بقلم : فيصل الزوداني
خاطرة أدبية على هامش اليوم الدولي للسعادة
« ما هذه الابتسامات التي نراها تتلألأ في أفواه الفقراء والمساكين والمحرومين والمتألمين ، لا لأنهم سعداء في عيشهم، بل لأنهم سعداء في أنفسهم » .بهذه العبارة الأخاذة عبر الروائي الفرنسي Jacques Henri Bernardin عن تيمة السعادة في روايته الشهيرة » بول وفرجيني » أو"الفضيلة " كما سماها الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي.
هذا الروائي الفرنسي الرقيق المشاعر، والذي تاقت نفسه إلى أن يسن شريعة لكل العاثرين اليائسين، لم يخطر بباله يوما أن الحياة ستستحيل من بعده إلى بؤس مقيت وشقاء عتي عنيد. حتى أن الشاعر والروائي الفرنسي Victor Hugo رق لحال الأشقياء، حين جسد في روايته الشهيرة » البؤساء » حالة الظلم الاجتماعي الذي ساد فرنسا في القرن 19. وجسد ذلك في مقدمة كتابه حين اعتبر أن العادات والقوانين تخلق ظرفا اجتماعيا هو نوع من جحيم بشري، وأنه طالما توجد لامبالاة وفقر في الأرض، فإن كتبا ككتابه ستكون ضرورية دائما.
نعم، ضرورية كي تستعدي البشرية البؤس والظلم والشقاء أينما وجدوا. ضرورية كي تتوق روح البشرية إلى عيش السعداء، وكي تعانق في بحثها عن السعادة أجواز السماء. ضرورية كي لا تكتفي البشرية في زمن الويلات والحروب والآهات باحتفالية بيوم السعادة في مارس كل سنة. ضرورية مادام أن قيم الحرية والعدل والكرامة لازالت بلا يوم ولا لون ولا طعم.
وحتى إن سمت روح البشرية إلى التفكير في السعادة، حين أجمعت عبر مندوبيها في الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن يكـون 20 مارس يوما أمميا للاحتفال بالسعادة، فإن إرادتها الجماعية لم تستطع أن تُدخل السعادة على بؤساء طالتهم أياد بالغت في إشقائهم واتعاسهم، في تهجيرهم وتفقيرهم، في إذلالهم وامتهان كرامتهم، في إبادتهم واضطهاد أقلياتهم، في اغتصاب طفولتهم ووأد أحلامهم ، في استعباد أحرارهم وفي استرقاق نسوتهم.
من تراه يحتفل بأممية السعادة هذه ؟ هل هو الفلسطيني الذي يتجرع الذل والمهانة على المعابر؟ أم الفلسطيني الذي يعيش في الغيتوهات الإسمنتية ولا يرتشف الحرية إلا من أشعار محمود درويش؟ هل هو السوري الذي يعيش حياة الشتات بين المخيمات والوعود بكسرات خبز؟ هل تراها تسعد الشامية والحلبية في يوم أضحت فيه لاجئة في خيام بالية أو منزوية في ناد أو ديوانية ، بعد أن كانت حرة أبية ؟ من تراه يسعد في يوم السعادة؟ أ هو فتى الرافدين؟ لقد ظل يأمـل كل يوم أن تخبو التفجيرات تلو التفجيرات كي تغدو مجرد فرقعات. أو ليس من حق فتى الرافدين أن يأمن على نفسه بتر اليدين والساقين ؟ أ تراه يسعد الإفريقي ؟ ما من ويلات وحروب إلا وكان شاهدا عليها. فإن كان بالأمس بضاعة في تجارة رقيق، فاليوم بات مشروع مهاجر غريق، أو جثة في إبادة في واد سحيق.
هل تسعد الطفولة في زمن غدت فيه الأرجوحة والربوة والساقية مشانق وخنادق ومتاريس سامقة؟ هل تسعد الطفولة في يوم لا فرق فيه بين الطائرة الورقية والحمم الفوسفورية ، بين الجدائل العسلية والقنابل العنقودية، بين اللمسات الحانية والأيادي السادية؟
هل تهنأ البشرية في يوم سعادتها بجرحاها بتكلاها وبقتلاها؟ هل تحتفي البشرية بالباحثين عن السعادة في انتشاء بجرعة من أفيون أو في انتحار بخيط من نايلون؟ هل تهنأ البشرية بيوم سعادتها ، كأن لا بؤس بعد اليوم ، لاظلم، لا تهجير لا استرقاق لا استبداد ؟ هل يسعد البؤساء على نسائم الزنابق والياسمين والبنفسج ، كما لو أن أناملهم لم تدمها أشواك العوسج؟
نعم، ليسعد البؤساء و ليرددوا ترنيمة السعداء: دمنا سعداء، كل عام ونحن سعداء، فقد بات للسعادة يوم بعد أن كنا في البؤس تعساء.
خاطرة أدبية على هامش اليوم الدولي للسعادة
« ما هذه الابتسامات التي نراها تتلألأ في أفواه الفقراء والمساكين والمحرومين والمتألمين ، لا لأنهم سعداء في عيشهم، بل لأنهم سعداء في أنفسهم » .بهذه العبارة الأخاذة عبر الروائي الفرنسي Jacques Henri Bernardin عن تيمة السعادة في روايته الشهيرة » بول وفرجيني » أو"الفضيلة " كما سماها الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي.
هذا الروائي الفرنسي الرقيق المشاعر، والذي تاقت نفسه إلى أن يسن شريعة لكل العاثرين اليائسين، لم يخطر بباله يوما أن الحياة ستستحيل من بعده إلى بؤس مقيت وشقاء عتي عنيد. حتى أن الشاعر والروائي الفرنسي Victor Hugo رق لحال الأشقياء، حين جسد في روايته الشهيرة » البؤساء » حالة الظلم الاجتماعي الذي ساد فرنسا في القرن 19. وجسد ذلك في مقدمة كتابه حين اعتبر أن العادات والقوانين تخلق ظرفا اجتماعيا هو نوع من جحيم بشري، وأنه طالما توجد لامبالاة وفقر في الأرض، فإن كتبا ككتابه ستكون ضرورية دائما.
نعم، ضرورية كي تستعدي البشرية البؤس والظلم والشقاء أينما وجدوا. ضرورية كي تتوق روح البشرية إلى عيش السعداء، وكي تعانق في بحثها عن السعادة أجواز السماء. ضرورية كي لا تكتفي البشرية في زمن الويلات والحروب والآهات باحتفالية بيوم السعادة في مارس كل سنة. ضرورية مادام أن قيم الحرية والعدل والكرامة لازالت بلا يوم ولا لون ولا طعم.
وحتى إن سمت روح البشرية إلى التفكير في السعادة، حين أجمعت عبر مندوبيها في الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن يكـون 20 مارس يوما أمميا للاحتفال بالسعادة، فإن إرادتها الجماعية لم تستطع أن تُدخل السعادة على بؤساء طالتهم أياد بالغت في إشقائهم واتعاسهم، في تهجيرهم وتفقيرهم، في إذلالهم وامتهان كرامتهم، في إبادتهم واضطهاد أقلياتهم، في اغتصاب طفولتهم ووأد أحلامهم ، في استعباد أحرارهم وفي استرقاق نسوتهم.
من تراه يحتفل بأممية السعادة هذه ؟ هل هو الفلسطيني الذي يتجرع الذل والمهانة على المعابر؟ أم الفلسطيني الذي يعيش في الغيتوهات الإسمنتية ولا يرتشف الحرية إلا من أشعار محمود درويش؟ هل هو السوري الذي يعيش حياة الشتات بين المخيمات والوعود بكسرات خبز؟ هل تراها تسعد الشامية والحلبية في يوم أضحت فيه لاجئة في خيام بالية أو منزوية في ناد أو ديوانية ، بعد أن كانت حرة أبية ؟ من تراه يسعد في يوم السعادة؟ أ هو فتى الرافدين؟ لقد ظل يأمـل كل يوم أن تخبو التفجيرات تلو التفجيرات كي تغدو مجرد فرقعات. أو ليس من حق فتى الرافدين أن يأمن على نفسه بتر اليدين والساقين ؟ أ تراه يسعد الإفريقي ؟ ما من ويلات وحروب إلا وكان شاهدا عليها. فإن كان بالأمس بضاعة في تجارة رقيق، فاليوم بات مشروع مهاجر غريق، أو جثة في إبادة في واد سحيق.
هل تسعد الطفولة في زمن غدت فيه الأرجوحة والربوة والساقية مشانق وخنادق ومتاريس سامقة؟ هل تسعد الطفولة في يوم لا فرق فيه بين الطائرة الورقية والحمم الفوسفورية ، بين الجدائل العسلية والقنابل العنقودية، بين اللمسات الحانية والأيادي السادية؟
هل تهنأ البشرية في يوم سعادتها بجرحاها بتكلاها وبقتلاها؟ هل تحتفي البشرية بالباحثين عن السعادة في انتشاء بجرعة من أفيون أو في انتحار بخيط من نايلون؟ هل تهنأ البشرية بيوم سعادتها ، كأن لا بؤس بعد اليوم ، لاظلم، لا تهجير لا استرقاق لا استبداد ؟ هل يسعد البؤساء على نسائم الزنابق والياسمين والبنفسج ، كما لو أن أناملهم لم تدمها أشواك العوسج؟
نعم، ليسعد البؤساء و ليرددوا ترنيمة السعداء: دمنا سعداء، كل عام ونحن سعداء، فقد بات للسعادة يوم بعد أن كنا في البؤس تعساء.