مذكرات أستاذ - ج 7 :"لانافيت"

مذكرات أستاذ بقلم رحال امانوز

على متن  " دراجة بوجو103 " كنت أقطع أربعين كلومترا يوميا ، ذهابا وإيابا ما بين منزلنا بحي جوادي بالدارالبيضاء وفرعية سيدي إبراهيم بمديونة ، هجرة معاكسة من المدينة إلى القرية . رحلة مكوكية يومية بين عالمين مختلفين كل الإختلاف ، في ظل وضع إقتصادي متدهور، من أبرزسماته الجفاف وسياسة التقويم الهيكلي ، وإحتقان سياسي حيث سنوات الرصاص لازالت موشومة بالذاكرة .


زملائي المعلمين مثلي كذلك ، كانوا يقومون برحلتهم اليومية ، قادمين من مختلف أطراف المدينة . كنا شبابا في مقتبل العمر، نؤدي واجبنا بحماس كبير، كنا نتحدى الإكراهات بعزيمة صلبة : بعد المسافة إنعدام الماء الشروب والإضاءة وغيرها . بل لم تكن لنا قاعة للإستراحة من عناء التدريس ، حيث إضطررنا إلى إقتسام قاعة المطعم المدرسي ، مع التلاميذ بواسطة " الكونطربلاكي " ، فحصلنا بذلك على سكن صالح لتناول الغذاء ، وكذا المبيت عند إضطرارنا لذلك بسبب سوء الأحوال الجوية من تهاطل أمطارأوبرودة الطقس في ليالي الشتاء الباردة .


قضيت خمس سنوات بمدرسة سيدي إبراهيم ، كانت بداية مشواري المهني التربوي ، كان عدد تلاميذ الفصل يناهزعشرين تلميذا ، يتميزون بالإقبال على الدراسة ، وإحترام معلمهم مثلما يقدرنا أولياؤهم ، الذين كانوا يسعون لمساعدتنا بكل ما نحتاجه . الأيام تمررتيبة داخل أسوارمدرسة سيدي إبراهيم ، لايعكرصفوها إلازيارة أحد المسؤولين ، الذين يحدثون رجة في الروتين المعاش . زيارة المديرأوالمفتش ، القائد أوالبرلماني ، كلها كانت تكفي لإعلان حالة إستنفار، يمتد أثرها لأيام طويلة .


لكن زيارة " اللجنة " كان لها وقع خاص علينا ، فعادة ما يكون ضمنها النائب الإقليمي أورؤساء المصالح ، وهوأمر يوجب الإحتياط الشديد ، فهؤلاء هم أصحاب الحل والعقد . ومستقبلك المهني بين أيديهم ، لذا وجب أخذ الإحتياط من الوقوع بين أيديهم  ، ف " لي فرط يكرط " كما يقول المثل الشعبي الدارج .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-