كلمة رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في افتتاح الدورة الثامنة (8) للجمعية العامة

باسم الله الرحمان الرحيم
حضرات السيدات والسادة أعضاء المجلس،


يلتئم مجلسنا اليوم في دورته الثامنة، التي تشكل محطة مواتية للتقييم والاستشراف ؛ لحظة للوقوف على حصيلة عمل المجلس منذ الدورة الأخيرة، بما تحقق خلالها من مكتسبات، وما تخللها من صعوبات، وذلك بهدف استخلاص العبر وتحديد  آفاق المرحلة المقبلة.
ضمن هذه السيرورة، وخلال الدورة السابقة، تمكنا من اعتماد الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي، التي انتظرها المغاربة لمدة طويلة، والتي استمر اشتغالنا على بلورتها طيلة عشرة أشهر. كان ذلك في ماي 2015. ومنذ ذلك الحين، واصلنا عملنا الدؤوب محققين تقدما ملموسا على عدة مستويات:
◄    على المستوى الأول: وأياما بعد اعتماد الرؤية الاستراتيجية من قبل الجمعية العامة، حظي مكتب المجلس بشرف استقباله من قبل جلالة الملك في حفل مهيب، تميز بتقديم الرؤية الاستراتيجية، وبكلمة أكدت انخراط القطاعات الوزارية المعنية بالتربية والتكوين والبحث العلمي، وتوج بتسليم هذه الرؤية من قبل جلالة الملك إلى رئيس الحكومة من أجل تصريفها في سياسات عمومية.
◄    على المستوى الثاني، تم تخصيص شهر يونيو وجزء من شهر يوليوز 2015 لترجمة نص الرؤية إلى اللغة الفرنسية، وترجمة ملخصها إلى اللغة الأمازيغية، ثم إلى الإنجليزية والإسبانية، لتوسيع نطاق الاطلاع عليها والتعريف بها. كما تم تنقيح النص العربي وإنجاز أعمال الطباعة وتوزيع هذه الرؤية في صيغ مختلفة، بما فيها الطبعة الاقتصادية الموجهة للعموم، والتي توزع بالأكشاك بسعر رمزي لا يتجاوز 15 درهما.
◄    على المستوى الثالث، وبموازاة ذلك، اشتغلنا، بدعم مثمر من مكتب المجلس، على وضع برنامج للتواصل والتعبئة يمتد على شهور، يتيح لنا التحكم في سياستنا التواصلية، والتعريف الجيد برؤيتنا الاستراتيجية، وتقاسم مضمونها على أوسع نطاق ، ومن ثم الإطلاق الفعلي لسيرورة تملكها والتعبئة حول تطبيقها من قبل الفاعلين في المنظومة التربوية وشركائها، والمجتمع بكامله.

◄    على المستوى الرابع، يمكن القول بأن عيد العرش المجيد لسنة 2015 قد شكل، بالنسبة لنا عيدين، ولحظة فخر واعتزاز كبيرين، وذلك لكون جلالة الملك تفضل في خطابه السامي بتأكيد الرؤية الاستراتيجية للمجلس، من حيث جوهرها ومضمونها، وباتخاذ مواقف حازمة وواضحة تجاه الإشكاليات التالية:
    حول أهمية الإصلاح التربوي والرهانات المعقودة عليه، ودور المجلس في هذا المجال، عندما قال جلالته: "...، يظل إصلاح التعليم عماد تحقيق التنمية، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق.
لذا، ما فتئنا ندعو لإصلاح جوهري لهذا القطاع المصيري، بما يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب.
ولهذه الغاية، كلفنا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتقييم تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبلورة منظور استراتيجي شامل لإصلاح المنظومة التربوية ببلادنا." انتهى كلام صاحب الجلالة.
    حول الواقع الحالي لمنظومة التربية والتكوين وإبراز انتظارات الأسر منها، حيث قال جلالة الملك: "ولفهم ما ينبغي أن يكون عليه الإصلاح، نطرح السؤال: هل التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا اليوم، في المدارس العمومية، قادر على ضمان مستقبلهم؟
وهنا يجب التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة: لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهضة؟
الجواب واضح: لأنهم يبحثون عن تعليم جيد ومنفتح يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر لأبنائهم فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية." انتهى كلام صاحب الجلالة.


    حول قضية اللغات الأجنبية وعلاقتها بالهوية، حين قال جلالة الملك: "وخلافا لما يدعيه البعض، فالانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى لن يمس بالهوية الوطنية، بل العكس، سيساهم في إغنائها، لأن الهوية المغربية، ولله الحمد، عريقة وراسخة، وتتميز بتنوع مكوناتها الممتدة من أوروبا إلى أعماق إفريقيا.
ورغم أنني درست في مدرسة مغربية، وفق برامج ومناهج التعليم العمومي، فإنه ليس لدي أي مشكل مع اللغات الأجنبية.
والدستور الذي صادق عليه المغاربة يدعو لتعلم وإتقان اللغات الأجنبية لأنها وسائل للتواصل، والانخراط في مجتمع المعرفة، والانفتاح على حضارة العصر." انتهى كلام صاحب الجلالة.
    حول كيفية العمل لتنفيد الرؤية والأسلوب الواجب اتباعه، قال جلالة الملك: "...لذا، فإن إصلاح التعليم يجب أن يظل بعيدا عن الأنانية، وعن أي حسابات سياسية ترهن مستقبل الأجيال الصاعدة، بدعوى الحفاظ على الهوية.
فمستقبل المغرب كله يبقى رهينا بمستوى التعليم الذي نقدمه لأبنائنا.
ومن هنا، فإن إصلاح التعليم يجب أن يهدف أولا إلى تمكين المتعلم من اكتساب المعارف والمهارات، وإتقان اللغات الوطنية والأجنبية، لاسيما في التخصصات العلمية والتقنية التي تفتح له أبواب الاندماج في المجتمع، ..."  انتهى كلام صاحب الجلالة.
    أما فيما يتعلق بتطبيق الرؤية الاستراتيجية للإصلاح ببعدها الزمني فقد قال جلالة الملك: "...ولضمان النجاح للمنظور الاستراتيجي للإصلاح، فإنه يجب على الجميع تملكه، والانخراط الجاد في تنفيذه.
كما ندعو لصياغة هذا الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم، من خلال اعتماد قانون -إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد، ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما لا نهاية. "انهتى كلام صاحب الجلالة.



◄    على المستوى الخامس، وانطلاقا من منتصف شهر يوليوز 2015، شرعنا في تنفيذ البرنامج التواصلي حول الرؤية الاستراتيجية والتعبئة حول أوراش تطبيقها.
في هذا الإطار، قمت شخصيا، بعقد لقاء مع المسؤولين عن أهم وسائل الإعلام البصري والمكتوب، كما قمت باستجوابات مع العديد من وسائل الإعلام، ولاسيما الجرائد الوطنية، قصد تفسير كيفية ومسار إعداد الرؤية الاستراتيجية، وإبراز جوهر الإصلاح التربوي المقترح وغاياته، ومن ثم توضيح مضمونه وأبعاده، وذلك بهدف دعوة الفاعلين إلى تملكه، وحفز المجتمع على التعبئة المستديمة حول إصلاح المدرسة المغربية.

◄    على المستوى السادس، وضمن عمليات الإخبار والتواصل والتفسير، انضم عدد مهم من السيدات والسادة أعضاء المجلس، منتدبين من قبل الرئيس، قصد تمثيل المجلس والتحدث باسمه، حيث أسهموا مساهمة مثمرة في هذه السيرورة التواصلية عبر مختلف المنابر الإعلامية: الإذاعة والتلفزة (السيد عبد الحميد عقار؛ السيدة نادية البرنوسي؛ السيد نور الدين الصايل؛ السيد عبد الناصر ناجي؛ السيد جاك كنافو؛ السيدة آمنة ماء العينين؛ السيد خالد الصمدي؛ السيد ربيعة الناصري؛ السيدة الكبيرة التاجي؛  علاوة على السيد عبد اللطيف المودني والسيد حسن الصميلي والسيدة رحمة بورقية). واغتنم هذه الفرصة لأتقدم إليهم جميعا بجزيل الشكر، والتنويه بأدائهم العالي في هذا الشأن.
◄    على المستوى السابع، يمكن القول إن اللقاءات الأسبوعية لمنتدى وكالة المغرب العربي للأنباء MAP ، التي تم تنظيمها على مدى ستة أسابيع خلال شهري شتنبر وأكتوبر 2015، جاءت لتشكل محطة تركيز لهذه العملية التواصلية، إذ مكنت 18 عضوا من أعضاء المجلس من تقديم عروض مفصلة حول رافعات الإصلاح ، كما أتاحت إعطاء الدليل القاطع على أن أعضاء المجلس رغم تنوع مواقعهم وصفاتهم، يحسنون التحدث بخطاب موحد، كلما تعلق الأمر بعمل تم إعداده واعتماده بشكل جماعي.

◄    على المستوى الثامن، وفور استكمال التحضيرات للقاءات الجهوية، التي خصص لها مكتب المجلس عدة اجتماعات، انعقدت أول جلسة عمل للجنة التوجيهية المحدثة بموجب اتفاقية التعاون المبرمة بين المجلس، وبين القطاعات الوزارية المكلفة بالتربية والتكوين والبحث العلمي.
وقد اتخذت هذه اللجنة، المشكلة من الوزراء المعنيين ومن رئيس المجلس والكتاب العامين أربعة قرارات مهمة في اجتماعها يوم 11 شتنبر 2015:
-    القرار الأول، يهم إشراك الوزارات المعنية في اللقاءات الجهوية حول الرؤية الاستراتيجية؛ بهدف تقديم رؤية المجلس، متبوعة بالمشاريع الأولية لتطبيقها من قبل القطاعات المختصة؛
-    القرار الثاني، يتعلق بالتحضير الجماعي لمشروع القانون الإطار الذي توصي به الرؤية الاستراتيجية؛
-    القرار الثالث، يخص الإعداد المشترك للمنظومة الوطنية المندمجة للإعلام؛
-    أما القرار الرابع، فيتمثل في مواصلة دراسة موضوع التعليم الديني، بهدف بلورة مشروع نوعي لإصلاحه، في انسجام مع مبادئ وتوجهات الرؤية الاستراتيجية.
وأنتهز هذه الفرصة لأتوجه بجزيل الشكر والعرفان إلى السادة الوزراء والكتاب العامين على تعاونهم المثمر والموصول.
◄    على المستوى التاسع، كان يوم 2 نونبر 2015 بالرباط، تاريخ انعقاد اللقاء الجهوي الأول حول الرؤية الاستراتيجية للإصلاح وسبل التفعيل، بحضور الوزراء المعنيين، وهو اللقاء الذي أعطى الانطلاقة للقاءات الجهوية حول الرؤية التي امتدت إلى غاية 14 دجنبر الجاري.
في هذا الإطار، عبأت اللقاءات الجهوية مجتمعة ما يزيد عن 27 عضوا أخذوا على عاتقهم مسؤولية تأطير اللقاءات، وأزيد من 60 عضوا مشاركا، أغتنم الفرصة اليوم لأشكرهم على العمل الذي قاموا به خلال هذه اللقاءات بأداء ذكي و حماس صادق وبأصداء طبية.
وقد حقق هذا الجانب من البرنامج التواصلي حول الرؤية الاستراتيجية النجاح المتوخى، كما سنتابع ذلك من خلال النقطة الأولى من جدول أعمال هذه الدورة.
◄    على المستوى العاشر والأخير، وبموازاة مع هذه الأنشطة المتعددة، واصلت اللجان الدائمة باستمرار وانتظام أشغالها الرامية إلى وضع مشروع برنامج عملها لسنتي 2016 -2017، والذي سيتم عرضه على أنظار الجمعية العامة خلال هذه الدورة مرفوقا بمشروع ميزانية سنة 2016.

حضرات السيدات والسادة الأعضاء،
إن وقفة تقييمية على حصيلة عمل المجلس منذ انطلاقته، تتيح الجزم بأنها حصيلة إيجابية بالتأكيد. وتعد الرؤية الاستراتيجية للإصلاح أهم المكاسب المحققة في هذا الشأن، وكذا العمل التقييمي لحصيلة تطبيق الميثاق الوطني 2000 و2013، فضلا عن الرأي الذي أصدره المجلس حول مشروع تعديل قانون التعليم العالي.
إلى جانب هذه النتائج الوازنة والملموسة، أود التركيز على مكتسبات أخرى ذات طبيعة مختلفة:
1.    أولها أنه حصل لدينا اقتناع راسخ مشترك بأننا بصدد خدمة قضية وطنية، عليا، وازنة ومصيرية؛ قضية تحدد كل القضايا الأخرى، كما نتقاسم الاقتناع بأن مصلحة المتعلمين، أيا كانت أعمارهم، ومصلحة الشباب والأجيال القادمة، ومصلحة الآباء الذين يودعون أبناءهم بالمدرسة العمومية لا بمحض الاختيار لكن اضطراريا، بل إن المصلحة العليا للبلد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وعلى مستوى تطور الفكر والتنمية البشرية... كل ذلك يتطلب إعادة تأهيل المدرسة. كما أنه لدينا اقتناع آخر متقاسم يتمثل في كون الإسهام في إعادة تأهيل المدرسة لن يتأتى دون القطع مع الاصطفافات الإيديولوجية والسياسية، ومع الدوغمائية والتعصب والتشنج، ومع الأحكام الجاهزة، وذلك في اتجاه الاشتغال دون أية مواقف مسبقة من أجل هدف أوحد: مصلحة المتعلمين.
ولي اليقين، بأنه بفضل هذه المكتسبات المنهجية والابستمولوجية يمكننا الذهاب بعيدا في الاتجاه الصحيح والسديد.

2.    ثانيها أننا كنا على صواب حينما فضلنا اعتماد التواضع الفكري والإيمان بفضائل التشارك ومد اليد إلى الآخرين، وحينما أمعنا الإنصات للفاعلين والخبراء والمهنيين والمؤسسات السياسية والنقابية والنسيج الجمعوي، وللمثقفين ولعامة المواطنين، لأننا استفدنا إلى أبعد الحدود واستثمرنا إسهاماتهم على الوجه الأمثل. من الطبيعي إذن أن يعتبر مختلف من أسهموا بأفكارهم ومقترحاتهم أنفسهم، وبحق، مشاركين في بلورة الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وقد أثبتت اللقاءات الجهوية الأخيرة، على أن المشاركين فيها لم يجدوا أي صعوبة في تملك الرؤية والدفاع عنها والإسهام في التعبئة من أجل تطبيقها.

3.    ثالثها، أننا نجحنا في اعتماد منهجية عمل دقيقة مكنتنا من تفادي التشتت، وأتاحت لنا المرونة اللازمة كي ينخرط كل واحد منا بكامل الاقتناع والالتزام والعطاء من أجل الاسهام في العمل الجماعي بالنجاعة المطلوبة. ولقد توفقنا في تحديد الأولويات، والتصدي للضغوط الخارجية ولأي تدخل في عمل المجلس، ونجحنا في الاحتراز من أية محاولة لتلويث الأجواء، وفي السير قدما متجاوزين بتباث كل المطبات والصعوبات.
كما حالفنا التوفيق في تحقيق السير العادي والسلس للمجلس بطريقة ديمقراطية وفعالة، وأحسـنا استثمار الإمكان الوازن الذي تتيحه هيئات الإنتاج والتحليل والتفكير، وهيئات تنسيق أنشطة المجلس وهيئات التداول والتقرير، كما نجحنا في نسج التفاعل المثمر بين هذه الهيئات. 
4.    رابعها، وعلى مستوى التواصل، فقد توفقنا في تحسين صورة المجلس في وسائل الإعلام، ولدى الفاعلين والرأي العام بصفة إجمالية، وذلك بفضل عمل تشاركي ومتزن، سمح لنا بالتواصل على نحو منظم ومتحكم فيه.

غير أنه بجانب هذه المكتسبات الغنية، يتعين علينا الوقوف على مكامن النقص المسجلة خلال هذه المرحلة من عمل المجلس.
ففي مجال التواصل، تعلمون بأن النصوص القانونية المنظمة لمجلسنا (القانون المتعلق بالمجلس ونظامه الداخلي)، تجعل من الرئيس الناطق الرسمي الوحيد باسم المجلس. في مقابل ذلك، وبموجب هذه النصوص دائما، لا يمكن لأي عضو من أعضائه التحدث باسم المجلس إلا إذا تم التفويض له بذلك من قبل الرئيس. في هذا الصدد، ومن أجل تفادي بعض الانفلاتات التي سجلت هنا وهناك وبعض مظاهر الاختلال التي نجمت عن بعض التصريحات غير المرخص بها، فإنني أهيب بالجميع الحرص التام على الالتزام الحازم بالمقتضيات القانونية والتنظيمية لسير المجلس.
ذلك، أنه وحده الاحترام الدقيق لقواعد المجلس سيمكننا من الحفاظ على التماسك، وعلى انسجام الأعمال التواصلية، ويجعلنا في منأى عن إصدار أي بيانات للتوضيح، أو التكذيب.
من جهة ثانية، نرى من اللازم إثارة انتباهنا جميعا إلى وضعية أصبحت تدعونا بإلحاح إلى إيجاد حل سريع لها؛ يتعلق الأمر بالانخفاض الذي عرفته نسب الحضور والمواظبة في اجتماعات بعض اللجان الدائمة، في بعض الفترات. وهو تراجع، قد يشكل، في حالة استمراره أو تفاقمه، عاملا معرقلا لسير اللجان ولتقدم أشغالها. وهنا يجب التذكير بواجب المشاركة المنتظمة في أشغال هيئات المجلس.
من جهة أخرى، أبان تطبيق النظام الداخلي، الذي تمت المصادقة عليه، بنوع من الاستعجال حتى لا يتأخر الاشتغال على الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، عن بعض النقائص التي علينا تداركها عبر إدراج التعديلات اللازمة خلال إحدى الدورات القادمة. 
انطلاقا من ذلك، وفي اتجاه استخلاص العبر والدروس من كل ما أسلفت ذكره، فإن هذه الملاحظات الأخيرة لا يجب أن تحجب عنا ما هو أساسي. والأساسي هو أننا استكملنا مسارا حافلا، ونجحنا في إنجاز المهمة المرحلية الصعبة والدقيقة التي كانت ملقاة على عاتقنا.
الأساسي أيضا هو أن الرسالة وصلت، وأن جلالة الملك قد ثمـن العمل الذي قمنا به وتفضل جلالته في خطاب العرش لسنة 2015، وعلى نحو حازم وواضح، بتخصيص جزء كامل من خطابه السامي لقضايا إصلاح المنظومة التربوية.
الأساسي كذلك هو أن الرسالة وصلت وأن الحكومة تملكت الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وأن القطاعات المعنية قد انخرطت في بلورة البرامج الأولى للتطبيق.
والأهم أيضا، هو أن الرسالة وصلت للمجتمع إذ أنه خلال اللقاءات الجهوية الأخيرة، التي جمعت ما يفوق 3000 مشاركة ومشاركا، لم يحدث أن شكلت الرؤية الاستراتيجية موضوع مساءلة أو حتى تحفظ ، بل إنها أضحت موضوع تملك أولي وتعبئة واعدة.
هذا الرصيد الذي نعتز بكوننا ساهمنا فيه، هو ما يتعين علينا جميعا رعايته والحفاظ عليه. هذا الرصيد الثمين هو ما يجب أن ينبني عليه اشتغالنا اليوم، وقد ألفنا العيش سويا، والاشتغال سويا، والإنتاج سويا والاستفادة من بعضنا البعض.
واليوم وقد تجاوزنا صعوبات البداية وأضحت دواليب اشتغال المجلس متفاعلة على نحو منسق وسلس، وكل واحد منا يدرك ما له وما عليه، فإننا مدعوون للانتقال إلى وثيرة أسرع، من أجل مواصلة العمل في جو من الثقة والطمأنينة، وفي إطار الاحترام المتبادل، في سبيل استكمال الأوراش التي أطلقناها، والعودة إلى القضايا التي لم تنل الحظ الكافي من الدراسة وتعميق التفكير،  إما تحت ضغط الزمن، أو لندرة المعطيات، أو للحاجة إلى المزيد من التريث. ذلكم هو مسعى برنامج عمل المجلس لسنتي 2016 - 2017 الذي ستنكب الجمعية العامة على تدارسه وإغنائه والمصادقة عليه.  
          
والسلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-