وظائف الرحلات المدرسية في تحقيق الجودة المنشودة

الحسين وبا

حتى لا تبقى رهانات إصلاح المنظومة التربوية استهلاكا، ولا التغيرات التي استهدفت الكتب الدراسية والبرامج والطرائق عبارة عن وثائق بعيدة عن الواقع، فاننا ندعو جهود الأكاديميات والوزارة المعنية باعتبارهما قطبا الفعل الإداري والتشريعي والتربوي إلى الارتقاء بالمذكرات والإجراءات من الخطاب إلى التطبيق من النظريات والوصف إلى التطبيق والفعل ومن أول الأشياء التي يجب القيام بها وضع وسيلة نقل " حافلة " على الأقل بكل مندوبية تحت طلب كل مؤسسة تعتزم القيام برحلة إلى إحدى الجهات التاريخية والفلاحية أو الصناعية أو السياحية على أساس الفضول العلمي الذي يخامر تلاميذها وروح الاكتشاف واكتساب المهارات والكفايات التي تعانق طاقمهم التربوي ، لأن الرحلات المدرسية بشكل عام وسيلة كبيرة في حياة المتعلم الدراسية للإتصال والتنقل والتعرف على كل ما هو جديد بالنسبة لعالمه الشخصي والدراسي، بالإضافة إلى أنها تشكل نافذة واسعة الآفاق يطل المتعلم بواسطتها على كل المحيطات والمنشآت والمؤسسات والأراضي والأنهار والسدود وكل القضايا ذات البعد الاستراتيجي والحيوي رياضيا وفلاحيا وتجاريا وثقافيا وسياسيا وبيئيا.

إن الرحلات التي أولت لها المدارس البيداغوجية الحديثة عناية فائقة كمدرسة سيلستيان فرينيه الحرة تعتبر دعامة أساسية في تفتق أذهان المتعلمين ورافدا هاما في انفتاح شخصية الصغار على قضايا وشؤون وطنهم إقليميا وجهويا ووطنيا، وتأسيسا على هذا يمكن القول أن الرحلات تضفي على المقررات والبرامج والطرائق البيداغوجية الحالية طابع الواقعية والمعقول، خصوصا لما تصبح مشاعره ورغبته تجاه دراسته أكيدة ومبنية على الوضوح والتحصيل المتواصل والسليم، مادامت الأهداف والمضامين التي يعالجها مقرره الدراسي غير غامضة ولا بعيدة عن رؤيته ومتناوله أي غير خالية وإذا كانت المدرسة الحرة مع الفرنسي فرينيه قد حققت نتائج باهرة سواء على المستوى التربوي أو العلمي أو الاجتماعي أو التربوي أو النفساني وبالتالي أحدثت هزة اجتماعية لا نظير لها في ميدان التربية والتعليم، حيث أصبح الأغنياء ولأول مرة يخشون أن التعليم والتحصيل العلمي ليس حكرا على أولادهم فحسب مادامت الطريقة الجديدة التي نهجها هذا المربي المتميز تقوم على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص واللاتمييز الجنسي والطبقي فإن مؤسساتنا التعليمية والتربوية بمختلف أسلاكها وشعبها مدعوة هي الأخرى لتحقيق هذه الامتيازات المعرفية والكفايات الخبراتية والإتصالاتية لمتعلمينا الصغار والكبار حتى يصبحوا في المستقبل القريب أو البعيد: جنودا، مهندسين، أطباء، محامين، أساتذة، فنانين يعرفون وطنهم حق المعرفة إذ ليس من العدل أن نربي أطفالا لا يعرفون مدن ولا قرى وطنهم، ومادامت البرامج الحالية تقر وتحفل بالمواد الدراسية " الدروس " الحقوقية ضمن مادة التربية على حقوق الإنسان " أو التربية على المواطنة " فقد أصبح من الضروري أن تبرمج الرحلات والأسفار ضمن برامجنا التعليمية كحق وضرورة لا محيد عنهما أمام التراكمات العلمية والتحولات العالمية في ميدان المعرفة والخبرة والجودة المطلوبة.


ترى، إلى متى ستظل إجراءات الترخيص للرحلات المدرسية معقدة ومعطلة؟
وإلى متى ستظل المواد الدراسية  ميتة وبعيدة عن  نبض الحياة  الذي يكمن في الرحلات و الانفتاح على المحيط الخارجي للمؤسسة ؟
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-