منذ سنوات والجامعة المغربية تعيش أزمة علمية وأخلاقية يتحمل مسؤوليتها كل من الوزارة والطلبة والأساتذة وجزء كبير من تنظيماتهم النقابية.
يوميا، نسمع عن حالات ابتزاز في إحدى الجامعات المغربية، والابتزاز في رحاب الجامعات والكليات لا يقف فقط عند حدود التحرش والاستغلال الجنسي للطالبات، وإنما يصل أيضا إلى حدود الاستغلال المالي.
فهناك بعض الأساتذة الجامعيين الذين حولوا الجامعة إلى بورصة لبيع وشراء البحوث وحددوا سقفا للإشراف على الأطروحات الجامعية يصل سعر بعضها إلى 15 مليونا للبحث.
وهذا ما يفسر امتلاء رفوف خزانات هذه الكليات بالبحوث المنقولة حرفيا من الأنترنيت والمسروقة من الكتب العلمية. والمصيبة أن هؤلاء الدكاترة المزورين يصل بعضهم إلى الكليات ويصبحون أساتذة جامعيين يشرفون بدورهم على بحوث الطلبة والطالبات.
وهكذا، أصبحت لدينا في بعض الجامعات فصيلة من الأساتذة يحترفون جمع المال عوض جمع العلم، ويستعملون سلطتهم العلمية في تفريغ كبتهم الجنسي باستغلال طالباتهم جنسيا ومقايضتهن النجاح والبحوث بالمتعة المجانية، وبعض هذه الفضائح وصل إلى ساحة القضاء وصدرت في شأنه أحكام.
وقبل سنوات، نشرت وزارة التعليم العالي دراسة صادمة للدكتور محمد الشرقاوي، الخبير في علم الاجتماع، حول البحث العلمي في الجامعات المغربية. وحسب هذه الدراسة، فهناك 55 في المائة من الأساتذة الجامعيين الذين لم ينشروا ولو سطرا واحدا طيلة حياتهم الجامعية. وبالمقابل، يمكن أن تعثر على أغلب هؤلاء «ناشرين» أرجلهم على أرصفة المقاهي «يخرجون» الكلمات المسهمة في الجرائد التي يطالعونها مجانا.
وحسب الدراسة ذاتها، فقد انخفض الإنتاج العلمي بنسبة الثلث؛ فيبدو أن بعض هؤلاء الأساتذة الجامعيين منشغلون بالبحث عن البقع الأرضية التي يعيدون بيعها، أو السيارات المستعملة للمتاجرة في قطع الغيار. كما كشفت الدراسة أن 70 في المائة من الأساتذة الجامعيين غير راضين عن دورهم المهني، مع أن بعضهم راضون عن رواتبهم التي يتقاضونها مقابل تدريس ساعتين في الأسبوع.
والأفظع في الدراسة هو ما تذكره من أن 46 في المائة من الأساتذة الجامعيين المستجوبين يريدون تغيير مهنتهم بمهنة في القطاع الخاص، بينما 40 في المائة عبروا عن رغبتهم في ممارسة مهنة مستقلة كالتجارة والمقاولات.
والظاهر أن هناك بعض أساتذة الجامعات الذين يخلطون بين المقاولات والتجارة والتدريس الجامعي، خصوصا أولئك الأساتذة الذين يطبعون محاضراتهم في كتب ويشترطون على الطلبة اقتناءها وإحضارها في امتحانات الشفوي.
في السابق، كانوا يطبعونها بـ«الستانسيل» و«البوليكوب»، واليوم أصبحوا يفضلون طباعتها في كتب، لأن أرباحها أكبر. وبمجرد ما يدخل الطالب غرفة الامتحان، يسأله الأستاذ عن كتابه أولا قبل أن يسأله عن أي شيء آخر.
وإذا غامر الطالب بالدخول على الأستاذ بيدين فارغتين، فإن هذا الأخير يسأله أسئلة من قبيل «كم شجرة توجد في غابة الأمازون؟».
وحتى يضمن الأستاذ اقتناء كل طالب لنسخة من كتابه، فإنه يبادر عند نهاية «الاستنطاق» الشفوي إلى كتابة إهداء للطالب على الصفحة الأولى من الكتاب، ليس من أجل سواد عينيه طبعا، ولكن لكي يضمن الأستاذ عدم «تسليف» الطالب كتابَه للطالب الذي سيأتي بعده.
أعرف أن ما أقوله سيغضب بعض الأساتذة الجامعيين، لكن هذه هي الحقيقة الصادمة، ويجب أن تكون لدينا الجرأة لكي نعترف بالمستوى المتدني الذي وصلت إليه الجامعة المغربية.
ولعل أوضح مثال على البيع والشراء الذي أصبح يسود الجامعات والكليات هو موضة «الماستر» التي أصبحت على كل لسان. وبمجرد ما تسأل طالبا أو طالبة عن مستواه الجامعي، يقول لك «داير ماستر فالمحاسبة» أو «دايرة ماستر فتسيير المقاولات».
و»الماستر» شهادة جامعية مؤدى عنها، أي أن الطالب يدفع ما بين 50 و60 ألف درهم للجامعة من أجل الحصول عليها خلال ثلاثة فصول دراسية، فيضع الأستاذ المشرف على «الماستر» 70 في المائة من هذا المبلغ في جيبه، بينما تذهب عشرة في المائة إلى الجامعة وعشرة في المائة إلى الكلية والعشرة الأخرى تذهب إلى ميزانية المعدات.
وبالإضافة إلى «الماستر» مدفوع الأجر، هناك «الماستر» المجاني الذي تتحمل الوزارة تكاليفه. ولكي يتم قبول بعض الطلبة عند بعض الأساتذة في هذا «الماستر»، فعليهم أن «يحكو» جيوبهم، أما بعض الطالبات فلكي يتم قبولهن فعليهن حك مكان آخر.
هذه هي أخطر الأمراض التي تعاني منها الجامعة المغربية. وطبعا، فنحن لا نعمم الأحكام، فهناك داخل الجامعة المغربية أساتذة شرفاء يقبضون على نزاهتهم كالقابض على الجمر في فضاء موبوء وملوث بشتى أنواع العقد والأمراض الاجتماعية. وهؤلاء الأساتذة بدورهم يشتكون من ممارسات بعض زملائهم المخلة بالآداب والمهنية، ويطالبون الوزارة ونقابة التعليم العالي بالقيام بحملة لتطهير الجامعة من هذه الطفيليات الضارة.
لكن وزارة التعليم العالي والنقابة منشغلتان بشيء آخر تماما، فقد أخرجت نقابة التعليم العالي بلاغا تبشر فيه بـ«الفتوحات» التي تم تحقيقها في المفاوضات مع الوزير لحسن الداودي، وفعلا إذا اكتفينا بنص البلاغ، فالوزير أبدى «تفهما» لكل مطالب النقابة.
«سبحان الله»، وكأن كل عنترياته إبان السنتين الماضيتين كانت مجرد «لعب الدراري»، إذ نسي الوزير كليا ما كان وصف به النقابة والمنضوين تحت لوائها، حين وصفهم سعادته بـ«الذيليين» متهما نقابتهم بالكذب.
النقابة بدورها نسيت وصفها للوزير بالمستبد ونعتها للحكومة بـ«اللاشعبية» و«اللاوطنية».. وقد أسفرت هذه الهدنة عن تدبيج الطرفين لبلاغين يؤرخان فيهما، كل على شاكلته، لروايتهما بخصوص ما اتفقا عليه، فالنقابة اعتبرت الاتفاق نتاجا لـ«نضالها» فيما اعتبرت وزارة الداودي الاتفاق تجسيدا لـ«روح المسؤولية» لدى الوزير.
والغريب هو أن يتواطأ الطرفان معا على عدم ذكر مشروع قانون التعليم العالي، الذي تنكب عليه لجنة مختصة في مجلس عمر عزيمان، وكأنهما غير معنيين به إطلاقا، مع أن مستقبل الجامعة وكل مؤسسات التعليم العالي مرتبطة بهذا القانون.
لذلك نسي الطرفان الأهم، الذي هو مستقبل القطاع، وتفرغا للاتفاق على مستقبلهما الحزبي، وكأن الجامعة ومستقبلها لا يعنيهما إطلاقا، بالرغم من التاريخ الطويل من الشعارات الجوفاء.
والحقيقة أنهما فعلا غير معنيين بمستقبل التعليم العالي؛ فإذا كان لحسن الداودي قد تذرع بكونه يُفعل الدستور في طلب استشارة المجلس الأعلى للتربية والتكوين في القانون، باسم الشفافية المفترى عليها، فإنه لا يستطيع أن يخفي أنه رفض كل مطالب النقابات والأساتذة الجامعيين بخصوص هذا القانون، والذي تضمن تراجعات كبيرة سنقف عندها في ما بعد، وألقى بمشروع القانون للمجلس، وفي الوقت نفسه، فالأداء الباهت لممثل نقابة التعليم العالي في المجلس الأعلى، وعدم قبول عضويته الكاملة في اللجنة التي ستفكر في مشروع القانون، دليل على أن الجامعة والتعليم العالي لم يعد الآن قطاعا يهم الوزارة أو النقابة، لكونهما منشغلين أكثر بحسابات السياسة الحزبية.
هكذا، فقدر الجامعة وقطاع التعليم العالي، منذ الاستقلال، هو أن تكون كقطعة الشطرنج التي تدار بواسطة قوى من خارجها، وكم هو مؤسف أن يتحكم زعماء الأحزاب، وأغلبهم لا يتعدى تكوينه الجامعي سلك الإجازة، في مصير قطاع يفترض أن يكون قطاعا نخبويا، يجسد كل قيم الحداثة والاستقلالية في التفكير. لكن في الواقع يظهر أن لشكر وبنكيران نقلا معركتهما «الصغيرة» و«التافهة» شكلا ومضمونا إلى الجامعة، وهاهما يرغمان الوزير والنقابة على نسيان وتأجيل الإشكالات الحقيقية لقطاع التعليم العالي، ودفعهما للدخول في مفاوضات المحاصصة الحزبية، و«الاتفاق» على إعادة تقسيم كعكة المقاعد في الأجهزة التقريرية للنقابة.
يوميا، نسمع عن حالات ابتزاز في إحدى الجامعات المغربية، والابتزاز في رحاب الجامعات والكليات لا يقف فقط عند حدود التحرش والاستغلال الجنسي للطالبات، وإنما يصل أيضا إلى حدود الاستغلال المالي.
فهناك بعض الأساتذة الجامعيين الذين حولوا الجامعة إلى بورصة لبيع وشراء البحوث وحددوا سقفا للإشراف على الأطروحات الجامعية يصل سعر بعضها إلى 15 مليونا للبحث.
وهذا ما يفسر امتلاء رفوف خزانات هذه الكليات بالبحوث المنقولة حرفيا من الأنترنيت والمسروقة من الكتب العلمية. والمصيبة أن هؤلاء الدكاترة المزورين يصل بعضهم إلى الكليات ويصبحون أساتذة جامعيين يشرفون بدورهم على بحوث الطلبة والطالبات.
وهكذا، أصبحت لدينا في بعض الجامعات فصيلة من الأساتذة يحترفون جمع المال عوض جمع العلم، ويستعملون سلطتهم العلمية في تفريغ كبتهم الجنسي باستغلال طالباتهم جنسيا ومقايضتهن النجاح والبحوث بالمتعة المجانية، وبعض هذه الفضائح وصل إلى ساحة القضاء وصدرت في شأنه أحكام.
وقبل سنوات، نشرت وزارة التعليم العالي دراسة صادمة للدكتور محمد الشرقاوي، الخبير في علم الاجتماع، حول البحث العلمي في الجامعات المغربية. وحسب هذه الدراسة، فهناك 55 في المائة من الأساتذة الجامعيين الذين لم ينشروا ولو سطرا واحدا طيلة حياتهم الجامعية. وبالمقابل، يمكن أن تعثر على أغلب هؤلاء «ناشرين» أرجلهم على أرصفة المقاهي «يخرجون» الكلمات المسهمة في الجرائد التي يطالعونها مجانا.
وحسب الدراسة ذاتها، فقد انخفض الإنتاج العلمي بنسبة الثلث؛ فيبدو أن بعض هؤلاء الأساتذة الجامعيين منشغلون بالبحث عن البقع الأرضية التي يعيدون بيعها، أو السيارات المستعملة للمتاجرة في قطع الغيار. كما كشفت الدراسة أن 70 في المائة من الأساتذة الجامعيين غير راضين عن دورهم المهني، مع أن بعضهم راضون عن رواتبهم التي يتقاضونها مقابل تدريس ساعتين في الأسبوع.
والأفظع في الدراسة هو ما تذكره من أن 46 في المائة من الأساتذة الجامعيين المستجوبين يريدون تغيير مهنتهم بمهنة في القطاع الخاص، بينما 40 في المائة عبروا عن رغبتهم في ممارسة مهنة مستقلة كالتجارة والمقاولات.
والظاهر أن هناك بعض أساتذة الجامعات الذين يخلطون بين المقاولات والتجارة والتدريس الجامعي، خصوصا أولئك الأساتذة الذين يطبعون محاضراتهم في كتب ويشترطون على الطلبة اقتناءها وإحضارها في امتحانات الشفوي.
في السابق، كانوا يطبعونها بـ«الستانسيل» و«البوليكوب»، واليوم أصبحوا يفضلون طباعتها في كتب، لأن أرباحها أكبر. وبمجرد ما يدخل الطالب غرفة الامتحان، يسأله الأستاذ عن كتابه أولا قبل أن يسأله عن أي شيء آخر.
وإذا غامر الطالب بالدخول على الأستاذ بيدين فارغتين، فإن هذا الأخير يسأله أسئلة من قبيل «كم شجرة توجد في غابة الأمازون؟».
وحتى يضمن الأستاذ اقتناء كل طالب لنسخة من كتابه، فإنه يبادر عند نهاية «الاستنطاق» الشفوي إلى كتابة إهداء للطالب على الصفحة الأولى من الكتاب، ليس من أجل سواد عينيه طبعا، ولكن لكي يضمن الأستاذ عدم «تسليف» الطالب كتابَه للطالب الذي سيأتي بعده.
أعرف أن ما أقوله سيغضب بعض الأساتذة الجامعيين، لكن هذه هي الحقيقة الصادمة، ويجب أن تكون لدينا الجرأة لكي نعترف بالمستوى المتدني الذي وصلت إليه الجامعة المغربية.
ولعل أوضح مثال على البيع والشراء الذي أصبح يسود الجامعات والكليات هو موضة «الماستر» التي أصبحت على كل لسان. وبمجرد ما تسأل طالبا أو طالبة عن مستواه الجامعي، يقول لك «داير ماستر فالمحاسبة» أو «دايرة ماستر فتسيير المقاولات».
و»الماستر» شهادة جامعية مؤدى عنها، أي أن الطالب يدفع ما بين 50 و60 ألف درهم للجامعة من أجل الحصول عليها خلال ثلاثة فصول دراسية، فيضع الأستاذ المشرف على «الماستر» 70 في المائة من هذا المبلغ في جيبه، بينما تذهب عشرة في المائة إلى الجامعة وعشرة في المائة إلى الكلية والعشرة الأخرى تذهب إلى ميزانية المعدات.
وبالإضافة إلى «الماستر» مدفوع الأجر، هناك «الماستر» المجاني الذي تتحمل الوزارة تكاليفه. ولكي يتم قبول بعض الطلبة عند بعض الأساتذة في هذا «الماستر»، فعليهم أن «يحكو» جيوبهم، أما بعض الطالبات فلكي يتم قبولهن فعليهن حك مكان آخر.
هذه هي أخطر الأمراض التي تعاني منها الجامعة المغربية. وطبعا، فنحن لا نعمم الأحكام، فهناك داخل الجامعة المغربية أساتذة شرفاء يقبضون على نزاهتهم كالقابض على الجمر في فضاء موبوء وملوث بشتى أنواع العقد والأمراض الاجتماعية. وهؤلاء الأساتذة بدورهم يشتكون من ممارسات بعض زملائهم المخلة بالآداب والمهنية، ويطالبون الوزارة ونقابة التعليم العالي بالقيام بحملة لتطهير الجامعة من هذه الطفيليات الضارة.
لكن وزارة التعليم العالي والنقابة منشغلتان بشيء آخر تماما، فقد أخرجت نقابة التعليم العالي بلاغا تبشر فيه بـ«الفتوحات» التي تم تحقيقها في المفاوضات مع الوزير لحسن الداودي، وفعلا إذا اكتفينا بنص البلاغ، فالوزير أبدى «تفهما» لكل مطالب النقابة.
«سبحان الله»، وكأن كل عنترياته إبان السنتين الماضيتين كانت مجرد «لعب الدراري»، إذ نسي الوزير كليا ما كان وصف به النقابة والمنضوين تحت لوائها، حين وصفهم سعادته بـ«الذيليين» متهما نقابتهم بالكذب.
النقابة بدورها نسيت وصفها للوزير بالمستبد ونعتها للحكومة بـ«اللاشعبية» و«اللاوطنية».. وقد أسفرت هذه الهدنة عن تدبيج الطرفين لبلاغين يؤرخان فيهما، كل على شاكلته، لروايتهما بخصوص ما اتفقا عليه، فالنقابة اعتبرت الاتفاق نتاجا لـ«نضالها» فيما اعتبرت وزارة الداودي الاتفاق تجسيدا لـ«روح المسؤولية» لدى الوزير.
والغريب هو أن يتواطأ الطرفان معا على عدم ذكر مشروع قانون التعليم العالي، الذي تنكب عليه لجنة مختصة في مجلس عمر عزيمان، وكأنهما غير معنيين به إطلاقا، مع أن مستقبل الجامعة وكل مؤسسات التعليم العالي مرتبطة بهذا القانون.
لذلك نسي الطرفان الأهم، الذي هو مستقبل القطاع، وتفرغا للاتفاق على مستقبلهما الحزبي، وكأن الجامعة ومستقبلها لا يعنيهما إطلاقا، بالرغم من التاريخ الطويل من الشعارات الجوفاء.
والحقيقة أنهما فعلا غير معنيين بمستقبل التعليم العالي؛ فإذا كان لحسن الداودي قد تذرع بكونه يُفعل الدستور في طلب استشارة المجلس الأعلى للتربية والتكوين في القانون، باسم الشفافية المفترى عليها، فإنه لا يستطيع أن يخفي أنه رفض كل مطالب النقابات والأساتذة الجامعيين بخصوص هذا القانون، والذي تضمن تراجعات كبيرة سنقف عندها في ما بعد، وألقى بمشروع القانون للمجلس، وفي الوقت نفسه، فالأداء الباهت لممثل نقابة التعليم العالي في المجلس الأعلى، وعدم قبول عضويته الكاملة في اللجنة التي ستفكر في مشروع القانون، دليل على أن الجامعة والتعليم العالي لم يعد الآن قطاعا يهم الوزارة أو النقابة، لكونهما منشغلين أكثر بحسابات السياسة الحزبية.
هكذا، فقدر الجامعة وقطاع التعليم العالي، منذ الاستقلال، هو أن تكون كقطعة الشطرنج التي تدار بواسطة قوى من خارجها، وكم هو مؤسف أن يتحكم زعماء الأحزاب، وأغلبهم لا يتعدى تكوينه الجامعي سلك الإجازة، في مصير قطاع يفترض أن يكون قطاعا نخبويا، يجسد كل قيم الحداثة والاستقلالية في التفكير. لكن في الواقع يظهر أن لشكر وبنكيران نقلا معركتهما «الصغيرة» و«التافهة» شكلا ومضمونا إلى الجامعة، وهاهما يرغمان الوزير والنقابة على نسيان وتأجيل الإشكالات الحقيقية لقطاع التعليم العالي، ودفعهما للدخول في مفاوضات المحاصصة الحزبية، و«الاتفاق» على إعادة تقسيم كعكة المقاعد في الأجهزة التقريرية للنقابة.