عبد الوهاب السحيمي.. حذاري من هذا ''اللوبي'' بعد حرمانه من خدمات أساتذة التعليم العمومي

ليست هناك إحصائيات مضبوطة تهم نسبة أساتذة القطاع العام الذين يشتغلون في القطاع الخاص، لكننا لن نبالغ إن قلنا إن أزيد من 50 من نساء ورجال التعليم العمومي يعملون في مؤسسات تعليمية خاصة، سواء كان ذلك في احترام تام للنصوص القانونية أو العكس، وهذه النسبة لم تأت من فراغ، وإنما لها تبريراتها المنطقية، ومنها مثلا الإرتفاع الصاروخي في تكاليف المعيشة التي جعلت هذه الفئة تبحث عن موارد أخرى للعيش، ومؤسسات القطاع الخاص ليست سوى واحدة من بين العشرات من الأبواب التي طرقها من كادوا أن يكونوا رسلا لمواكبة الارتفاعات المهولة على مستوى تكاليف الحياة. في الحوار التالي مع « فبراير. كم » يتحدث المنسق الوطني للأساتذة المجازين المحرومين من الترقي بالشهادة « عبد الوهاب السحيمي » عن مجموعة من التفاصيل المحيطة بالمذكرة التي ستمنع بموجبها وزارة التربية الوطنية، موظفيها من الإشتغال في القطاع الخاص في غياب أي حديث عن مباشرة الوزارة لإجراءات من شأنها جعل نساء ورجال التعليم في غنى عن التدريس في المؤسسات الخصوصية..

كيف قرأت قرار وزارة التربية الوطنية منع نساء ورجال التعليم من العمل في مؤسسات القطاع الخاص؟

وزارة التربية الوطنية لم تأت بجديد في هذا الخصوص، فكما هو معلوم في الوظيفة العمومية، رجال التعليم وكغيرهم من الموظفين ممنوعون من مزوالة أي نشاط حر يدر عليهم دخلا، وذلك منصوص عليه في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، إلا أنه ومع توجه الحكومات المتعاقبة نحو خوصصة التعليم وتفويته للقطاع الخاص ولتشجيع الاستثمار في هذا المجال، رخصت وزارة التربية الوطنية سنة 2006 لموظفيها الاشتغال بالمؤسسات التعليمية الخاصة وإعطاء دروس إضافية بمقابل مادي، وذلك في غضون أربع سنوات، بعد صدور قرار الترخيص سنة 2006 على أساس أن تقوم المؤسسات الخاصة بتكوين أطرها في هذه المدة. وبالتالي كان من الواجب تطبيق القانون سنة 2009 بعد انتهاء مدة الترخيص.

وما الذي منع وزارة التربية الوطنية من الإلتزام بالمدة الزمنية التي سمحت فيها للقطاع الخاص بالإستفادة من خدمات نساء ورجال المشتغلين في القطاع العمومي؟

لوبي القطاع الخاص القوي استعمل أوراق الضغط وفرض على الوزارة تجاهل الأمر والسماح للأساتذة والمفتشين التابعين لوزارة التربية الوطنية للاشتغال بمؤسسات القطاع الخاص ضدا على القانون وبتعويضات جد هزيلة، فللأساتذة راتب أساسي يستخلصونه من الدولة كل شهر،  ومنذ ذلك الحين وعدة أصوات من داخل الجسم التعليمي وخارجه تنادي بضرورة القطع مع هذه الامتيازات غير المشروعة الممنوحة للمؤسسات التعليمية الخاصة والتي تستفيد من امتيازات لا تحصى من قبيل الاعفاءات الضريبية والتملص من تطبيق مقتضيات مدونة الشغل وتفويت أراضي في ملكية الدولة لبعضها بأثمنة هزيلة…، وكانت مبادرة سابقة تروم اتخاذ نفس القرار في عهد الوزير السابق محمد الوفا، إلا أنه وبالنظر للضغوطات القوية التي مارسها لوبي القطاع الخاص سرعان ما جعلت الوزير يتراجع عن القرار.

ماذا يعني أن تمنع الوزارة رجال التعليم من الإشتغال في القطاع الخاص لتحسين وضعهم المادي وفي نفس الوقت تحرمهم من تحسين ظروفهم المادية من خلال الترقي بالشهادة؟

الترقي بالشهادات الجامعية في المنظومة التعليمية حق من الحقوق الأساسية للشغيلة التعليمية، وهو مكفول في المنظومة بقوة القانون والأنظمة الأساسية التي عرفها قطاع التربية الوطنية، سواء أول نظام أساسي عرفه القطاع سنة 1985 أو النظام المعدل سنة 2003، وليس مجرد امكانية لتحسين وضعية الأستاذ المادية بل هو أكثر من ذلك بكثير، والأساتذة الذين يطالبون بهذا الحق يطالبون فقط بتطبيق القانون وكذلك الدستور خاصة في شقه المتعلق بالمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع شرائح المواطنين والمواطنات، لأن جميع الأساتذة قبل سنة 2011 ومنذ الاستقلال استفادوا من هذا الحق العادل والمشروع، ونفس الأمر ينطبق على الأساتذة الجدد خريجي مراكز التكوين ابتداء من سنة 2014، فثمة فوجين يعانيان الظلم والحيف هما فوجي 2012 و 2013 جراء اقصائهم منه، وهو ما يناضل من أجله اليوم حاملو الشهادات ويقدمون في سبيله التضحيات.

لكن هناك من يقول أن نساء ورجال التعليم طرقوا أبواب المؤسسات الخاصة بهدف تحسين أوضاعهم المادية الهشة، بعد أن أصبحوا شبه متأكدين أن رواتبهم الحالية لم تعد تسد أساسيات العيش، فبالأحرى الكماليات؟

نعم من حق رجال التعليم أن يطالبوا بتحسين وضعيتهم المادية، ويمكن لهم ذلك عن طريق تحصين بعض الحقوق المكتسبة، وخاصة حق متابعة الدراسة وتسهيل ولوج الأساتذة لهذا الحق، والرفع من حصيص الترقية بالامتحان المهني، والتمكين من تعويضات العمل بالعالم القروي والتمكين من تعويضات الأعمال الاضافية التي يقوم بها رجال التعليم خارج المهام المسطرة لهم في التشريع المدرسي… كلها حقوق يمكن أن تحسن الوضعية المادية لرجل التعليم، ويمكن أن يستفيد منها وينالها بالنضال والتضحية والوحدة، أما قضية إعطاء الدروس لمؤسسات التعليم الخاص فهذا عمل غير مراقب بالشكل الكافي، وبعض المحسوبين على القطاع يستغلونه في أغراض بعيدة عن ما هو ظاهر، وهناك من يضر بأبناء المغاربة الفقراء جراء تلقينه لهذه الدروس، وبالتالي وجب القطع معها ومن ثم تطبيق القانون وبصرامة.

ماهي الإجراءات التي يجب على وزارة التعليم اتخاذها حتى لا تعالج مشكل بمشكل، خصوصا فيما يتعلق بمنع الأساتذة والأستاذات من العمل في « البريفي »؟

الوزارة ملزمة بتطبيق القانون، والتحلي بالشجاعة الكافية في تطبيق مقتضيات القرار ومقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والوقوف في وجه لوبي القطاع الخاص، وعندما نقول تطبيق القانون نعني كذلك تمكين موظفي وزارة التربية الوطنية من حقوقهم المهضومة وتنفيذ محضر اتفاق 26 أبريل وخاصة التعويض عن العمل بالعالم القروي، وتعويض الأساتذة عن الأعمال الإضافية التي يقومون بها خارج تلك المنصوص عليها في التشريع المدرسي، وأيضا الحق في الدرجة الجديدة.


عن موقع فبراير.كوم
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات