في إطار النقاش الوطني الدائر في المغرب حول إصلاح المنظومة التعليمية، نحاورُ الأستاذة المغربية أسماء أريب المتحدّرة من مدينة تارودانت، والتي راكمت تجربة كبيرة في المجال الأكاديمي الكندي امتدّت لخمسة عشر عاما من التدريس في مقاطعة أونتاريو الكندية، وتتابع عن كَثب ما يجري في المغرب بخصوص قطاع التعليم.
هذا الحوار مع الأستاذة أسماء أريب، الخبيرة في وسائل الإعلام والتكنولوجيا التعليمية، والخبيرة في مجال تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، لا يهدف إلى المقارنة بين نظام التعليم بالمغرب ونظام التعليم الكندي، بقدر ما هو رغبة في إِطلاع المسؤولين والمهتمين بشؤون التعليم على نماذج عالمية رائدة في مجال التدريس.
برأْيك، ما هي العوائق التي تحول دونَ تقدّم النظام التعليمي في المغرب؟
مُعظم المدارس بها نظام تعليمي يشتغل من الأعلى إلى الأسفل، وهو نظام مبنيٌّ على الأعمال الروتينية اليومية، ولم تحدث بها تغييرات تُذكر منذ فترة طويلة وكأنّها محبوسة في كبسولة الزمن منذ أزيد من 40 سنة، حيث إنها لا زالت تستخدم نفس المناهج ولا زال النموذج الشائع يتضمن مُدرّسا واقفا أمام عدد من الطلبة يقدم لهم معلومات شفهية، والسنة الدراسية يتم تقسيمها الى فصول دراسية روتينية تكسرها عطل الأعياد وامتحانات آخر السنة ولا زال الكتاب هو المصدر الوحيد للتعلم .
ما الذي يميز المدرسة الكنديّة؟
هي مدرسة ودّعت النظام البيروقراطي وتسودها مبادئ روح الفريق التربوي والأسرة التربوية الواحدة، فالنجاح لا يصنعه الفرد الواحد. جميع الموظفين في المدرسة الكندية، على اختلاف مستوياتهم ومواقعهم الوظيفية، يمثلون جزءً من العملية التعليمية، وهي مدرسة جذابة تعج بالوسائل التي تيَسّر عملية التعلم للطلبة وتجعلها ممتعة، وهي مكان مفعم بالحيوية، ومكان للتجريب والتساؤل والتواصل والعمل.. باختصار هي مكان للتعلم الفكري والمادي.
المادة التعليمية التي تدرس للطلبة في المدرسة الكنديّة مرتبطة بحياتهم اليومية، كما أنّ التعليم بها متجدد ومتطوّر يعتمد بالأساس على إعداد الطالب لاكتساب مهارات تُعينه على حل المشاكل واتخاذ القرار وتشجّع فيه روح الابتكار، وهي توفر للمعلمين ظروفَ عمل مناسبة وأجورا تتناسب مع مؤهلاتهم.
ما هي الأليات التي تعتمدون عليها لمساعدة الطالب على اكتساب المهارات؟
تعدّ المهارات جوانبَ ضرورية للطلبة، ومعناها قــدرة المتعلم عـلـى أداء عمــلٍ بصورة متكررة، وأذكر منها على سبيل المثال: تدريب المتعلمين على مهارات البحث وجمْع المعلومات وتنظيمها وإعداد التقارير وتحليل المعطيات وتحضير البيانات.
ماهي الأساليب التعليمية المعتمدة بالمدرسة الكندية؟
نركّز على مجموعة من أساليب التعلم، مثل التعلّم الفرديّ، التعلّم في مجموعات صغيرة، تكليف التلاميذ بإنجاز عمل فردي أو جماعي يتم الاشتغال عليه وفقا لخطوات محددة، التعلّم عن بعد، التعلّم بالكمبيوتر، التعلم باللوحة الذكية، وكذا العروض، وهي طريقة يقوم الطالب أو مجموعة من الطلبة بعرْضٍ أمام المتعلمين، فضلا عن النشاط الإثرائي، حيث يقوم الطلبة بتنفيذ بعض الأعمال بطريقة حُرَّة.
ماهي في رأيك الأشياء التي من شأنها أن ترتقي بالمنظومة التعليمية المغربية؟
نظام التعليم له بناء تنظيمي مركب ولابد من تحديد أجزائه وتفكيكها لإيجاد حلول؛ إذ يلزمُ المهتمينَ بالشأن التربوي بالمغرب، بداية، ألا يركزوا على أسباب الفشل، فالخطوة الأصعب هي تغيير طريقة التفكير في المشروع، أي عملية التعلم، بمعنى آخر لابد من إعادة صقل العدسات التي يُنظر من خلالها إلى مشروع الإصلاح، وتبني بعض البرامج التي سترفع من مستوى الذكاء التعليمي.
على مستوى المدرسة مثلا، لابد من العمل على خلق وتطبيق برامج جديدة لها علاقة مع الحياة اليومية، بحيث يكون الطلبة مُحَفَّزين بشكل دائم ويرغبون في المجيء إلى المدرسة، ويتلخص ذلك في المعادلة التالية: حياة المدرسة = حياة واقعية، إذ لابد أن تنفتح المدارس على المجتمع وينفتح المجتمع على المدارس.
لابدّ، أيضا، من تجديد مفهوم التقييم والتواصل من خلال وسائط متعددة، كالصور والسينما والموسيقى، وتدريس العلوم بطريقة ميدانية، بحيث يخرج الطلبة من قاعة الدرس ويجمعون المعلومات للبحث عن الأسئلة التي يواجهونها كل يوم في حياتهم، وكذا تدريس الرياضة البدنية بمدارس التعليم الأساسي والاهتمام ببطولات المدراس، مما قد يقلص من معدلات المشاكل السلوكية.
على مستوى الأطر العاملة في المؤسسات التعليمية لابد من تلقين المديرين فنون الإدارة التربوية الحديثة، وإدخال تعديلٍ في مهنة المفتش باعتبار أنّ دوره لا يساهم في العملية التعليمية، والدفع به ليصبح خبيرا يساعد على تطوير العملية التعليمية، وتوفير الدورات التدريبية للمُدرّسين حتى تكون لديهم فكرة حول كيفية توظيف التقنيات في خدمة التعليم.
لابدّ أيضا من تدريب المدرّسين على استخدام استراتيجيات تعليمية تركّز على استخدام المهارات في التدريس، و توفير مواد الموارد التعليمية (الحقائب التعليمية التي يصممها بيداغوجيون على شكل برنامج متكامل حول تعليم وحدة معرفية). أمّا على مستوى بيئة التعلم، فيلزمُ تسخير وسائل التدريس، وغير ذلك من التجهيزات المتصلة بتكنولوجيا التعليم وتقنياته الحديثة.
هل التكنولوجيا هي الحل؟
اليوم هناك إجماع على أنّ التكنولوجيا يمكن أن تساعد الطلبة على التعلّم بسرعة أكبر، ولكن لابد من توضيح نقطة مهمة وهي أن كَوْن الطالب يُتقن استخدام التكنولوجيا شيء، واستخدام هذه التكنولوجيا بشكل فعال في التعلم والتعليم شيء آخر تماما.
عن موقع هسبريس
هذا الحوار مع الأستاذة أسماء أريب، الخبيرة في وسائل الإعلام والتكنولوجيا التعليمية، والخبيرة في مجال تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، لا يهدف إلى المقارنة بين نظام التعليم بالمغرب ونظام التعليم الكندي، بقدر ما هو رغبة في إِطلاع المسؤولين والمهتمين بشؤون التعليم على نماذج عالمية رائدة في مجال التدريس.
برأْيك، ما هي العوائق التي تحول دونَ تقدّم النظام التعليمي في المغرب؟
مُعظم المدارس بها نظام تعليمي يشتغل من الأعلى إلى الأسفل، وهو نظام مبنيٌّ على الأعمال الروتينية اليومية، ولم تحدث بها تغييرات تُذكر منذ فترة طويلة وكأنّها محبوسة في كبسولة الزمن منذ أزيد من 40 سنة، حيث إنها لا زالت تستخدم نفس المناهج ولا زال النموذج الشائع يتضمن مُدرّسا واقفا أمام عدد من الطلبة يقدم لهم معلومات شفهية، والسنة الدراسية يتم تقسيمها الى فصول دراسية روتينية تكسرها عطل الأعياد وامتحانات آخر السنة ولا زال الكتاب هو المصدر الوحيد للتعلم .
ما الذي يميز المدرسة الكنديّة؟
هي مدرسة ودّعت النظام البيروقراطي وتسودها مبادئ روح الفريق التربوي والأسرة التربوية الواحدة، فالنجاح لا يصنعه الفرد الواحد. جميع الموظفين في المدرسة الكندية، على اختلاف مستوياتهم ومواقعهم الوظيفية، يمثلون جزءً من العملية التعليمية، وهي مدرسة جذابة تعج بالوسائل التي تيَسّر عملية التعلم للطلبة وتجعلها ممتعة، وهي مكان مفعم بالحيوية، ومكان للتجريب والتساؤل والتواصل والعمل.. باختصار هي مكان للتعلم الفكري والمادي.
المادة التعليمية التي تدرس للطلبة في المدرسة الكنديّة مرتبطة بحياتهم اليومية، كما أنّ التعليم بها متجدد ومتطوّر يعتمد بالأساس على إعداد الطالب لاكتساب مهارات تُعينه على حل المشاكل واتخاذ القرار وتشجّع فيه روح الابتكار، وهي توفر للمعلمين ظروفَ عمل مناسبة وأجورا تتناسب مع مؤهلاتهم.
ما هي الأليات التي تعتمدون عليها لمساعدة الطالب على اكتساب المهارات؟
تعدّ المهارات جوانبَ ضرورية للطلبة، ومعناها قــدرة المتعلم عـلـى أداء عمــلٍ بصورة متكررة، وأذكر منها على سبيل المثال: تدريب المتعلمين على مهارات البحث وجمْع المعلومات وتنظيمها وإعداد التقارير وتحليل المعطيات وتحضير البيانات.
ماهي الأساليب التعليمية المعتمدة بالمدرسة الكندية؟
نركّز على مجموعة من أساليب التعلم، مثل التعلّم الفرديّ، التعلّم في مجموعات صغيرة، تكليف التلاميذ بإنجاز عمل فردي أو جماعي يتم الاشتغال عليه وفقا لخطوات محددة، التعلّم عن بعد، التعلّم بالكمبيوتر، التعلم باللوحة الذكية، وكذا العروض، وهي طريقة يقوم الطالب أو مجموعة من الطلبة بعرْضٍ أمام المتعلمين، فضلا عن النشاط الإثرائي، حيث يقوم الطلبة بتنفيذ بعض الأعمال بطريقة حُرَّة.
ماهي في رأيك الأشياء التي من شأنها أن ترتقي بالمنظومة التعليمية المغربية؟
نظام التعليم له بناء تنظيمي مركب ولابد من تحديد أجزائه وتفكيكها لإيجاد حلول؛ إذ يلزمُ المهتمينَ بالشأن التربوي بالمغرب، بداية، ألا يركزوا على أسباب الفشل، فالخطوة الأصعب هي تغيير طريقة التفكير في المشروع، أي عملية التعلم، بمعنى آخر لابد من إعادة صقل العدسات التي يُنظر من خلالها إلى مشروع الإصلاح، وتبني بعض البرامج التي سترفع من مستوى الذكاء التعليمي.
على مستوى المدرسة مثلا، لابد من العمل على خلق وتطبيق برامج جديدة لها علاقة مع الحياة اليومية، بحيث يكون الطلبة مُحَفَّزين بشكل دائم ويرغبون في المجيء إلى المدرسة، ويتلخص ذلك في المعادلة التالية: حياة المدرسة = حياة واقعية، إذ لابد أن تنفتح المدارس على المجتمع وينفتح المجتمع على المدارس.
لابدّ، أيضا، من تجديد مفهوم التقييم والتواصل من خلال وسائط متعددة، كالصور والسينما والموسيقى، وتدريس العلوم بطريقة ميدانية، بحيث يخرج الطلبة من قاعة الدرس ويجمعون المعلومات للبحث عن الأسئلة التي يواجهونها كل يوم في حياتهم، وكذا تدريس الرياضة البدنية بمدارس التعليم الأساسي والاهتمام ببطولات المدراس، مما قد يقلص من معدلات المشاكل السلوكية.
على مستوى الأطر العاملة في المؤسسات التعليمية لابد من تلقين المديرين فنون الإدارة التربوية الحديثة، وإدخال تعديلٍ في مهنة المفتش باعتبار أنّ دوره لا يساهم في العملية التعليمية، والدفع به ليصبح خبيرا يساعد على تطوير العملية التعليمية، وتوفير الدورات التدريبية للمُدرّسين حتى تكون لديهم فكرة حول كيفية توظيف التقنيات في خدمة التعليم.
لابدّ أيضا من تدريب المدرّسين على استخدام استراتيجيات تعليمية تركّز على استخدام المهارات في التدريس، و توفير مواد الموارد التعليمية (الحقائب التعليمية التي يصممها بيداغوجيون على شكل برنامج متكامل حول تعليم وحدة معرفية). أمّا على مستوى بيئة التعلم، فيلزمُ تسخير وسائل التدريس، وغير ذلك من التجهيزات المتصلة بتكنولوجيا التعليم وتقنياته الحديثة.
هل التكنولوجيا هي الحل؟
اليوم هناك إجماع على أنّ التكنولوجيا يمكن أن تساعد الطلبة على التعلّم بسرعة أكبر، ولكن لابد من توضيح نقطة مهمة وهي أن كَوْن الطالب يُتقن استخدام التكنولوجيا شيء، واستخدام هذه التكنولوجيا بشكل فعال في التعلم والتعليم شيء آخر تماما.
عن موقع هسبريس