"فاتح ماي" بالرباط .. "عفاريت وتماسيح" وخادمات فليبنيات

كرٌّ وفرٌّ بين معطلِين وقواتٍ للأمن في شارعٍ ظلَّ رحبًا يسألُ هلْ منْ مزِيد، ومكفُوفون تدثرُوا بأكيَاسْ وحملُوا خبزاتٍ في أيادِيهم، ثمَّ منصاتٌ ثلاثٌ تفرقتْ في وسط مديَنة الرباط، كذلكَ عاشت العاصمة صباح العِيد العمالي وزوَاله، بعدمَا آثرتْ المركزيَّات النقابيَّة الكبرى أنْ تحتجَّ عبرَ عدمِ الخرُوج إلى الاحتجاج.

المعطَّلونْ من حاملِي الشهادات رفعُوا شعارات مطالبة بإسقاط الحكومة ورحِيل رئيسها، عبد الإله بنكيران، على إثر ما اعتبرُوه فشَلًا في الاهتداء إلى سياسة تشغيل تنقذهم من البطالة أوْ تدمجهم في الوظيفة العموميَّة، كمَا كادُوا أنْ يصدمُوا بمسيرة الاتحاد الوطنِي للشغل بالمغرب، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، حينَ كان يعبر شارع محمد الخَامس لولا فرض الأمن طوقًا عليهم.

نقابيُّو الحزب الحاكم فتحُوا النيران في شعاراتهم على منْ اعتبرُوهم معرقلِين للإصلاح، برفع شعارات من قبيل "سنزِيح سنزِيح..العفاريت والتماسيح"، و"الشعب يريدُ إسقاط الفساد"، بعد كلمتي كلٍّ من جامع المعتصم وسعد الدِّين العثمانِي، في حين تختار قيادة النقابة الدار البيضاء كلَّ عامٍ لاحتفاليتها الكبرى بحضُور رئيس الحكومة.

في غضُون ذلك، استحضرتْ المنظمَة الديمقراطيَّة للشغل، قضايا الشغيلة الإفريقيَّة والآسيويَّة بالمغرب، حيثُ حضرت مجموعة من الخادمات الفيليبينيَّات بالمملكة إلى تجمع النقابة بباب الأحد، في سبيل بسط معاناتهنَّ مع الأوراق الرسميَّة وظرُوف عملهنَّ، وقدْ وصل عددهنَّ في المغرب إلى ما يزيدُ عنْ ألفي خادمَة.

ورأى علي لطفي، الأمين العام للـODT أنَّ فاتح ماي يحلُّ هذه السنَة فيما تواصلُ الحكومة ما اعتبرهُ هجومًا على مكتسبات الطبقة العاملَة، قائلًا إنَّ معاناة فئات الشعب تفاقمت بعد الارتفاع المهول في أسعار المواد الغذائيَّة والخدمات الاجتماعيَّة من تعليم وصحَّة وسكن.

وأردف المتحدث أنَّ البطالة وسط خريجِي الجامعات باتت تناهزُ الأربعين بالمائة، في الوقت الذِي تعملُ الحكومة على تخفيض مناصب الشغل في الوظيفة العموميَّة، و"القضاء النهائي" على صندُوق المقاصة امتثالًا لمَا يصدرهُ صندُوق النقد الدولي منْ إملاءات تقضِي بالمضي قدمًا في تحرير الأسعار.

وفي ملف التقاعد، انتقد لطفِي ما رآهُ سعيًا إلى تمرير نظام "تراجعِي ظالم" بغرض تغطية العجز الناجم عن الفساد، "وهو ما سيفضِي إلى تراجع معاشات المتقاعدِين الجدد في السنوات القادمَة بنسبة 30 في المائة"، يردفُ المتحدث فيما كانتْ الكونفدراليَّة العامَّة تتحرك بدورها صوب باب الأحد رفضًا لسياسة الحكُومة.

وشكلَت الحشُود المحدُودة في احتفالات عيد العمال بعاصمة المغرب مفاجأة لكثيرٍ ممنْ لازمُوا أرصفة مقاهِي شارع محمد الخَامس، وهمْ يستذكرُون ما كانَ يسمهَا من زحم في المشاركة ويطبعها منْ حدَّة شعارات، أفسحَ فيها المجَال للحكومة التي خرجَتْ لتحتفل، لكأنَّ بأبِي الطيب المتنبِي ينشدُ "يا أعدَل النَّاس إلَّا في معاملتِي..فيك الخصامُ وأنت الخصمُ والحكم".


 عن موقع هسبريس
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات