يبدو أن وزارة التربية الوطنية أنهكتها و قسمت ظهرها التكلفة الباهظة لمكاتب الاستشارة الدولية ابان فترة البرنامج الاستعجالي، الذي تم اعلان وفاته وفشله الذريع بشكل رسمي في عهد الوزير السابق، وتلاه خطاب ملكي صدم المتتبعين بلغته الصارمة التي تعتريها مسحة تراجيدية و نبرة قاتمة عن وضعية التعليم في المغرب، غير أن هذه المرة بادرت الوزارة وخرجت عن صمتها لفتح باب التشاور بصيغة المجان وبأقل تكلفة ممكنة مع مختلف المتدخلين في عملية اصلاح التعليم.
+ الدواعي والأهداف
رصاص التقارير الدولية التي تقاطرت وتهاطلت على وضعية التعليم بالمغرب ، أصابته في القلب وأردته جريحا عليلا، تنزف دماؤه بسيول من الجهل والأمية وبأمطار من الهدر وبفضائح مجلجلة عن تدني مستوى التلاميذ فيما يخص التمكن من المهارات الأساسية في الكتابة والقراءة والعلوم.
في سياق ذلك، حملت رياح أزمة التعليم بالوزير السابق رشيد بلمختار إلى وزارة التربية الوطنية وهو يبلغ من العمر عتيا واشتعل الرأس شيبا من ثقل تراكمات التجارب التي راكمها في مسيرته المهنية عساه يغدو المنقذ البار لوزارة أقل ما يقال عنها أنها وزارة مصيرية، عسيرة التدبير، مضنية التشخيص والتقويم، مرهقة لميزانية الدولة، مفتاح لنجاح الأجيال وسر تنمية المستقبل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي للبلاد.
على هذا الأساس فتحت الوزارة الوصية منتدى للقاءات التشاورية حول المدرسة المغربية بهدف خلق فضاء للتقاسم والتفاعل حول الإشكاليات المطروحة أمام المنظومة التربوية وانتظاراتها، فضلا عن امدادها بالاقتراحات في هذا الشأن.
+ التشاور من أجل التشاور
ما خاب من استشار، منهج التشاور أملته الظرفية التي تستوجب إشراك كل الفاعلين والمتدخلين والانفتاح على تجارب الآخر والإنصات لمشاكله وانشغالاته، والحاصل أن الوزارة تروم من وراء ذلك الإمساك بمختلف المتدخلين من تلابيبهم وتحميلهم مسؤولية ابداء الرأي والمشورة والاقتراح، وهي تعلم علم اليقين أن تلك الاقتراحات لن تخرج عن المألوف المتداول في تقارير مجالس المؤسسات واجترار أفكار وآراء تدخل إن صح القول في باب الإنشائيات والعموميات وقول الشعر وستصب وستتوافق مجتمعة في مجملها بالمطالبة بمزيد من الحقوق والمكتسبات وإغفال أداء الواجبات ، ويمكن تلمس ذلك بمجرد الاطلالة ورصد اقتراحات المتدخلين المدرجة في موقع الوزارة، وهي بذلك ترمي بجمرة حارقة إلى الفاعلين التربويين قصد احراجهم وكشف فقر اقتراحاتهم وحلولهم العملية، وبالتالي تكون الوزارة قد برئت جانب من ذمتها على أنها ليست المسؤولة الوحيدة عن مآلات الوضعية الكارثية للتعليم في البلاد.
+ تقارير سترفع
ما ينبغي قوله، أن عملية التشاور ستلزم الأكاديميات والنيابات بالمملكة رفع تقارير إلى الوزارة ، مما سيحتم عليها اللجوء كما هو معتاد إلى فئات المنظومة التربوية التي دأبت على صياغتها وهي في غالبية فئاتها اشتهرت بقنص الفرص، ولن تتحرك قيد أنملة إذا لم تتحسس رائحة التحفيزات والتعويضات المادية، وقد بدأت بالفعل ارهاصات ذلك من خلال اعلان بعض الفئات مقاطعة هذه المنتديات التشاورية، ويحسب لهم البراعة في ايجاد التبريرات والمناورة، حيث تنطوي حججهم على منطق الربح والخسارة، ويعتبرون أن مبدأ التطوع يجب أن يطال الجميع ليشمل حتى أعضاء المجلس الأعلى للتعليم، إذ سيعكفون على تشخيص وضعية التعليم في المغرب وتقديم مشروع اصلاحي يتضمن اقتراحات وبطبيعة الحال في مقابل تعويضات مادية سخية، وبالتالي فلن تتوقع من هذه الفئات في أحسن الأحوال سوى تجميع كومة من الأفكار السطحية و حشو من الكلمات على عجل وتجميعها وتنقيحها في تلك التقارير مادام الأمر على سبيل التطوع ليتم رفعها.
في الجهة المقابلة نجد أن السيد عمر عزيمان المكلف باللجنة التي من المفترض أن تعكف على تقديم برنامج لإصلاح التعليم يحضر بشخصه كمدعو لندوة تنظمها جمعية زاكورة للتربية التي يترأسها الفاعل الجمعوي نور الدين عيوش أحد أقطاب النخبة الفرنكفونية الذي آثار ضجة عندما طالب باعتماد اللهجة المغربية في التدريس، وبالتالي فإنك بمجرد حضورك لتلك الندوة ستخال نفسك في إحدى صالونات باريس نظرا لكون المدعوين المتواجدين لا يجيدون اللغة العربية ويستبدلونها باللغة الفرنسية، وعليه لن نفاجئ إذا اكتشفنا كما هي العادة أن مشاريع الإصلاح ستحرر مسوداتها باللغة الفرنسية لتترجم إلى العربية فيما بعد. أجل إنها رسالة واضحة، مفادها أن رجال الإصلاح لن يخرجوا عن الدائرة الضيقة من النخبة الفرنكفونية التي لن تجد عناء في نقل نماذج الإصلاح من فرنسا إلى المغرب وهي بذلك تسير على خطى الفشل مادامت فرنسا ولى زمانها وتعاني من انحدار شديد على جميع المستويات وهي بذلك أصبحت مؤهلة لحمل لقب الرجل المريض في أوروبا، وبالتالي فإن المشاورات التي فتحتها الوزارة الوصية ليست إلا إجراء للاستئناس والإلهاء ليس إلا.
+ الإصلاح المؤلم لتجاوز الوضع المؤلم.
ثمة إجماع على ضرورة تجاوز الوضعية المزرية للتعليم، هذا المعطى يتطلب فتح أوراش إصلاحية تنطوي على قرارات شجاعة و مؤلمة في الآن ذاته، أولا يجب إبداء حسن النية من الفاعلين المباشرين في الحقل التربوي من خلال التضامن مع المدرسة العمومية المغربية والثقة في منتوجها باعتبارهم منتجين لهذا المنتوج عن طريق تدريس أبنائهم بها والحد من نزيف اللجوء إلى القطاع الخاص الذي غدى موضة هذه الأيام، وذلك كإجراء للتصالح مع الذات وانسجاما مع السلوك الأخلاقي.
النقابات التعليمية، أجل إنها انحرفت عن أهدافها وغدت مشكلا في حد ذاتها، وتعيق مبادرات الإصلاح ولا تفكر في فاعلي الجسم التعليمي إلا كورقات انتخابية، أما مصلحة التلميذ فهي آخر شيء تفكر فيه، وما يؤكد قولنا كمثال على سبيل الذكر لا الحصر، سكوتها المطبق وعدم التنديد في بياناتها التي تتعدد على مسألة تعرض التلاميذ مؤخرا لاعتداءات جنسية من طرف بعض المشتغلين في الحقل التربوي حتى و إن أتبث القضاء صحتها وذلك خوفا من فقدان قلاعها الانتخابية، لقد أصبحت الحاجة ماسة إلى انسحاب النقابات التعليمية المرتبطة بالأحزاب السياسية من المشهد التعليمي وهي خطوة تتماشى مع مضمون الخطاب الملكي الذي دعى من خلاله كل الأطراف إلى الابتعاد ما أمكن عن تسييس الحقل التربوي.
الحسم في المسألة اللغوية من الأمور المصيرية في سبل الاصلاح، حيث لا يمكن الاستمرار في إجبار أبناء المدرسة العمومية على تلقينهم المعارف باللغة بالعربية لسنوات طوال ثم مطالبتهم فيما بعد الباكالوريا بضرورة إتقان اللغات الأجنبية الحية إن أرادوا أن يستمروا في الدراسات العليا أو يضمنوا مكانا لهم في سوق الشغل، إن هذه السياسة المتبعة شكلت ومازالت تشكل مذبحة تعليمية لأجيال متعاقبة وستتعاقب خصوصا أبناء الطبقات الفقيرة التي أضاعت عنهم فرص عديدة لسبل الترقي في السلم الاجتماعي.
اعادة النظر في تكوين الموارد البشرية قصد ملائمة تكوينها مع متطلبات العصر فقيمة التكوين الجيد للمدرس تنعكس إيجابا على مستوى التلميذ حسب آخر تقرير لليونسكو.
الشيء الجدير ذكره، يتمثل في إشكالية توزيع الفائض من الموارد البشرية الذي يرسم صورة التركز في المدن الكبيرة والضواحي مع هروب جماعي من المناطق الصعبة والنائية، مما أفضى إلى بروز الفائض في المدن مع خصاص مهول في المناطق البعيدة عنها، وقد زاد من استفحال الأمر ارتفاع نسبة ولوج العنصر النسوي في صفوف الهيئة التعليمية خصوصا في التعليم الابتدائي مما يؤدي بهن إلى تعيينهن بالمناطق النائية التي يواجهن فيها ظروفا صعبة تؤثر على مردوديتهن وفي الآن ذاته تسهل دخولهن إلى المدن عن طريق عرف الالتحاق بالزوج، فتضطر الوزارة بذلك إلى بدل جهود كبيرة في تدبير الحالات الاجتماعية لرجال ونساء التعليم، في حين تظل مصلحة التلميذ مغيبة، علما أن من أجل هذا التلميذ أصلا خرجت الوزارة للوجود، أعتقد أن مسألة الولوج للتدريس يجب إعادة النظر فيها ولو بشكل مؤقت من خلال اعتماد السياسة المتبعة في التجنيد واختيار الأساتذة من جنس الذكور القادرين على خوض صعاب الاشتغال بالعالم القروي الذي تعشعش فيه الأمية والهدر المدرسي بكثرة، على الرغم من أن هذه الفكرة ستثير حفيظة الجمعيات الحقوقية النسائية، لكننا في الآن نفسه ندعوها إلى تقديم الحلول المتاحة في السياق المغربي الذي نصف مجتمعه في البوادي والقرى ويعلم الجميع المعيقات الجغرافية والطبيعية ومشاكل البنيات التحتية التي يرزح في ظلها.
بقلم محسن زردان
+ الدواعي والأهداف
رصاص التقارير الدولية التي تقاطرت وتهاطلت على وضعية التعليم بالمغرب ، أصابته في القلب وأردته جريحا عليلا، تنزف دماؤه بسيول من الجهل والأمية وبأمطار من الهدر وبفضائح مجلجلة عن تدني مستوى التلاميذ فيما يخص التمكن من المهارات الأساسية في الكتابة والقراءة والعلوم.
في سياق ذلك، حملت رياح أزمة التعليم بالوزير السابق رشيد بلمختار إلى وزارة التربية الوطنية وهو يبلغ من العمر عتيا واشتعل الرأس شيبا من ثقل تراكمات التجارب التي راكمها في مسيرته المهنية عساه يغدو المنقذ البار لوزارة أقل ما يقال عنها أنها وزارة مصيرية، عسيرة التدبير، مضنية التشخيص والتقويم، مرهقة لميزانية الدولة، مفتاح لنجاح الأجيال وسر تنمية المستقبل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي للبلاد.
على هذا الأساس فتحت الوزارة الوصية منتدى للقاءات التشاورية حول المدرسة المغربية بهدف خلق فضاء للتقاسم والتفاعل حول الإشكاليات المطروحة أمام المنظومة التربوية وانتظاراتها، فضلا عن امدادها بالاقتراحات في هذا الشأن.
+ التشاور من أجل التشاور
ما خاب من استشار، منهج التشاور أملته الظرفية التي تستوجب إشراك كل الفاعلين والمتدخلين والانفتاح على تجارب الآخر والإنصات لمشاكله وانشغالاته، والحاصل أن الوزارة تروم من وراء ذلك الإمساك بمختلف المتدخلين من تلابيبهم وتحميلهم مسؤولية ابداء الرأي والمشورة والاقتراح، وهي تعلم علم اليقين أن تلك الاقتراحات لن تخرج عن المألوف المتداول في تقارير مجالس المؤسسات واجترار أفكار وآراء تدخل إن صح القول في باب الإنشائيات والعموميات وقول الشعر وستصب وستتوافق مجتمعة في مجملها بالمطالبة بمزيد من الحقوق والمكتسبات وإغفال أداء الواجبات ، ويمكن تلمس ذلك بمجرد الاطلالة ورصد اقتراحات المتدخلين المدرجة في موقع الوزارة، وهي بذلك ترمي بجمرة حارقة إلى الفاعلين التربويين قصد احراجهم وكشف فقر اقتراحاتهم وحلولهم العملية، وبالتالي تكون الوزارة قد برئت جانب من ذمتها على أنها ليست المسؤولة الوحيدة عن مآلات الوضعية الكارثية للتعليم في البلاد.
+ تقارير سترفع
ما ينبغي قوله، أن عملية التشاور ستلزم الأكاديميات والنيابات بالمملكة رفع تقارير إلى الوزارة ، مما سيحتم عليها اللجوء كما هو معتاد إلى فئات المنظومة التربوية التي دأبت على صياغتها وهي في غالبية فئاتها اشتهرت بقنص الفرص، ولن تتحرك قيد أنملة إذا لم تتحسس رائحة التحفيزات والتعويضات المادية، وقد بدأت بالفعل ارهاصات ذلك من خلال اعلان بعض الفئات مقاطعة هذه المنتديات التشاورية، ويحسب لهم البراعة في ايجاد التبريرات والمناورة، حيث تنطوي حججهم على منطق الربح والخسارة، ويعتبرون أن مبدأ التطوع يجب أن يطال الجميع ليشمل حتى أعضاء المجلس الأعلى للتعليم، إذ سيعكفون على تشخيص وضعية التعليم في المغرب وتقديم مشروع اصلاحي يتضمن اقتراحات وبطبيعة الحال في مقابل تعويضات مادية سخية، وبالتالي فلن تتوقع من هذه الفئات في أحسن الأحوال سوى تجميع كومة من الأفكار السطحية و حشو من الكلمات على عجل وتجميعها وتنقيحها في تلك التقارير مادام الأمر على سبيل التطوع ليتم رفعها.
في الجهة المقابلة نجد أن السيد عمر عزيمان المكلف باللجنة التي من المفترض أن تعكف على تقديم برنامج لإصلاح التعليم يحضر بشخصه كمدعو لندوة تنظمها جمعية زاكورة للتربية التي يترأسها الفاعل الجمعوي نور الدين عيوش أحد أقطاب النخبة الفرنكفونية الذي آثار ضجة عندما طالب باعتماد اللهجة المغربية في التدريس، وبالتالي فإنك بمجرد حضورك لتلك الندوة ستخال نفسك في إحدى صالونات باريس نظرا لكون المدعوين المتواجدين لا يجيدون اللغة العربية ويستبدلونها باللغة الفرنسية، وعليه لن نفاجئ إذا اكتشفنا كما هي العادة أن مشاريع الإصلاح ستحرر مسوداتها باللغة الفرنسية لتترجم إلى العربية فيما بعد. أجل إنها رسالة واضحة، مفادها أن رجال الإصلاح لن يخرجوا عن الدائرة الضيقة من النخبة الفرنكفونية التي لن تجد عناء في نقل نماذج الإصلاح من فرنسا إلى المغرب وهي بذلك تسير على خطى الفشل مادامت فرنسا ولى زمانها وتعاني من انحدار شديد على جميع المستويات وهي بذلك أصبحت مؤهلة لحمل لقب الرجل المريض في أوروبا، وبالتالي فإن المشاورات التي فتحتها الوزارة الوصية ليست إلا إجراء للاستئناس والإلهاء ليس إلا.
+ الإصلاح المؤلم لتجاوز الوضع المؤلم.
ثمة إجماع على ضرورة تجاوز الوضعية المزرية للتعليم، هذا المعطى يتطلب فتح أوراش إصلاحية تنطوي على قرارات شجاعة و مؤلمة في الآن ذاته، أولا يجب إبداء حسن النية من الفاعلين المباشرين في الحقل التربوي من خلال التضامن مع المدرسة العمومية المغربية والثقة في منتوجها باعتبارهم منتجين لهذا المنتوج عن طريق تدريس أبنائهم بها والحد من نزيف اللجوء إلى القطاع الخاص الذي غدى موضة هذه الأيام، وذلك كإجراء للتصالح مع الذات وانسجاما مع السلوك الأخلاقي.
النقابات التعليمية، أجل إنها انحرفت عن أهدافها وغدت مشكلا في حد ذاتها، وتعيق مبادرات الإصلاح ولا تفكر في فاعلي الجسم التعليمي إلا كورقات انتخابية، أما مصلحة التلميذ فهي آخر شيء تفكر فيه، وما يؤكد قولنا كمثال على سبيل الذكر لا الحصر، سكوتها المطبق وعدم التنديد في بياناتها التي تتعدد على مسألة تعرض التلاميذ مؤخرا لاعتداءات جنسية من طرف بعض المشتغلين في الحقل التربوي حتى و إن أتبث القضاء صحتها وذلك خوفا من فقدان قلاعها الانتخابية، لقد أصبحت الحاجة ماسة إلى انسحاب النقابات التعليمية المرتبطة بالأحزاب السياسية من المشهد التعليمي وهي خطوة تتماشى مع مضمون الخطاب الملكي الذي دعى من خلاله كل الأطراف إلى الابتعاد ما أمكن عن تسييس الحقل التربوي.
الحسم في المسألة اللغوية من الأمور المصيرية في سبل الاصلاح، حيث لا يمكن الاستمرار في إجبار أبناء المدرسة العمومية على تلقينهم المعارف باللغة بالعربية لسنوات طوال ثم مطالبتهم فيما بعد الباكالوريا بضرورة إتقان اللغات الأجنبية الحية إن أرادوا أن يستمروا في الدراسات العليا أو يضمنوا مكانا لهم في سوق الشغل، إن هذه السياسة المتبعة شكلت ومازالت تشكل مذبحة تعليمية لأجيال متعاقبة وستتعاقب خصوصا أبناء الطبقات الفقيرة التي أضاعت عنهم فرص عديدة لسبل الترقي في السلم الاجتماعي.
اعادة النظر في تكوين الموارد البشرية قصد ملائمة تكوينها مع متطلبات العصر فقيمة التكوين الجيد للمدرس تنعكس إيجابا على مستوى التلميذ حسب آخر تقرير لليونسكو.
الشيء الجدير ذكره، يتمثل في إشكالية توزيع الفائض من الموارد البشرية الذي يرسم صورة التركز في المدن الكبيرة والضواحي مع هروب جماعي من المناطق الصعبة والنائية، مما أفضى إلى بروز الفائض في المدن مع خصاص مهول في المناطق البعيدة عنها، وقد زاد من استفحال الأمر ارتفاع نسبة ولوج العنصر النسوي في صفوف الهيئة التعليمية خصوصا في التعليم الابتدائي مما يؤدي بهن إلى تعيينهن بالمناطق النائية التي يواجهن فيها ظروفا صعبة تؤثر على مردوديتهن وفي الآن ذاته تسهل دخولهن إلى المدن عن طريق عرف الالتحاق بالزوج، فتضطر الوزارة بذلك إلى بدل جهود كبيرة في تدبير الحالات الاجتماعية لرجال ونساء التعليم، في حين تظل مصلحة التلميذ مغيبة، علما أن من أجل هذا التلميذ أصلا خرجت الوزارة للوجود، أعتقد أن مسألة الولوج للتدريس يجب إعادة النظر فيها ولو بشكل مؤقت من خلال اعتماد السياسة المتبعة في التجنيد واختيار الأساتذة من جنس الذكور القادرين على خوض صعاب الاشتغال بالعالم القروي الذي تعشعش فيه الأمية والهدر المدرسي بكثرة، على الرغم من أن هذه الفكرة ستثير حفيظة الجمعيات الحقوقية النسائية، لكننا في الآن نفسه ندعوها إلى تقديم الحلول المتاحة في السياق المغربي الذي نصف مجتمعه في البوادي والقرى ويعلم الجميع المعيقات الجغرافية والطبيعية ومشاكل البنيات التحتية التي يرزح في ظلها.
بقلم محسن زردان