دور الأسرة في التربية

مصطفى رابي
مفتش في التوجيه


 أضحى الدور المنتظر من التربية اليوم هو إعداد الإنسان للحياة، عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية: الأسرة، المدرسة، المحتمع.
 

     ولكي ينجح هذا الدور لابد من حدوث تكامل وتعاون بين هذه المؤسسات؛ و لا يمكن أن تقتصر التربية على منهج يتبعه المتعلم، أو معارف يبلغها المدرس، فهي عملية يتداخل فيها كيان الإنسان مع كينونة الحياة، وأداة لضمان تنمية العقل والجسد والروح لدى المتعلم، واهتمام بالإنسان ككائن بشري يختزن في أعماقه ذكاءات متعددة تجعل الحياة لديه في تطور وتغير دائمين.
 

     فالتربية التي يتلقاها الفرد داخل الوسط الأسري هي تربية تلقائية غير نظامية، متشبعة بالعادات والتقاليد التي يتم تبليغها للطفل تلقائيا فتساعده على العبور إلى المرحلة الثانية التي يمكن اعتبارها تربية لانظامية، تبرز تجلياتها في التفاعلات مع العائلة والنادي أوالروض ومع الحي وكذا مع الإعلام...فهي مؤثرات خارجية تكسب الفرد مهارات وتجارب  تساهم في تغيير شخصيته وتنميتها في إطار حد أدنى من الضبط والتوجيه الذي يستمد مرجعيته من التقاليد والقيم والمبادئ والقوانين السائدة في المجتمع.
 

      في المرحلة الثالثة، يتلقى الإنسان نمطا من التربية توصف بالنظامية، حيث يكون فيها الضبط والتوجيه ممنهجا، مبنيا على أسس فلسفية واجتماعية وسيكولوجية شاملة تضمن تكافئ الفرص بين جميع الأفراد، في إطار منظومة تربوبية لها غايات معلنة سلفا، مع الحرص على ربط الجسور بالأنماط التربوية الأخرى حتى تكون التربية في خدمة الحياة والحدود والمسافات بين أنماطها وهمية ليس إلا.
 

      عندما نطلع على المضامين الإصلاحية منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، نجد أنها تبنت في أهدافها، كما في فلسفتها، توجهات حضارية متطورة، مواكبة لاتجاهات العصر، ترمي بأبعادها الوطنية والفكرية والإنسانية والاجتماعية، إلى تزويد النشئ بالمعارف والخبرات والكفايات، مع الحرص على القيم الوطنية والإنسانية كالتسامح والحرية والديمقراطية ونبذ العنف، من أجل تكوين مواطن نافع، منفتح على الثقافات العالمية، مواكب للتقدم العلمي والتكنولوجي.
 

        إلا أن سؤال الواقع اليوم يقول: هل هذا الفكر التربوي الذي رسمته المخططات الاصلاحية السابقة قد بلغ الفصل الدراسي؟ وهل وصل إلى الأسرة وإلى المجتمع؟
 

       كل الخطابات الرائجة في الساحة سواء الرسمية، أو غير الرسمية، تتحدث عن الأزمة، أزمة القيم، أزمة التعلمات، أزمة الوسائل والموارد، أزمة التكوين...
 

       يتحدثون أيضا عن أزمة العلاقة بين المدرسة والمجتمع، وأزمة العلاقة بين المدرسة والأسرة، هذه الأخيرة موضوع هذا المقال، تتمظهر في مدارسنا على شكل جمعيات أمهات واباء وأولياء التلاميذ، يقتصر دورها في أحسن الأحوال حسب شهادة عدد من المديرين على المساعدة المادية والمشاركة في المناسبات الاجتماعية فقط، بعيدا عن  احتضان المدرسة والمشاركة في القرارات التربوية المتعلقة بالأبناء.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-