وضعية الدكاترة بالإدارات العمومية

الصورة من موقع تربية بريس
I. طبيعة الأزمة ومظاهرها
شكل ولوج الدكاترة أسلاك الإدارة العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية مطلع التسعينيات من القرن الماضي، تحولا جوهريا في مسار هذه الفئة وتاريخ الإدارة بصفة عامة، حيث أن هذا الولوج كان من الممكن أن يشكل عنصرا إيجابيا ينعكس على مردودية الإدارة، وذلك اعتبارا لنوعية فئة الدكاترة بالنظر لما تلقته من معارف جديدة وتكوين معمق وطرق اشتغال ومنهجيات متجددة، بالإضافة إلى تمرسها في ميدان البحث والابتكار. هذا الزخم من المؤهلات تعجز الإدارة في بلادنا عن استثماره قصد النهوض والرقي بها في مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والعلمية...
غير أن افتقار الإدارة العمومية إلى بنيات ومؤسسات للبحث والتطوير وغياب إطار قانون ينظم ويحدد دور الدكتور فيها، حال دون الاستفادة من تكوينه وإمكاناته. هذا فضلا عن أن هذه الأخيرة قد راكمت أساليب ومنهجيات عمل تقليدية بيروقراطية أبانت عن عقمها في إمكانية رفع تحديات التنمية والمنافسة العالمية في ظل سياسة الاندماج في السوق العالمية، باعتبار الإدارة حجر الزاوية في عملية التنمية وأحد محركاتها الأساسية والمنظمة لها.
إن الهذر والتبذير المجاني للطاقات الجامعية الوطنية بإلحاقها بهياكل الإدارات العمومية وتكليفها في معظم الأحيان بمهام بسيطة وسطحية يدل، بما لا يدع للشك منفذا، على غياب أي إستراتيجية وطنية تقوم على استغلال أمثل للطاقات البشرية، في الوقت الذي يشهد العالم منافسة اقتصادية وتهافت محموم وغير مسبوق على الأطر ذات التكوين العالي، وتوظيفها بشكل فعال في خلق الثروة الوطنية ورفع مستوى عيش مواطنيها.
إن الوقوف عند طبيعة المقاربة الحكومية لإشكالية تشغيل الدكاترة والكشف عن بواطن الخطاب الرسمي حول هذه المسألة يشكلان مدخلا أساسيا لفهم طبيعة الأزمة وتجلياتها، ذلك أن عملية التشغيل هذه، والتي جاءت كحل لأزمة مفتعلة نتيجة نضالات طويلة ومضنية خاضتها هذه الفئة، إنما تمت وفق مقاربة حكومية تغيب أية رؤية تنموية وطنية، حيث تم توزيع هذه الفئة رغما عنها على القطاعات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية للاضطلاع بمهام إدارية أو تدريسية، دون الأخذ بعين الاعتبار التخصص أو مدى مردودية الالتحاق بقطاع معين، بل الأنكى من ذلك أن هذه المقاربة حكمت برؤية طبقية تعكس واقعا مريرا ومحبطا، ليتأزم واقع الدكتور في الإدارة العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية، خاصا بالنظر إلى ما أوكل إليه من مهام ذات طبيعة تقنية روتينية لا تستدعي أية كفاءات مكتسبة لدى الدكتور طيلة سنوات الكد والتحصيل التي استهلكت من شبابه الكثير، ما يجعل الشعور بالإحباط يلازمه وينعكس سلبا على حالته النفسية، وبالتالي على الدور المفترض أن يلعبه في محيطه.
إن عملية تشغيل الدكاترة السالفة الذكر حكمتها رؤى سلبية متعددة، منها:

المصدر : موقع تربية بريس
‌أ. تشغيل الدكاترة كحل اجتماعي نتيجة نظرة عطف من طرف الدولة:
أدرج الخطاب الرسمي ولا يزال عمليات تشغيل الدكاترة في إطار حل اجتماعي، ما يوضح بجلاء غياب رؤية تنموية وطنية معقلنة، وإجبار الدكتور على القبول بأي حل تحت وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة رهن عملية تشغيله بحالة عطف وإشفاق من لدن الدولة، خاصة في ظل الشعارات الموهمة التي يروج لها الخطاب الرسمي عبر ما يمتلكه من الوسائل الإعلامية والإحباطية، كعدم توفر المناصب المالية وأكذوبة التشغيل الذاتي وعدم ملائمة التكوين لسوق الشغل، هذه الأطروحات التي لا تصمد أمام فضائح نهب المال العام، وسوء توزيع الثروة الوطنية، و الفشل المكرور لإصلاح منظومة التربية والتكوين.

المصدر : موقع تربية بريس
‌ب. تشغيل الدكاترة في أسلاك الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة والجماعات المحلية كجزء من منظومة الإبعاد عن الجامعة والبحث العلمي:
رغم ما تعرفه الجامعة من خصاص في أعداد الأساتذة لتطبيق الإصلاح الذي هللت له الحكومات المتعاقبة بحصيلة مخجلة دون أي إفراز نوعي مقارنة مع دول الجوار في مجال التدريس الجامعي، ورغم كون البحث العلمي، الذي يراد النهوض به حسب الخطاب الرسمي، لم يتم فيه أي إنجاز يذكر، ما عدا بعض المبادرات الفردية والمعزولة للأساتذة أو الطلبة الباحثين، وعوض تشغيل الدكاترة في الجامعة باعتبارهم ثروة علمية قادرة على الإضافة النوعية في مجالي التدريس والبحث العلمي، تم توزيعهم على الإدارات العمومية بنفس الصيغة التي تم التشغيل بها حملة الشواهد الجامعية الأخرى دون الأخذ بعين الاعتبار التخصص ولا طبيعة الشهادة، حيث تمت مساواة كل الشواهد العليا الجامعية بالدكتوراه بشكل ممنهج يرمي إلى تبخيس هذه الشهادة الجامعية، ومن ثمة فإن كل عمليات التشغيل كانت لإبعاد هذه الفئة عن منابر البحث العلمي والجامعة التي تفتقر إليها منذ العقد الأخير من القرن الماضي.

المصدر : موقع تربية بريس
‌ج. تشغيل الدكاترة خريجي التعليم العمومي كإمعان في تكريس الفوارق الطبقية:
نتيجة لنضالات شعبنا و طبقاته الكادحة تمكن بعض أبناءها تجاوز العراقيل الطبقية والمعوقات المعيشية، حيث حصلوا على أعلى الشواهد الجامعية التي كانت حكرا على أبناء الطبقة الميسورة، لهذا كان تشغيل الدكاترة في أسلاك الإدارات العمومية جزء من إستراتيجية الإمعان في تكريس الفوارق الطبقية والمعرفية، ومحاولة تبخيس إنجاز أبناء الطبقة الكادحة والمتوسطة، كل ذلك في إطار تبعية الخيارات لمركز القرار العالمي، المهووسة بترك الشعوب المستضعفة مستهلكة للبضائع المعولمة غير منتجة للمعرفة والعلم.
في هذه السياقات تشكلت أزمة الدكتور داخل الإدارة وتفاقمت بالنظر للتراكمات التي تعرفها هذه الأخيرة، حيث يمكن أن نلخص أهم مظاهر هذه الأزمة في النقاط التالية:

المصدر : موقع تربية بريس
- توزيع الدكاترة على هيئات مختلفة بأنظمة أساسية لا تنسجم والخصوصيات المعرفية والكفاءات المتعددة للدكتور؛
- وضع الدكاترة على المستوى الإداري في نفس الدرجة والرتبة مع حملة شواهد جامعية أقل من شهادة الدكتوراه؛
- عدم تحديد المهام المنوطة بالدكتور بشكل واضح داخل الإدارة؛
- إهدار طاقة الدكتور في مهام روتينية وثانوية داخل الإدارة؛
- اختلال بين في منظومة أجورهم وتعويضاتهم؛
- غياب أي منظومة تحفيزية للدكاترة؛
- تغييب الدكتور في كل المشاريع الإصلاحية للإدارة المزمع القيام بها.

المصدر : موقع تربية بريس
‌د. هيمنة الصيغ الكلاسيكية في التدبير العمومي:
إن عدم تكليف الدكتور بالمهام التي من المفروض أن يقوم بها ومن أجلها تم تكوينه، وتشغيله لدى الدولة بأجر لا يصل إلى النصف مما يتقاضاه نظيره الحامل لنفس الشهادة و يشتغل لدى نفس الدولة، يشكل سابقة خطيرة في منظومة تدبير الموارد البشرية كما هو متعارف عليها دوليا. فكيف يمكنه أن يرضى عن هذا الوضع الذي ينم عن احتقار كبير لقدراته وسنوات شبابه التي أمضاها في البحث والتحصيل؟ وكيف يسوغ أن يحس بمواطنة كاملة وهو يرزح تحت هذا الوضع الذي ينتقص بشكل صارخ من وضعه المعنوي والمادي والاجتماعي؟
لقد وضعت الدكتوراه بالإدارات العمومية على مستوى المهام أو الأجر في نفس الإطار والرتبة مع دبلوم الدراسات العليا المعمقة، أو الماستر أو ما يعادلهما، وأقل من دبلوم مهندس أو طبيب بكل مستوياته، و هو إجراء ضرب في العمق مصداقية منظومة التربية والتعليم برمتها، لا سيما الجامعة المغربية من خلال تبخيس وتهميش أعلى شهادة جامعية تفتخر بها الأمم. كما أن هذا الإجراء السياسي الخطير أدى إلى التشكيك بشكل عام بمصداقية جامعاتنا التي ينبغي أن تشكل قاطرة للرقي الاجتماعي، بدل أن تظل عبئا ثقيلا على المجتمع يشير الجميع إليها بالبنان، ويعتقد روادها، وجلهم من الطبقة الكادحة أو الوسطى، أنهم في آخر المطاف سيحصلون على شواهد مشكوك في قيمها العلمية. ولعل من نتائج هذه السياسات وهذا التوجه، تدني الوضع العام المعرفي بالجامعة المغربية، وانعدام الرغبة لدى الطلاب في القيام بالبحث العلمي، ما دام مدبرو الإدارات العمومية لا يأخذون بعين الاعتبار حتى مدة الحصول على شهادة الدكتوراه المتراوحة بين أربع إلى ست سنوات أو أكثر من الجهد و الكد.
من النتائج المباشرة لذلك، تفكك وانحطاط الوازع السيكوتربوي لذا طلابنا وأساتذتنا الذي أفقدهم حس المبادرة والمثابرة والجد والاجتهاد. إن إعادة الاعتبار للجامعة المغربية يشكل مدخلا رئيسا لأي إصلاح مجتمعي، إذ بدون إعادة الاعتبار للشواهد وتراتبيتها و تقييمها تقييما علميا دقيقا، فإن مسألة الارتقاء بالمجتمع المغربي على المستوى المتوسط أو البعيد يعد ضرب من الخيال.
من هنا، فإننا ندق ناقوس الخطر محملين كل النخب السياسية على ما حل بتعليمنا الذي روجت في حقه أساطير سلبية بشكل ممنهج، وتم اتخاذ إجراءات على جميع المستويات للنيل منه، خاصة تلك المرتبطة بأعلى شهادة جامعية، وبالتالي جعل كل من يعمل داخل المنظومة التعليمية، أو من يتخرج على منوالها يعتقد سلفا بأن العيب فيه وليس في المنظومة الاقتصادية وساساتها الذين يؤطرونها.
إنه لم يعد ينطلي على أحد أن هذا التوجه يهدف إلى ضرب طموح أبناء الطبقات الكادحة والمتوسطة، و ينحو إلى تكريس نفس البنيات الاجتماعية، من خلال إعادة إنتاج الطبقات نفسها، واعتبار المعطى المعرفي لا يمكن من تحسين الوضع الاجتماعي، ما يوحي بأن هناك من يطمح إلى تكريس منطق الولاءات والانتماءات الأسرية، والمحسوبية والزبونية وتشجيع الرشوة، حتى لا يخرج المغاربة من دائرة الشيخ والمريد.
إن تغيير بعض بنود الدستور وإعطاء صلاحيات للبرلماني يشكل مدخلا للتمثيلية الشعبية التي لن تقوم لها قائمة، إلا من خلال القراءة الفاحصة للإجراءات والبرامج الإستراتيجية، التي تمس على المستوى البعيد البعد الاجتماعي للفئات العريضة للمجتمع، و دحض القراءة الخاطئة لكل الحكومات السالفة، والخطابات التي تم ترويجها من طرف جل الفاعلين السياسيين منذ 1998 بشأن الدكتوراه من خلال وضعها في نفس مقاس الماستر ودبلوم الدراسات العليا المعمقة وأقل من وضع الطبيب أو المهندس، والتنكيل بالدكاترة ماديا ومعنويا، دون خجل أو حياء، في مجتمع ساكنته تتعدى 33 مليون نسمة ونسبة الأمية الأبجدية تتعدى 40% ، وعدد الدكاترة الذين أنتجهم هذا المجتمع بما فيهم أولائك الذين غادروا إلى دار البقاء والموجودين بشتى أنحاء الوطن والعالم أقل من 20000 دكتور(اة).
إن الحالة السيكولوجية المتسمة بالإرهاب النفسي جراء ما تمارسه الإدارة ومكوناتها على الدكاترة، خلق لديهم حالة من الإحباط والتذمر والانتكاسة، نتيجة قتل الفكر المتقد للدكتور لتكليفه بمهام ثانوية، لا تحتاج في الكثير من الأحيان إلى مستوى عال من التحصيل الدراسي.
فالطرق والآليات العتيقة المتبعة، حاليا، في تدبير الموارد البشرية بالإدارات العمومية، تشكل عائقا أمام تطور المرفق العام، و قيام الإدارة بالأدوار المنوط بها، بصفتها الوسيلة التي تمكن من تنزيل البرامج السياسية على أرض الواقع.

المصدر : موقع تربية بريس
إن ملف الدكاترة، العاملين بالوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، والذي تعاقبت عليه أربع حكومات ولم يتم معالجته، رغم المئات من الرسائل (أكثر من 300 مراسلة) التي وجهت إلى جميع المعنيين بالأمر بما فيهم الوزراء، والبرلمان بغرفتيه، والمركزيات النقابية، وكل من له صلة بالموضوع، وتنظيم العديد من الندوات (ما يناهز 12 ندوة ) والوقفات الاحتجاجية (ما يناهز 130 وقفة) التي لم ينل منها الدكاترة إلا مختلف أنواع التعنيف بما فيها الاعتقالات.
المصدر : موقع تربية بريس
في هذا الصدد، وجب التذكير أن الوزير الأول في الحكومة السالفة، قد أكد في اتفاقيات قطاعية أن ملف الدكاترة سيتم معالجته بشكل أفقي، لأنه يهم جميع القطاعات. ولهذه الغاية تكونت لجنة وزارية تحت إشراف الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة، حيث اشتغلت منذ منتصف شهر مايو 2011، وبعد انتهاء أشغالها، تم إخبارنا بأنه سيتم دعوتنا للتفاوض بشأن الحلول المقترحة. إلا أنه، وفي سابقة من نوعها، تم إخبارنا أن ملف الدكاترة تم إقحامه في حسابات سياسوية ما بين الوزير الأول ووزير المالية السابقين، وهو الأمر الذي اعتبرناه سلوكا لا أخلاقيا من طرف أناس يستوزرون ليصفوا حساباتهم الحزبية أو الشخصية على حساب المواطنين.
من هنا يطرح السؤال: هل حكومة عبد الإله بنكيران ستتعاطى بشكل مستعجل مع هذا الملف أم ستدخله إلى ثلاجة الحسابات السياسوية والمقاربات النفعية على حساب طموح أبناء الشعب، كما فعل قطب الحكومة السالفة الذي لا زال مشاركا في الإتلاف الحكومي القائم؟
أن فئة الدكاترة يتم إدماجها بالوظيفة العمومية في أطر مختلفة )متصرفون مساعدون طبيون، أساتذة التعليم الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي أو مفتشو الشغل أو السياحة أو أطر مماثلة...(، لا تستجيب لأدنى مستحقات هذه الفئة على غرار ما هو معمول به في النظم الأساسية. بل إن أيا من القوانين المنظمة للنظم السابقة لا ينص في أي من نصوصه على شهادة الدكتوراه كشرط من شروط ولوجها. وكما لا يخفى عليكم، إن هذا الوضع اللاطبيعي يترتب عنه حتما ضرب خطير لنظام التربية والتكوين ببلادنا من خلال تبخيس أعلى دبلوم يقوم هذا النظام على تتويج كفاءاته به.

المصدر : موقع تربية بريس
• إن هذا الوضع يعبر عن خرق بين لمضامين الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها حيث ينص الدستور "إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة".
المصدر : موقع تربية بريس
لقد عرفت المادة الأولى من الاتفاقية (رقم 111) الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة، المصادق عليها من طرف المغرب، ما يلي:
1. في مصطلح الاتفاقية، تشمل كلمة "تمييز:"
أ) أي ميز أو استثناء أو تفضيل يتم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو المنشأ الاجتماعي، ويسفر عن إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص أو في المعاملة علي صعيد الاستخدام أو المهنة؛
ب) أي ضرب آخر من ضروب الميز أو الاستثناء أو التفضيل يكون من أثره إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص أو المعاملة علي صعيد الاستخدام والمهنة قد يحدده العضو المعني بعد التشاور مع المنظمات التمثيلية لأصحاب العمل وللعمال، إن وجدت، ومع غيرهم من الهيئات المناسبة.
2. لا يعتبر تمييزا أي ميز أو استثناء أو تفضيل بصدد عمل معين إذا كان مبنيا علي أساس المؤهلات التي تقتضيها طبيعة هذا العمل.
3. في مصطلح هذه الاتفاقية، تشمل كلمتا "الاستخدام" و"المهنة" مجال التدريب المهني والالتحاق بالعمل وبالمهن المختلفة، وكذلك ظروف الاستخدام وشروطه.
كما أقرت لجنة الخبراء (1988) أن التمييز غير المباشر يعتمد على "وضعيات تبدو فيها التشريعات والممارسات ظاهريا محايدة لكنها تؤدي في نهاية المطاف إلى عدم المساواة ضد أشخاص لهم نفس المميزات أو ينتمون إلى مجموعات لها مميزات معينة".
ويصنف التقرير العالمي بموجب متابعة إعلان منظمة العمل الدولية بشأن الحقوق الأساسية في العمل (2007)، الذي يحمل عنوان "المساواة في العمل: في مواجهة التحديات"، التمييز صنفين: التمييز المباشر، والتمييز غير المباشر، ينشأ الأول عندما تستبعد الممارسات أو السياسات الأفراد أو تمنح لهم الأفضلية لمجرد أنهم ينتمون إلى مجموعة أو فئة معينة، والثاني من خلال الآثار غير المتناسبة التي تتركها المعايير والممارسات على مجموعة من الأفراد ينعمون بمعاملة تفضيلية أو خاصة".
وتنص كذلك التوصية 111، المكملة للاتفاقية الدولية المشار إليها سلفا، أنه " تقوم كل دولة عضو بوضع سياسة وطنية ترمي إلى منع التمييز في الاستخدام والمهنة، وتطبق هذه السياسة عن طريق التدابير التشريعية أو الاتفاقيات الجماعية بين المنظمات الممثلة لأصحاب العمل والعمال أو بأي طريقة تتفق مع الظروف والممارسات الوطنية وتراعى في ذلك المبادئ التالية:
• إن تعزيز تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في الاستخدام والمهنة مسألة ذات أهمية؛
• الحصول على التوجيه المهني وخدمات التوظيف؛
• الحصول على التدريب والاستخدام اللذين يختارهما بنفسه على أساس صلاحيته الفردية لهذا التدريب أو الاستخدام،
• الترقية وفقا لصفاته الفردية وخبرته وقدرته وجهده ..."
المصدر : موقع تربية بريس
II. صيغ تجاوز هذا الحيف وانعكاساته التربوية والإدارية والاجتماعية:
على ضوء كل ذلك، فإن النقابة الوطنية المستقلة للدكاترة بالمغرب لا ترى حلا لهذه المعضلة إلا في إخراج نظام أساسي خاص بالدكاترة على غرار كل الفئات الحاملة للشواهد العليا في البلاد، يأخذ بعين الاعتبار إمكانيات هذه الفئة ومؤهلاتها و إدماجهم في إطار مناسب لهم (كإطار الأساتذة الباحثين، النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة الشؤون الثقافية " أساتذة الأبحاث"...)، هذا الإطار أو النظام الأساسي الذي تتحدد بموجبه:
(أ‌) مهام مرتبطة بالكفاءات والإمكانيات المتاحة للدكتور؛
(ب‌) تسمية مرتبطة بالمهام والشهادة من قبيل "دكتور"؛
(ت‌) نظام تعويضات مرتبط بالمهام؛
(ث‌) نظام ترقية كذالك متناسق مع المهام.
(ج‌) إن النقابة تعتبر أن إطارا كهذا يمكن أن يشكل رافعة أساسية للإدارة اعتبارا لكون محيطها يتسم بالتغيير المتسارع الذي يجعلها في جوهر العملية التنموية والإنتاجية، ذلك لأنها أصبحت تضطلع بمهام التأطير والتوجيه والاستشراف.
(ح‌) إننا في النقابة الوطنية المستقلة للدكاترة بالمغرب نجزم أن تصحيح وضعية الدكاترة العاملين بالوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وتمكين الدكاترة من القيام بالبحوث والدراسات والتحليل والتفكير والتكوين والتدريس بالإدارات العمومية على جميع المستويات، من شانه:
(خ‌) إعادة الاعتبار لتراتبية الشهادات والمعرفة بالجامعة المغربية، ولكل ما هو سيكوتربوي، أمر سيمكنها من تدعيم نفسها كمؤسسة لإنتاج النخب، والمساهمة في تنمية البلاد بدل رميها بالنعوت التي توصف بها الآن من قبيل كونها تنتج البطالة؛
(د‌) تقوية البحث العلمي بالجامعات، وفي هذا الصدد وجب التذكير، أنه رغم الاعتمادات المادية الإضافية التي خصصتها الدولة للبحث العلمي إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال بالاستناد إلى التقارير الوطنية والدولية المنجزة في هذا المجال. وتعود أسباب ذلك في نظرنا، حسب المعطيات الميدانية المتوفرة، إلى عزوف الطلبة عن التحضير لشهادة الدكتوراه، إذ أن وضع الدكتوراه بالإدارات العمومية بمنزلة دبلوم الدراسات العليا المعمقة، ودبلوم الماستر أو ما يعادله، وأقل من دبلوم مهندس أو طبيب، جعل البحث العلمي في كل الجامعات المغربية في وضع مترد يتوخى إحداث لجان للبحث والتقصي لما تم اقترافه من مصائب عظمى في حق الشعب المغربي و الدكاترة وشهادة الدكتوراه بنوعيها دكتوراه الدولة و الدكتوراه الوطنية. إن الوضع الترتيبي المتدني لبلادنا على المستوى الدولي فيما يتعلق بالإنتاجات العلمية، نتيجة تقزيم شهادة الدكتوراه، أصبح يوما بعد يوم، يبرز مدى هول وحجم الكارثة التي نعيشها وما سينتظرنا مستقبلا. إن السياسات القائمة تتجه بالبلاد لا محال إلى الإفلاس في إنتاج المعارف العلمية المرتبطة بما يروج دوليا، وبالتالي التموقع داخل الدينامكية الدولية المعرفية، وتكريس مجتمع الاستهلاك للأفكار، قبل السلع والبضائع، وتحويل كل المغاربة إلى عمال متخصصين يتقنون بعض اللغات وتقنيات المكننة؛
(ذ‌) إحداث وحدات للبحوث والدراسات والتفكير والتحليل والتتبع بكل الإدارات المغربية، صنيع سيثمن الموارد البشرية التي تشتغل بها، وسيوفر على الدولة أموالا طائلة كانت تصرف على دراسات تنجز من طرف هياكل خارجة عن الإدارة، ما أفقدها مشروعيتها، نظرا لعدم تمكنها من استيعاب كل المتغيرات التي تتحكم في صيرورة التدبير الإداري. و لعل الجميع يعلم، كم من الأموال صرفت على دراسات جرت، على سبيل المثال لا الحصر، بالوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة، طيلة السنوات العشر الأخيرة، وظلت حبيسة الرفوف.
  المصدر : موقع تربية بريس
جدول بياني حول أجر الدكتور مقارنا بأجور الفئات الأخرى من الموظفين
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات