قراءة في بعض ما تحقق من انجازات في حكومة بنكيران

استطاعت حكومة بنكيران في 3 سنوات فقط ان تحرك النموذج الإقتصادي المغربي في اتجاه إصلاحي غير مسبوق بعد استعادة التوازنات الماكرواقتصادية.
تخفيض حاد لعجز الميزانية (%4،3 متوقعة في 2015 بدل %7 عند مجيء الحكومة) وهو انجاز اقتصادي جبار لحكومة سياسية اتخذت قرارات صعبة كانت لتعصف باجتماعها لو لم تكن لها شعبية مهمة وثقة كبيرة فيها، هذا العجز مرشح للإقتراب من المعيار الأوربي أي %3 إذا استمرت الحكومة على نفس المنوال.
تخفيض نفقات صندوق المقاصة بأزيد من 20 مليار درهم بعدما كانت في حدود 56 مليار سنة 2011 مع توقعات أن تنخفض من جديد نفقاته لتستقر في 2015 عند 24 مليار درهم بالإضافة الى استعادة سيولة مهمة من الأموال المهربة مع حوالي مليار أورو كثمرة لمناخ الثقة الذي زرعته وكنتيجة مباشرة للإعفاءات التي باشرتها لصالح حاملي هذه الأموال وذلك رغم الظرفية الدولية والإقليمية المتسمة بضعف الإستقرار وتداعيات الأزمة العالمية
هذا دون شك قرار حكيم  من حكومة السيد بنكيران فالأموال المسترجعة تمثل %10 من الأموال المهربة اذا اعتبرنا التقرير الأخير لغلوبال فاينانس انتكربتي الذي توقع أن تكون حوالي 100 مليار درهم على العشر سنوات الأخيرة.
ومن المواضيع التي تستثمر من قبل البعض في الاتجاه السلبي مراجعة أسعار الماء والكهرباء والحقيقة أن الحكومة كانت أمام اختيارين، تمكين المواطنين من الماء والكهرباء أو التقليص من عدد ساعات الاستفادة لأن المكتب المكلف يعيش أزمة سيحسم القضاء في أسبابها. فدعمت الحكومة خيار استفادة المواطنين من الماء والكهرباء بدعم قدر ب70 في المئة، شريطة عدم مس الطبقة الفقيرة بأي زيادة. لذلك لم تعرف الأشطر الاجتماعية زيادة والذي قدرت نسبة المستفيدين ب62 في المئة. وقد ظهرت بعض الارتباكات أثناء التنزيل مما جعل السيد رئيس الحكومة يلتزم بتصحيحها.
وقد دعمت الحكومة من فاتح يناير إلى 31 غشت 2014 المواد البترولية وغاز البوطان والسكر ب 21 مليار درهم وللإشارة فقد خصصت الحكومة لهذا الصندوق بالنسبة لمشروع القانون المالي لسنة 2015 حوالي 23 مليار درهم. وهذا تقدم كبير جدا. والفوائد التي سيجني المغرب من هذا الإصلاح الكبير كثيرة منها إنتاج وضعية اقتصادية سليمة تعود على الوطن بالخير. والحد من إشكالية المديونية . وأخيرا يمول العجز التجاري. إذن فهو إصلاح هادف إلى المصلحة العامة. وليس ضرب القدرة الشرائية للفئة الضعيفة كما يدعي البعض. إن هذه الإصلاحات كبيرة وتحتاج إلى تحليل كبير. وللإشارة فلم يعرف الغازوال خلال شهر أكتوبر زيادة رغم انخفاض دعم الدولة لهذه المادة من 1.25 درهم للتر الواحد إلى 0.8 درهم. وتم انخفاض البنزين بسبع سنتيمات خلال أكتوبر 2014. والفيول ب 133.98 درهم للطن الواحد.
أما بنود 26 أبريل فقد تحقق منها الشيء الكثير، أما لاشيء أنجز فهذا مخالف للحقيقة والمؤشر ما سنذكره:
الحد الأدنى من الأجور 3000.00 درهم. التعويض على فقدان الشغل. الحد الأدنى من المعاشات 1000.00 درهم. إلغاء شروط 3240 في الحصول على المعاش بالقطاع الخاص. إحالة مشروع إصلاح التقاعد على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يتكون من نخب متنوعة. وهناك أمور ما زالت . أما ان ندعي بأن بنود الاتفاق لم يطبق منها شيء فهذا لايليق أن يقوله عاقل لأن السياسة مصداقية قبل كل شيء. الحكومة بقراراتها السياسية هاته تباشر إعادة توزيع للثروة غير مسبوق فهي تأخذ ليس من الغني كما قد يتسرع البعض بالقول ولا من الطبقة المتوسطة، بل تأخذ من جزء من الريع المؤسساتي الذي يستفيد منه المحظوظون في ظل "حكامة صفرية" تسمح لأصحاب الرساميل باقتناء المادة الأولية (سكر، وقود، غاز...) بأسعار مدعومة موجهة أصلا للطبقات الفقيرة.
يبقى أن الحكومة بتوجب عليها بلورة سياسة اقتصادية جديدة تسمح بخلق الثروة وتحرير النمو في أفق مراكمة الثروة الكفيلة مع التوزيع العادل من اقرار حد أدنى من العدالة الإجتماعية
ودعما للعلاقة بين الجامعات والقطاع الخاص. تم توقيع ست شراكات بين الجامعات والقطاع الخاص على هامش pollutec Maroc المنعقد بالمغرب ما بين 15 و 18 أكتوبر.
ومن أجل تنويع الموارد المالية للدولة تم تفعيل الاستراتيجية الصناعية الموقعة في أبريل الماضي. وتم دعم صندوق التنمية الصناعية بغلاف مالي قدر ب 3 مليار درهم .فقمة الصادرات اليوم السيارات بدل الفوسفاط. ومن تم تطورت الصناعة الالكترونية بنسبة 10 في المئة. وبلغت صادرات المملكة خلال سنة 2014 147 مليار درهم. وبلغت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج 44 مليار درهم.
وتم تفعيل حصة 20 في المئة لفائدة الشركات المغربية من الصفقات العمومية خاصة المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
كما انطلقت جائزة تميز للمرأة المغربية. كما تم عرض مشروع مدونة الصحافة والنشر الذي ثمنه الجميع لأنه يربط المسؤولية بالمحاسبة ويعكس طموحات ممارسي مهنة الصحافة ويستجيب لتطلعاتهم في تنظيم المهنة ويساهم في توطيد دولة الحق واستقلالية وحرية الصحافة ويساهم في انبثاق صناعة إعلامية وطنية حقيقية.
أما الاستراتيجية الطاقية فخصص لها 14.3 مليار درهم. وبدأنا ننعم بمشاريع الطاقات البديلة نموذج نور.
وبمقابل هذا المجهود لم تنس الحكومة الشق الاجتماعي فمخصصات صندوق التماسك الاجتماعي ستبلغ 3.8 مليار درهم. وغطى برنامج تيسير 812 ألف تلميذة وتلميذ. وخصص للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية 3 مليار درهم. وبرامج امتياز ومساندة ب 400 مليون درهم. وتمت إضافة 79 مشروعا جديدا خاص بالفلاحة التضامنية.
اختصار سنة 2014 أفضل بكثير من سنة 2013. بناء على التركيز على تقوية التوازنات الماكرو اقتصادية ومواصلة الأنشطة غير الفلاحية....
لذلك فالمواقف الدولية إيجابية من المغرب. فقد تم استحضار نموذج الاستثناء المغربي كمثال في المنتدى براغ الدولي خلال الدورة 18. لمجموعة التفكير في أوربا الوسطى.
وحسب تقرير الأونكتاد جذب المغرب 3.6 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة برسم سنة 2013.
وتم تخصيص 150 مليون اورو من قبل البنك الاوربي للاستثمار لتهيئة مدينة زناتة.
وخصص الاتحاد الأوربي 50 مليون أورو للمغرب دعما للتغطية الصحية. أما البنك الإفريقي للتنمية فقد بلغ دعمه للمغرب منذ 1970 9.86 مليار دولار.
كما أن هناك شركات كبرى تستثمر بالمغرب نحو ايتون الأمريكية التي تشتغل في مجال معدات تدبير الطاقة الكهربائية. وايروليا الفرنسية المهتمة بتصنيع الهياكل المركبة للطائرات. وشانج دونك شان كانك الصينية المهتمة بصناعة الصلب. والكوا الأمريكية المشتغلة بقطاع الطيران.
رغم كل هذا فقد أقرت الحكومة انطلاقا من دراسة أن هناك داء في مجال التنمية مرده إلى ثلاثة عوامل:
- الرأسمال البشري وهذا مرتبط بالتعليم والتربية والتكوين. خاصة في علاقته بالشغل.
- إعاقة الميكرو اقتصادي في علاقته بالإدارة والقضاء.
- العلاقة المضطربة بين القطاع العام والخاص
وبناء عليه هناك فرق كبير بين الأجرين الأعلى والأدنى في الوظيفة العمومية. والإدارة في طريقها إلى الشيخوخة. ما دام 53 في المئة من الموظفين تتجاوز أعمارهم 45 سنة.نخلص من خلال هذه الحلقة الأولى إلى أن المغرب ورش مفتوح وهو في حاجة إلى كل نسائه ورجاله.
فالقرارات السالفة الذكر لم تخلق ثروات جديدة إنما أعادت انتشار للثروة بطرق أكثر عدلا ولن يتأتى ما سبق الا بإصلاح سياسي للتعليم ودعم سيادي للبحث العلمي مع تنويع للشركاء الإقتصاديبن والضرب على يد الفساد والريع المثبطين للنمو مع إصلاح جدي للإدارة، هذه الجثة التي تثقل كاهل الميزانية (100 مليار درهم) مع نتائج سلبية أقرب إلى العرقلة منه الى الأهداف المنوطة بها.

محمود حداد
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-