الادريسي عبد الكريم - أستاذ التعليم الابتدائي
توالت مجموعة من الحركات الإصلاحية للمنظومة التربوية بالمغرب منذ الاستقلال الى يومنا الحالي، بغية إخراج التعليم المغربي من عنق الزجاجة إلى عالم خصب ومنتج يؤسس لنهضة تنموية للمجتمع المغربي، لكن و للأسف الشديد، تصطدم كل تلك المشاريع مع بيئة غير مهيئة بعد لاحتضان برامج إصلاحية تم استيرادها من دول بيئتها التنموية و مؤهلاتها الاقتصادية و البشرية في أقصى المشرق و امكانياتنا في أقصى المغرب، و ما بيداغوجية الادماج عنا ببعيدة.
إن الجدير بالذكر أن تربية الطفل تخضع لتراتبية حتمية تفرض نفسها بقوة، إذ تعتبر الأسرة المؤسسة الأولى و النواة المركزية التي تتمحور حولها هذه العملية، و التي تشكل بعد التحاق الطفل بالمؤسسة التعليمية موجها حقيقيا و مؤثرا فعالا في مسار هذه العملية. فالمدرسة و الأسرة إذن مؤسستان تربويتان تجريان في مجاري تؤدي إلى نهر تربية الطفل، و كل خلل في عملية التواصل بينهما قد يخلف نتائج وخيمة تطفو فوق سطح المجتمع.
في تسعينيات القرن الماضي و حتى مطلع القرن الواحد و العشرون، لا زالت العلاقة بين المؤسسات التعليمية و الأسرة في العالم القروي تعيش حالة من الانتعاش في وحدة متناسقة، فحينئذ، يعتبر المعلم قدوة بين أسوار المدرسة و حتى بين جدران المنازل، حيث تحضر صورة المعلم دائما في كل لحظة و حين، بل إن الأسر تنقل همومها و معاناتها من أحد أبنائها إلى المعلم ليتخذ في حقه عقوبات جسدية و في مرأى من أبيه أو أمه، بل و من الأسر من بلغ تقديرها و اجلالها للمعلم مرتبة عظمى، حيث تعتبره فردا من أفراد أسرته، فيخصصون له نصيبا من محاصيلهم الزراعية و يتكلفون بطهي الخبز له ... و من الأسر الان و خصوصا في العالم القروي من لا زالت تعامل المعلم بنفس التقدير و الاحترام، مؤمنين بفكرة أن المعلم يعمل على إخراج أبنائهم من الظلمات إلى النور، و أن من واجبهم تخفيف معاناته و مساعدته و لو بشكل معنوي للقيام بعمله، و بالفعل تجد المعلم لا يتوانى عن بدل قصارى جهده لتعليم أبنائهم أحسن تعليم.
لكن الملاحظ، أن ثقافة الاعتراف، و إن لم تكن واجبة أكثر مما هي مكافئة معنوية، أصبحت تندثر شيئا فشيئا، لتحل محلها حسابات ضيقة تمخض عنها غياب التواصل بين المدرسة و الأسرة، و تقطعت خطوط رفيعة كانت جسورا متينة تؤمن نجاح العملية التعليمية، ما جعل منظومتنا التربوية تعيش في دوامة من المشاكل و تتخبط في حلقة مفرغة رغم كل الإصلاحات المشهودة.
فماذا ننتظر من تلميذ يسمع داخل أسرته أن المعلم من "عرق كذا" أو من " قبيلة" كذا، حيث يصنفون قبيلته أو عرقه ضمن الطبقات الاجتماعية الدنيا. هنا تنشأ لدى التلميذ تمثلات خاطئة عن المعلم و تتكدس لديه في اللاشعور، حيث يرى التلميذ أنه أشرف مرتبة من معلمه لحقارة عرقه حسب حد قول أسرته، ليكون التلميذ غير قابلا لاكتساب التعلمات من طرف أستاذه.
و في ذات السياق، لما يكون الطفل متشبثا بمعلمه جاعلا منه قدوة له، ثم يسمع من أمه ،مثلا، كلاما ينتقص من قيمة المعلم، تجده يقع في حالة من انفصام الشخصية، فإما أن يكون وفيا لأمه و عاصيا لمعلمه، أو أن يكون خائنا لأمه.
كما لا يمكننا إغفال الدور المهم الذي يجب أن تلعبه الأسرة في الرقي المستوى التعليمي لأبنائها، من متابعة يومية لمسارهم الدراسي و مساعدتهم لتجاوز تعثراتهم في مجالات متعددة.
إنها مشاكل تبدو لنا بسيطة، إلا أن أثرها عميق على المنظومة التربوية و بالتالي على المجتمع كله.
في الختام، وجب التذكير أن منظومتنا التعليمية تحتاج إلى إعادة إنشاء خطوط رفيعة تقوي التواصل بين مؤسسة الأسرة و المدرسة.
توالت مجموعة من الحركات الإصلاحية للمنظومة التربوية بالمغرب منذ الاستقلال الى يومنا الحالي، بغية إخراج التعليم المغربي من عنق الزجاجة إلى عالم خصب ومنتج يؤسس لنهضة تنموية للمجتمع المغربي، لكن و للأسف الشديد، تصطدم كل تلك المشاريع مع بيئة غير مهيئة بعد لاحتضان برامج إصلاحية تم استيرادها من دول بيئتها التنموية و مؤهلاتها الاقتصادية و البشرية في أقصى المشرق و امكانياتنا في أقصى المغرب، و ما بيداغوجية الادماج عنا ببعيدة.
إن الجدير بالذكر أن تربية الطفل تخضع لتراتبية حتمية تفرض نفسها بقوة، إذ تعتبر الأسرة المؤسسة الأولى و النواة المركزية التي تتمحور حولها هذه العملية، و التي تشكل بعد التحاق الطفل بالمؤسسة التعليمية موجها حقيقيا و مؤثرا فعالا في مسار هذه العملية. فالمدرسة و الأسرة إذن مؤسستان تربويتان تجريان في مجاري تؤدي إلى نهر تربية الطفل، و كل خلل في عملية التواصل بينهما قد يخلف نتائج وخيمة تطفو فوق سطح المجتمع.
في تسعينيات القرن الماضي و حتى مطلع القرن الواحد و العشرون، لا زالت العلاقة بين المؤسسات التعليمية و الأسرة في العالم القروي تعيش حالة من الانتعاش في وحدة متناسقة، فحينئذ، يعتبر المعلم قدوة بين أسوار المدرسة و حتى بين جدران المنازل، حيث تحضر صورة المعلم دائما في كل لحظة و حين، بل إن الأسر تنقل همومها و معاناتها من أحد أبنائها إلى المعلم ليتخذ في حقه عقوبات جسدية و في مرأى من أبيه أو أمه، بل و من الأسر من بلغ تقديرها و اجلالها للمعلم مرتبة عظمى، حيث تعتبره فردا من أفراد أسرته، فيخصصون له نصيبا من محاصيلهم الزراعية و يتكلفون بطهي الخبز له ... و من الأسر الان و خصوصا في العالم القروي من لا زالت تعامل المعلم بنفس التقدير و الاحترام، مؤمنين بفكرة أن المعلم يعمل على إخراج أبنائهم من الظلمات إلى النور، و أن من واجبهم تخفيف معاناته و مساعدته و لو بشكل معنوي للقيام بعمله، و بالفعل تجد المعلم لا يتوانى عن بدل قصارى جهده لتعليم أبنائهم أحسن تعليم.
لكن الملاحظ، أن ثقافة الاعتراف، و إن لم تكن واجبة أكثر مما هي مكافئة معنوية، أصبحت تندثر شيئا فشيئا، لتحل محلها حسابات ضيقة تمخض عنها غياب التواصل بين المدرسة و الأسرة، و تقطعت خطوط رفيعة كانت جسورا متينة تؤمن نجاح العملية التعليمية، ما جعل منظومتنا التربوية تعيش في دوامة من المشاكل و تتخبط في حلقة مفرغة رغم كل الإصلاحات المشهودة.
فماذا ننتظر من تلميذ يسمع داخل أسرته أن المعلم من "عرق كذا" أو من " قبيلة" كذا، حيث يصنفون قبيلته أو عرقه ضمن الطبقات الاجتماعية الدنيا. هنا تنشأ لدى التلميذ تمثلات خاطئة عن المعلم و تتكدس لديه في اللاشعور، حيث يرى التلميذ أنه أشرف مرتبة من معلمه لحقارة عرقه حسب حد قول أسرته، ليكون التلميذ غير قابلا لاكتساب التعلمات من طرف أستاذه.
و في ذات السياق، لما يكون الطفل متشبثا بمعلمه جاعلا منه قدوة له، ثم يسمع من أمه ،مثلا، كلاما ينتقص من قيمة المعلم، تجده يقع في حالة من انفصام الشخصية، فإما أن يكون وفيا لأمه و عاصيا لمعلمه، أو أن يكون خائنا لأمه.
كما لا يمكننا إغفال الدور المهم الذي يجب أن تلعبه الأسرة في الرقي المستوى التعليمي لأبنائها، من متابعة يومية لمسارهم الدراسي و مساعدتهم لتجاوز تعثراتهم في مجالات متعددة.
إنها مشاكل تبدو لنا بسيطة، إلا أن أثرها عميق على المنظومة التربوية و بالتالي على المجتمع كله.
في الختام، وجب التذكير أن منظومتنا التعليمية تحتاج إلى إعادة إنشاء خطوط رفيعة تقوي التواصل بين مؤسسة الأسرة و المدرسة.