CNN ....ملّف الأساتذة المتدرّبين.. احتجاج يغزو العالمين الواقعي والافتراضي في المغرب

الرباط، المغرب (CNN)— منذ أسابيع وهاشتاغ " لا للمرسومين" يغزو صفحات التواصل الاجتماعي بالمغرب، مرفوقًا بصور بروفايل ترمز إلى من وصفه أحمد شوقي ذات يوم بـ"الذي كاد أن يكون رسولًا". الأستاذ الرجل، الأستاذة المرأة، سواء المحجبة أو غير المحجبة، شارة الاحتجاج، رقما المرسومين، كلها تفاصيل تتضمنها هذه الصور التي أضحت الأشهر في نوعها هذه الأيام بالمغرب.

ملف الأساتذة المتدربين بدأ قبل ثلاثة أشهر ولم يجد حلًا له إلى غاية اليوم رغم تداعياته الخطيرة على ميدان التربية والتكوين، فمئات الأساتذة الذين تم انتقاءهم بعد نيلهم شهادات الإجازة، لغرض التكوين في المراكز العمومية التي تؤهلهم للعمل في قطاع التدريس، وجدوا أنفسهم أمام مرسومين جديدين، يقضي الأول بضرورة إجراء مباراة جديدة بعد إنهاء تكوينهم يُختار عبرها عدد معيّن للتوظيف، ويقضي الثاني بتخفيض المنحة المادية المخصصّة لهم.

وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، الذي يرأسها رشيد بن المختار، وهو وزير لا ينتمي إلى حزب سياسي، أصدرت المرسومين شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015 في الجريدة الرسمية (المنشور الرسمي الذي يتضمن القوانين والمراسيم المصادق عليها)، مما خلق احتجاجًا لم يبق الفضاء الافتراضي، بل نظم الأساتذة المتدربون مسيرات ووقفات احتجاجية في عدة مدن تعرّضت بعضها إلى تدخلات أمنية.

احتجاج الأساتذة المتدربين يأتي أسابيع قليلة على إسقاط مشروع ما عُرف بـ"الخدمة الإجبارية"، وذلك عندما احتج طلبة الطب على مشروع أعدته وزارة الصحة يقضي بإلزامهم بالعمل بعد التخرّج في المناطق النائية بعقد محدود المدة، ممّا سيجعل حكومة بنكيران أمام تحدي التنازل عن أحد برامجها للمرة الثانية في ظرف أشهر قليلة، ويزداد التحدي صعوبة، بما أن المرسومين صادقت عليهما الحكومة، بينما كانت "الخدمة الإجبارية" مشروعًا يتيح التعديل والمراجعة بشكل أيسر.

وتنطلق احتجاجات الأساتذة المتدربين من أن المرسوم الأول يهدد الكثير منهم بالبطالة في ظل عدم وجود ضمانات كافية للعمل بالقطاع الخاص، كما أن توظيفهم ليس مباشرًا بما أنهم اجتازوا مباراة الولوج إلى المراكز بعد انتقائهم على أساس النقط، حسب قولهم. بينما اعتبرت الحكومة المغربية المرسومين خطوة جديدة لإصلاح ميدان التعليم الذي يعاني من مشاكل كثيرة، وترى أنهما يمثلان استمرارية لنهجها الذي ينصّ على أن التوظيف في القطاع العام، يجب أن يكون عبر مباراة شفافة ونزيهة.

كما لم يصدر عن الحكومة المغربية أيّ موقف يشير إلى إمكانية التراجع عن المرسومين، وكان آخر تصريح لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة قد أشار إلى ضرورة عودة الأساتذة المتدرّبين إلى مراكز التدريب ومتابعة دراستهم، مشيرًا إلى أنهم سيفقدون وظائفهم إذا ما استمروا في مقاطعة الدروس، لافتًا كذلك إلى "أن المطالب قد انزاحت عن التوجه الذي كانت تسير فيه، وأخذت أطراف أخرى تتحرك في الملف، والتي لا تهمها مصلحة هؤلاء الأساتذة المتدربين" حسب ما جاء في الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية.

كما صرّح مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، أنه لن يتم التراجع عن هذا "الإصلاح المهم"، بمبرّر أن "المرسومين الجديدين سيوسعان من دائرة المستفيدين من التكوين، وبالتالي إعدادهم للالتحاق بالوظيفة العمومية أو القطاع الخاص". وصرّح كذلك وزير التربية الوطنية بكون وزارته أخبرت الأساتذة المتدربين بمسألة المرسومين قبل اجتيازهم مباراة الولوج إلى مراكز التربية والتكوين، وأنهم وافقوا، رغم ذلك، على الالتحاق بالمراكز.

"نحن نملك الشرعية القانونية والشعبية والتعاطف الشعبي معنا يزداد يومًا عن يوم، ونحن مستمرون في احتجاجنا حتى ولو تطلب شهورًا جديدة ولن نتنازل رغم الاعتداء المتواصل علينا، فقد درسنا جميع المقاربات الممكنة التي تخص الملف، وندرك أن مطالبنا قابلة للتحقيق ولو تطلب اﻷمر بعض الوقت، لأن الحكومة تحاول حفظ ماء الوجه بعدما أدركت خطأها"، يقول عبد اللطيف الشمائل، عن الأساتذة المتدربين.

ويضيف الشمائل لـCNN بالعربية: " الحكومة تريد التملّص من واجباتها تجاه التعليم العمومي بهذين المرسومين اللذان يضربان الدستور وقانون الوظيفة العمومية، فواحد منهما يجعل فئة تعمل مع الدولة وأخرى مع الخاص، والثاني لا يمكّن الأستاذ المتدرّب من العيش الكريم بعدما تم التقليل من منحته الشهرية، كما أن توقيتهما أتى بعد إخراج مذكرة المباراة ونجاح اﻷساتذة فيها، إذ كيف ينجح اﻷساتذة يوم 5 أكتوبر ويوضع المرسومان بالجريدة الرسمية بعدها بثلاثة أيام؟".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-