يتيم يكتب...نجح الإضراب .. فشل الإضراب

كما هي العادة يدور جدل حول نسبة نجاح الإضراب .. وكما هي العادة تخرج المركزيات النقابية ببلاغات في نفس اليوم تعلن نجاح الإضراب بنِسَب تذكر بنِسَب نجاح الرئيس الزعيم في الدول الديكتاتورية العربية .. 90% ان لم يقولوا100% …
شخصيا لست من المبتهجين بفشل اي إضراب .. لان فشله مشكلة .. ونجاحه نجاح للديمقراطيةً الاجتماعية ودليل على دينامية اجتماعية حقيقية ،وأود لو ان اضراب أعلن يحقق نجاحه لان ذلك سيكون ان النقابات التي أعلنته لها مصداقيتها وأن مطالبها تعكس المطالَب المشروعة والمعقولة للشغيلة
لكن المشكلة اليوم هي الإضراب عن الإضراب .. المشكلة هي ضعف التاطير النقابي ، المشكلة هي انهيار مصداقية النقابيين والنقابات الداعية للإضراب ..
ان تكون نسبة نجاح الإضراب العام في التعليم هي الاعلى هذا في حد ذاته مشكلة مما يعني ان الإضراب العام قد تحول الى إضراب قطاعي ..وحتى لو نجح الإضراب في القطاع العام كله ولم ينجح في القطاع الخاص فيبقى الامر مشكلة !!
اين تكمن المشكلة ؟ ان اوضاع العاملين في القطاع الخاص هي ادعى للإضراب منها ولكن رغم ذلك لا يضرب عمال القطاع الخاص !! ان مطالب العاملين في القطاع العام تتحول اذا قارناها بواقع العمال الى مطالب من درجة خمسة نجوم .. مضربون من اجل الحوار الاجتماعي في القطاع العام في حين ان مجرد التفكير في تأسيس مكتب نقابي معناه تشريد أسر كاملة وطرد جماعي .. مضربون ضد اصلاح أنظمة التقاعد في حين توجد أغلبية السكان النشطين خارج التغطية الاجتماعية ولو كانت النقابات الداعية للإضراب المنصفة لاحتفلت بمشروع القانون الذي أقرته الحكومة والهادف الى تعميم التغطية الاجتماعية على اصحاب المهن الحرة واعتبرته انتصارا تاريخيا لصالح الفئات الهشة في النسيج الاجتماعي
من الناحية العملية والإجرائية لا تملك المركزيات النقابية من الاليات العملية لاصدار نسبة حول نجاح الإضراب العام .. وهناك جهة واحدة لها هذه الامكانية هي وزارة الداخلية من خلال ادارتها الترابية الممتدة من اكبر مسوول الى عون السلطة في الأحياء والمباشر البعيدة ! اما في الوظيفة العمومية فالوزارات المعنية هي وحدها من يملك ان تصدر ارقام مضبوطة والنقابات ليس لها من التمثيلية في كل المؤسسات الحكومية بفروعها وملحقاتها ..
اما اذا كان البلاغ الذي يتحدث عن نسبة تفوق 96% قد تمت صياغته قبل ان تنتهي 24 ساعة او ليلة الإضراب فالمصيبة اعظم ، ويعطي دليلا اخر على انهيار المصداقية ، وهذا هو الاخطر !!
من قال بان الإضراب ينبغي ان ينجح مائه بالمائة ؟ ما الذي يضر النقابات والحكومة ان تعلنا النتائج الحقيقية للإضراب تمت الاستجابة الواسعة ام لم تتم ؟ ففي الحالة الاولى ستكون فرصة كي تدرك الحكومة ان المشاكل المطروحة مشاكل حقيقية وستقف على مصداقية النقابات . وستقف النقابات في حالة الاستجابة المتواضعة او استجابة بعض فئات الوظيفة العمومية على ضعف تأطيرها وضعف مصداقيتها كي تنزل الى العمل الحقيقي وتعيد النظر في أساليب عملها وان الزمان غير الزمان وان هذا الأسلوب من العمل اي بلاغات عنترية وإضرابات موسمية لرفع العتب والبقاء في الصورة لم يعد يجد نفعا …
فشل الإضراب مشكلة وينبغي عدم الابتهاج بذلك .. فشل الإضراب معناه ان وساىط الوساطة الاجتماعية قد انهارت وان الحكومة ستجد نفسها مع مطالب اجتماعية وحركات اجتماعية غير مؤطرة وتفاوض اجتماعي دون نقابات ، وينبغي ان نقولها بوضوح ان المسوولية مشتركة لكنها اكبر بالنسبة لمركزيات نقابية في طور الاحتضار .. وهي لا تعيش الا باختباء بعض النشطين السياسيين وراء المطلب الاجتماعي او بعض الفئات التي ما ان تتحقق مطالبها حتى تلعن النقابات والنقابيين !!
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-