نيابة تاونات : تخترع مذكرة "ترشيد المحظوظين وتكريس الامتياز لهم"

لا يخفى على أحد المعاناة التي يعيشها نساء ورجال التعليم بإقليم تاونات المترامي الأطراف جراء التهميش وتدني الخدمات الاجتماعية إن لم نقل انعدامها، مما يجعل معها الاستقرار في هذه المناطق صعبا ، فلا يبقى أمامهم سوى البحث عن طريقة للانتقال والهروب من هذه المناطق المهمشة المنسية بين الجبال والبحث عن أماكن تتوفر فيها شروط العيش الكريم أو بالأحرى الحد الأدنى لهذه الشروط ...وأي طريقة يا ترى ستفي بالغرض في ظل الفساد النقابي والإداري ؟؟

    فالبعض ممن منَّ الله عليهم قد ابتكروا طريقة وإن كانت مرحلية ومؤقتة، إذ تراهم مجندين كل صباح في جحافل من السيارات متنقلين من منازلهم إلى مقرات عملهم رغم المخاطر التي يتعرضون لها، كان آخرها  فاجعة وفاة ثلاثة أساتذة في الطريق الوطنية الرابطة بين فاس وتاونات ، وأما البعض الآخر من الذين رمتهم سهام الأقدار في جماعات يستحيل معها التنقل يوميا نظرا لندرة السبل فليس لهم من خلاص من هذه المعاناة إلى الانتقال في الحركات الانتقالية التي تنظمها المذكرات الوزارية ، إلا أن هذه المذكرات هناك من يخيطها على مقاسه حتى يستفيد منها أزلامه وذويه ، ضاربا عرض الحائط مبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص .


    فبعد معاناة الأسرة التعليمية التاوناتية هذه السنة من حيف الحركات الانتقالية ،وذلك بإجراء حركات انتقالية على المقاس ، والتستر على مناصب، وفتح مناصب أخرى حتى يتسنى (للمعنيين بالأمر) الاستفادة دون وجه حق ، والتي بَحَّتْ معها حناجر المتضررين مطالبة بإنصافها. هاهي ذي نيابة تاونات تطل علينا من خلال مسرحية تدبير فائضٍ وخصاصٍ محبوكة السيناريو، بتكليف الخصاص في مناطق بعيدة عن مناطق الجذب وترك هذه المناطق كإكراميات تجازي بها كل من ساهم من قريب أو بعيد في التستر على الفساد، وليتها وقفت عند هذا الحد بل تطالعنا بعد عقد لجنة فض النزاع بتكليفات بالجملة ، وتكديس الفائض في مناطق بعينها ، وتكريس الخصاص في أماكن لم تكن تعاني منه قبل عملية تدبير الفائض والخصاص، لا لشيء سوى لإرضاء جهات بعينها ضربا لمبدأ الشفافية والاستحقاق.


   ولم تستفق النيابة من غيها إلا على أصوات احتجاجات أمهات و آباء غاضبين تقرع ناقوس حرمان فلذات أكبادهم من حقهم في التعليم الذي يعتبرحقا من حقوق الإنسان يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية. أمام هذا الوضع لجأت الإدارة وفي غياب تام لمبدأ  الحكامة إلى إثقال ميزانية الدولة بلجوئها إلى أساتذة سد الخصاص ، علما أن مبدأ الحكامة الذي أصدرت من أجله الوزارة مذكرة تدبير الفائض والخصاص وإعادة الانتشار كان يفرض اشتغال كل الفائضين وبحصص تامة ، ولا يُلجأ إلى سد الخصاص إلا في الحالات الشاذة . هذه المعادلة أظنها قد غابت عن وعي النيابة التي كان همها الوحيد هو إرضاء المحظوظين وتكريس الامتياز لهم ، مما جعلها تثقل كاهل الدولة بتعويضات هي في غِنى عنها
  
    فأين هم المسؤولون من هذا الفساد الإداري والمالي وسيادة منطق المحسوبية والزبونية ؟ أليس من الضروري محاسبة المتورطين؟ أليس من باب الحكامة أن تنشر النيابة لوائح المكلفين بعد انعقاد لجنة فض النزاع للعموم ؟ كل هذه التساؤلات ستجيب عنها تطورات الأحداث بإقليم تاونات - الذي يعيش على صفيح ساخن -  في الأيام القليلة القادمة ....

 عبد الكريم العمراني
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-