وقفة ... مع فيديو خمسة

شكل فيديو الأستاذ الذي صور تلميذة في - وضعية تربوية - حدثا بارزا تداول حوله رواد الفيسبوك من المهتمين الآراء و النقاش .. و قد تم تسليط الضوء أكثر على طريقة الأستاذ غير الموفقة  في معالجة الخطإ ، دون أن ينال جانب نشر صور لقاصر (التلميذة) في وضعية  نصيبه من النقاش  .

أولا :  يعتقد البعض أن الأستاذ قد أخطأ فعلا في معالجة الخطإ  بيداغوجيا  و هذا واضح من الطريقة التي استخدمها في مواجهته   و تعريض التلميذة لضحكات  أقرانها رغم أن ضحك المتعلمين من إجابات  بعضهم البعض أمر شائع داخل الفصول ، غير أنه لا يجب إذكاؤه بل و ضع حد له بطريقة سلسلة  وصولا بالمتعلمين إلى قناعة مفادها ،  أن الخطأ ليس عيبا بل جرس لتصحيح ما يمكن تصحيحه و مكون بيداغوجي مهم يمكن استثماره في خلق تعلمات أخرى .. ومن المؤكد أ ن طرق المعالجة البيداغوجية الصرفة تختلف باختلاف السياقات المعرفية ، و الخصوصيات  النفس اجتماعية  للمخاطبين و كذا مدى تشبع الأستاذ بمقاربات التواصل  و تمكنه من البيداغوجيات النشيطة في التدريس و أكثر من هذا و ذاك مدى استعداده لتغيير الواقع من حوله ...
في مجال التربية و التكوين ، لا يمكن  بأي حال من الأحوال تمثل نموذج  نمطي لكيف تكون الأجواء بالفصل ، بل إن حميمية العلاقة في  هذه الجماعة الصغرى  يمكن أن تذهب بالأستاذ في أوقات  كثيرة  إلى اعتبار نفسه سلوكيا أبا وصيا على من حوله  وبالتالي  يسمح لنفسه باستجلاب أدوات الصرامة و الحدة و الغلظة في وضعيات ، لأهداف نبيلة و  رؤى حسنة مع ما يمكن أن يحمله سلوكه من (انحرافات) . و يحق لنا هنا بكل تجرد أن نخضع للتمحيص ما يقبل عليه الآباء من سلوكيات في التعامل مع الأبناء تحت عنوان التربية ، و نطرح التساؤل حول مدى قانونية  ما يقدم عليه أغلبهم   من تعنيف و ترهيب و حط بالكرامة في بعض الحالات...


إن التكوين الحقيقي للأستاذ  ليس فقط ما يأخذه من مراكز التكوين بل إن الممارسة الميدانية الحقيقية هي ما يجعله يتأقلم مع الوضعيات المهنية اعتمادا على حقيبته النظرية و يتماهى مع الخصوصيات النفس  اجتماعية لجماعة الفصل و بالتالي يمكن أن يكون أعرف من غيره و حسب تقديره لما يمكن أن يكون سندا حقيقيا لتغيير واقع متعلميه نحو الأفضل .


ثانيا :  نشر الفيديو هو أمر مجانب للصواب ، خصوصا  و أن الزاوية التي سيتم بها مشاهدته من العموم ستكون و لا شك غير مرتبطة بالسياق الخاص أثناء التصوير.. كما أن عميلة النشر  هذه يتداخل فيها التشريعي بالحقوقي . و هنا لابد من التذكير أن هناك العديد من الصور و الفيديوهات التي يمتلكها الفاعلون التربويون ذات الطبيعة التربوية و التي يمكن استثمارها كموارد رقمية أو كأرضيات انطلاق في التكوين و التكوين المستمر، لكن تعميمها  يصطدم بالجانب القانوني . و رغم ذلك فليس في علمنا مذكرة وزارية تتحدث صراحة عن هذا الموضوع ، و هو راهن فرض نفسه و أصبحت معه  الحاجة ملحة إلى توفير مذكرات تنظم  علاقة التربوييين مع المجال الافتراضي .
و إذا تفحصنا  التشريع الفرنسي ،  فسنجده ينص صراحة على موافقة  الوالدين عند القيام بنشر صور  أو فيديوهات للأبناء و عدم القيام بذلك يعرض الناشر لعقوبات الحبس و الغرامة 


نحن هنا لسنا في موقف الدفاع عن أستاذ الفيديو المنتشر أو تجريمه ، بقدر رغبتنا في أن يعطى هذا الحدث حقه من التحليل و الدرس ، بعيدا عن عالم الانطباع و التمثلات الاجتماعية المجانبة للصواب في آحايين كثيرة و أن يكون نقطة انطلاق صحيحة في تعامل الفاعل التربوي مع التكنولوجيا الحديثة في الإعلام  و الاتصال.


عبد العزيز ايت الحاج
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-