد شرعية الأكثر تمثيلية من خلال تمثيليتها باللجان الإدارية المتساوية الأعضاء وأخرى من خلال نسبة انخراط موظفي إدارة معنية لديها، والبعض من خلال اللغة المعتمدة في خطاباتها ولا سيما خلال قترة الإضرابات.

إن مسألة تحديد المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا بقطاع الوظيفة العمومية تثير العديد من المشاكل، فلا يمكن إقرار مساواة مطلقة بين مختلف النقابات، مما يتطلب التمييز بينها على أساس الأكثر تمثيلا، وهذه الصفة لن تكتسبها إلا من خلال نسبة تمثيليتها باللجان، بحكم أن غالبية مترشحي اللجان غالبا ما يكونون منتمين لتنظيم نقابي معين، وأن تصويت الناخبين على لائحة معينة يعني . وأمام هذا الفراغ القانوني، فإن قواعد قانون الشغل(25) هي التي تؤطر حاليا عمل النقابات المهنية بقطاع الوظيفة العمومية ؟ مع العلم أن أجراء القطاع الخاص يختلفون كليا عن نظرائهم بالقطاع العام، بحكم أن هذا الأخير يهدف بالأساس إلى تحقيق أهداف ذات طبيعة عامة تهم جميع المواطنين عكس الأول.

كما تتطلب المرحلة الحالية، وسيرا على ما هو جاري به العمل لدى العديد من الدول الديمقراطية ولا سيما في فرنسا، أن يتم الترشيح للجان الإدارية باسم هيئات نقابية، وعند ترشح لا منتمين أن يكون ذلك وفق شروط محددة، تهدف بالأساس إلى مأسسة عمل اللجان وأن يكون الهدف من تواجدها، إقرار منظومة شاملة للحوار الاجتماعي، وأن يكون للجان الإدارية دورا محوريا في هذا الفضاء بحكم تضمنها لتمثيلية الموظفين، وهذا سيمكنها على مستوى الفعل من الانتقال من دور وظيفي محض إلى دور أكثر تأثيرا في وضعية الموظف من خلال مشاركتها في وضع السياسة الإدارية العامة .

إن مفهوم الديمقراطية والمشاركة في فترة الخمسينيات عند صدور النص المنظم لطريقة انتخاب وعمل اللجان الإدارية(26)، قد عرف تحولات كبرى من خلال تطور الفكر الإنساني الهائل خلال 50 سنة الأخيرة، فبالرغم من اعتماد منهجية معينة تتبنى إدخال تعديلات وتحسينات على هذا النص من منظور تجزيئي تحققت باتباعه مجموعة من التطويرات، إلا أنها قد أدت في المقابل إلى الإخلال بالانسجام العام بين بنوده(27) ، وهذا أثر بشكل كبير على عمل هذه اللجان .

فإذا كان نظام الانتخابات، قد تطور في المغرب منذ الستينات إلى الآن(28)، وتم الانتقال من الترشيح الفردي إلى الترشيح باللائحة، حسب قواعد محددة مع الأخذ بيعن الاعتبار لحجم سكان كل منطقة، فإنه لا يمكن تطبيق نفس قواعد الانتخابات بين إدارة تشغل أكثر من 300 الف موظف وإدارة تشغل 80 موظف وبين إدارة لها مصالح خارجية وأخرى ممركزة، فإن هذا المستجد يتعين الأخذ به في تشكيل اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، بتبسيط مسطرة الانتخاب من خلال اعتماد نظام مزدوج ، الاقتراع الفردي بالنسبة للوزارات الصغرى ولبعض فئات الموظفين الذين يكون عددهم قليل، ونظام اللائحة عن طريق التمثيل النسبي بالنسبة للإدارات الكبرى. كما أنه أصبح من الضروري اختيار نظام انتخابي للجن يسمح بفرز نخبة ذات كفاءة لتمثيل النقابات داخل المجالس الاستشارية، حيث أن الهيئة الناخبة لممثلي الموظفين هي الهيئة التي يتم الانتخاب منها من يمثل المأجورين بمجلس المستشارين وبالمجالس الجهوية والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية و المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد.

ومن خلال ما سبق، يتضح أن هذه الأجهزة الاستشارية لها أهميتها الإدارية والمهنية، غير أن الهيئات النقابية لا تعطيها الأهمية التي تستحقها من خلال التعريف بها وتعبئة منخرطيها عند انتخابها ووضع برامج والدفاع عنها بمناسبة انتخاب أعضائها . وهذا راجع بالأساس إلى عدم توفر النقابات على استراتجية محددة في ميدان الموارد البشرية، حيث أن العديد من النقابات أصبحت تهتم بالعمل السياسي أكثر من العمل النقابي، وبالتالي أصبحت عدة نقابات لا تتوفر على قدرات اقتراحية في ميدان الوظيفة العمومية، في الوقت الذي تحتكر فيه الإدارة المبادرة من خلال توفرها على الكفاءات البشرية. وقد تجلى هذا بشكل واضح، من خلال الحوار الاجتماعي بالمجلس الأعلى للوظيفة العمومية حيث أن الغالبية العظمى من الاقتراحات التي طرحت كانت بمبادرة من ممثلي الإدارة خلال مدة إنابته الأخيرة.

وتبعا لذلك، أصبح من الضروري إعادة النظر في القواعد القانونية والتنظيمية لتمثيلية الموظفين بالمجالس الاستشارية، خاصة المرسوم 1959 الذي أصبح متجاوزا في كثير من مقتضياته، رغم أن الإصلاحات أو الترميمات التي أدخلت عليه خصوصا سنتى 1997 و 2003 كان الهدف منها مواكبة الإصلاحات الدستورية التي أدخلت على مجلس المستشارين والمجالس الجهوية، فإنها لم تؤدي إلى ما كان يتوخى منها، وهذا يدفعنا إلى الدعوة لتبنى مجموعة من الإصلاحات تهم طريقة انتخاب اللجان ومجالات عملها نذكر منها :

    توسيع مجال اختصاصات اللجان الإدارية ليشمل مجالات جديدة منها ظروف العمل، الهيكلة الإدارية، مهام المسؤولية، المساهمة في رسم السياسة العامة للإدارة العامة أو الجماعة المحلية في مجال تدبير الموارد البشرية،
    الاستغناء عن البت في الترقية في الرتبة وتعويضها بالبث في عملية التنقيط المؤثرة في نسق الترقي وفق ميكانيزمات محددة،
    أن يقتصر دورها على البت في حالات رفض الترسيم وليس الترسيم برمته،
    إقرار طريقة لتأهيل ممثلي اللجان غير المنتمين عند وضع ترشيحاتهم،
    ربط الحوار الاجتماعي بالنسبة للنقابات الأكثر تمثيلية من خلال نسبة الأصوات وعدد المقاعد المحصل عليها،
    فتح إمكانية اجتماع اللجان من تلقاء نفسها وفق قواعد معينة مثلا ، إما بطلب من الموظف المتضرر (تنقيط، مشاكل مع الرؤساء، الانتقال…) أو بطلب من نصف أعضائها، مماثلة القواعد المطبقة على مندوبي الاجراء بالقطاع الخاص المتعلقة بعدد المقاعد مقابل عدد الهيئات الناخبة،
    تبنى قواعد نظامية جديدة لانتخاب ممثلي الموظفين باللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، تراعى فيها على الخصوص عدد موظفي كل إدارة وامتدادها الترابي،
    الأخذ بالبعد الجهوي لتنظيم الإدارات العمومية،
    الأخذ بعين الاعتبار لواقع الجماعات المحلية، خاصة بعد تعديل النصوص القانونية المنظمة للجماعات الحضرية والقروية والأقاليم والعمالات لسنتي 2003 و 2008 ،
    تبني مقتضيات جديدة تنظم مجال الدعاية الانتخابية.

 هوامش

 ظهير شريف رقم 1.57.119 بتاريخ ذي الحجة 1377 (24 يوليوز 1957) بشلأن النقابات المهنية – ج.ر بتاريخ غشت 1958 ص 1937.

    المقصود اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء،
    اللجان الإدارية والنقابات المهنية،
    ظهير شريف رقم 1.58.008 بتاريخ 8 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية = ج.ر عدد 2372 بتاريخ 11 ابريل 1958 ص 914.
    الفصل 2 من الظهير الشريف رقم 1.57.119 السالف الذكر،
    ظهير شريف رقم 1.58.0008 السالف الذكر،
    مرسوم رقم 2.59.0200 بتاريخ 26 شعبان (5 ماي 1959) بتطبيق الفصل 11 من الظهير الشريف الصادر بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، بخصوص اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء – ج.ر عدد 2429 بتاريخ 5 ماي 1959 ص 1522.
    بدأ العمل بهذه اللجان ابتداء من سنة 1959.
    تم انتخاب أو برلمان سنة 1963.
    ج.ر عدد 5116 بتاريخ 12 يونيو 2003 ، ص 1864.
    ج.ر عدد 4506 بتاريخ 7 غشت 1997.
    الفصل 4 من المرسوم رقم 2.59.0200 السالف الذكر.
    لم يتم اشتراط لصحة لائحة مرشحة للجنة معينة تغطية جميع درجات إطار معين.
    عند عرض موظف أمام المجلس التأديبي ، يتعين احترام مجموعة من القواعد والضمانات المخولة للموظف.
    في حالة انتقال موظف من منطقة إلى منطقة بعيدة عنها ، بناء على طلبه أو لضرورة المصلحة.
    طبقا لإحصائيات وزارة تحديث القطاعات العامة ، فإن نسبة التأطير ضعيفة بالمصالح الخارجية مقارنة مع المصالح المركزية.
    مرسوم رقم 2.97.437 بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1418 (6 غشت 1997) – ج.ر عدد 4506 بتاريخ 7 غشت 1997.
    نفس المرجع السابق.
    مما يستلزم اللجوء إلى استثناءات الفصل 28 من المرسوم رقم 2.59.02000 السالف الذكر.
    مدونة الشغل – ج.ر عدد 5167 بتاريخ 8 دجنبر 2003.
    الفصل 4 من المرسوم رقم 2.59.02000 السالف الذكر.
    مرجع سابق
    لم يتم تمكين ممثلي الموظفين باللجان الإدارية من ىليات للتواصل مع الموظفين
    ظهير شريف رقم 1.57.119 السالف الذكر.
    مرجع سابق.
    تعتبر مؤسسة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء من أولى المؤسسات الاستشارية التي تم تفعيل أجهزتها سنة 1959.
    المرسوم رقم 2.59.0200 السالف الذكر.
    قبل سنة 2003 ، كان المغرب يعتمد الاقتراع الفردي لانتخاب أعضاء المجالس الحضرية والقروية.


*عضو المكتب الوطني النقابة الوطنية للتعليم - فدش
نائب الكاتب العام
منسق دائرة الشؤون النقابية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-