تصور أنك تقصد هدفا بعيدا يتطلب الوصول إليه بذل الكثير من المجهود ،وبعد قطع مسافة كبيرة نحوه تكتشف فجأة أن هذه الطريق مقطوعة أو لا تؤدي إلى ما كنت تصبو إليه . ستغضب بلا شك وستلوم نفسك على قلة حيلتك وعدم اختيارك للطريق الصحيحة منذ البداية .
هذا ما وقع للمغرب . فقد كان بحاجة إلى اندلاع أزمة ديبلوماسية مع فرنسا ليكتشف بشكل متأخر جدا أنه أخطأ عندما اعتمد اللغة الفرنسية في التعليم بدل الإنجليزية، بفعل قيود كبلته منذ الإستقلال في شتى الميادين منها التعليم والثقافة .
جدل سياسي على أعلى مستوى حول الوضعية الراهنة لتدريس اللغات والقيمة المضافة لإحلال الإنجليزية مقام الفرنسية .
رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين عمر عزيمان يعتزم طرح الموضوع في إطار التقرير الإستراتيجي لهذا المجلس على أعلى سلطة في البلاد للبث في فيه .ما يوحي أن الفكاك مع لغة موليير قرار لا رجعة فيه ومسألة وقت فقط .
القرار يثير استفهامات عدة . فالمجلس الأعلى للتربية والتكوين لن يكون بمقدوره الخوض في موضوع حساس وله علاقة وطيدة بتموقع المغرب السياسي واختياراته الثقافية (عضوية منظمة الدول الفرنكوفونية ) لو لم يتلقى الضوء الأخضر من السلطة العليا في البلاد .
الأرجح أن المصالحة الأخيرة بين المغرب وفرنسا وإن نجحت في إعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين ، فإن ذلك لن يعيد هذه العلاقة إلى سابق عهدها .
لو فر المغرب من حظيرة الدول الفرنكوفونية فإن فرنسا ستغضب ، ولن يغمض لها جفن وهي ترى مصالها الثقافية تتضرر بشدة في المغرب . والأخطر أن دولا أخرى في الجوار قد تحذو حذوه .
قبل سنوات تلقت فرنسا صفعة موجعة من قبل إحدى الدول الإفريقية الفقيرة . إستغلت هذه الدولة توترا سياسيا مع باريس لتعلن كفرها بكل ما يمت بصلة لهذه الدولة ، وقررت اجتثاث لغتها وثقافتها من كل المجالات ، كما سحبت عضوياتها من منظمة الدول الفرنكوفونية .
بعيدا عن السياسة ،فإن قرار منح الإنجليزية الأولوية في منهاجنا الدراسي قرار يمليه العقل والمنطق والواقع والأدلة . ومن دواعي ذلك :
_أن مبرر تدريس اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى هو الإنفتاح على الخارج ، في حين أن هذه اللغة تعرف انحسارا مستمرا في كل أنحاء العالم بل وحتى في موطنها فرنسا ، أمام التقدم الكاسح للغة الإنجليزية .
_اللغة المعتمدة في البحث العلمي والإنتاج الفكري والمعاملات الإقتصادية والتواصل على الصعيد العالمي هي اللغة الإنجليزية .
_هزالة حصيلة تدريس اللغة الفرنسية في المنهاج الدراسي المغربي رغم الأولوية الممنوحة لها , فهي تدرس منذ السنوات الأولى في المدرسة الإبتدائية ولغاية السنة الأخيرة من البكالوريا . بينما منافستها الإنجليزية تحتاج إلى سنوات قليلة في المرحلة الثانوية لتؤكد أنها الأفضل ديداكتيكيا ومعرفيا وهي بالتالي الأصلح للبقاء...
إصلاح السياسة اللغوية المتبعة في التعليم وإن جاء متأخرا فإنه إجراء ضروري وخطوة في الطريق الصحيح . ولكي يعطي هذا الإصلاح أكله يجب أن يكون ضمن مخطط شمولي يأخذ بعين الإعتبار المشاكل العميقة التي تعيشها مدرستنا العمومية .
رشيد أوخطو
هذا ما وقع للمغرب . فقد كان بحاجة إلى اندلاع أزمة ديبلوماسية مع فرنسا ليكتشف بشكل متأخر جدا أنه أخطأ عندما اعتمد اللغة الفرنسية في التعليم بدل الإنجليزية، بفعل قيود كبلته منذ الإستقلال في شتى الميادين منها التعليم والثقافة .
جدل سياسي على أعلى مستوى حول الوضعية الراهنة لتدريس اللغات والقيمة المضافة لإحلال الإنجليزية مقام الفرنسية .
رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين عمر عزيمان يعتزم طرح الموضوع في إطار التقرير الإستراتيجي لهذا المجلس على أعلى سلطة في البلاد للبث في فيه .ما يوحي أن الفكاك مع لغة موليير قرار لا رجعة فيه ومسألة وقت فقط .
القرار يثير استفهامات عدة . فالمجلس الأعلى للتربية والتكوين لن يكون بمقدوره الخوض في موضوع حساس وله علاقة وطيدة بتموقع المغرب السياسي واختياراته الثقافية (عضوية منظمة الدول الفرنكوفونية ) لو لم يتلقى الضوء الأخضر من السلطة العليا في البلاد .
الأرجح أن المصالحة الأخيرة بين المغرب وفرنسا وإن نجحت في إعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين ، فإن ذلك لن يعيد هذه العلاقة إلى سابق عهدها .
لو فر المغرب من حظيرة الدول الفرنكوفونية فإن فرنسا ستغضب ، ولن يغمض لها جفن وهي ترى مصالها الثقافية تتضرر بشدة في المغرب . والأخطر أن دولا أخرى في الجوار قد تحذو حذوه .
قبل سنوات تلقت فرنسا صفعة موجعة من قبل إحدى الدول الإفريقية الفقيرة . إستغلت هذه الدولة توترا سياسيا مع باريس لتعلن كفرها بكل ما يمت بصلة لهذه الدولة ، وقررت اجتثاث لغتها وثقافتها من كل المجالات ، كما سحبت عضوياتها من منظمة الدول الفرنكوفونية .
بعيدا عن السياسة ،فإن قرار منح الإنجليزية الأولوية في منهاجنا الدراسي قرار يمليه العقل والمنطق والواقع والأدلة . ومن دواعي ذلك :
_أن مبرر تدريس اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى هو الإنفتاح على الخارج ، في حين أن هذه اللغة تعرف انحسارا مستمرا في كل أنحاء العالم بل وحتى في موطنها فرنسا ، أمام التقدم الكاسح للغة الإنجليزية .
_اللغة المعتمدة في البحث العلمي والإنتاج الفكري والمعاملات الإقتصادية والتواصل على الصعيد العالمي هي اللغة الإنجليزية .
_هزالة حصيلة تدريس اللغة الفرنسية في المنهاج الدراسي المغربي رغم الأولوية الممنوحة لها , فهي تدرس منذ السنوات الأولى في المدرسة الإبتدائية ولغاية السنة الأخيرة من البكالوريا . بينما منافستها الإنجليزية تحتاج إلى سنوات قليلة في المرحلة الثانوية لتؤكد أنها الأفضل ديداكتيكيا ومعرفيا وهي بالتالي الأصلح للبقاء...
إصلاح السياسة اللغوية المتبعة في التعليم وإن جاء متأخرا فإنه إجراء ضروري وخطوة في الطريق الصحيح . ولكي يعطي هذا الإصلاح أكله يجب أن يكون ضمن مخطط شمولي يأخذ بعين الإعتبار المشاكل العميقة التي تعيشها مدرستنا العمومية .
رشيد أوخطو