بقلم : محمد السعيد مازغ
مدارسنا اصبحت عورة، فضيحة تلو أخرى، وما خفي أعظم، تلاميذ يصدرون أصواتا مزعجة أثناء إلقاء الأستاذة للدرس، وحين همت بمغادرة القاعة عمدوا إلى إغلاق الباب بالطاولة، ومنعوها من الخروج..
تلاميذ آخرون يحملون جروا ويطوفون به داخل اجنحة مؤسسة تعليمية، وللفت انتباه باقي التلاميذ ودفعهم للانخراط في مسلسل التهريج، يتم تعذيب الكلب الصغير بطريقة وحشية، ويقررون الانتقال بالمشهد من فصل دراسي إلى آخر..
شريط آخر يتبجح فيه تلميذ بشرب الجعة بمعية زميلته داخل الفصل، غير آبهين بحرمة المؤسسة ودون اعتبار لزملائهم وللمدرس الذي يبدو انه يشرح الدرس لمن يهمه الأمر، ولا يفارق محيط السبورة.
وبالصوت والصورة ايضا ، تلاميذ وتلميذات يتفقون على إيقاع مدرستهم في الفخ، فيلعب احدهم دور الضحية بعد ان أثقن لعبة الاستفزاز وإثارة الأعصاب، وآخر تكفل بمهمة التصوير، وكانت النتيجة أن فقدت المدرسة السيطرة على اعصابها واخذت تسب يمينا وشمالا ، وتعلن التحدي، ليس فقط في مواجهة أسرة التلميذ أو ولي أمره بل في مواجهة وزير التربية والتكوين ذاته، وربما في مواجهة حظها العثر الذي قادها إلى اختيار مهنة المتاعب.
شريط آخر وما أكثر الأشرطة التي تتقاطر على قنوات التواصل الاجتماعي، والتي لعبت دورا في تبليغ المسكوت عنه، وفضح المستور، استاذ يتم الاعتداء عليه بالسلاح الابيض من طرف تلميذ لم ترقه النقطة التي حصل عليها في الامتحان، وبدلا من أن يحاسب نفسه، ويقوّم أداءه، ارتأى النط على السور الأقصر، ومباغثة الاستاذ بطعنة سكين كانت كافية لاستنزاف دم الاستاذ وخضوعه إلى عملية جراحية..و"مربّي" كان من المفروض أن يأخذ بيد تلميذة متعثرة في القراءة، إلا أنه اختار الاستهزاء بها، وتلقينها المصطلحات الخاطئة بسبق الاصرار والترصد.
قصاصات تلو الاخرى، أبى "الميستر" اليوتوب والواط ساب والتويتر والفايس بوك إلا أن يضع الاصبح على الجرح الحساس، ويفقه الغافلين بعيوبهم، عسى أن يروموا الخط العمودي الذي يصدر الاوامر، ويلزم بالتنفيذ الحرفي، إلى خط أفقي تساهم في بلورته كل الفئات الحقيقية المعنية بالتربية والتكوين بعيدا عن المزايدات السياسية، والديماغوجية الفجة، التي لم ولن تجني منها المدرسة سوى الاحباط ،واليأس،والفشل وفقدان الثقة في الذات والمحيط وتعاطي المخدرات والانسلاخ عن القيم والمبادئ النبيلة، والانحدار نحو الانحلال الخلقي وهدر الوقت في اللعب واللهو والمتاهات...
إن المتأمل لأغلب ما تم نشره عبر اليوتوب او العالم الافتراضي من شرائط خاصة بانتهاك حرمة الاستاذ او الاعتداء على حقوق المتعلم ، ينم عن سلوكات مرضية "صبيانية" ناجمة عن تصدع بنيان ظل لأزمان بعيدة يعاني من اختلالات تربوية ومن تراكمات بلغت حد انفصام ـ بالواضح والمرموز ـ بين الادارة التربوية وأطرها ، وبين المعلمين والمتعلمين، وبين التلاميذ أنفسهم، فبعض المديرين يتغاضون عما يتعرض له الاساتذة من اعتداءات من طرف بعض المشاغبين من التلاميذ، ولا تفارق شفاههم " الله يخرج السربيس على خير " إننا نتفادى المشاكل ونراعي الضغوط النفسية والمادية للتلميذ..، كما يتغاضى بعض الاداريين أيضا عن الممارسات التي يقوم بها بعض الاساتذة ضد تلاميذهم، كفرض ساعات الدعم المؤدى عنه مسبقا، وغض الطرف عن الغيابات المتكررة وبدون سند قانوني، بدعوى ان المعني ينتمي إلى نقابة مهنية معينة، أو فلانة زوجة شخصية نافذة... وغيرها من المبررات التي تكبر وتنمو ككرة الثلج في علو مرتفع، وتجد المشاغبين وهم أقلية داخل القسم، يتحكمون في السير العادي للفصل، ويشوشون على المثابرين والمتلمسين طريق النجاح، ولا يجدون من يوقف العبث او يصلح العوج ، وفي خضم المفارقات يصبح المدرس والمتعلم والمنظومة جميعهم في قفص الاتهام إلى أن يثبت العكس، والحصيلة الاجمالية ضعف المستوى التعليمي تردي اوضاع المدرسة، العنف المدرسي، الهدر المدرسي، العزوف واستفحال الازمة .......
أمراض كثيرة ومتنوعة، وتشخيصها بالتدقيق والتمحيص يتطلب دراسات معمقة، على المستوى النفسي والاجتماعي والثقافي والتربوي والاقتصادي، وعمود في جريدة لا يمكنه ان يلم بالظاهرة من كل جوانبها .
. علما ان منها ما يرتبط بالظرف العام للبلاد ، حيث يعتقد البعض ان المدرسة أضحت اليوم تركز في أداء وظيفتها على الجانب التعليمي التحصيلي أكثر من الجانب التربوي، وقد تخلت عن دورها في تنمية المنظومة القيمية لدى التلاميذ كما ان المناهج لم تعد تمكن المؤسسة التعليمية من تربية التلاميذ على القيم والأخلاق اللازمة لبناء شخصياتهم. وجهة نظر أخرى ترى أن المذكرات التربوية تنص على عدم إذاية المتعلم، رغم ما يصدر منه من إساءة للمدرس، والتشويش على السير العادي للدراسة، ويمنع على المدرس طرده من القسم، أو ضربه أو الإساءة إليه.
ملاحظة أخرى لا تقل أهمية وقد ينجم عنها فقدان احترام التلميذ لأستاذه أو أستاذته، منها جشع بعض اللاهثين ـ مدرسين ومدرسات ـ وراء دروس الدعم والتقوية، مما يدفعهم للمساومة بالنقط أو تخصيص أبناء الاثرياء بامتيازات خاصة، إلى جانب ضعف بعض الاساتذة وعدم تمكنهم من مادة التدريس، أو ضعف الشخصية، وسوء المعاملة والجفاء، وغيرها من العوامل التي تشجع التلميذ على تكسير حاجز الاحترام، والتمرد على الاستاذ، والاستهتار بالمدرسة وقوانينها، ويزداد حدة حين تعجز الادارة التربوية عن احتواء المشاكل ومعالجتها بالشكل الذي يحافظ على نظام العلاقات والتفاعلات التربوية والاجتماعية والثقافية والنفسية والحياة اليومية داخل فضاء مؤهل لتربية الاخلاق وتهذيب النفس وتنوير العقول.
مدارسنا اصبحت عورة، فضيحة تلو أخرى، وما خفي أعظم، تلاميذ يصدرون أصواتا مزعجة أثناء إلقاء الأستاذة للدرس، وحين همت بمغادرة القاعة عمدوا إلى إغلاق الباب بالطاولة، ومنعوها من الخروج..
تلاميذ آخرون يحملون جروا ويطوفون به داخل اجنحة مؤسسة تعليمية، وللفت انتباه باقي التلاميذ ودفعهم للانخراط في مسلسل التهريج، يتم تعذيب الكلب الصغير بطريقة وحشية، ويقررون الانتقال بالمشهد من فصل دراسي إلى آخر..
شريط آخر يتبجح فيه تلميذ بشرب الجعة بمعية زميلته داخل الفصل، غير آبهين بحرمة المؤسسة ودون اعتبار لزملائهم وللمدرس الذي يبدو انه يشرح الدرس لمن يهمه الأمر، ولا يفارق محيط السبورة.
وبالصوت والصورة ايضا ، تلاميذ وتلميذات يتفقون على إيقاع مدرستهم في الفخ، فيلعب احدهم دور الضحية بعد ان أثقن لعبة الاستفزاز وإثارة الأعصاب، وآخر تكفل بمهمة التصوير، وكانت النتيجة أن فقدت المدرسة السيطرة على اعصابها واخذت تسب يمينا وشمالا ، وتعلن التحدي، ليس فقط في مواجهة أسرة التلميذ أو ولي أمره بل في مواجهة وزير التربية والتكوين ذاته، وربما في مواجهة حظها العثر الذي قادها إلى اختيار مهنة المتاعب.
شريط آخر وما أكثر الأشرطة التي تتقاطر على قنوات التواصل الاجتماعي، والتي لعبت دورا في تبليغ المسكوت عنه، وفضح المستور، استاذ يتم الاعتداء عليه بالسلاح الابيض من طرف تلميذ لم ترقه النقطة التي حصل عليها في الامتحان، وبدلا من أن يحاسب نفسه، ويقوّم أداءه، ارتأى النط على السور الأقصر، ومباغثة الاستاذ بطعنة سكين كانت كافية لاستنزاف دم الاستاذ وخضوعه إلى عملية جراحية..و"مربّي" كان من المفروض أن يأخذ بيد تلميذة متعثرة في القراءة، إلا أنه اختار الاستهزاء بها، وتلقينها المصطلحات الخاطئة بسبق الاصرار والترصد.
قصاصات تلو الاخرى، أبى "الميستر" اليوتوب والواط ساب والتويتر والفايس بوك إلا أن يضع الاصبح على الجرح الحساس، ويفقه الغافلين بعيوبهم، عسى أن يروموا الخط العمودي الذي يصدر الاوامر، ويلزم بالتنفيذ الحرفي، إلى خط أفقي تساهم في بلورته كل الفئات الحقيقية المعنية بالتربية والتكوين بعيدا عن المزايدات السياسية، والديماغوجية الفجة، التي لم ولن تجني منها المدرسة سوى الاحباط ،واليأس،والفشل وفقدان الثقة في الذات والمحيط وتعاطي المخدرات والانسلاخ عن القيم والمبادئ النبيلة، والانحدار نحو الانحلال الخلقي وهدر الوقت في اللعب واللهو والمتاهات...
إن المتأمل لأغلب ما تم نشره عبر اليوتوب او العالم الافتراضي من شرائط خاصة بانتهاك حرمة الاستاذ او الاعتداء على حقوق المتعلم ، ينم عن سلوكات مرضية "صبيانية" ناجمة عن تصدع بنيان ظل لأزمان بعيدة يعاني من اختلالات تربوية ومن تراكمات بلغت حد انفصام ـ بالواضح والمرموز ـ بين الادارة التربوية وأطرها ، وبين المعلمين والمتعلمين، وبين التلاميذ أنفسهم، فبعض المديرين يتغاضون عما يتعرض له الاساتذة من اعتداءات من طرف بعض المشاغبين من التلاميذ، ولا تفارق شفاههم " الله يخرج السربيس على خير " إننا نتفادى المشاكل ونراعي الضغوط النفسية والمادية للتلميذ..، كما يتغاضى بعض الاداريين أيضا عن الممارسات التي يقوم بها بعض الاساتذة ضد تلاميذهم، كفرض ساعات الدعم المؤدى عنه مسبقا، وغض الطرف عن الغيابات المتكررة وبدون سند قانوني، بدعوى ان المعني ينتمي إلى نقابة مهنية معينة، أو فلانة زوجة شخصية نافذة... وغيرها من المبررات التي تكبر وتنمو ككرة الثلج في علو مرتفع، وتجد المشاغبين وهم أقلية داخل القسم، يتحكمون في السير العادي للفصل، ويشوشون على المثابرين والمتلمسين طريق النجاح، ولا يجدون من يوقف العبث او يصلح العوج ، وفي خضم المفارقات يصبح المدرس والمتعلم والمنظومة جميعهم في قفص الاتهام إلى أن يثبت العكس، والحصيلة الاجمالية ضعف المستوى التعليمي تردي اوضاع المدرسة، العنف المدرسي، الهدر المدرسي، العزوف واستفحال الازمة .......
أمراض كثيرة ومتنوعة، وتشخيصها بالتدقيق والتمحيص يتطلب دراسات معمقة، على المستوى النفسي والاجتماعي والثقافي والتربوي والاقتصادي، وعمود في جريدة لا يمكنه ان يلم بالظاهرة من كل جوانبها .
. علما ان منها ما يرتبط بالظرف العام للبلاد ، حيث يعتقد البعض ان المدرسة أضحت اليوم تركز في أداء وظيفتها على الجانب التعليمي التحصيلي أكثر من الجانب التربوي، وقد تخلت عن دورها في تنمية المنظومة القيمية لدى التلاميذ كما ان المناهج لم تعد تمكن المؤسسة التعليمية من تربية التلاميذ على القيم والأخلاق اللازمة لبناء شخصياتهم. وجهة نظر أخرى ترى أن المذكرات التربوية تنص على عدم إذاية المتعلم، رغم ما يصدر منه من إساءة للمدرس، والتشويش على السير العادي للدراسة، ويمنع على المدرس طرده من القسم، أو ضربه أو الإساءة إليه.
ملاحظة أخرى لا تقل أهمية وقد ينجم عنها فقدان احترام التلميذ لأستاذه أو أستاذته، منها جشع بعض اللاهثين ـ مدرسين ومدرسات ـ وراء دروس الدعم والتقوية، مما يدفعهم للمساومة بالنقط أو تخصيص أبناء الاثرياء بامتيازات خاصة، إلى جانب ضعف بعض الاساتذة وعدم تمكنهم من مادة التدريس، أو ضعف الشخصية، وسوء المعاملة والجفاء، وغيرها من العوامل التي تشجع التلميذ على تكسير حاجز الاحترام، والتمرد على الاستاذ، والاستهتار بالمدرسة وقوانينها، ويزداد حدة حين تعجز الادارة التربوية عن احتواء المشاكل ومعالجتها بالشكل الذي يحافظ على نظام العلاقات والتفاعلات التربوية والاجتماعية والثقافية والنفسية والحياة اليومية داخل فضاء مؤهل لتربية الاخلاق وتهذيب النفس وتنوير العقول.