بخصوص المذكرة 223/14 في الدروس الخصوصية المؤدى عنها (المعروفة بالسوايع)

أصبحت ظاهرة الدروس الخصوصة (موضة) أو عرفاً وشماعة ومورد رزق وعادة ابتلي بها كثير من الناس، معلمين ومتعلمين، ابتدائي ثانوي، بل حتى بعض المستويات الجامعية في بعض المواد، بتواطؤ شبه مضمر في أحايين كثيرة مع الآباء وأولياء أمورهم – يقبلون باللعبة ثم سرعان ما ينقلبون.
(ياتيك يستجديك عن استفادة ابنه من الدروس الخصوصية وفي الأخير يتهمك) على حد قول أحدهم حاكيا عن الآباء.
وللتنبيه فالدروس الخصوصية أنواع وأصناف وأشكال:
- دروس يقدمها الأستاذ في البيت بسومة خاصة، وهي دروس للفئات الراقية.
- دروس يقدمها الأستاذ لغير تلامذته في مؤسسة أو جمعية.
- دروس يقدمها الأستاذ لتلامذته في مقر معين متفق عليه، وهي دروس إجبارية (فيها نوع من الاستغلال والاستدراج) وقد تكون اختيارية طوعية متفق عليها.
فالمنهجية العلمية تقضي التمييز بينها.

وللإشارة فلقد تحدثت المذكرة الوزارية عن دروس خصوصية مؤدى عنها لتلامذة المدرس أو المدرسة (ة)، ولكن يمكن تعويمها وتأويلها لتشمل كل نشاط حر يمارسه الأستاذ.
وننبه هنا إلى أن الأمر لا يقتصر على الأساتذة الممارسين في الأقسام، بل يشمل أطرا إدارية ومن هيئات مختلفة (...) لا يتسع لها المجال، تحظى بنصيب الأسد من الكعكة، لاعتبارات مهنية (...)

أهـــــم مضامين المذكرة نوجزها في الآتي:
- الدروس الخصوصية ممارسة منهي عنه قانونيا ومنبوذة تربويا وأخلاقيا؛ إذ تدخل ضمن مقتضيات الفصل 15 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، حيث يمنع على الموظف ممارسة نشاط ثان، وكما ورد ذلك في المنشور 99/30 بتاريخ 19 نونبر 1999 في سياق الجمع بين الوظيفة والنشاط الحر.
- يُوقف الموظف التي ثبتت مخالفته – أي مزاولته لنشاط حر ثان- ويُحال على المجلس التأديبي في أقرب وقت مُمكن.
- تحدثت المذكرة عن مسألة الاستدراج، فينبغي الوقوف عندها بدقة.
- للدروس الخصوصية انعكاسات سلبية؛ كما في نص المذكرة، فهي تثقل كاهل الأسر وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص، في الوقت التي تحرص فيه الوزارة على المجانية، كما أنها مرهقة للمتعلم؛ تنضاف للزمن المدرسي الأصلي.
- الدروس الخصوصية مسيئة لعلاقة المعلم بالمتعلم (الأستاذ بالتلميذ) وفيها استغلال الرسالة التربوية للربح المادي؛ وتمس بمصداقية الامتحانات.
- أكدت المذكرة على المنع وركزت بالحرف الواحد على (الدروس الخصوصية المؤدى عنها لفائدة تلميذاتهم وتلاميذهم)، وكأنها تُخرج الأشكال الأخرى من الدروس الخصوصية.
- ينبغي على المدرسين أن يكرسوا جهودهم لرفع مستوى تعلم تلامذتهم وتلميذاتهم ومواكبة المتعثرين منهم من خلال دروس الدعم والتقوية.
- حث النيابات والأكاديميات على المراقبة، وحث الآباء على التبليغ عن المخالفين، مع التأكيد على التبعات القانونية (...)

يفهم من المذكرة ما يلي:
1- التأكيد على أن الدروس الخصوصية التي يقدمها الأستاذ لتلميذاته وتلاميذه مرفوضة قانونا منبوذة أخلاقا.
2- التأكيد على أن الدروس الخصوصية ترهق الآباء والمتعلمين وتحط من هيبة المدرسين.
3- تعتبر المذكرة الدروس الخصوصية التي يقدمها المدرس لمتعلميه نوعا من الاستغلال والاستدارج.

إشارة غاية في الأهمية:
كما أني أؤكد على أن ظاهرة الدروس الخصوصية غدت موضة وعادة (...) بل إننا نجد كثيرا من المتمدرسين والمتمدرسات يلحون على آبائهم ليستفيدوا من تلك الدروس المؤدى عنها، وفي المقابلة تجدهم ينفرون من الدروس الرسمية المجانية أو الداعمة.

طرق ووسائل القضاء على الدروس الخصوصية:
- توعية الآباء وأولياء الأمور ليلا ينخرطوا في اللعبة مشاركين متواطئين. - التبليغ عن كل مستغل لتلامذته وتلميذاته.
- تحميل السادة المديرين مسؤولية التبليغ المباشر عن كل شكاية تقدم بها أب أو ولي أمر أو يمكن أن يكون التبليغ تلقائيا بناء على معطيات.
- تنظيم الأنشطة الداعمة في كل المؤسسات، بحيث تخصص الوزارة الوصية مدرسين مكلفين بالدعم والتقوية والتنشيط، في حصص إجبارية، يُركزُ فيها على نماذج الاختبارات الجهوية والوطنية.
- كما يمكن التفكير في حذف نقطة المراقبة المستمرة من جميع المستويات والمسالك والاحتفاظ بنقطة الاختبار الوطني أو الجهوي أو نماذج محلية مُرمزة يشرف عليها فريق، وتخصص في هذا السياق نقطة راصدة لسلوك المتمدرس، معززة بتقارير ومعطيات دقيقة، بحيث يمنع ذوو السلوك السيئ من النجاح بصرف النظر عن نقط الامتحانات الجهوية والوطنية والمحلية – يضبط ذلك ويقيد في مذكرة خاصة.

والجدير بالذكر أن المذكرة لم تكن دقيقة في رصد الظاهرة واكتفت بتبليغ الآباء، هذا التبليغ الذي يمكن أن يتخذ أشكالا انتقامية أو وشايات ماكرة كاذبة.
كما نخشى أن تنضاف المذكرة إلى ترسانة المذكرات الموضوعة على الرفوق، وما أكثرها !
ونخشى أن يتحول الأستاذ إلى شماعة تعلق عليها الوزارة فشل الخطط والبرامج، هاربة إلى الأمام غير مبالية بالمشاكل الجوهرية التي تمخر القطاع ... مشاكل تعرفها الوزارة، ولكنها تحوم حولها.


جواد حنافي - جريدة العلم ، العدد 17 من الملحق التربوي، الاربعاء 7 يناير 2015
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات