يوم دراسي تحت عنوان"دراسات في النص الديني المقارن" بكلية الآداب سايس- فاس

شهدت كلية الآداب سايس- فاس يوم الأربعاء 5 نونبر 2014 يوماً دراسياً تحت عنوان "دراسات في النص الديني المقارن"،  كانت المداخلات جزءاً من أطاريح الدكتوراه للطلبة الباحثين تحت إشراف الدكتور " سعيد كفايتي" منسق فريق  البحث في مقارنة الأديان المنظم لهذا النشاط.

افتتح اليوم الدراسي بآيات بينات من الذكر الحكيم بصوت القارئ "البشير أسعير"، تلتها كلمة الدكتور " عبد الله الغواسلي المراكشي" نيابة عن السيد العميد، رحب فيها بالمشاركين والحضور ونوه بأهمية هذا اللقاء العلمي وراهنيته،  ثم أخذ رئيس فريق بحث علم مقارنة الأديان الدكتور "سعيد كفايتي" الكلمة شكر فيها الحاضرين وتحدث عن الهدف من دراسة النص الديني المقارن،  ثم تلتها كلمة شكر باسم اللجنة المنظمة ألقاها الطالب الباحث "محمد زركان".
عرف اليوم الدراسي إحدى عشر مداخلة في جلستين علميتين.
مداخلات الجلسة الأولى:
ألقى الأستاذ الباحث "منير تمودن" مداخلته الموسومة ب "الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، دراسة لعلاقة الفلسفة باللاهوت المسيحي من خلال فكر أوغسطين" أكد فيها على دور اوغسطين مؤسس الفلسفة المسيحية التي تنشد حقيقة الله من خلال أسلوبين: تفكير الفلاسفة الذين يستندون إلى العقل، وتفكير اللاهوتيين الذين يستندون الى الإيمان وهكذا يصبح الله المقام الأول لكل من يؤمن ويتعقل.
فيما تركزت المداخلة الثانية التي ألقاها الطالب الباحث "محمد زركان" الموسومة ب "قدسية الرمز الديني وسؤال النشأة، الصليب أنموذجاً". حول الجذور التاريخية لرمز الصليب بشكليه المعقوف (السواستيكا) والعادي، والتي تعود إلى ما يسمى بالعصر النيوليتي بسوريا، حيث ازدهرت الرموز التشكيلية الخاصة بالإلهة عشتار.
وقد صل رمز الصليب إلى المسيحية بتأثير من البيئة المجاورة، إلا أنه لم يتم تقننه بشكل رسمي إلا بعد انعقاد مجمع ترلو (Concile in Trullo) سنة 692م، فتم إصدار قانون يقول بأن "المسيح الممثل على الصليب بشكل حمل، يجب – مستقبلا - أن يكون مصوراً بشكله البشري".
بينما حاول  الأستاذ الباحث " العياشي العذراوي" في مداخلته المعنونة ب  " الثقافة المغربية في الانتاجات الأدبية لجبرائيل بن سمحون". الحديث عن المشترك الثقافي بين اليهود والمغاربة، والمتمثل في التعبير الشفوي بشتى ألوانه وأشكاله وأدواته من حِكم وأمثال وحكايات وقصص غرامية بين المغاربة اليهود من جهة، وبينهم وبين المغاربة المسلمين من جهة أخرى. والفنون على اختلاف أنماطها وأشكالها من طبخ (كسكس، بسطيلة، شاي...)ورقص وموسيقى( أحواش، أحيدوس، كناوة..)، وخياطة تقليدية (جلباب، قفطان، تكشيطة...) من جهة أخرى. عناصر كان لها دور محورى في إثارة المتلقي واستفزازه وجعل القصة المتخيلة ذات مظهر مماثل لمظهر الحقيقة.
وختم الجلسة الأولى الطالب الباحث "ياسين اليحياوي" من خلال مُداخلته السياق التاريخي والديني للكريستولوجيا في الفترة الرومانية ما قبل المسيحية" ركز على أهمية دراسة السياق الذي نشأت فيه المسيحية، حيث كان العالم الروماني في هذه الفترة يعرف تواصلا مُستمراً بين عالم الآلهة وعالم البشر على شكل هرم يترأسه إله واحد خالق الكون ويأتي بعده الآلهة المُختلفة سواء تعلق الأمر بالأجرام السماوية أو آلهة الأولمب أو البشر المؤلهين، وعلى غرار هذا المفهوم لهرم الآلهة في حضارات البحر الأبيض المتوسط، فقد آمن المسيحيون الأوائل أن عيسى (عليه السلام) وصل إلى مرتبة من القداسة لعلها تفوق الإمبراطور أو بعض الآلهة الشعبية، لكنها لم تصل إلى اعتباره في نفس مرتبة الآب . غير أن زوال مفهوم الهرمية في الفكر الروماني الوثني في مُستهل القرن الرابع الميلادي وتزامن ذلك في المسيحية مع وضع أول قانون للإيمان بمجمع نيقية، أدى إلى تحول عيسى من عُضو داخل هرم الآلهة، إلى الإله نفسه المُساو له في الطبيعة.
أما الجلسة العلمية الثانية:
 فقد افتتحها الأستاذ الباحث "جمال صوالحين"  ببحته  "أبرهام بن عزرا، حياته، أعماله، وإسهاماته في تفسير التوراة"، حيث اعتبر (أبراهام بن مئير بن عزرا) أحد العلماء البارزين في الحياة اليهودية في الأندلس خلال العصور الوسطى. ألف ابن عزرا في العديد من العلوم كالشعر والنحو والفلك وعلم التنجيم والرياضيات مقتفيا في ذلك أثر العلماء العرب واليهود، ومتأثرا بالثقافة العربية الإسلامية خاصة، وقد انعكست هذه الثقافة الموسوعية على منهجه في تفسير التوراة "النحو التفسيري"، كان منهجة فيه يتمثل في التركيز على التحليل النحوي والفيلولوجي، مما مكنه من الوصول إلى حقائق كثيرة في تفسيره للتوراة، سماها "بالأسرار".
فيما ركز الطالب الباحث "محمد مبشوش" في مداخلته "بولس في الفكر الديني المسيحي، قراءة نقدية" على دور بولس في تغيير معالم تاريخ الفكر الديني المسيحي بعد تحوله للمسيحية في حادثة دمشق المشهورة. فقد أرست رسائله التي حملت تصوره الخاص عن السيد المسيح عليه الصلاة  والسلام، القواعد الكبرى للعقائد المسيحية التي أثرت بدورها في مضمون الأناجيل المتأخرة التدوين.

المداخلة الثالثة "الاصولية في الديانات الثلاث، دراسة نقدية لنبوءات أحداث آخر الزمان" ألقاها الطالب الباحث مصطفى العلام، تحدث في مثنها عن صراع الاصوليات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام على أرض القدس،  وعلاقتها بنهاية آحداث آخر الزمان وهو ما يعرف بالإسكاتولوجيا.
أما الطالب الموريتاني "محمد ولد أحمد عمي" الذي تناول موضوع "مفهوم الاقليات في الفقه السياسي الإسلامي" فقد أبرز المكانة المميزة التي أولاها الإسلام لأهل الذمة معتبرا إياهم مكونا أساسيا في النسيج الاجتماعي الإسلامي،  فالفقه والشرع الإسلاميين وضعوا الأبواب وفصلوا كل ما يتعلق بأحكام أهل الذمة، مالهم وما عليهم.

وفي المداخلة ما قبل الأخيرة تحدث الطالب الباحث "هشام مباركي" عن علاقة علم الأركيولوجيا بعلم مقارنة الأديان في مداخلته الموسومة ب " الميثاق التوراتي والمواثيق السياسية في الحضارة الحثية، موازنة مقارنة" على أن علم مقارنة الأديان لم يعد يقتصر على المقارنة بين نصوص الكتب المقدسة، بل خرج من ركنه الضيق لينفتح على مختلف العلوم التحريبية
والمعارف التجريدية. فالميثاق التوراتي في علاقته بالمواثيق السياسية الحيثية المكتشفة يعد أهم موضوع في هذا المضمار، إذ أن الأول يحتل مكانة معتبرة في الفكر اليهودي لما له من أبعاد دينية ومقاصد كهنوتية... بينما المواثيق السياسية الحيثية تعكس مشهداً من مشاهد التطور الحضاري في تاريخ الديبلوماسية، إلا أن القواسم المشتركة ومظاهر الاتفاق بين الميثاقين شكلا ومضمونا، قلبا وقالبا، تبقى أبرز العناوين العريضة في هذه المداخلة.
وفي الأخير نقلنا الطالب الباحث "فؤاد الغزيزر" في مداخلته " الحوار البوذي الإسلامي" إلى جانب جديد من الحوار مع الآخر (الأخر البوذي). فالحوار لم يعد مقتصراً بين الأديان الثلاثة (الإسلام، اليهودية، المسيحية)، فقد امتد الحوار لكي يشمل مختلف العقائد الأسيوية  كالبوذية والهندوسية والزراديشية والسيخية، بحيث أن المعطى التاريخي يؤكد على تعايش الديانات الأخرى مع الإسلام عبر التاريخ مع بعضها البعض.


مراسلة: محمد زركان
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات