ملحقو الادارة و الاقتصاد : بين جحود الوزارة و جمود القوانين التنظيمية

تقديــــم:
       من بين المستجدات التي اتى بها المرسوم رقم 2.02.854 بتاريخ 10 فبرايــر 2003، بمثابة النظام الاساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، احداثه لهيأة جديدة سميت بهيأة الدعم الاداري و التربوي و الاجتماعي ( المادة 65 )، وهي هيأة احتضنت مجموعة من الاطر التي وضعت في طريق الانقراض من جهة، و احتوت بعض اطر التدريس المكلفين بمهام ادارية من جهة اخرى، لكن ضبابية المواد المخصصة لها و انسداد اافاقها المهنية ، و عدم توفق المشرع في خلق تداخلات افقية مع باقي الاطر عجل بالمطالبة بحذفها أو تدارك نواقصها وثغراتهــــا.


1: ميــــلاد اطار ملحق الاقتصــــاد و الادارة
دأبت وزارة التربية الوطنية لعقود من الزمن على انتداب اطر هيئة التدريس لشغل الخصاص في مناصب التسيير المالي و المادي و لدى مصالحها المركزية و الجهوية  تحت صيغة التكليف، ليحتفظ هؤلاء بإطارهم الاداري كأساتذة يجتازون فيه امتحاناتهم المهنية ، في حين يقومون بمهام تدخل في صميم مهام هيئات أخرى. لتستمر هذه الوضعيـــة الشاذة حتى مع صدور النظام الاساسي ل 2003، فرغم كونه اأشار في المادة 109 إلى إمكانية اختيار اطر هيئة التدريس العاملين بالادارة و بالتسيير المالي الاختيار بين اسناد التدريس أوطلب تغيير الاطار حسب الدرجة المناسبة وفق قرار مشترك لوزير التربية الوطنية و وزير الوظيفة العمومية و الاصلاح الاداري ، سيصدر لاحقا، إلا أن هذا القرار المشترك لم يصدر إلا بتاريخ 16 يونيو 2005 تحت رقم 1407.05 ، لتعتمد عليه الوزارة في  صياغة مذكرة حول اعادة الادماج تحمل رقم 96 بتاريخ 28 نونبر 2005، اوضحت عبر جدول تفصيلي اطار الادماج حسب الاطار الاصلي، حيث خصصت اطاري ملحق الاقتصاد و الادرة، و الملحق التربوي لأساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي، في حين خصصت لأساتذة الثانوي التأهيلي إطار ممون أو إطار متصرف. و الجدير بالذكر هنا أن إطار ملحق الاقتصاد و الادارة قد ورد في النظام الاساسي ل2003 ضمن هيأة جديدة سميت بهية الدعم الاداري ( المادة 75 )، أشارت المواد من 76 إلى 83 كيفية ولوجه و وطبيعة مهامه و كذا الاطر الموضوعة في طريق الانقراض التي سيحتويها (كاتب الاقتصاد، مساعد المصالح الاقتصادية،مقتصد، بعد ترقيها إلى إطــار مقتصد ممتــــاز، مساعد مختص في التوجيه و التخطيط التربوي ).


 من هنا بدأت معانات هذه الفئة التي كانت تعقد على هذا النظام الاساسي الجديد امالا في تصحيح مسارها المهني و تحسين وضعيتها الادارية ، فبالإضافة إلى المهام الفضفاضة و المبهمة التي اوكلت لها،فإن المذكرة الوزارية رقم 96 حول إعادة الادماج تحدثت فقط عن تغيير اطار المزاولين لمهام ادارية في 13 فبراير 2003 رغم صدورها بعد هذا التاريخ المرجعي بسنتين، لتتبعها مذكرة وزارية اخرى بتاريخ 30 نونبر 2006  تحت رقم 120171تمدد فيها اجل تقديم طلبات تغيير الاطار من جهة و توصي بتعيين الغير الراغبين في إعادة الادماج، والمكلفين بعد هذا التاريخ للتدريس في الاقسام بعد استفادتهم من تكوين خاص. لتبعث بعد ذلك مديرية الوارد البشرية بمراسلة إلى الاكاديميات الجهوية للتربية و التكوين تحت رقم 9203 /1  بتاريخ  05 مارس 2008 تأمر بشكل صريح مديري الأكاديميات بتعيين كل الاساتذة المكلفين بمهام ادارية  بعد 13 فبراير 2003 للتدريس، مع ارسال نسخة من تلك التعيينات إلى الوزارة قبل متم مارس 2008. هكذا و بجرة قلم ارادوا الاستغناء عن تلك الاطر وتعيينها للتدريس في موسم دراسي يشرف على الانتهاء، قمة العبثية و الارتجال، دون التفكير في الجانب الاجتماعي لهؤلاء ولا في كيفية تدبير الخصاص الذي ستيخلفه هذا القرار، مما جعله غير قابل للتطبيق بل وكانت الشرارة الأولى التي ذكت من انطلاق شرارة نظال هذه الفئة عبر تنسيقية وطنية دعمتها النقابات الاكثر تمثيلية توجت بوقفة ناجحة امام الموارد البشرية مطالبة بتغيير اطار كل المكلفين بمهام ادارية بعد 13 فبراير 2003.

2: الاساتذة المكلفون بالتسيير المالي و المادي بعد 13 فبراير 2003
كانت هذه الفئة هي الاكثر تضررا من السياسة الارتجالية للوزارة في تدبير الملف، فرغم كونها راكمت تجربة ميدانية مهمة في التدبير و التسيير المادي و المالي للمؤسسات التعليمية إلا أنها تجد سنويا المناصب التي تشغلها تعتبر مناصب شاغرة في الحركة الانتقالية الوطنية  ومفتوحة في وجه المستفيدين من تغيير الاطار حديثا ( ملحقي الاقتصاد و الادارة ) و الممونين،لكن الاهانة التي سيتلقوها هؤلاء كانت اقصاء حاملي الاجازة منهم  في الحقوق والاقتصاد من اجتياز مياراة توظيف الممونين دورة 26 دجنبر 2009 من جهــة، و تعيين هؤلاء الممونين بشكل مباشر وبدون أي تكوين في مناصب كان يشغلها هؤلاء المكلفين المنتظرين لتسوية وضعيتهم الادارية لسنوات من جهــة أخرى ، والغريب انه في كثير من النيابات تم التغاضي عن تطبيق مقتضيات الفصل السابع من مرسوم 2.72.113 الذي ينص على تعيين الممون بالمؤسسات ذات القسم الداخلي و المقتصد  بالمؤسسات ذات القسم الخارجي ، و النتيجة كانت إعفاء الكثير من المنتظرين تغيير إطارهم من مهام التسيير المالي و المادي.


لتفرج الوزارة بتاريخ 29 نونبــر 2010 ،ضمن نتائج الحوار الاجتماعي مع النقابات الاكثر تمثيلية،على مذكرة اخرى تحمل رقم 120077 تسمح للمكلفين بمهام ادارية بعد 13 فبراير 2003 و قبل 31 اكتوبر 2010 على غرار نظيرتها الاولى، أتبعتها مذكرة اخرى بتاريخ 22 دجنبر 2011 تسمح بتمديد العمل بمقتضيات المادة 109 لتشمل المكلفين إلى غايىة متم دجنبر 2011.


بعد ان بعثت الوزارة بلوائح المستفيدين من تغيير الاطار من المكلفين مابين فبراير 2003 و دجنبر 2011 إلى الاكاديميات الجهوية للتربية و التكوين، أقدمت في صيف 2012 وبالضبط يوم 04 غشت على نشر لوائح كل المستفيدين من عملية تغيير الاطار بعد مذكرة التمديد لتشمل 3411 مستفيدا و مرفوقة بملحوظة تدعو كل من لم يجد اسمه في اللائحة بالتقدم بالطعن مرفوقا بالوثائق الثبوتية.
أثارت هذه اللائحة الكثير من الجدل بالنظر إلى العيوب التي شملتها:


-  الكثير من الذين يتوفرون على الشروط النظامية و المكلفين لسنوات لم ترد أسماؤهم في اللائحة، في حين تضمنت أسماء من حصل على تكليف في اخر ايام دجنبر 2011
-لم يتم احترام رغبة المترشحين في الاختيار بين ملحق تربوي و ملحق الاقتصاد و الادارة ولا طبيعة تكليفهم، حيث تم ادماج بعض المكلفين بمهام التسيير المالي و المادي في اطار الملحقين التربويين.


-شملت اللائحة حتى المتفرغين النقابيين و الملحقين ببعض الجمعيات .
لتنشــر الوزارة في اوج مابات يسمى بحكومة اللوائح، لوائحا وصفتها بالنهائية لعملية تغيير الاطار، تضمنت بدورها اخطاء و ثغرات، فبعد الاتفاق مع النقابات الاكثر تمثيلية على اعتبار كل من تكلف بمهام ادارية لموسم  دراسي واحد على الاقل يحق له الاستفادة، تضمنت اللائحة اسماء رفضت طلباتها فقط لنقص وثيقة معينة في الملف رغم كون المترشحين قد أدلوا بها سابقا .

3 - الحركة الانتقالية للمكلفين بالتدبير المالي و المادي و المحاسباتي
بعد الاستفادة من تغيير الاطار إلى ملحق الاقتصاد و الادارة بالنسبة لأساتذة الاعدادي و الابتدائي ، تفاجأ المشاركون منهم في الحركة الانتقالية الوطنية في التمييز بينهم و بين الممونين الذين يستفيدون في الأولوية المطلقة في المناصب، فأصبحت هذه الحركة الانتقالية لا تتم حسب المهمة ( التسييــــر) بل حسب الاطار، و النتيجة هي اعطاء الأولويــة لصاحب اطار ممون على ملحق الاقتصاد و الادارة بغض النظر عن الاقدمية.

4- التعويضــــات العينية:
رغم كل هذه المؤسسات القانونية و التشريعية في البلد، إلا أن استفادة موظفي المصالح الاقتصادية من التعويضات العينية  مازال مؤسسا على قرار وزيري صادر بتاريخ 05 دجنبر 1938 ومعدل سنة 1949، والغريب هنا أنه حاليا للاستفادة من هذه التعويضات التي احدثت أساسا لاسترجاع نفقات الموظف على التدفئة ( سواء بالكهرباء أو الحطب أو الفحم الحجري)، وحتى على الماء و الكهرباء ( المذكرة الوزارية رقم 64 بتاريخ 29 شتنبر 1969 )، يتم أولا عبر التفاوض مع مزود لإصدار فاتورة وهمية بخصوص اقتناء الحطب أو الفحم الحجري من طرف الموظف، ثم توقيع رئيس المؤسسة عليها. 


ورغم هذه العيوب الشكلية و الجوهرية المؤطرة لموضوع التعويضات العينية، فإنه لم يتم ،  تعميمها ليستفيد منها حتى ملحقي الاقتصاد و الادارة المكلفين بالتسيير المالي و المادي الذين تعرضوا هنا لتمييزين ، أولهما لما تم جعل تلك التعويضات فقط حكرا على الممونين بالاعتماد على المذكرة الوزارية 271354 بتاريخ 22 مارس 1968 التي تؤكد ان التعويضات العينية مرتبطة بالاطار و ليس بالمهمة، و الاطر التي يخول لها مرسوم 05 دجنبر 1938 الاستفادة لم تذكر اطار ملحق الاقتصاد و الادارة ( علما أن هذا الاطار لم يظهر سوى بعد فبراير 2003 ), ثانيهما جاء بعد المراسلة الوزارية رقم 10/266 بتاريخ 23 يونيو 2010 الموجهة إلى الاكاديمية الحهوية للتربية و التكوين لجهة الغرب اشراردة بني احسان و التي اوضح فيها أن ملحق الاقتصاد والادارة هو المقتصد الممتاز في الانظمة الاساسية السابقة وعليه يتوجب استفادته أيضا من تلك التعويضات العينية، ليجتهد البعض ويسنتج ان هذه المراسلة تقصد ملحقي الاقتصاد و الادارة المنبثقين من اطار مقتصد فقط، وكأن النظام الاساسي فرق بين المنبثقين و غير المنبثقين.


5: مباراة مفتشي المصالح المالية و المادية
 كان تحقيق مطلب تغيير اطار المكلفين بمهام التسيير المالي و المادي يروم تحقيق  الانسجام بين المهام و الاطار، ومايرتبط بهما من استحقاقات مهنية ، لكن مباراة الدخول إلى مراكز تكوين مفتشي المصالح المالية و المادية ظلت حكرا فقط على اطار الممون و أقصت فئة ملحقي الاقتصاد و الادارة، تعسفا حتى بعد صدور قرار لوزير التربية الوطنية وتكوين الاطر و البحث العلمي رقم 342.09 بتاريخ 22 يناير 2009 في شأن تحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول إلى مسلك تكوين مفتشي المصالح المالية و المادية .


فأصبح هذا الاطار معزولا على باقي الاطر، بمعنى أن واضعي مرسوم القانون الاساسي لفبراير 2003 لم يفكروا في خلق قنوات وجسور تربط ملحق الاقتصاد و الادارة بباقي الهيئات كالمراقبة و التأطير أو التوجيه و التخطيط، مما عجل بالمطالبة بحذفه و تعويضه بإطار ممون أو متصرف، من طرف مختلف التمثيليات المهنية و النقابية

6-مطــالــب الفئـــــة:
  قبل الخوض في المطالب المشروعة لهذه الفئة لابد من الاشارة إلى أنها عانت من تعدد الجبهات التي فرض عليها مجابهتها، فتلقت طعنات غادرة من بعض زملائهم في التدريس الذين اتهموهم مرة بالاستفادة بطرق مشبوهة من تلك التكليفات ومرة بالتهرب من مسؤولية التدريس بالفصول ،فقط لحسابات شخصية ضيقة مع بعض المستفيدين ، لكن ما عبر عنه البعض من الممونين الموظفين حديثا وبشكل مباشر في اطار الممونين عبر محموعة من المقالات الالكترونية يشكل منعرجا خطيرا في سيرورة نظالات موظفي وزارة التربية الوطنية، فلأول مرة تنصب فئة ،فئة أخرى، خصما لها عوض الوزارة،فلايعقل ان نسمع ولو من شرذمة قليلة أن المدرسين المكلفين بالتسيير المالي و المادي دخلاء على المهة و أنهم احتلوا مناصب هم كانوا أولى بها ، علماأن الكثير من اولئك الحديثي العهد بالقطاع التجأوا  إلى توجيهات ملحقي الاقتصاد و الادارة الذين راكموا تجربة مهمة يشهد بها مفتشي المصالح المالية و المادية و حتى نسبة نجاحهم في الامتحانات المهنية.


كانت أولى شرارة نضالات هذه الفئة هي الاقصاء من اعادة الادماج الذي ساهم في تشكيل تنسيقية وطنية اعتمدت على الشبكة العنكبوتية لحشد الدعم و التعبئة وحازت على مساندة النقابات الاكثر تمثيلية توجت باول وقفة احتجاجية وطنية ناجحة امام مقر مديرية الموارد البشرية بالرباط يوم  الاربعاء 28 دجنبر 2011 وضعت مطلب تغيير اطار المكلفين بمهام ادارية بعد فبراير 2003 مطلبا رئيسا، لتتوالى بعد ذلك ملتقيات وطنية و وقفات احتجاجية اقليمية و جهوية و وطنية ساهمت بشكل كبير في التعريف بمعاناة الفئة و بمطالبها التي كانت بالإضافة إلى تعميم الاستفادة من تغيير الاطار على كل المكلفين بمهام ادارية مطلب تعميم التعويضات العينية و السماح باجتياز مباراة مفتشي المصالح المالية و المادية و خارج السلم و مطالب اخرى متعددة.


حاليا يبقى مطلب تغيير اطار ملحقي الاقتصاد و الادارة المكلفين بمهمة التسيير المالي و المادي إلى اطار ممون هو المفتاح للولوج إلى باقي المطالب،و هو مطلب مشروع و عادل بالنظر إلى المهام المسندة و إلى الخبرة المكتسبة و إلى اللقاءات و التكوينات التي استفادوا منها، وهو المطلب الذي تنتظره الفئة ان يتحقق عبر النظام الاساسي الجديد لموظفي الوزارة الذي قيل بشأنه أنه يضم فقط ثلاث هيئات ( التدريس، التدبير ، المراقبة ) وأنه على وشك الانتهاء منه بعد ان وضعت اللجنة الموضوعاتية للنظام الاساسي خطوطه العريضة.


  الغريب أنه هناك مذكرات مؤطرة للتسييـــر المالي و المادي تعود لعهد الحماية و أخرى للسنوات الأولى لعهد الاستقلال، كما أن سجلات المسك المحاسباتية و المادية بقيت غير محينة ولم تواكب مختلف الانظمة التدبيرية التي عرفت بعض التطور، بالاضافة إلى عدم توفرها في الكثير من المدن المغربية، وعدم اعتماد الوزارة لبرنام معلوماتي يسهل من مأمورية المسيرين، كل هذا يزيد من معاناة هذه الفئة التي تحتاج إلى دعم معنوي و مادي للرقي بمهامها المحورية.

خاتمـــة:
في انتظار اقرار الشخصية المعنوية و استقلالية التسيير للمؤسسات التعليمية، و تفعيل الجهوية الموسعة عبر الاكاديميات الجهوية للتربية و التكوين، من المفروض على النظام الاساسي الجديد ان يضع حدا لمعاناة الاساتذة المكلفين بالتسيير المادي و المالي عبر ادماجهم في اطار اداري يسمح لهم بالارتقاء و اجتياز كل المباريات و الانتقاءات و يستفيدوا على غرار باقي الاداريين من تعويضات قارة و قانونية، دون اغفال حاجة المنظومة القانونية المؤطرة للتدبير المالي و المادي للمؤسسات التعليمية للتحيين و التجديد.

عبد الحفيــــظ  فلاح
ملحق الاقتصـــاد و الادارة/ الحسيمـــــة
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-