لست كسولا... أنا عبقري مقيد بصعوبات تعليمية

الادريسي عبد الكريم: أستاذ التعليم الابتدائي                                           

كثيرا ما نطلق سهام العتاب و اللوم على تلميذ يحصل على نقط متدنية في الفروض أو الاختبارات الكتابية، واصفين إياه بالغبي و " الكسول". بل إننا نسمع أحيانا أساتذة يحكمون باستحالة تعلم هؤلاء و أنهم ميؤوس منهم. لكن كل ذلك قتل و وئد لقبس من نور منطلق من أعماق التلميذ المنتظر لمن يكشف داءه  ليصف له دواء.


لقد أكد المختصون في علوم التربية و الأطباء النفسانيون ، أن لا وجود لمصطلح "الكسول" في قواميس علوم التربية. و لكي ننصفهم، وجب علينا أن نطلق عليهم اسم " التلاميذ ذوي الصعوبات" أو "التلاميذ المتعثرون".


إن الجدير بالذكر أن أولئك التلاميذ ليسوا أقل ذكاء من التلاميذ المتفوقين، فهم قادرون على التقدم و النجاح شريطة ضمان متابعة لهم و تشخيص دقيق لنوع الصعوبة التي يعانون منها، أسبابها و سبل معالجتها. ففي غالب الأحيان تنتج هذه الصعوبات بسبب خلل بيولوجي في تركيبة دماغ التلاميذ و في عمله.


و يمكننا تصنيف تلكم الصعوبات إلى ثلاثة أنواع:


  • صعوبات القراءة.
  • صعوبات الكتابة.
  • صعوبات الحساب.
أما الصعوبات القرائية، و التي تسمى في مجال التربية ب DYSLEXIA ، فتتجلى في عسر فهم الكلمات و تهجئتها و فك رموز الكلمات. و من ذلك صعوبة قراءة كلمة لتعاكس حروفها كقراءة  "فحرة" بدل " حفرة"، أو بحذف حرف أو أكثر كقراءته "طاوة" بدل "طاولة". و من الأسباب الأخرى، صعوبة تمييز المتعلم سماع الحروف " ك" و "ق" مثلا، و بين الحروف المتقاربة الشكل "ح"، "خ" و "ج" مثلا.
و فيما يخص الصعوبات الكتابية، DYSGRAPHIA ، فتتمثل في عدم القدرة على التعبير عن الأفكار بالكتابة  أو بالرسم، و ذلك بإسقاط أحرف عن بعض الكلمات أو دمج بين كلمتين في كلمة واحد، ككتابته: " الكأسفارغ" بدل " الكأس فارغ" ثم صعوبة وصل الحروف في تكوين كلمة واحدة.


بينما الصعوبات في الحساب DYSCALCULIA، فهي  صعوبات في اكتساب المهارات و المفاهيم الرياضياتية، ككتابة الأرقام بشكل معكوس شبيه بكتابة المرآة، ثم صعوبة الانتقال من  عملية الجمع إلى عملية الطرح و القيام بجهد كبير لحفظ جدول الضرب...


و تعتبر هذه الصعوبات السالفة الذكر عقبة أمام سيرورة تعلم التلميذ   ما لم تعالج فورا. و تستلزم بعض تلك الصعوبات تدخلا فوريا من طرف مساعدين اجتماعيين أو محللين نفسيين لتتبع حالات مستعصية، بينما تكفي المتابعة اليومية للمتعثرين ذوي الصعوبات البسيطة من طرف الاستاذ بتكثيف الأنشطة التعليمية المناسبة لتجاوز تلك الصعوبات مع تدخل الأهل في عملية الاصلاح.


فبالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل أخرى تتحكم في ظهور اختلالات في المستوى التعليمي للتلميذ، منها ما يتعلق بما هو فيزيولوجي، كاضطراب في السمع أو البصر و صعوبة إدراكه لليمين و اليسار، و ما هو نفسي مثل الرهاب المدرسي و الخوف من أستاذ معين... و ما هو متعلق بعلاقة الأهل بالتلميذ.


إذن يمكن اعتبار الصعوبات التعليمية حجرة عثرة تعيق  السير العادي للمسيرة التعلمية لدى المتعلم، وأن مستقبل المتعلم رهين بكشف الحجاب عنها و وصف دواء للداء العضال.
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات