تساؤلات مشروعة حول نقاش لم ينته بعد

الصورة من موقع تربية بريس
تربية بريس
محمد الغروسي

يلاحظ المتتبع للشأن التربوي في بلادنا أن وتيرة الإصلاح التي تبنته الوزارة الوصية تعتريها جملة من الصعوبات ، تمثل أخرها في ارتباك واضح بخصوص تمرير مشروع المخطط الإستعجالي بشكل سلس ؛ و الذي اعتبر طوق النجاة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان . وإذ نسجل أن مجرد التفكير في مباشرة عملية الإصلاح يعتبر إقرارا ضمنيا بوجود خلل ما في المنظومة يعوق بلوغ المقاصد العامة للفعل التربوي، و بأن المناهج و النظريات المؤطرة لهذه المنظومة قد تجاوزها إيقاع التطور العلمي و المعرفي في مجال التربية ؛ يجب أن نسجل أيضا أنه بالموازاة مع ما تسعى إليه الوزارة لاستكمال مسلسل الإصلاح على عجل ، يسود حراك وسط العاملين في القطاع شهد إعلان إضرابات و وقفات احتجاجية فئوية شملت المدرسين و الأطر الإدارية و المفتشين على حد سواء. و التي كشفت عن مطالب متعددة برز فيها التباين و غاب عنها المشترك. و أمام كل هذا الصراع و الحراك ، كان من المنطقي أن يطفو عنوان المدرسة العمومية كموضوع آني إلى أولويات اهتمام المجتمع ؛ ليتم التقاطه على وجه السرعة فيصبح تيمة أساسية للنقاش في وسائل الإعلام بجميع مكوناته ؛ و ليتحول كذلك إلى شماعة النقاش السياسي ( المناسباتي ) بالمغرب و جدلا للعامة من الناس . و بين هذا و ذاك أفرز كل هذا الجدل ما يشبه إجماعا على أن المدرسة العمومية لم تعد تقدم من المردودية ما تغلق به أفواه الناقمين عليها ؛ و بالتالي سرعان ما تسقط في كشف المستور من العيوب من خلال مقارنتها بأداء مؤسسات القطاع الخاص؛ والتي أبانت (عبر الصورة التي تمكنت من ترسيخها في الوعي العام) عن بداية اكتساح جارف على حساب مجانية التعليم العمومي . و كنتيجة حتمية لنقاش غير مؤطر يفتقر إلى التحليل العلمي و الموضوعية في مقاربة الإشكالات الراهنة للتعليم و إصدار الأحكام الجاهزة ؛ برزت رؤى غالبا ما تطيح برؤوس و تعفي أخرى من مسؤولية ما ألت إليه المنظومة التربوية برمتها . لكن ما يجب الوقوف عنده و استقراء خلفياته ليست كل هذه التصورات و وجهات النظر، بل الأطراف التي تنصب نفسها طرفا معنيا بهذا السجال؛و ذلك من باب الانتماء للحقل التربوي، و هي الفئة التي يفترض أن تتبوأ مركز الريادة في النقاش؛ أو من باب التموقع ضمن النخب المثقفة المهتمة بمجال التربية أو القائمة عليها، وهي الفئة المتنفدة ذات الرتب و السلطة في المجتمع و التي تمارس رأيها على المواطن ؛ أو بدافع الخوف على مصير الأبناء ، و هو حتما موقف المواطن المغلوب على أمره، و الرمز التعبيري عن الطبقة المهضومة الحقوق والمنزوية في أفكارها و طموحاتها؛ و التي لا تعنيها جميع النظريات في شيء بقدر ما تحرص على ضمان تعليم جيد يكفل لأبنائها العمل و كرامة العيش مستقبلا . يهمنا في هذا السياق التأكيد على حق كل هذه الأطراف في إبداء تصوراتها، و إثراء نقاش حول موضوع لا يمكن أن يحتكره أحد في ظل تردي حقل التربية؛ على اعتبار أنه مجال تلامس أبعاده المجتمع بمختلف شرائحه و مستوياته الثقافية و الاقتصادية و السياسية. و مع ذلك ليس من حق أي طرف إدعاء امتلاك الحقيقة أو حتى إصدار أحكام قيمة بشأن تحديد درجة المسؤولية عن الوضع المتردي للمدرسة العمومية. و الواقع أن الظرف الدقيق للمرحلة يستلزم النقاش الرزين لسبب بسيط : عندما يتعلق الأمر بمصير وطن و مستقبل أجيال ، فليس هناك مجال للمزايدات العقيمة أو تقاذف المسؤولية والتي لن تغير من الوضع في شيء .عدا ذلك لن يفيد طموحنا نحو تجاوز المرحلة ، و إلا سنكون قد حققنا منطوق المثل الفلسفي الفرنسي "Plus ça change plus c'est la même chose " كلما تغيرت الأمور كلمة ظلت على حالها . و حتى لا أناقض الذات و ما آمله من الآخرين، تمت تساؤلات مفتوحة تسكن الجميع منها المعلن و المضمر؛ إذ اعتبر نفسي غير مؤهل للإجابة عنها ، ينتابني شعور بأنني معني بإثارتها حتى و إن كان منها ما قد لا يروق البعض أو قد يعتبره البعض الأخر استفزازا لقناعات ذاتية.

المصدر : موقع تربية بريس
أسئلة للنخب المثقفة :
+ هل كل النخب المثقفة مؤهلة لخوض نقاش مرتبط بإشكالات التربية كمجال يندرج ضمن مجالات العلوم الإنسانية؟
+ ما هي حدود دائرة النخبة المثقفة في المغرب؟ و هل كل من يلج العمل النقابي و السياسي يصنف داخل هذه الدائرة؟
+ لماذا تعجز غالب النخب المثقفة ولوج مجال البحث العلمي في شقه التربوي قصد النهوض بالتعليم في المغرب؟
+ هل يعتبر العاملون في القطاع أنفسهم ضمن دائرة النخبة المثقفة ؟
+ لماذا تتحامل بعض وسائل الإعلام على المدرسة العمومية؟ و هل يعتبر ترويجا لضرب التعليم العمومي و تسويقا للتعليم الخاص؟

المصدر : موقع تربية بريس
أسئلة للعاملين في قطاع التعليم :
+ هل يمتلك المنتمون إلى قطاع التربية و التكوين من الجرأة ما يكفي لطرح كل الأسئلة المرتبطة بفشل المنظومة؟
+ كيف يمكن أن يفسر العاملون بالتعليم العمومي وجود نسبة صادمة للتلاميذ الغير متمكنين من المستلزمات الدراسية مقارنة مع التعليم الخصوصي؟
+ هل فعلا يمتلك المؤطرٌون و هيئة التفتيش المؤهلات الكافية لعقد مناظرات تربوية و تأطير تكوينات تلقي ببصمات إيجابية على أداء المدرسة العمومية؟
+ هل تحقق الشواهد الأكاديمية و الإطار التميز على مستوى أداء العنصر البشري ؟
+ لماذا ينخرط بعض العاملين في قطاع التعليم في رفض و مقاومة كل جديد يحمل التغيير ؟
+ أليس بمستطاع كل فئة الإفصاح عن حدود مسؤولياتها في فشل المنظومة و تحديد أوجه التقصير؟

المصدر : موقع تربية بريس
أسئلة للمواطن العادي
+ لماذا يلقي المواطن بكامل المسؤولية على المدرسين دون سواهم و اعتبارهم تجار الحرف و المعرفة؟
+ هل تتواصل بالفعل المؤسسات التربوية بجدية مع المجتمع المدني بشأن اكراهات الفعل التربوي قصد تصحيح الصورة النمطية لرجال التعليم في أعين المجتمع ؟
+ ما هي العوامل التي أفضت بالمجتمع إلى تبني خطاب السخرية و الاستهزاء تجاه المدرسة و استصغار المنتمين إليها؟
+ هل مرد ذلك إلى أسباب موضوعية ؟ أم أن الأمر أملته رواسب تخلف العقل العربي الذي أسس لوعيه و أنماط تفكيره بأسس الانبهار بالمظاهر و النفاق الاجتماعي و الخوف من جبروت السلطة؟ تلك تساؤلات يفترض أن تلقى صدها لدى كل من يعتبر نفسه معنيا بمال الحقل التربوي في بلادنا دفاعا عن تكافؤ الفرص و صونا لحق الجميع في التمدرس.

تربية بريس
تربية بريس
تعليقات